“المومياء… يوم ان تحصى السنين”

محمود كامل الكومى* |

يا من تذهب سوف تعود
يا من تنام سوف تصحو
يا من تمضي سوف تبعث“.
أريد أن اعبر عن شخصية الإنسان المصري الذي يستعيد أصوله التاريخية وينهض من جديد
. 
بدأت كلمات شادى عبد السلام تجترها ذاكرتى الآن , فالحدث جلل والهدف تقتطيع الأوصال , وتبوير تربة الحضارة , والقضاء على التاريخ , مسلسل  درامى القضاء على الأنسانية أهم حبكاته المآساوية , لتنهار شخصية الأنسان المصرى فلايجد له من أصول يستمد منها العَود , والصحو والبعث , فالأخبار آتت بخبر غبارمضمونه” ضبطت شرطة جمارك ميناء سالرنو الإيطالي كمية كبيرة من الآثار المهربة في “حاوية دبلوماسية” قالت إنها وصلت من الإسكندرية” الكمية كبيرة الحجم وعدد قطعها فاق الحد والمثير للأهتمام انها حاوية دبلوماسية  ,وقبلها أعلنت سلطات مطار الكويت كشفها آثار مهربة من مصر , وقد ظهرت فى متحف الأمارات الكبير عند افتتاحه قطع اثرية مصرية بأعداد كبيره , ليبقى السؤال المثير , كيف خرجت هذه الثروات من مطارات ومرافىء مصر التى يخضع القادم اليها والخارج منها   لأجراءات تفتيش معقدة,ومن قبل كل ذلك , كان الخبر الذى لم يجد من يكذبه عن اختفاء آثار بالجملة من المتحف الكبير بالهرم تزامنت مع قطع الكهرباء عن المكان , وعن المطار , وتتوالى عمليات تجريف الكنز العالمى للآثار بالأقصر من قبل ومن بعد والى الآن وقد وصلت حداً لايمكن للأنسان المصرى السكوت عليه .
        

