إيران والتشيّع عاملا قوة للأمة الاسلامية وليس العكس…بقلم محمد الرصافي المقداد

إيران والتشيّع عاملا قوة للأمة الاسلامية وليس العكس…بقلم محمد الرصافي المقداد

تتعالى اصوات ناشزة بين الفينة والأخرى، كروبوتات معدّلة على أوقات معينة، ليس لها فيها أن تتأخر عنها أو أن تتقدم فيها، منادية بأوهام صنعتها ماكينة الصهيونية والاستكبار العالميين، من أعداء الوطن والدين، خيّرت بمحض إرادتها، خدمة أجندات خارجية، لم تعد خافية على أحد منذ أن تعرّت، وعوض أن ينتبه هؤلاء، الذين اصبحوا معروفين بشطحاتهم ضد التشيع وايران الاسلاميين، الى معالجة مشاكل ومشاغل البلاد الحقيقية، التي تحتاج الى علاج جذريّ وناجع، كتفاقم البطالة المخيف بين الشباب، وتراكم المديونية على كاهل مواردنا الاقتصادية، واهتراء البنية التحتية لمدننا، وعدم استكمال مسار العدالة الانتقالية للثورة، واعادة النظر في الاتفاقيات القديمة المبرمة مع فرنسا الاستعمارية، والنهوض بالجهات المهمشة اقتصاديا، وحلحلة جمود مشاريع التنمية، والعمل على إحياء اتفاقيات التعاون بين الاشقاء العرب والمسلمين، لا يجد عملاء اعداء ايران والتشيع طريقا يسلكونه بعد هذا، غير اثارة اوهام لا اساس لها من الصحة، تكشف حقيقة هؤلاء الذين يتصايحون كل مرة، أن ليس لهم همّ وطنيّ يلهيهم عن دعاياتهم الباطلة، ويغنيهم عن الخوض في ترهات عاطلة، ثبت بالأدلة التي تقطع الشك، بانها اصوات مدفوعة الثمن، قد ذهب عن وجوه اصحابها ماء الحياء، فلم يعد يثنيهم شيء عن تكرار إفك اختلقوه، أو كذب افتروه، ارضاء لمن له مصلحة ادخال البلبلة، في أوساط شعب له من الوعي والفهم، ما يمنع عنه غباء ما يأمله فيهم مروجو هذه الدعايات حتى يصدّقها، وأعتقد أن الدولة في عهدها السابق والحالي، مدركة تماما بما لديها من معلومات دقيقة، ان ما راج ويعاد تكراره من بهتان على ايران والتشيع هو محض افتراء، وانخراط متعمّد وتخندق صريح في جبهة اعدائهما، وهذا منتهى الخزي والعار لمن يعي تموقعه فيها بينهم، وهو منهم وإن إدّعى خلاف ذلك.

هؤلاء أمثال أحمد بن حسانة وخميس الماجري ورضا الجوادي وبشير بن حسن، ومن لفّ لفهم من أدعياء القانون والعلم والمشيخة، كانوا ولا يزالون في تموقعهم، حربا على التشيع كمذهب، وعلى ايران كنظام اسلاميين، لا يتركون فرصة تتاح لهم، دون أن يكيلوا ما أمكنهم من إرضاء رعاتهم، بلا ورع ولا خشية منهم تردعهم، عن اقتراف ما جنوه بحق واجهة اسلامية أصيلة، وخيار شعب هب في ثورة اسلامية عارمة، بقيادة عالم فقيه ملهم، وقال بأغلبية ساحقة نعم لنظام ولاية الفقيه الاسلامية، فإن كانوا فقدوا بوصلة تمييز تعدد التيّارات الاسلامية، وتنوّع مدارسها، فليخجلوا من أنفسهم، ويحترموا خيارات شعب عريق، متفان في حب الاسلام وخدمته منذ أن آمن به، اخبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ ما يزيد عن 14 قرنا، بأن الإيمان سيناله رجال من وقوم سلمان.

راشد الخياري أقلّ هؤلاء شأنا، لكنه أخبث بطانة، فقد ذهب في عدائه أبعد منهم، بتجنيده من طرف جهة خليجية معروفة، خدمة للتوجّه الذي دخلت به حركة النهضة في التصدّي للتشيع، كما كانت لوّحت بذلك في أيام محنتها، ولم تسقط ذلك من حساباتها، لكنها لم تشأ أن تظهر به علنا، لأنه لا يخدمها فيما ادّعته من تسامح، فظهر من ضارب دفّ في المناسبات، الى صاحب صحيفة التكرونية ( الصّدى نت)  قد كان كتب مرارا مشنّعا، ومسيئا للتشيع كمذهب اسلامي، اجزم أنه لا يعلم عنه شيئا، لا من جهة مستواه العلمي ولا الثقافي، فقد كان آخر تهجّم له على صفحته وصحيفته، تحت عنوان:

“إيران تنشر التشيّع في الجهات الداخلية و تهدّد بتحويل تونس لعراق جديد، أبرز أدواتها جمعيّة (الرابطة التونسية للتسامح) و (فلسطين)”

