“إذا جن ّربعك عقلك ما بنفعك”…بقلم د. أنور العقرباوي

“إذا جن ّربعك عقلك ما بنفعك”…بقلم د. أنور العقرباوي

صبيحة إعلان نتائج الإنتخابات الأمريكية التي توج فيها، ترامب الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة، ذكرنا يومها أن ثورة شعبية قد حصلت، بعد عقود تناوب على السلطة فيها الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، حين تمكن على خلاف كل الإستطلاعات، رغم ضحالته السياسية ومحدودية قدراته العقلية وفضائحه الأخلاقية اللامتناهية، أن يقلب كل التوقعات رأسا على عقب، حتى تكون الضحكة الأخيرة من نصيبه وعائلته والمقربين منه وبطانته من العنصريين البيض!

كان من الطبيعي أن الخطوة الأولى بعد نجاحه في الإنتخابات، هو البدء في تشكيل طاقمه الحاكم الجديد، التي ما لبثت الوقائع أن أكدت عن محدودية قدراته على استكمالها، عندما تبين أن معياره في اختيار أفراد طاقمه الجديد، ينحصر في أولئك اللذين يدينون له بالولاء الكامل، بغض النظر عن تخصصاتهم أو مهنيتهم!

التقط الجمهوريون اللذين فاجأهم مثل القاطبة من غيرهم، فرصة فوز من دخل السباق على تذكرتهم، وهو الذي لا يفقه شيئا من أدبياتهم غير فوقية الجنس الأبيض، لكن ذلك لم يمنعهم مع مرور الزمن من استغلاله مطية، يمررون من خلاله أجنداتهم، بعدما تبين لهم بأنه رجل استعراضات ويستغل منصبه العام، من أجل تحقيق مكاسب شخصية، خاصة عندما تأكد أنه لا يعير أي إهتمام لأصوات الخبراء والمختصين في إدارته، التي أدت بعد خروج البلاد من كل أزمة، حتى ما تلبث الدخول في أزمة أخرى، التي مهدت لاحقا إلى وصول المسيحية الصهيونية، إلى مراكز متقدمة في الحكم، لا يخفى على أحد أن وزير الخارجية، جورج بومبيو إضافة إلى نائب الرئيس مايك بنس، أنهم يمثلون أهم أقطابها، مع كل ما يعنيه ذلك من جنوح الإدارة الآن، في الرضوخ إلى أجنداتهم التي يدعمها التيار الشعبوي والأيديولوجي، حتى يتسنى له الفوز بدورة رئاسية ثانية!

في حوار تلفزيوني معه ذات مرة قريبة، قال بومبيو “نحن نكذب ونخدع ونسرق وهذا جزء من المجد الأمريكي”، الذي يقودنا إلى المثل الشعبي الذي يقول “إذا جن ربعك عقلك ما ينفعك”، الذي على الرغم منه، لم نأخذ العبرة من الملك، عندما ألح على وزيره، أن يغدق عليه بكأس من نهر الجنون، حتى لا يقال عنه أنه العاقل في دنيا المجانين، حتى نقتفي أثره ونحن نبرر لأنفسنا وللعالم من حولنا سر ضياعنا وتخبطنا، أو أن تستيقظ الهمم والكرامة فينا كما فعلها الأمريكيون، حينما ثاروا على واقعهم المزري والمرير، حتى عندما انتهى بهم الأمر إلى أجوف فكري، عل وعسى أن يغير القدير حالنا بأفضل منه!

 

فلسطيني واشنطن

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023