إبِسْتِمِيّة «الإصلاح» المدرسي لدى «الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية» في تونس

إبِسْتِمِيّة «الإصلاح» المدرسي لدى  «الائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية» في تونس

بقلم د. عادل بن خليفة بالْكَحْلَة (باحث اجتماعي، منسق فريق نقد المدرسة التونسية)

مقدّمة:

        «المشروع الإصلاحي» سواءًا كان لطرف حكومي أو لطرف اعتراضي[1]، هو نصٌّ بدايةً. وأول صعوبة ستواجهنا لفهم مشاريع «الإصلاح» هي: كيف سنحلّل هذا النص؟

        من الطبيعي أن اللّسانيات التوقيفية لن تكون مفيدة كثيرًا لنا، لأنها «تهتمّ بالخواص المجردة للغة البشر، ولا تملك إلا اليسير من تحليل ما يقول الناس ويفعلون»[2].

        إن النصوص التي سنتعامل معها مشاركة في «تكوين الأحداث الاجتماعية»[3]، التي تريد تعديل الحال المدرسي أو تحويله ضمن مراكبات أعم للحراك السياسي والاجتماعي والثقافي». «فهي نتيجة مخاض أحداثٍ وبسياق اجتماعي خصوصي. وفي الآن نفسه تنزع إلى إحداث تغيير معرفي واعتقادي ومَوَاقِفي وقِيَمي، وتنزع إلى إحداث «نتائج على المدى الطويل»3.

        فهي نصوص جاءت في سياق الحراك الاجتماعي التونسي بعد الرابع عشر في جانفي/يناير 2011، مرافِعةً عن أطروحات «مستقبلية» لمواقع اجتماعية عديدة، وتريد لنفسها سلطة إقناعٍ لحظةَ إنتاجها، وسلطةَ تدبير في المستقبل بناءًا على المشروعية الإقناعية.

        وهذا يستلزم منا تناول استراتيجية الإقناع واستراتيجية الهيمنة المستقبلية، وكذلك اكتشاف هوية المُنتِجين (أو «المَوَاقع المُنْتِجة»). ويمكننا من خلال مرافعات النص نفسه اكتشاف تلك الهوية.

 كما ينبغي أن نقف عند التّناصّ داخل النص لفهم تعقيدهُ وربما تناقضاته: ما هي الأصوات التي يَصْدُرُ عنها النص؟ وما هي الأصوات التي يستعيدها؟ والأصوات المستدمَجة هل تتناصَح[4] مع النص الأصلي وتُغنيه أم تُهَمِّشُهُ وتستبعده؟ كل ذلك سيساعد على تعميق فهمنا لضمير النص المبحوث.

كما سنحاول تناول حضور المنازعين الآخرين داخل حقل «الإصلاح المدرسي»: كيف صُنِّفوا؟ هل حضروا مباشرةً أم موارَبةً أم احتواءًا أم اغتناءًا؟

  1. ما الإِبِسْتِمِيَّة؟ وما «الائتلاف المدني»؟ وما «الكتاب الأبيض»؟

    • الإبِسْتِمِيَّة:

لقد نحتَ ميشال فوكو مقولة « الإبِسْتِمِيَّة»، قاصدًا بها نَسقَ العلاقات التي تربط بين الممارَسات الخطابية التي تَفْسَحُ فَضَاءًا لصيغ معرفية (علمية، فنية، تِقانية…)، وعند الاقتضاء لأنساق معقدة، فهي مجمَل العلاقات التي نستبطنها من خلال الانتظامات الخطابية. وهي شرط النسق المعرفي في حقل نزاعيّ معيّن[5].

  • ما «الائتلاف المدني» لإصلاح المنظومة التربوية؟

هو تجمع من جمعيات مهتمة بالشأن المدرسي والتربوي. وقد ظهرت تلك الجمعيات بعد 14/01/2018. وهي أساسًا: جمعية الفارابي بصفاقس، جمعية تطوير الحياة المدرسية. وأهم قادته هو: الدكتور مصدق الجليدي: وهو دكتور في علوم التربية، «خبير دُولي في بناء الأنظمة التربوية وتقييمها» ورئيس تحرير مجلة الفاعل التربوي. له: رواد الإصلاح التربوي في تونس، دار سَحَر، تونس، 2009؛ من أجل تربية عربية بنائية، دروب للتربية، الدوحة، 2009؛ الإسلام والحداثة السياسية، المركز الجامعي للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2010، وتربية المستقبل. له: مقال «العلمانية والإسلام: قراءة في فتوى الشيخ راشد الغنوشي» (الصباح، تونس، 3/8/2012)، مبيّنا قيمة هذه الفتوى في «بناء دولة مدنِيّة» واختلافها عن «العلمانيّة اليعقوبية». ولقد وزع كتاب المترشح للرئاسة محمد المنصف المرزوقي عام 2014 (ننتصر أو ننتصر)، فهو مناضل بـحزب المؤتمر من أجل الجمهورية ثم في خَلَفِهِ حزب الإرادة. وقد أعلن الدّكتور مصدق الجليدي أنّ الائتلاف المدني رشحّه «وزيرًا للتّربية» صيف 2016[6].

