اسطنبول تأمر برحيل أردوغان…بقلم: عارف العلي

اسطنبول تأمر برحيل أردوغان…بقلم: عارف العلي

قمة الغطرسة والتعالي والفوقية ونكران الجميل وتصفية الخصوم بدم بارد وبأساليب أقل ما يقال فيها إنها قذرة والحنين إلى السلوك الفاشي الذي تبين أن رجب أردوغان لا يغازله فقط بل يدغدغ مكامنه لدى مريديه من الإخونجية.. هذه بعض من صفات المدعو أردوغان الذي أصرَّ على تصديق أكاذيبه وأضغاث أحلامه ولم يعد رأسه يحمله حتى تضخمت شخصيته بعد أن أصبح رئيس أكبر أحزاب تركيا «العدالة والتنمية» ثم رئيس وزرائها ثم رئيساً لها.
الأخطر مما تقدم أن عنجهية «السلطان» وتعاليه دفعاه ليكون أكثر من منظّرٍ وواعظٍ ومسدٍ للنصائح ليس لرفاق دربه وزملائه بالعمل السياسي وإنما لرؤساء الدول، وليست بطريقة النقد البناء وإنما النقد الذي يراد به الإثارة والهدم والتدخل في شؤون جيرانه.. حتى لم تعد تطيقه اسطنبول المدينة التي احتضنته بالأمس عندما كان بائع بطيخ ومؤذناً في مساجدها.. لتنتفض عليه وتلتهمه بعد أن تطاول على كبريائها ولم يحترم خياراتها باختيار من يمثلها.
الناخب الذي أعطى أردوغان صوته كل تلك السنوات ونزل إلى شوارع المدينة على أثر الانقلاب المفتعل «2016» على مبدأ «الراعي الكذاب».. هو من اكتشفه وهو ذاته الذي انتفض عليه وأرداه من الجولة الأولى صريعاً.. لكن كبرياء «الخليفة» أعماه لتأتي الضربة الثانية ثابتة وقاضية.
هذه الفرس التي امتطاها منذ 1994 لحصد السباقات.. صنعته ولمّعته حتى صار ما صار، هي اليوم تنتفض عليه وتنتصر لتركيا، بعد أن زج 55 ألفاً من كبار ضباطها وقضاتها وصحفييها ومدرسيها في غياهب سجونها، وسرح 160 ألفاً آخرين من وظائفهم وحوّلهم إلى شحاذين على أرصفتها.
إذاً اسطنبول أسمعته رأيها وقالت كلمتها فيه وحطمت غروره وكبرياءه «الخلبي» وأصرت على إيصال الرسالة في المرة الثانية التي أرادها إعادة اعتبار فكانت الضربة القاضية، فمرشحه وحصانه الأسود بن علي يلدريم ذو السجل العريق في حزب العدالة والتنمية خسر في الدورة الأولى بفارق 13 ألف صوت أمام أوغلو، بينما في الإعادة كان الفرق 700 ألف صوت رغم تدخل رئيس الدولة «أردوغان» بالانتخابات الذي من المفترض أن يكون على مسافة واحدة من جميع المرشحين..
نعم, الكرت الأحمر جاء هذه المرة من اسطنبول ذات الـ 16 مليوناً التي قال فيها بالأمس ورفعه شعاراً «من ترضى عليه اسطنبول ويفوز بودها يحكم تركيا».. إذا اسطنبول «خلعته» وعليه أن يلملم أوراقه ويستعد للرحيل.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023