التساؤلات  كثيرة التى تثيرها فضيحة كشف الآثار المسروقة المهربة إلى إيطاليا فى طرود دبلوماسية , وأهمها التساؤل عن حجم هذه التجارة السوداء , , وهى بالطبع ضد شعبنا المصرى بغرض تدمير تاريخه وحضارته وأصوله من اجل أن يعيش فى خضوع لصالح الأمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية .
لم يكن مقصودا من حرب العراق سوى حضارته
فنهبوا المتاحف ودمروا الآثار المغروسة فى عمق تاريخ بلاد الرافدين.
وصارت الحرب الكونية على سوريا فنهبوا الآثار واحتلوا تدمر , والهدف محو التاريخالفينيقى لبلاد الشام .
فى مصر عملاء الصهيونية والأمبريالية الأمريكية يقومون بالأنابة بتجريف أكبر متحف على وجه الأرض غصت به الآثار وكُتِب التاريخ لأكثر من سبع آلاف عام , الأثار المصريه جهاراً نهاراً تخرج من الموانىء والمطارات لتلوح فى الأفق فى متاحف أوروبا ومتحف الأمارات وأخيراالآثار المصرية المسروقة و المهربة لم تضبط فى مرفأ مصرى لكن فى ميناء ماليرنو الإيطالى ، على يد الشرطة الإيطالية ( والمهرب بعثة دبلوماسية مصرية ) كنوز مصر لاتقدر بثمن وهم يدركون , لكن مسيرتهم فى تدمير حضارات الشعوب تفوق كل احتمال , وعملائهم بالوكالة فى مصر يسيرون على نمط الحضارة الفرعونية لابد أن تزول !! ومن ليس له تاريخ يذوب.
كان النقاش محتدما بينى وبين العراقية الرائعة ( زهرة بغدادى ), التى ذرفت الدموع على آثار العراق وحضارة ميزوبوتاميا وأنبرت تقول وحسرتها تدون مايلى :
آثار العراق مابين النهب والتدمير
تعد الاعتداءات على الاثار العراقية احدى جرائم الحرب المستمرة على الارث العراقي وهي محاولات مقصودة لطمس المعالم العربية والاسلامية فيهوهذا مايسعى اليه اعداء العرب والمسلمين من الاميركان والصهاينة رغبة منهم في اقناع العالم بأدعاءات اسرائيل الباطلةالتي تسعى لبسط نفوذها بتغيب الدور الحضاري الذي لعبه العرببصورة عامة والعراق بصفة خاصة عبر التاريخ
ورغم كل تدابير الحرص التي اتخذها العراق للحفاظ ع ارثه الحضاري قبل وقوع العدوان الامري صهيوني عليه .إلا انها لم تسلم من السرقة والتدمير,حيث تشكلت لجان مختصة لحصر مقتنيات المتاحف لغرض افراغ محتويات خزانات المتحف العراقي والبالغ عددها حوالي 500 خزنة للقطع الاثرية والتحف النادرةوحفظها في صناديق خاصة وايداعها في مخازن المتحف الحصينة وفي نفس الوقت تمالابقاء على 11تمثال حجري كبير في ممرات المتحف بسبب كبر حجمها وثقل وزنهايعود اغلبها الى الفترات البابلية والاكدية والحضرية اضافة الى 42 قطعة اثرية
مع كل هذا الحرص تعرض المتحف العراقي لاكبر عملية سرقة في العالم سجلها التاريخ وبفترة لا تتجاوز ال 4 ايام٩– ٤الى ١٢ – ٤ ) حيث تم سرقة ٤٦٨ ١٣ قطعة اثرية وذلك ما اعلنت عنه رسميا منظمة اليونسكووكان ملخص ماسرق مايلي – الاف الاختام الاسطوانية والاف العملات المعدنبة .. القناني الزجاجية والدلايات المعدنية والاحجار الكريمة والرقم الطينية والقطع العاجية. – الاناء النذري السومري من الوركاء والذي يعود الى ٣٠٠٠ ق.م – تمثال اكدي من البرونز وهو عبارة عن نصف جسم من الاسفل لأنسان عاري يجلس ع قاعدة دائرية مزينة بحقول من كتابة مسمارية معروف بأسم باسطكي – بدن القيثارة الذهبية المغطى برقائق الذهب والصدف – احجار كريمة تعود الى مدينة اور السومرية – لوحة محفورة ع العاج مطعم بالعقيق الاحمر تمثل لبوة تقتل شخص – تمثال الملك انتيمينا مصنوع من الحجر الاسود وبالحجم الطبيعي – تمثال رخامي من نمرود للملك الاشوري شلمنصر الثالث – رأس فتاة سومرية من الوركاء مصنوع من الرخام – مجموعة اختام اسطوانية وتماثيل من االفخار – رقم طينية ومسكوكات وقلائد نفيسةوغيرها من التحف النادرة لا يسعفني الوقت لاعادتهابالاضافة الي ما تم تدميره ع يد تنظيم داعش الارهابيللارث الحضاري العراقي الذي حصل تحت ظروف غير معروفة مررت ضمن خطط استتراجية من قوى استعمارية تحت ستار الدين تتحجج بأن الهدفمن تدمير هذه الاثار كونها تمثل ديانات وثنية نهى عنها الاسلام . 
غير ان الدافع الحقيقي مم وراء ذلك هو تدمير ارث العراق وسرقة كنوزه بالاضافة الى االعقدة التأريخية والكراهية للانسان العراقي ومحاولة فصل ماضيه عن حاضره ومستقبله وتحريف تاريخه .
أنتهى كلام زهرة بغدادى ( العراقية)وعراق الرافدين يغوص.
وصارت تدمر وزنوبيا حلقة أخرى من حلقات تدمير الحضارة العربية فى سوريا , حتى لانعود ولانصحو ولا نبعث ,فأحتُلت تدمر من جانب أعداء الأنسانية الدواعش الذين صُنعوا صهيونيا , فعاثوا فسادا فى أرض زنوبيا وأمتدت يد الدمار لكثير من ايقونات العالم التى زخرت بها الحضارة الفينيقية ,  والحضارات التى استوطنت او عبرت أرض سوريا -وكان الهدف من الحرب الكونية على سوريا ,أن تميد الأرض من تحت حضاراتها الممتده على مدى التاريخ ,وتصير سوريا جسداً بلا روح .
فى جنوب مصر انبعثت الحضارة الفرعونية ,وصار الصعيد متحف العالم بأسره خاصة “الأقصر”, ومن الصعيد وتحديداً محافظة “المنيا” خرج شادى عبد السلام للدنيا وتنفس حضارة وفاحت من انفاسه عبق التاريخ الفرعونى فأنتج ..
جيوش الشمس ”
كرسيتوت عنخ آمون الذهبى  .
الأهرامات وما قبلها  ” .
” رع رمسيس الثانى”

ومات بعد أن افرغ جعبته الفنيه وتحذيراته الآبية ومنبهاً على الحفاظ على آثار مصر , بفيلمه العالمى ” المومياء “مخاطباً مصر كلها لتدرك قضية الهوية والحفاظ على التراث الحضاري لمصر ,ففى قدس روحه أن الحضارة المصرية القديمة هي عبارة عن تجربة إنسانية وفكرية عميقة تستحق أن تدرس وتستلهم لتكون مصدر لنهضة وتقدم مصر. وقد استهل شادي فيلمه المومياء بهذه الكلمات
 :
يا من تذهب سوف تعود
يا من تنام سوف تصحو
يا من تمضي سوف تبعث“.والفيلم كانت رؤيته استراتيجية فهو يتناول قضية سرقة الآثار المصرية.
كان الفيلم فى نهاية عصر الناصرية , وكان حكم جمال عبد الناصر الفاعل من اجل الهوية والشخصية وروح الأمة العربية ,ومات جمال عبد الناصر , ومات شادى عبد السلام , قبل أن يرى وكلاء الصهاينة والأمبريالية الأمريكية يسرقون الآثار ويبيعونها فى كل ماكان ليجرفوا مصر من الحضارة والشخصية والأنسان , ويضربون عرض الحائط بفيلمه العالمى المومياء ,حتى لانعود ولانصحو ولانبعث , فنصير جثة بلاروح .
مات شادى عبد السلام فرحمه الله , ولو قدر وكان بيننا الآن لقتله مافيا التجارة السوداء للآثار المصرية لأنه من كان سيحصى السنين ويراكم التاريخ ويقف حائلا بين المافيا والحضارة الأنسانية .
*كاتب ومحامى – مصرى

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023