  • ما «الكتاب الأبيض»؟

ظهر هذا المصطلح أوَّل مرة في إنكلترا سنة 1922 ضمن المصطلحية الحكومية. ويعني التقرير أو الدليل الذي يتناول بدقّة وإيجازٍ قضيةً معقدةً ونزاعية، من أجل مساعدة المطلعين عليه على فهم القضية أو حلها أو تقريبهم لاتخاذ «قرار». وأشهر استعمال له مع وزير الاحتلال البريطاني لفلسطين بخصوص تقسيم فلسطين[7]. وكان له اللون المرمِّز له أبيض، إيحاءًا نفسيا بالحياد والنقاء والأمانة والبراءة والإضاءة.

ومن العجيب أن تُسمّي وزارة التّربية والائتلاف المدني دَلِيلَيْهِما بتَسمية مرتبطة في الذّاكرة العربية بالاغتصاب البريطاني- الصّهيوني والكذب الملوّن بخطاب الإقناع. وهنا، نلاحظ أن «المغلوب مولع أبدًا بالاقتداء بالغالب».

  1. المقولات الحاكِمة لكتاب الائتلاف المدني الأبيض:

        في نص منسّق الائتلاف المدني، الدكتور مصدق الجليدي «في استراتيجية الإصلاح التربوي: أيهما تختار: المدَاخل أم المبادئ؟»[8]، كانتْ مقولتان رئيستان تراوَحَ بينهما النصُّ (ومن ثمة مشروع «الكتاب الأبيض») للائتلاف: «الإصلاح التربوي» (لا «المدرسي») ومقولة «الپرادِغم». ولم يكن هناك تحديد مَفْهَمِيّ لأي منهما. وذلك خلل مَسَّ كل نصوص «الائتلاف المدني». ولكننا رغم ذلك سنحاول انتزاع مفهومَيْن ضِمنيّيْن للمقولتيْن (افتراضًا) من خلال مُجْمَل النص.

        فـ«الإصلاح التربوي» هو السيرورة الاجتماعية الواسعة من أجل إحداث تغييرات من النِّسْبِيَّة إلى الجذرية في الممارسة والتنظير التربويين، بالمنزل ومؤسسات التعليم والرياضة البدنية والتربية بالفنون. لكن مقصود الائتلاف المدني بـ«الإصلاح التربوي» هو دائما إصلاح التعليم، أي العملية السياسية لتغيير التعليم، لا مُجْمَلَ المَعيش التربوي. وفي الحقيقة، فإن «الإصلاح التربوي» ينغي أن يُفكّر فيه قبل «إصلاح التعليم»، لأن الثاني (التعليم) يقول على الأول: وسنبقى دون «إصلاح التعليم» إذا لم تتغير جذريّا امتثالاتنا عن الروح والممارسة التربويتيْن. وهذا ما لَمْ ينتبِه إليه الائتلاف في نصوصه إلى اليوم.

        أما «الپَرادِغْم» فهو حَرفيّا عن اللّغة اللإغريقيّة: «المِنْوَال» أو «المثال». إنه تمثُّلٌ عن العالَم، أي أسلوب في رؤية الأشياء، أو مِنوال متماسِكٌ نِسْبيًّا في تبصُّر العالَم على قاعِدة محدَّدة. وهو في البحث العلمي إطار المَناوِيل النظرية. يقول توماس كُوهِن: « الپَرادِغْم هو إطار يحدّد المشكلات والمناهج الشرعية، وبذلك يسمح بنجاعةٍ أكبر في البحث. فهو لغة مشتركة توفر انتشارَ الأعمال وتوجيهَ الاستثمارات»[9]. إنه يفترض نواةً نظرية تحدّد الوجهة العلمية للقراءة، وتطبيقاتٍ للنواة النظرية على مَوَاضع معيّنة.

        كان نص الدكتور مصدَّق الجليدي داخلاً في سياق «الردّ عليه»[10] (أي على المتنازَع عليه داخل حقل «الإصلاح» المدرسي). فليس تفكير «الائتلاف المدني» خَارجًا عن حقل صراع المواقع داخل الحقل، إِذْ أنّه مُرادَّةٌ وليْس تأسيسًا أصْلاً. والمُرادَّةُ مهدَّدة عادةً بالتشنجية أو المداراة أو التسرع.

2-2- مقولتا «الكونيّة» و«الهويّة»:

        بعد «الإصلاح التربوي» و«الپرادِغْم»، ظهرت بالنص مقولتان مُواليتان: «الكونية» و«الهوية»، ودون تحديد مَفْهَمي لهما، أيضا.

        لم ينقد النص «كونية» الثقافة الأوروبية، وإنما نقد فرضَها على العالَم. فعاد إلى «كونية» هيغلية رَادَفَهَا بمركزية غَرْبية، وبكونية استشرافية وكونية هِنْيَنْغْتُون، اللّتين رَادَفَهُما بالمركزية الغربية[11].

        كتب مصدّق الجليدي: «إن شعار ” المبادئ الكونية” هو كلمة حق أريد بها باطل. هو نكوص وارتداد عن القول بالتعدد والتنوع الثقافي وبالخصوصيات الثقافية والتعايش بين الثقافات، وإرادة الهيمنة والاستحواذ على ثروات البلدان الضعيفة»[12].

