أنا متسامح فأنا ضد الصهيونية!!…بقلم صلاح الدين المصري

أنا متسامح فأنا ضد الصهيونية!!…بقلم صلاح الدين المصري

شكّل هذا الشعار مفاجأة لأنصار المقاومة ولأعدائها، لمن يناهض الصهيونية ولمن يدافع عنها.

فما هي العلاقة بين التسامح والصهيونية؟
ولماذا تم الاختيار على هذه القيمة لتكون منصة جديدة يتم عبرها التصويب على الصهيونية؟ وما هي العلاقة بين الدفاع عن الحقوق وبين التسامح؟
ما هي صورة المقاوم المتسامح؟
أحاول في هذا النص تناول الأسئلة والتأكيد على أهمية هذه المقاربة، والتي نعتبرها ابتكارا تونسيا وإضافة نوعية لتيار المقاومة ولمسار الثورة العربية.

1- الأرض والإنسان والقيم،

إننا نحاول استعادة الأرض الحقيقة في معالجة قضايانا،ونحاول إرساء ثقافة بديلة تقوم على تعميم الذاتي ليكون موضوعيا “واجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فلا تظلم كما لا تحب أن تُظلم” وهكذا جوهر المسيرة الإنسانية هو العدل في معناه الواسع والذي يقتضي إقامة موازين القسط والقطع مع السكوت والرضا بأي شكل من الظلم مهما طال زمنه، وقد شهدت القرون الأخيرة حركة ضخمة في مجال الحقوق ، حركات التحرر في العالم ولاهوت التحرر،والحركات المناهضة للعنصرية،وأخيرا الحركات المناهضة للعولمة الظالمة، ويمكننا أن نؤكد أن محاور الصراع في العالم تعود في أغلبها إلى محاولة تحرير الأرض والإنسان.
ونحن نعتبر قيمة التسامح واحدة من القيم مثلها كذلك قيمة السلام الأساسية، قد تعرضت لعملية استيطان من الصهيونية وهي بحاجة لتحرير القيم الإنسانية والإسلامية والعربية من عملية التزييف والتجويف التي تشوه الواقع والضمير وتصنع ثنائية مفتعلة وتدفع المقاومة إلى التخلي عن جملة من القيم الحيوية في المسار الثوري.

2- لنتعرف على التسامح
إن التسامح في اللسان العربي أو اللسان الغربي (معاجم الفرنسية مثلا) لا يتضمن مطلقا التنازل عن الحقوق وإنما هو معاملة بلين وسهولة ويسر وهو قبول للآخر المختلف عنا وهو عند العرب سخاء وجود وكرم.
كما أن التسامح في الإعلان العالمي للتسامح الصادر عن الأمم المتحدة عام 1995 نجد في المادة الأولى أن التسامح هو إقرار بأن البشر المختلفين في لغتهم ومظهرهم وسلوكهم وقيمهم لهم الحق في العيش بسلام فالتسامح موقف إيجابي من الآخرين وإقرار بحقهم في التمتع بحقوقهم الأساسية.
ويختم التعريف بأن التسامح ليس تنازلا عن الحقوق وليس تساهلا مع الظلم.
ولمزيد الدقة يتم التعرض إلى عدم التسامح فتذكر بعض الأمثلة له كاستعباد فئات من المجتمع أو ممارسة العنف والتمييز أو تهميش فئات من المجتمع.
إن أفضل تعريف للتسامح يمكن أن نستمده من المأثور العربي الذي قال:
“إنما يُؤخذ الحق مسامحة”
حيث يتم التنصيص بجلاء ووضوح على العلاقة الوثيقة بين الحق والتسامح:
3- الهيمنة الصهيونية في مجال الإعلام:
إن الحركة الصهيونية في حالة تناقض تام مع قيمة التسامح حسب التعريف الذي سردناه سابقا فما الذي حصل؟
استطاعت الحركة الصهيونية وباعتبار نفوذها الدولي والإعلامي أنها تمارس احتلال الأرض وتمارس الإستيطان وتقتل وتهجّر،وتنفق المال والجهد والنفوذ لتزييف الصورة وتغيير العناوين وتعوّل في هذا المجال على الضعف الإعلامي للمعتدى عليهم وغياب الناصر. ولذلك يتم تزييف الواقع من عدوان واغتصاب إلى صراع يحتاج وساطة دولية،ومن عنصرية مقيتة وعدوانية إلى اختلاف وتنازع.
فما يحصل في فلسطين يأخذ عنوان مشكلة الشرق الأوسط التي تبحث عن حل يرضي طرفي النزاع. ثم توصف المقاومة التي تريد تحرير الأرض بأنها إرهاب ومعادية لقيم الاختلاف والتسامح.
إن خطورة ما تقوم به الصهيونية في تزييفها للواقع وتزييفها للقيم الإنسانية وتصوير سلوكها ووجودها ضمن شبكة السلام والتسامح والتعايش والحوار. إنها تستولي على الأرض والقيم
ولهذا يصبح العمل على تحرير هذه القيم من أوكد الواجبات. وعملية التحرير ستمكن القضية العربية العادلة من أنصار جدد وكثيرين.
4- كل متسامح فهو ضد الصهيونية
كتب أحد الصهاينة “أندري ناحوم” مقالا يتعجب فيه كيف أجازت الرابطة التونسية للتسامح لنفسها رفع شعار”أنا متسامح فأنا ضد الصهيونية” وعرض علينا تعريفا للتسامح من القاموس الفرنسي و تناسى أن يعرف الصهيونية فهي بجميع القواميس حركة عنصرية وظفت ديانة سماوية بريئة منها لتخريب وطن كامل واقتلاع شعب من أرضه.
إن الصهيونية قامت على الأكاذيب والأساطير وعاشت على القتل والتدمير وعلى الحروب وهي بذلك تضع نفسها نقيضا لكل متسامح.
وهناك قرارات عنصرية كثيرة جدا في الكيان الصهيوني وفي مقدمتها يهودية دولتهم، وهو الشعار الذي يدافع عنه جميع الصهاينة وآخرها ما يتم التداول في الكنيست قانونا لمنع تدريس اللغة العربية في المناطق المحتلة عام 1948.
وإذا نظرنا إلى صور الأطفال الذين يواجهون الجيش الصهيوني وصور الشهداء الذين يقدمون دماءهم لتحرير الأرض،فإن كل متسامح سيجد نفسه في صف المنادين بزوال الكيان العنصري.
كل متسامح سيطالب بإعادة الحق إلى أهله. ويفترض بكل إنسان تشبع بقيم التسامح أن يَنظم إلى مقاومة سلمية تقاطع هذا الكيان الصهيوني الغاصب ويطالب بتجريم التطبيع باعتبار التطبيع مع العنصرية والعدوانية تنازل عن قيمة التسامح./.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023