صفقة القرن…تطبيق عملي على الارض

الدكتور بهيج سكاكيني |
صفقة القرن بدأ بتنفيذ العديد من بنودها على الارض منذ فترة وحتى قبل إعلانها فالاعتراف بالمستوطنات اليهودية السرطانية التي بنيت على الجزء الذي تبقى من فلسطين والذي أحتل عام 67 أو القول بأنها لا تشكل عقبة في تحقيق “السلام” وأن الحل النهائي لن يتضمن بالضرورة دولة فلسطينية بمعنى انه لن يكون هنالك دولة فلسطينية حتى لو رضي البعض بالفتات الذي لن يشكل 12% من ارض فلسطين التاريخية وحتى هذه ستكون فاقدة للتواصل الجغرافي ومنزوعة السلاح اللهم المسموح به للقوى الامنية الدايتونية ولن يكون لها سلطة على المعابر البرية أو البحرية او الجوية ولا على ما في باطن الارض. والادارة الترامبية إعترفت بالقدس عاصمة موحدة أبدية لدولة “اسرائيل” كما وتم الاعتراف بيهودية هذا الكيان العنصري. أما حق العودة فلقد اسقط من الاجندة الامريكية من زمن بعيد وحتى من قبل بعض القوى المتنفذة بالسلطة الفلسطينية ومن قبل المتربع على هرمها وهرم منظمة التحرير الفلسطينية وهو لم يشعر بأي حرج انه لا يريد العودة الى صفد مسقط رأسه.
الى جانب كل ذلك نرى العلاقات الاستراتيجية بين هذا الكيان ودول خليجية وعلى رأسها السعودية ودولة الامارات العربية وقطر. أما المستعمرة السعودية “دولة البحرين” فقد وضعت لتكون رأس الحربة التي تقود التطبيع العلني جدا مع الكيان الصهيوني بكل وقاحة. ولقد تم تجنيد عدد من الكتبة المرتزقة لبث فكرة التطبيع مع العدو الصهيوني ونشر العديد من المقالات والادبيات والحوارات التلفزيونية في محاولة لكسب الرأي العام العربي لوجهات النظر التي ما هي الا خيانة للهوية العربية وتشويه الوعي والوجدان العربي.
وهنالك المشروع السعودي لاقامة منطقة التجارة الحرة الذي تصل الى شواطيء الكيان. وهنالك تغيير لبوصلة الصراع في المنطقة والتي يصرف على تجذيره في الوعي والوجدان العربي مليارات الدولارات لتحويل الصراع الى إيران وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية بشكل غير مسبوق كلية في المنطقة…وهنالك تدمير كامل للقدرات الاقتصادية والحضارية والعسكرية للدول الوطنية أو الهائها بحروب إقليمية وكونية تشن عليها دون هوادة …وهنال ضغوط على الطرف الفلسطيني والاردني وتضييق إقتصادي كبير وعمليات خنق مستمرة للشعبين على امل الرضوخ بالامر الواقع مع وجود اطراف تتناغم مع الطروحات ولكنها تامل بتحسين أوضاعها ضمن الصفقة لضمان مصالحها…
وهنالك طبعا الانقسام الفلسطيني الذي تعمل عليه اطراف إقليمية ودولية لابقاءه على حاله وتهديد الاطراف التي تسعى لرأب الصدع بشكل سافر وللاسف هنالك وعلى هرم السلطة في رام لله وغزة أطراف ليس لها مصلحة في إتمام المصالحة خوفا على المناصب والمراكز والمصالح….والسؤال يبقى ماذا تبقى من التطبيق الفعلي والعملي لصفقة القرن؟؟؟؟؟
العمل والمحاولات منصبة الان على محور المقاومة والتضييق عليه إن لم يتمكن محور الصهيو-امريكي وأذنابهم وأدواتهم في المنطقة في القضاء على هذا المحور. وفي تقديري المتواضع انهم لن ينجحوا في القضاء على هذا المحور ولكن يبقى لديهم فرصة إطالة امد الصراع في سوريا والعراق واليمن وربما خلق حالة من عدم الاستقرار في الجزائر على وجه التحديد وكذلك في تونس. اما مصر الذي كان يأمل البعض بعودتها الى الفعل الوازن والفاعل في المنطقة فقد عادت من البوابة الخليجية وخاصة السعودية والامارات فلا امل في نظام السيسي. وتعامل نظامه مع شعب غزة واضح من خلال الضغوطات ومعبر رفح الذي لا يفتح الا في المناسبات والاعياد القومية على قول المثل وهذا لا يتجاوز أيام معدودة في السنة حتى لهؤلاء الذين بأمس الحاجة للعلاج في الخارج . ومن تخلى عن جزر صنافير المصرية في البحر الاحمر للسعودية واسرائيل مقابل حفنة من الدولارات يستطيع ان يتخلى عن جزء من الاراضي في سيناء تحت ضغوطات امريكية وخليجية ايضا في سبيل تحصيل بضعة مليارات تنتهي في جيوب القطط السمان المباركية التي عادت تتبوء المراكز والمناصب تحت نظام السيسي.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023