        ولكن المركزية الإيديولوجية للعالمية الإسلامية الأولى التي قام عليها النص (ومن ثمة مشروع «الكتاب الأبيض») لم تَسْمَح لـ«الكتاب الأبيض» بمناقشة «كونية» الرحالة المسلم ابن فضلان في علاقته بثقافات أوروبا الشرقية واِسكندنافيا[13]. ولم يناقش «كونية» ابن بطوطة في علاقته بثقافات إفريقيا الغربية والشرقية والهند، المرادِفتين للمركزية الإسلامية للعالمية الإسلامية الأولى. ولم يناقِشْ «كونيةَ» ابن خلدون المرادفةَ لمركزيته التّسلّطيّة/الإسلامية، حتى اعتبر أن «من خُلُق السودان على العموم الخفة والطيش وكثرة الطرب (…) موصوفين بالحُمْق في كل قُطر (…) وكذلك يَلْحَقُ بهم قليلاً أهلُ البلاد البحرية»[14]. أمّا سكّان «الأقاليم المتوسطة» ومنها العالم العربي عنده فهم «أعدل أجساما وألوانا وأخلاقا وأديانا، حتى النُّبوّاتُ (…) إنما يختص بهم أكمل النوع [(وبذلك يكون اليهود أكمل من المسلمين لأنّهم أكثر أنبياءًا)]، وكان أهل الأقاليم الأخرى أمْيل إلى «الانحراف»[15] في رأيه.

        ولم يناقش «كونية» الفتح الأموي ذي المركزية الثقافية، الذي أدّى إلى إبادات ديمغرافية ومَعَاشية وبيئية لبلاد المغرب حتى كتب ممثلوها إلى الخليفة الأموي: «أن أميرنا يغزو بنا وبجنده فإذا اصاب نفلهم دوننا وقال هم أحق به فقلنا هو أخلص لجهادنا لأنا لا نأخذ منه شيئا إن كان لنا فهم منه في حل وإن لم يكن لنا لم نرده وقالوا إذا حاصرنا مدينة قال تقدموا وأخر جنده فقلنا تقدموا فإنه ازدياد في الجهاد ومثلكم كفى إخوانه فوقيناهم بأنفسنا وكفيناهم ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا فجعلوا يبقرونها على السخال يطلبون الفراء البيض لأمير المؤمنين فيقتلون ألف شاة في جلد فقلنا ما أيسر هذا لأمير المؤمنين فاحتملنا ذلك وخليناهم وذلك ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا فقلنا لم نجد هذا في كتاب ولا سنة ونحن مسلمون»[16]. بل إن مركزية المنتصر المالكي-الزّيري داخل الثقافة الإسلامية أدى حتى إلى تدمير التراث الحنفي التونسي- مَثَلاً رغم أنه ذو الأكثرية في مرحلة ما[17].

        فأنْ يُنَبِّهَ «الائتلاف المدني» إلى غَزْويةِ الكونية الغربية وإلغائِها للآخر، ومن ثمة تأكيدُهُ ضرورةَ نقدها، مع نسيان مركزيتنا الإلغائية للآخر الخارجي، وحتى للآخر الداخلي (مِن فِرق هامشية في الإسلام كالمذهب الإباضي، بل حتى للأحْمِيَةِ الثقافية الهامشية فيه: كجنوب الجزيرة العربية وكالثقافة القوقازية وكثقافة جنوب شرق آسيا الإسلامي وكثقافة إفريقيا الغربية الإسلامية)، إنما يعني المرور إلى مشروع ثقافةٍ ومشروع تربيةٍ بدِيليْنِ يُعيدان إنتاج أخطاء العالمية الإسلامية الأولى.

        فانتقاد مصدَّق الجليدي لواقعتي «الهيمنة» و«الاسْتحواذ على ثروات البلدان الضعيفة» لم يَسْحَبْه على تجربتي الفتح الأموي، والفتح العثماني، وعلى تجربة الفتح العُماني لإفريقيا الشرقية[18]. ولذلك فإنه بتمجيده غير النقدي للثقافة الإسلامية في مشروعه الإصلاحي، سيعيد إنتاج «الهيمنة» و«الإلغائية» والمركزية، لكنْ بلونٍ غيرِ غَرْبي مُحْدَثٍ.

        ولقد انتقَدَتْ نصوصُ «الائتلاف المدني») الديمقراطيةَ الغربيةَ بما هي ديمقراطية «صُندوقية»، وليست ديمقراطية معيشةً وهيكلَةً ضرورةً[19].

        ولكنها لم تنتقد غياب الديمقراطية في أكثر ردهات التاريخ الإسلامي، متجنبةً في خُطاطتها التاريخية ذكر «دَوْلة الزنج»، التي حرّرت العبيد لأول مرة وآخرَ مَرة، في العالمية الإسلامية الأولى، محقِّقِينَ «تمكينهم» بالدولة والمَعَاش السيادي. وتجنَّبَ ذكر «دولة القرامطة»، بما هي دولة «الأُلْفة» (باصطلاحها) أي دولة الديمقراطية المباشرة والسلطة العليا الجماعية، والمراقَبَةِ من الجماهير نفسها[20]. وبذلك نكتشف أن إِبْسِتمِيَّةُ الائتلاف المدني هي إبستمية الهيمنة الثقافية المُنْفَرِدة بالمَجْد في العالمية الإسلامية الأولى، التي كانت ملغية لذاكرة الدولتين لأنهما دولتان «كافرتان»، كما نص على ذلك أبو حامد الغزالي الذي تتبناه دون نقدية إبستمية الائتلاف المدني بيداغوجيًّا ومعرفيّا، في شرعَنته للاستبدادية العباسية بكتابه: فضائح الباطنية وفَضَائل المستظْهرِيّة.

