“ارامكو” .. ضربة إستراتيجية وأكثر من صفعة… بقلم المهندس ميشيل كلاغاصي

“ارامكو” .. ضربة إستراتيجية وأكثر من صفعة… بقلم المهندس ميشيل كلاغاصي

لم يعد الحديث يقتصر على قدرة اليمن على الصمود في وجه الحرب الهمجية التي يشنها نظام اّل سعود ومن لف لفه في الخليج , بل أصبح الحديث عن قدرة النظام السعودي وتحالفه الخليجي على تحمّل الضربات النوعية الموجعة, وعن عناده قبيل إستسلامه وإعلانه الهزيمة الكاملة … فقد أظهرت القوات المسلحة واللجان الشعبية اليمنية قدراتٍ عسكرية مذهلة, وعزيمةٍ جبارة قادرة على الذهاب بعيدا ًعلى طريق الإنتصار , وإنهاء غطرسة وإجرام ورياح عواصف “الحزم والأمل” السعودية, وربما للذهاب نحو الإطاحة بحكم اّل سعود…

فالضربات الموجعة التي تلقاها النظام السعودي في بقيق واّرامكو, هي نتيجة طبيعية للتطور النوعي في أداء وأدوات وأساليب المقاومة اليمنية, ورد مباشر على استمرار العدوان الهمجي على مساجد ومدارس وشوارع وبيوت وحياة اليمنيين … ولمن يراها أشبه بالمعجزات, فقد يكون القادم أفظع وأشد إيلاما ً, كما أعلنها صراحةً المتحدث بإسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع.

ومع غيابٍ كلي لفعالية أنظمة الدفاع الإعتراضية السعودية (الأمريكية), ومع دقة العمليات الإستخبارية واّلية الرصد اليمني , يحق للصواريخ والمسيرات اليمنية أن تتبختر فوق حقول النفط في السعودية , ومحطة الطاقة النووية – قيد الإنشاء – في الإمارات وفي سماء الرياض وأبو ظبي ودبي أيضا ً..

إن سرعة توجيه الإتهام الأمريكي والبريطاني والسعودي للدولة الإيرانية, والروايات والمسرحيات التلفزيونية للمتحدث بإسم التحالف السعودي الإماراتي تركي المالكي وتأكيده أن الهجوم على منشأتي النفط السعوديتين قد “شُن بأسلحة إيرانية ولم ينطلق من اليمن”, لا يعدو أكثر من تسييسٍ أعمى لرفع مستوى التصعيد والتوتير في المنطقة, والذي لن يشكل بطبيعة الحال مادةً جادة لتحفيز الأمريكيين على شن الحرب أو لتوجيه بعض الضربات في الداخل الإيراني.

وقد بدا هذا واضحا ً رغم سرعة وصول الوزير بومبيو إلى جدة بأجندةٍ خاوية, وبعدة تصريحاتٍ متناقضة للرئيس ترامب, وبمؤتمرٍ هزيل للبنتاغون … وقد ينتهي كل شيء مع إعلان الرئيس ترامب فرض عقوباتٍ جديدة على البنك المركزي الإيراني, وهذا بمجمله لا يصب في خانة حماية المملكة أكثر مما يصب في خانة إستراتيجية الضياع والإرتباك الأمريكي في المنطقة والعالم , على وقع الهزائم في سوريا ولبنان والعراق واليمن وبالتأكيد أمام إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية وفنزويلا…

يبدو أن استهداف اّرامكو, أحرج الأمريكيين أكثر مما أقلقهم على منشاّت وسمعة وسيادة النظام السعودي , فقد كشف عجز أنظمة الدفاع الأمريكية عن كشف تحليق المسيرات والصواريخ اليمنية … في الوقت الذي أكد فيه الرئيس الروسي في المؤتمر الصحفي بعد قمة أنقرة الإسبوع الماضي بحضور الرئيسين أردوغان وروحاني , استعداد بلاده لبيع المملكة أنظمة الـ S-300, كما فعل وقدم للرئيس أردوغان أحدث الأنظمة المضادة للطائرات عبر منظومة الـ S-400, وحديثه الواثق عن قدرتها على توفير الحماية الحقيقية.

إن خشية الولايات المتحدة من تداعيات ما حصل على سمعة ومبيعات أسلحتها, يدفعها للضغط على ولي العهد السعودي للسير بعكس التيار والسعي لشراء منظوماتٍ أمريكية جديدة بأسمائها البراقة والشكوك حيال فعاليتها وجدواها أمام التطور النوعي لأسلحة الردع الهجومية اليمنية, دون أن يدرك كم سيتلقى من الضربات لحين وصولها وتشغيلها, ناهيك عن أثمانها الباهظة, خصوصا ً مع ظروف التقشف وبوادر العوز الذي تواجهه المملكة نتيجة عمليات الحلابة الأمريكية المستمرة, وتمويل مخططات ومعارك الغرب في العالم والمنطقة.

تبدو المملكة بحالٍ لا تحسد عليه, خصوصا ً بعدما حشرها الأمريكيون وبعض الأوروبيين بضرورة إنهاء تحقيقاتها والإعلان عن نتائجها وتأكيد مصدر الهجمات والإستهداف … وتجد المملكة نفسها أمام خيارات صعبة ومرّة , فإما أن تؤكد إتهام إيران وتتحمل مسؤولية الرد بنفسها, مع وضوح الرؤية والسلة الفارغة التي جنتها من زيارة بومبيو وعزوف ترامب وعجزه عن شن الحرب على إيران, أو أن تؤكد بيان العميد يحيى سريع وتعترف بصفعة القوات والمقاومة اليمنية والتي تحتفظ دائما ً بشرعية دفاعها عن سيادة اليمن وحماية مواطنيه من العدوان الاّتي من خارج الحدود ….

وربما يكون من المستحسن أن تُنهي المملكة تحقيقاتها, وتقيّد الهجوم ضد مجهول لتحافظ ما أمكن على ماء وجهها وتكتفي بالمزيد من سخط العالم , وبإسدال الستار على إكذوبة أن السعوديين هم ضحايا وليسوا معتدين … وهناك ثمة خيارٌ رابع أطلقه اليوم سماحة السيد حسن نصر الله ومن باب النصيحة, بأنه على المملكة أن “توفر مالها وتحمي منشاّتها” وتنهي عواصفها الهوجاء, “بإعلانها وقف الحرب على اليمن”, و”فسح المجال أمام الحوار اليمني – اليمني” , الذي سينجح دونما شك بعيدا ًعن أصوات النشاذ السعودية والإماراتية والهمس الإسرائيلي.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023