التضامن العربي مع السعودية: “أنصر أخاك ظالما أو …ظالما”!!؟

هشام البوعبيدي |

كل الصخب الذي أثارته تدوينة السفارة الكندية بالرياض، وما أعقبها من إجراءات “انتقامية” سعودية من طرد السفير الكندي وسحب سفيرها وأرصدتها وإيقاف مبادلاتها التجارية معها، لا يمكن أن تغطي ثابتة لا يختلف اثنان فيها، ألا وهي أن ما جرى ويجري في أرض “نجد والحجاز” من سنين منذ سطت على حكمها قبيلة بني سعود، يتعدى الأساطير المروّعة عن عتاة الطغاة والبغاة والمفسدين.

ولعل المضحك في الأمر، تشديد بيان خارجية مملكة الرمال “أنها لا تتدخّل في شؤون الدول الأخرى وهي بالتالي لا تريد تدخّل أحد في شؤونها” وأن كل ما تقوم به “وفق القوانين” المعمول بها، وهي لعمري نكتة سمجة لا يقبلها عاقل أو يصدّقها حصيف رغم الولولة والعويل الاعلامي الذي أصم آذاننا وصدع رؤوسنا، وحتى ما تأتيه أذرع الوهابية من حجج واهية وأدلة بائسة لتلميع صورة النظام السعودي وتخفيف وطأة الاشمئزاز والتقزّز من فداحة الاجرام الذي تأتيه في اليمن الشقيق وقبله العراق وسورية وغيرها من بلاد العرب والمسلمين الذين اكتووا بلهب الحقد الوهابي ونار العمالة لكل طرف يبتغي سوءا لهذه الأمة، فمملكة “الشر” التي استقوت بثروات هائلة من عائدات النفط والحج وترسانة من فتاوى الضلالة والتكفير حوّلتها مطية لخدمة الاستعمار والصهيونية، وتأبيد تذيّل العرب والمسلمين قائمة الأمم الأجهل والأفقر والأكثر تخلّفا وسفها بين شعوب العالم.

وما زاد الطين بلّة أنه لم يعد بين قادة العرب من يستطيع ليّ عصا طاعة بني سعود، بعدما صادرت جامعتهم واختطفتها وحوّلتها لوكر بغاء تطبخ فيه كل مؤامرات الخسة وبيع الأرض والعرض لتمرير صفقة القرن بمباركة شهود الزور والقوادين الذين يتمعّشون من الرشى والاكراميات التي تمنح دون حساب وتوزّع على رؤوس الأشهاد جزاء النفاق وطأطأة الرأس بالموافقة والقبول لكل ما يلقى عليهم من إملاءات ولو كانت معارضة لكل حس سليم وفهم حصين ورأي سديد….وعلى ذلك بتنا نتوجّس من كل اجتماع عرباني كونه لا يهبنا الا الويل والثبور ولا يعدنا الا بسوء المصير.

لذلك كانت ألسنة العرب حادة وتصريحاتهم قاسية وكل يمني النفس بإكرامية تعادل ما شحذ به خطابه من بذاءة ودناءة لمن تعرّض لمقام “طويل العمر” ودولته المباركة التي “لا يجوع فيها ولا يعرى”، فكان أن جرّموا المقاومة، التي بإمكاناتها المحدودة مرّغت غطرسة العدو الصهيوني الوحل، ودعوا لمعاداة كل من يمد لها يد العون..فتآمروا على سورية وعادوا الجمهورية الاسلامية الايرانية، وبدأ التهليل للتطبيع كضرورة وحقيقة وحاجة لا بد منها، كما تكتلوا قبلا في مباركة ومساندة وتأييد العدوان البربري على اليمن المظلوم والتنديد بـ”صواريخه المارقة وطائراته الفاسقة وبأس جنوده الكفرة الفجرة” الذين يصدون عن سبيل مرتزقة خادم الحرمين ويوغلون فيهم قتلا وأسرا وتشريدا في براري اليمن وفيافيه.

ولا أدل من التاريخ يشهد أن قلاقل المنطقة وتوتراتها التي عرفتها طوال القرنين المنقضيين كانت مملكة الرمال منشأها ومصدرها والدافع لها، ولم تشكل أي دولة من اليمن جنوبا الى العراق شمالا أي تهديد لنجد والحجاز، بل هي التي كانت سباقة للعدوان عليهما في أكثر من مناسبة متخذة من العقيدة التكفيرية الوهابية ذريعة لها، وعلى ذلك لم يكن على “أشقائها” العرب الا تأييد ظلمها وعدوانها ولسان حالهم يقول “أنصر أخاك ظالما أو ظالما”، لأننا لم نعهد السعودية يوما مظلومة..بل كانت دوما ظالمة ومعتدية وموغلة في إجرامها وما مجزرة ضحيان عنا ببعيد.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023