        كما انتقد الائتلاف المدني النظامَ الرئاسي باعتباره متجاوزا لحكم الشعب، بينما نلاحظ إغراقه في تمجيد إنجازات الخلافات الإسلامية (الأموية، العباسية…) ومَنْ بَعْدَها مِن المَمْلَكِيَّات والإمارات، دون التفطن إلى استبداديتها وقمعيتها وانفرادها بالمَجْد وضربها للسياق المُراكم للتطور العلمي والتِّقاني والتعددية الفكرية[21].

        ولم تَرَ إبستميةُ الائتلافِ المدني في الحضارة الأيوبية- المملوكية إلاّ اعترافها «بالمدارس الفقهية» (بينما هي لم تعترف إلا باثنتيْن) وعدم فرضها لوجود مدرسة فقهية واحدة[22]، لكنها لم تتفطن إلى خطورة الحكم الوراثي- العسكري فيها (بينما الائتلاف لا يرضى حتى بديمقراطية «صندوقية») وإغلاق الأيوبيين لبيت الحكمة وإحراقها لمخزونها في الفلسفة والطبيعيات والتِّقانة، وقتلهمْ لأعظم مفكري العصر (الشّباب السُّهْرَوَرْدي)، وتحريمهم للتفكير الفلسفي نِهائيا، علاوةً على عدم وجود العدالة الاجتماعية في تلك الحضارة.

        لقد صنَّف الأسعد بن مَماتي لصلاح الدين الأيوبي كتاب الفاشوش في حكم قراقوش، العَبْد الآسيوي لدى المَلك، ليبيّن له «فظاعة» «يده» الأولى في السيطرة على الشعب المصري- السوري: بهاء الدين قراقوش، بطشًا مفرطًا جدًّا و«غباءًا» بتعييره، أكثر من 30سنة، وأصبح مثال الاستبداد «الغبي» عند ذلك الشعب إلى اليوم. ولكنّ الائتلاف المدني، ليس تاريخانيًّا، وإنما «عاطفي»، «حماسي»، في علاقته بالتاريخ الإسلامي، إذ كل ذلك التّاريخ «معصوم»، وكل التّاريخ الإسلامي الائتلاف المدني هو تاريخ السلطة التسلطية، وليس تاريخ الحركة الاجتماعية لشعوب العالَم الإسلامي وثوراته المعرفيّة والسياسيّة، رغم أنه يدّعي انتماءَه لـ«ثورة» تونسية.

        ويعتبر الائتلاف المدني أن المذاهب الفقهية التقليدية التي فرضتها السلطة تلبي شروط «الپرَادِغم»: «ففي إطار مذهب أهل السنة والجماعة، (پرَادِغْم كلاميّ/فقهيّ كبير) ظهرت پرَادِغمات فقهية عديدة وهي التي نسميها: المذهب المالكي، والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي (…) وهذه المذاهب تُلبّي شروط الپرَادِغمات بامتياز»[23]. وذلك دون استدلال، كالعادة. أما «بامتياز»، فهي لا تجوز في السياق العلمي، إذ هي إطلاقية.

        وهذا مُبَالَغ فيه، فها هو الباحث نَصر حامد أبو زيد ينقد الإِبِسْتِميَّة الشافعيةَ بقوله: «هذه الشمولية التي حرص الشافعي على منحها للنصوص الدينية، بعد أن وَسَّع مجالها. فحوَّل النص الثانوي الشارح إلى الأصلي، وأضفى عليه نفس درجة المشروعية. ثم وسّع مفهوم السنة بأن ألحق به الإجمَاع. وقام بربط الاجتهاد/القياس بكل ما سبق رباطا محكما، نعني في التحليل الأخير تكبيل الإنسان بإلغاء فعاليّته وإهدار خبرته. فإذا أضفنا إلى ذلك أن مواقف الشافعي الاجتهادية تدور في أغلبها في دائرة المحافظة على المستقر والثابت، تسعى إلى تكريس الماضي[الاستبدادي والتفاوتي] لإضفاء طابع ديني-أزلي»[24]. وقد حظرت المدرسةُ النظامية المذاهب الأخرى (غير الشافعي)، ودمّرت المالكيةُ الزّيريةُ المذهبَ الحنفي والمذهب الاعتزالي.

ـــــــــــــــــــ * ـــــــــــــــــــ

        يدعي الائتلاف المدني دَمْجَه بين ما سمّاه «پرَادِغْمَيْن»: «الاستراتيجيا» و«الحَوْكمة الرشيدة»[25]، بينما هما ليسا پرَادِغْمَيْن، بل إن «الاستراتيجيا» أسلوب في التحليل والتنظير (وإنْ كُنّا بإمكاننا جعلُ مَفْهَمتها خاضعةً إلى پرَادِغم)، أمَّا «الحوكمة الرشيدة» فهي نوع من أنواع الولاية (وإن كنّا نستطيع أن نُنَظِّر لها وِفق پرَادِغم). وذلك مَنْشؤه قصور الائتلاف عن تحديد مصطلحيته لتَرْقى إلى مستوى المَفْهَمَة العلمية.