(يتواصل في تونس و بنسق حثيث النشاط الإيراني في شكل شبه سريّ و بغطاء سياسي جلي للباحث في عمق الظاهرة، تونس وفق خبراء مهددة بأن تتحول اليمن أو سوريا أو عراق جديد في ظرف سنوات قليلة إذا لم تقف الدولة و جهابذة البلاد لإنقاذ الأجيال القادمة من نزيف خانق قادم، يقول أحد شباب الثورة اليمنية: ظللنا سنوات نحذر الدولة و على رأسها المخلوع من ترك إيران تنشر التشيع في محافظة صعدة اليمنية، اليوم كلنا ندفع الثمن اليوم اليمن أصبحت خراب بعد أن دمرتها إيران) (*)

هذا منتهى ما تصول إليه الخياري اذ ليس لديه أكبر من هذه الدّعاوى الملفّقة، وهو بذلك قد وضع بنفسه وسام فخار على صدر الرابطة التونسية للتسامح، التي لم تتأسس على مذهبية ضيقة، وإنما تكونت من خليط فكري مختلف، التقى مع بعضه لقاء رجال صدقوا، من أجل خدمة قضايا الأمة المصيرية، وعلى رأسها قضية فلسطين، التي اصبحت مستهدفة بالتفويت والخذلان من طرف اقرب أهلها.

اعداء ايران وغرماء التشيع، فوضويون وحمقى الى ابعد حد، بدأ من الرئيس الامريكي في هذا العصر، والكيان الصهيوني الغاصب، وانتهاء بآخر سلسة المناوئين الموغلة في التاريخ، والتي لم تنجح في كبح جماح نشر هذا الفكر الاسلامي الأصيل، بكل الطرق والوسائل التي استخدمت من طرفهم، ومنها الابادة الطائفية والقتل الجماعي، وحرق الكتب والمكتبات، والتعاون مع اعداء الاسلام على ضرب مقومات التشيع في مواقعه، كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وباكستان وافغانستان وإيران، وشرف للتشيّع والشيعة أن يواجهوا خليطا من الاعداء والمغرضين، ممن باعوا أنفسهم للشيطان الأكبر وشياطينه الصغار.

فزاعة الخوف من الشيعة وايران قد حان وقت افول طلعتها وسقوط نجمها، وذهاب فتنتها فليس بعد الحق الا الضلال، والمعتدى عليهم بالإثم والعدوان والبهتان، أثبتوا الادلّة القاطعة أصالتهم وصدقهم وثباتهم على مبادئهم، بجليل تضحياتهم من أجل الاسلام العظيم، الذي ينبذ الطائفية، ويجمع تحت قبّته جميع أطيافه دون استثناء، ولو كان لإيران نوايا مذهبية ضيقة، من دعوة الى نشر التشيع، لما فاتها أن تقوم بذلك في محافظاتها السنية شرقا (حنفية بلوشستان سيستان)، وغربا ( شافعية كردستان)، ولما وقفت الى جانب إخوانها من مسلمي في البوسنة السنّة، في مواجهتهم التطهير العرقي الصربي اثناء حرب البلقان، ولما دعمت ولا تزال أهلنا في غزة العزة والكرامة، في مواجهة العدوان الصهيوني المتكرر على أهلها، ولما وقفت متضامنة مع اخوتنا في اليمن، من أجل استكمال خيار الشعب اليمني الثوري، وثورتهم قرآنية إسلامية وليست مذهبية كما يتّهمها عملاء الاستكبار والصهيونية، ولما وقفت الى جانب الشعبين العراقي والسوري مدافعة عنهما، ومحبطة مؤامرة كبرى من الارهاب التكفيري، الذي غزاهما من جنوب تركيا بدعم غربي وتآمر دولي مفضوح.

ورغم كل التجاهل والمكابرة التي لقيتها ايران الإسلامية من أشقائها في الدين، ستبقى – كما أهّلها الوعد الالهي – منارة حق وجبهة صدق، مدافعة عن حظوظ الإمة الاسلامية، وقضاياها المصيرية العادلة، ولن تتخلف عن ذلك ولو بقيت وحدها، ولو لم تكن ايران صاحبة مبدأ وثابتة عليه، لاستهوتها إغراءات اعدائها، ولتخلّت عن قضية فلسطين، بفعل قوة الضغوط والعقوبات، ولو فعلت ذلك لأطلقت امريكا والغرب يدها على المنطقة، ولما تجرأ احد على اتهامها بشيء، يغضب تلك القوى المتحكمة الى حد اليوم في عالمنا بالظلم وتزييف الحقائق، ولن يضر ايران والتشيع شيء من هوش المتآمرين عليها، فهي بعين الله تنمو، وبفضله تستمر في عطائها الحضاري، هذا مستقبل ايران الذي ربطه شعبها بالإسلام تحت قيادة حكيمة، رباط قناعة تامة ووثاقة عزّ، عُرف به قوم سلمان المحمدي، فليجمع سحرة أعدائها ما يجمعون، وليلقوا ما هم ملقون من إفك، فإن العاقبة للذين آمنوا وكانوا يتّقون.

(*)

https://essada.net/%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84-%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%89-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D8%B5%D9%91%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B1%D8%A9.html

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023