أخطاء قاتلة في انتخابات ديسمبر 2022…بقلم د.عادل بن خليفة بِالْكَحْلة

أخطاء قاتلة في انتخابات ديسمبر 2022…بقلم د.عادل بن خليفة بِالْكَحْلة

1- أخطاء قاتلة في القانون الانتخابي:

1-1- من غير المعقول أن القانون الانتخابي يرهق المترشح بإيجاد 400 مزكٍّ وذلك دون أن يراعي أن بعض المترشحين أهل التعليم مثلا، لا يمكنهم طلب رخصة في تلك الفترة (امتخانات في كل أصناف التعليم). وهن، لا يكون المترشحون سواسية: المترشح المتقاعد، والمترشح من القطاع الخاص، والمترشح من غير قطاع التعليم…

وقد كان هناك أكفاء من المترشحين، ولكنهم من سوء الحظ لم يتحصلوا إلا على ما أقل من 400 تزكية.

1-2-من غير المعقول أن القانون الانتخابي لم يمنح تحصينا لـ”الثورة” وذلك ما كان من أسباب اختلافنا مع النهضة وحلفائها إذ منعوا صدور قانون لتحصين “الثورة”.

وهكذا وجدنا مترشحين من آخر وجوه الصف الأول في عهد بن علي٬ وأهم الأمثلة على ذلك : آخر نائب للأمين العام بالتجمع الدستوري الحاكم،  وآخر كاتب عام للجنة التنسيق بالتجمع الدستوري الديمقراطي في ولاية المنستير!!

هل هناك ما أكثر وضوحا من هذين المثالين!!؟ 

وبذلك يسمح القانون الانتخابي لبعض المترشحين باستعادة ” الخلايا النائمة” أي الماكينات الانتخابية التي كانت موجودة علنا حتى يوم 13/01/2011.

وهكذا سنجد صراعا غير متكافئ، بين مترشحين ذوي ماكينات متمرسة بالفعل الانتخابي وكبيرة حجما وتمويلا وقادرة على التعبئة أوصلتهم إلى لجنة التنسيق الحزبي أو أمانة التجمع الحاكم عام 2000، وبين مترشحين لا عهد لهم بالانتخاب والتعبئة الانتخابية، وليست لهم ماكينات / خلايا نائمة …

أي بين فريق يعرف، حتى كيف يتحايل على القانون والدستور مستغلا ثغراته جيدا لجلب التزكيات وإقناع الناخبين، حتى بالرشوة الانتخابيةالقانونية ” وبين فريق لا يجسر على التحايل “القانوني” و”غير القانوني” .

1-3- من غير المعقول أن هذا القانون الانتخابي لا يضع سقفا لصرف المال على هذه الدورة الانتخابية، وهكذا وجدنا من صرف 21 مليونا من المليمات التونسية، ووجدنا من صرف 300 دينار تونسيا!! (تحت أنظار رقابة الدولة وشرعيتها).

وبذلك يصمت هذا القانون الانتخابي على تمويل رأس المال الجشع الخائف من إمكانية ترسيخ “اقتصاد اجتماعي” ومن المحاسبة والمراقبة الجبائية ومراقبة حقوق العمال تطبيقا لمجلة الشغل لمن يمثله من المترشحين.

2- أخطاء قاتلة في التنسيقيات المناصرة للرئيس:

       إن الوجود العلني لهذه التنسيقيات في هذه الانتخابات يؤدي هو أيضا إلى صراع غير متكافئ، بين مترشحين ذوي ماكينة، وفي الآن نفسه ذوي خبرة انتخابية سابقة (الانتخابات الرئاسية عام 2019)، وذوي روح انتصارية وقدرة على تجميع التمويل الانتخابي من بعض أصحاب المعامل وقدرة على التعبئة ذات الأطر الكثيرة وذات التجربة؛ وبين أفراد ليست لهم إلا الصداقات والقرابة، والفريق الانتخابي المستجد دون ماضٍ ودون استعدادات ولا علاقات ببعض أصحاب المعامل، المالكين للمال ولأصوات العاملين والعاملات، وذوي برنامج وممارسة مرتجلين.

      لقد تعاملت بعض التنسيقيات بتكبر، وعجرفة أخلاقية مع المستقلين والتقدميين منذ الأيام الأولى من فترة التزكية، إلى حد الاتهام :”أنتم ضد الرئيس”، “أنتم  نهضة”، “أنتم تجمع”، “أنتم موجودون لضرب مرشحنا”، “لا حق لكم في الترشح فلا صوت يعلو فوق صوت مرشحنا!”، في عنف لفظي فظيع (صياح، شتم، عدم قبول الحوار والتنسيق باعتبار الخندق الواحد رغم اختلاف البرامج والرؤى الاقتصادية، والاجتماعي، والثقافية).

     وحاولت بعض التنسيقيات فرض انسحاب المترشحين التقدميين والمستقلين، حتى إن كان المترشح المتقدم أفضل رتبة تعليمية وثقافية، وأكثر تجربة نضالية، وأحسن انغراسا بالمجتمع المدني في جلسات تعمدوا فعلها سرية، أو شبه ذلك، ولم يكونوا أبدا يعرضون في المقابل إمكانية تنازل المترشح التنسيقي.

      فلم يكونوا يقرؤون حساب ما بعد هذه الانتخابات، سواءا فازوا فيها أم أخفقوا، بل تعاملوا باستخفاف واحتقار وشك وارتياب دون وجه برهاني معقول، وغرور، مع المترشحين التقدميين المستقلين.

     وهذا ما فوت الفرصة لتأسيس جبهة نضال تقدمية وشبكة مدنية عريضة لتصحيح مسار “الثورة”، كما فوت الفرصة على هذه التنسيقيات للتفكير في ما بعد هذه الانتخابات بقطع النظر عما يمكن أن تكون نتيجتها، على مستوى النضال الثقافي والبيئي والاقتصادي والسياسي، الجهوي والمحلي.

      لامست لدى الكثير من المترشحين التقدميين والمستقلين مشاعر فقدان هذه التنسيقيات المصداقية لديهم، فحتى هذه اللحظة لا نجد من التنسيقيات بوادر اعتذار أو تصالح.

خاتمة:

هناك احتمال واقعي كبير أن البرلمان سيكون مليئا بفائزين يمثلون اليمين الإخواني واليمين الدستوري والكناترية، والمتسلقين البراغماتيين، وبعضهم يمثلون السفارتين الأمريكية والفرنسية والسفارات الخليجية. وحتى إن لم تكن نسبتهم عالية، فإن قدرتهم التأثيرية ستكون أعظم من ذلك (ربما بين 60 و 70% ) لأن جل المترشحين ليس لهم بديل ثوري، اقتصادي _اجتماعي، وتقدمي فعلا، فمن السهل توجيههم نسبيا.

* باحث إناسي

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023