        ولقد أصبح «الپرَادِغم» مَفْهُومًا أحيانًا، في نصوص الائتلاف المدني: «تُقْدِمُ المنظومة على إصلاح شامل لمختلف مكوّناتها. ولتحقيق هذا الغرض، يمكن اعتماد أحد مسَارَيْن: مسَارٌ أوّل يقوم على الجبْرية (…)، ومسارٌ ثانٍ يتمثل في توظيف هندسة إصلاحات المنظومات التربوية التي تخضع لمنهجية محدّدة ومفاهيم ورؤية للإصلاح (…)»[26]. كما أصبحت «المبادئ العامة للنظام التربوي» ومنظومةِ القِيم «مَفاهيم»[27]. وهذا الخلط مما يجعل مشاريعنا الإصلاحية حاملة لاضطرابات كثيرة.

  1. هل يَصْلُح محمد الطاهر بن عاشور مَرجعًا إصلاحيًّا مُلْهِمًا لمشروع إصلاح تربوي؟

        لقد اتخذ الائتلاف المدني في كتابه الأبيض كتاب أليس الصبح بقريب؟ لمحمد الطاهر بن عاشور مرجعا تاريخيا، بل مرجعا مُلْهِمًا ومُشَرْعِنًا لمشروعه الإصلاحي. بينما لم يجد ادعاؤه جعل كتاب المفكر الاستراتيجي غارودي وُعود الإسلام[28] مرجعًا أوَّلاً أيضا أيَّ تفعيل في خطاب الائتلاف المدني لأن إِبِسْتِمِيَّةَ ذلك المفكر إِبِسْتِمِيَّة تقويضية إبستمولوجيًّا، بينما إِبِسْتِمِيَّة الائتلاف محافظة جدًّا إلى درجة الانغلاق، وإِبِسْتِمِيَّةُ غارودي عَدْلِيةٌ، تُؤكد أوسعَ الجماهير، هاجسها القضاء على التفاوتات، بينما هاجس الائتلاف ليبراليٌّ في أحسن الحالات.

        كانت إبِسْتِميَّة محمد الطاهر بن عاشور للإصلاح المدرسي، في أليس الصبح بقريب؟[29]، إبِسْتِميَّة ًمستعيدة للإِبِسْتِمِيَّة المعرفية التي تحالفت مع الاستبداد والتفاوتات في التاريخ الإسلامي. فقد امتدح محمد الطاهر بن عاشور بهذا الكتاب «المرابطين» وعِلْمَهُمْ (ص16). وهي دولة، لا تقوم إبستميتها على «العقلانية» و«الاجتهاد»، كما تريد المنظومة المدرسية التي يقترحها الائتلاف المدني، وإنما كانت إبستميتها سلفية فهي أوّل دولة سلفية في التاريخ، إلى حد تجسيم الألوهية وقتل مَنْ يرفض ذلك، وتحريم العلوم الطبيعية والتقانية، وقمع كل المذاهب الاعتقادية والفقهية الأخرى علاوة على الاتجاهات الصوفية[30]. وقد كان محمد الطاهر بن عاشور، يصنع صورة المقيم العام الفرنسي على مكتبه[31]، ويؤيّد التجنس فقط بالجنسية الفرنسية، رغم أنها مضرة بالوجود التونسي آنئذ. واعتبر أن وزيرَ علي باي ثاني ملك تحت الاحتلال، الذي خلف محمد الصادق باي (قامع ثورة الشعب وبَايِهِ، علي بن غذاهم) «ساسَ بحكمته الدولة (…) فذاد عن العلم ذَوْدَةً حفظت كيانَهُ» (ص 97). وهذا مُفْرِطٌ، بل غير واقعي، ومن باب الاستزلام للسلطة التابعة. فزمن الوزير محمد العزيز بو عتّور هو زمن التأسيس الهيكلي للاحتلال الفرنسي بأيدٍ تونسية. بل أنه اعتبر محمد الصادق باي نفسه «مصلحًا للتعليم» (ص117 وص118)، بينما كان الرجل لا يعرف القراءة والكتابة، وكان مشروع وزيره خير الدين مشروع بيع لأراضي الدولة للمحتل الاقتصادي المهيّء المحتل العسكري، ومشروع تبعية تعليمية وثقافية لا مشروع استعارة، كما حصل في اليابان[32]. فالائتلاف المدني تنقصه الخلفية الفكرية النقدية، فهو ذو نزعة فكرية تكديسية لأنه محافظ.

        وقد ذكر محمد الطّاهر بن عاشور بإعجاب مبطَّن برج إيفل (ص119)، ولم يذكر أنّه من حَدِيد المغتصَبات الفرنسية، وخاصة مَنجم الجريصة التونسية، لأن هذا المفكر لا يحمل رؤية في تمثل المعاناة الشعبية.

        وحين ذكر محمد الطاهر بن عاشور أنه مع تدريس الضلع التصوفي في مثلث عبد الواحد ابن عاشر[33]، بما هو تدريس لـ«أحوال القلب من الغِيبة والنميمة والكِبر والحسد وأضدادها، المتكفل بها علم التصوف» (ص146) إنما عنى جُزْءِ علم الأخلاق فيه، فهو ضدَّ عِرْفانيّة التصوف التونسي (والمغربي عُموما) دون استدلال عقلاني، تمامًا كفقهاء الدولة المرابطية والدولة الزّيريّة، باعتبار «ضلال» الصوفية «الذين زعموا (…) ورمى بهم جهلهم إلى افتضاحهم» وخاصة «القاشاني ومحيي الدين بن عربي» ص(189)، دون أي أمثلة نصّيّة ولا حجاج. ولفظنا «جهل» و«افتضاح»، اللتان هما لفظتا شباب لا تصلح في الخطاب العلميّ والحجاجي، زاد إليها محمد الطاهر بن عاشور أن الخطاب العرفاني (وغيره) «صائر إلى الابتداع بعد اجتماع» (ص190). فمحمد الطاهر بن عاشور رجل تَبْدْيعِيٌّ، وليس رجل حجاج عقلاني، منتكسًا إلى خليفة ثار عليه الشباب ثورة سلمية (مثل «ثورة» شباب تونس بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011) ضد استبداده وانفراد عائلته بالمجد، إذ قال ذلك المستبد: «فإن هذا الأمر صائر إلى الابتعاد بعد اجتماع ثلاث [من الأمور] فيكم: تكامل النّعَم، وبُلوغ أولادكم من السبايا، وقراءة الأعراب والأعجام (…) فإن الكُفر في العُجْمة، فإذا استُعجِمَ عليهم أمر، تكلّفوا وابتعدوا» (ص90).

        أما «تكامُل النّعَم». فقد أثبتت ثورة الشباب السلمية عليه أنّ تلك النّعَم كانت احتكارية، خاصة بعائلته والطبقة الأرستقراطية التي انقلبت على أطروحة الولاية الجماعية. وأمّا قضية «السبايا»، فهي مِنْ فِعل السلطة التسلطية نفسها، إذ سَمحت لمُترفي أمّة الإسلام، بأن يسْبُوا ويغتصبوا نساءَ الأمم الأخرى. وأمّا نَعتُه الآخرين بـ«الأعرابية»، لا بالبَدَوية المسالِمة، فهو يستبطن قبول محمد الطاهر بن عاشور «آفاقية» التي كرّستها مؤسسته التعليمية. وأمّا سبّ الآخرين بـ«الأعجمية»، فهي مخالفة جذرية للنبي الذي دعا في حجة الوداع إلى عدم التفرقة على أساس اللون إذ أن هذه الدعوة في نظر الخليفة «مصيبة». أما اتهام «الأعاجم»- رغم إسلامهم- بالكفر، فهو يكشف عن رؤية تحقيرية للآخرين بصفة متضخمة جدًّا. ولا عجب في تبني محمد الطاهر بن عاشور لها، بل الأعجب تبني الائتلاف المدني والدكتور مصدَّق الجليدي لها، لأنه خرّيج الأكاديمية ولأنهما يدّعيان أنهما مع «الثورة» و«المساواة» و«الدّيمقراطيّة».

        وإذا غضّ محمد الطاهر بن عاشور النّظر عن أبي حامد الغزالي في مرحلته الأخيرة (المتصوفُ، العرفانيُّ، التسامحيُّ مع كل المذاهب والأديان في المنقذ من الضّلال وما بعده) فإنه يتبنى غَزَالِيَّ المدرسة النظامية (المنتظر للإلغاء المذهبي والاستبدادية والتفاوت الطبقي والجنسي) (ص211). والائتلاف المدني كذلك، كما أسلفنا.

        وقد «أرّخ» محمد الطاهر بن عاشور للعلوم الشرعية، ودعا لتطويرها، ولكنْ كان في ذلك يمارس ترفًا فكريًّا إذْ ركز على الجانب الشكلي، مهملا ما يَهُمُّ شعبه مِن تمثل العدالة الاجتماعية وسيادة الدولة في الإنتاج التشريعي (ص147-148، وص196 وص202).

        وفي نَقده لعلم التفسير، ركّز على ضعف الفهم اللغوي والبلاغي (ص188)، ولم يكن يهمه التمثل العقلاني للنص وتمثل العدالة الاجتماعية والفهم التنويري للنص ولم ينقد التفاسير السلفية، شَنَّعَ على التفاسير التأويلية، مثل «ضلال الباطنية والإسماعيلية (…). وأتباعِهِمْ من الصوفية الذين زعموا أن القرآن إشارات، وخَسِروا بها معانيه. ورَمَى بِهِم جَهْلُهُمْ إلى افتضاحهم» (ص189). وبهذا التبني، سيكون خطاب الائتلاف و«كتابه الأبيض» في إصلاح التعليم ذوَيْ لاوعْي إطلاقيّ، احتكاريّ للمعرفة، إلغائيٍّ للفُهوم الأخرى، غير نِسبيّ، ناكص إلى معرفة السلطة التسلطية في العالمية الإسلامية الأولى.

        وقد كان تفسير محمد الطاهر بن عاشور لكل الآيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في تفسيره ضد الفهم العدالي والمساواتي لمشروع التغيير القرآني- المحمدي، بل خالف كل المفسرين في الآيات التي تحمل ظهورًا بالانحياز إلى أطروحة التعبير العدالي والمثالي. وعندما ذكر فقهاء الإسلام الأوائل (ص11) لم يذكر الفقيهة المعارَضِيَّة، المخرطة في «ثورة الشباب السلمية»، أم سَلمَة ولا الفقيهة الصحابية فاطمة بنت قيس، لأنه مع إِبستمية السلطة.

        وفي ذلك كله يتناقض محمد الطاهر بن عاشور مع بدايات كتابه في ما يبدو ظاهرًا اعتراضا على إبستمية الخليفة الاستبدادي، المنفرد بالمَجد: «ولم يزل التنافس على السلطة على التعليم خُلقًا قديمًا للدول والأحزاب. فقد حَجَر عُثمان على أبي ذر أن يبثّ في اقتسام الأموال، وعلى ابن مسعود قراءَتَهُ. وحَجَرَ الفقهاء على الناس قراءة الفلسفة وترددوا في إباحة تَعلّم المنطق. وحجر ملوكُ بني أمية بالأندلس على الناس دراسة ما عدا مَذهب مالك بن أنس من مذاهب فقهاء الإسلام» (ص10). ولكنه، إذْ أدْرج الفلسفة، في إصلاحه التعليمي، لَمْ يهتمَّ بالعِرْفان، بل كفّره وبَدَّعَهُ، كما رأينا، واعتبر أن «الجيولوجيا والتاريخ الطبيعي والاقتصاد وعلم العمران» (ص229) مِن «العلوم الفلسفية». وإذا كان قد وسّع في المَطالب العُلومية الأخرى، فإنه كان في هذه «العلوم الفلسفية» مقتضيا جدًّا (فقرتان بين صفحتي 228 و229).

        ومن ناحية أخرى لم يكن مستوعبًا، لهموم مطَالب صوت الطالب الزيتوني، الجمعية التي تمثل الطلبة الزيتونيين. وعِوض أن يمارس معهم قمعًا شُرْطِيًّا، قام معهم بمُدَاراةِ، أي استماع جزئي دون تمثل للمطالب في مشروعه (صفحة 257). ففي نهاية الأمر، كان صوت الطالب الزيتوني صوت الأكثرية الطلابية «آفاقية» («الأعرافية» والقروية، إذا استعرنا لغة خليفته التسلطي) مِن داخِل البلاد، وفي جلها كانت من الجماهير الريفية والقروية الفقيرة، بينما كان هو من «البَلْدية» ذات السلطة الدينية والسياسية، يُتقن فن المداراة السياسية.

        فقضية الانقسام الزيتوني: «آفاقي»/«بَلْدي» هي المعضلة الإبستمية الرئيسية. وما دام محمد الطاهر بن عاشور «البَلْدي» لم يطرحها في «كتابه الأبيض»، (أليس الصّبح بقريب؟) فإن كتابهُ الأبيض لن يطرح مشروع إصلاحٍ حقيقيّ، تاريخيّ. ولذلك سرعان ما انهار ما فَعله محمد الطاهر بن عاشور من «إصلاح» بمجرد إمساك عدوه الطبقي (الطبقة السياسية الصاعدة إلى السلطة بعد «الاستقلال»)، فاضطر وريثُه (ابنه محمد الفاضل بن عاشور)[34] للهدنة، بل الانخراط في المشروع الثقافي- التعليمي، البورقيبي- المِسْعْدِي، للدولة الوطنية. ولم يكن الابن، وريثه الإِبِسْتِمِي (محمد الفاضل بن عاشور)  « حادّا » في صراع العائلة الضّميري (=الهُوَوِي)، إذ لم يدّخر ابنا واحدا من أبنائه للمؤسسة الزيتونية والفكر الديني.

        وقياسًا على ذلك، لم يكن الكتاب الأبيض الائتلاف المدني، المتقمص للكتاب الأبيض لمحمد الطاهر بن عاشور، ليطرح مشروع إصلاح حقيقي، تاريخي، عيني، لأنه لم يقم على تمثُّلِ مَطَالب المحْرُوميَّة: الطَّبَقية، والجُنوسية، والجهوية، وعلى تمثُّلِ ضرورات القطيعة الإبِسْتِمُولوجية مع ثقافة مركزية في العالمية الإسلامية، الأولى، قمعت «الهامشيَّ» في دائرتها الإسلامية، وألغتْ التعددي والعَدَاليّ والعِرفاني والسَّعَاديّ.

        خلاصة:

        لقد اكتشفنا أن النواة الإِبِسْتِمِيّة لمشروع الائتلاف المدني للإصلاح المدرسي مشروع لا ينتمي إلى «الثورة» و«العقلانية» النقدية الإسلامية و«خِبْرات شعوبنا «الإسلامية» وخاصة شعبنا (الثورة الدوناتية، أبو مدين الغوث، أبو الحسن الشاذلي، الشيخ التِّجاني علي بن غذاهم) في «العدالة والمساواة» بين الشعوب وبين الطبقات والجنسيْن والتجربة الديمقراطية، وهي مِن المفترض أن تكون المقولات الأساسية أي مشروع إصلاح مدرسي فهو – بعديد القرائن، منحاز إلى الثقافة التسلطية، الإلغائية، التفاوتية بتاريخنا الإسلامي، معيدًا لإنتاج «الكتاب الأبيض» لمحمد الطاهر بن عاشور، الذي كان في كل أطروحته الفكرية منحازا إلى تلك الثقافة التسلطية- التمايزية، غير الشعبية. فـ«الهوية» التي يؤكدها مشروع الائتلاف المدني هي «هوية» الثقافة التسلطية بالعالمية الإسلامية الأولى و«كونيّتها» الإلغائية، بعيدًا عن كل «ثورة» هووية، أي ثورة منحازة إلى التغييلا الجذري في العلاقات العالمية، والعلاقات داخل المجتمع الشامل: نسيجًا طبقيا، بناءًا جهويّا، وعلاقاتٍ جُنوسيةً… و«هوية» كهذه لن تستطيع المساهمة في صنع حركة اجتماعية مَدْرسية في السياق التحليليّ لآلان توران.

[1] هناك فوارق كبيرة بين «المعارضة» و«الاعتراض» و«المخالفة السياسية». راجع: بالكَحْلة (عادل)، «المقاومة المدنية ومفهوم المعارَضة»، مجلة كتابات معاصرة، بيروت، أكتوبر 2018.

[2] فاركولوف (نورمان)، تحليل الخطاب: التحليل النصّي في البحث الاجتماعي، ترجمة طلال وهبة، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009، ص 18.

[3] و 3 م. س، ص 33.

[4] « التناصَح» Hmogênety, Homogénéité هو عدم وجود نتوءات وتناقضات داخل الحقل الواحد، أما «التجانس» هو الاشتراك في الجنس، وهما معنيان متباعِدان.

[5] Foucault (….), Archéologie de savoir, Gallimard, Paris, 1969, P. 250

[6]  http://www.tunisia.nat.com, 16/08/2016.

[7]  Wikipedia, «Livre  Blanc».

[8] الجليدي (مصَدَّق)، «في استراتيجية الإصلاح التربوي أيّهما نختار: المداخل أم المبادئ؟»، www.lesemeurs.tn/Article.aspx?ID=2912

[9] Kuhn (Thomas), La structure des révolutions scientifiques, Flammarion, Paris, 2008, P. 286.

[10] الجليدي (مصدّق)، م. م، ص 1.

[11] م. م، ص 2.

[12] الجليدي (مصدّق)، م. م، ص 3.

[13] ابن خلدون، المقدمة، سِيلْدَار للنشر، تونس، 2000، ص150 و151.

[14] بالكَحْلة (عادل)، «التثاقف الاسكندنافي- العربي: الحوافز التاريخية»، ضمن بالكحلة (عادل) [إشرافًا]، منوال التّنمية الاسكندنافي وآفاق التّعاون في السّياق الثّوري التونسي، دار شامة، تونس، 2019، ص10.

[15] م. س، ص 147.

[16] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، دار الكتب العلمية، بيروت، 1407هـ، ج 1، ص598،.

[17] بالكحلة (عادل)، «الحالة التدينية لذوي الأصول الحنفية في تونس»، ضمن: الحالة الدينية في تونس (2011-2015)، المجلد 3، مؤمنون بلا حدود، الرباط/بيروت/تونس، 2018، ص108 و109…

[18] بالكحلة (عادل)، «التمثلات والممارسات في المشروع العمالي لإفريقيا الشرقية»، ضمن: بن عاشور (توفيق) [إشرافًا]، صورة الآخر في الثقافة العربية الإسلامية، وحدة البحث: حوار الثقافات، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، تونس 2011.

[19] الحليدي (مصدق)، م. م، ص 3.

[20] من أهم الدراسات العلمية في دولة الزنج: عُلبي (أحمد)، ثورة الزّنج وقائدها علي بن محمد، دار الفارابي، بيروت، ومن أهمها في دولة القرامطة: زكَّار (سهيل)، أخبار القرامطة [تحقيقا]، دار الكوني، الرياض، 1987.

[21] بالكحلة (عادل)، الملّة السّلفيّة: التّحوّلات والتّحالفات (دراسة في علم اجتماع المعرفة)، دار شامة، تونس، 2019، من ص124 إلى ص125، ومن ص61 إلى ص64.

[22] ابن مَمَاتي، الفاشوش في حكم قراقوش، دار الجمل، كولونيا، 2004.

[23] الجليدي (مصدق)، م. م، ص 13.

[24] أبو زيد (حامد)، الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجيا الوسطية، المركز الثقافي العربي/مؤمنون بلا حدود، الرباط، 2014، ص 190.

[25] الحليدي (مصدق)، م. م، ص 13.

[26] الجليدي (مصدق)، م.س، ص 15.

[27] م. س.

[28] انظر بيداغوجيا «في استراتيجية الإصلاح التربوي(…)».

[29] سنعتمد في قراءتنا هذه لنشرة الشركة التونسية للتوزيع، تونس.

[30] راجع: بالكَحْلَة (عادل)، الملّة السلفية، م. م، من ص 138 إلى ص 145.

[31] … أنظر شهادة طلاب زيتونيين يوسفيين، المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، منوبة، 6/5/2004.

[32] المحجوبي (علي) وضاهر (مسعود)، النهضة وتفاعلاتها في العالم العربي واليابان، بيت الحكمة، تونس، 2001.

[33] في عقْدِ الأشعريِّ وفقهِ مالِك وطريقةِ الجنيدِ السالِكِ.

[34] يَحْمَد (هادي)، «في الذكرى الثلاثين لوفاة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: كيف نجح بورقيبة في احتوائه؟»، حقائق، تونس من 26/10 إلى 01/11/2000.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023