“اكتشاف أجنة مدفونة داخل أصيص فوق سطح عيادة طبية: “حادثة فظيعة مقترفها طبيب غريب الاطوار”

“اكتشاف أجنة مدفونة داخل أصيص فوق سطح عيادة طبية: “حادثة فظيعة مقترفها طبيب غريب الاطوار”

اعتبر عدد من الحقوقيين وممثلي الجمعيات و المختصين، أن اكتشاف أجنة مدفونة داخل أصيص فوق سطح عيادة طبية بولاية بنزرت وذلك إثر أحداث شغب جدت بعد مباراة رياضية، قام فيها مجموعة من الشبان بإلقاء هذه الأصص على أعوان الأمن لتخرج منها هذه الأجنة بعد تعرضها للكسر ، حادثة فظيعة وصادمة تخرق الأخلاق والقيم الكونية، حسب توصيفهم.

واعتبر الكاتب العام للمجلس الوطني لعمادة الأطباء الدكتور نزار العذاري أن هذه الجريمة “الغريبة والشاذة” تتماهى وتتماثل مع مقترفها الطبيب العام البالغ من العمر 81 سنة “غريب الأطوار” المتورط في خروقات قانونية كبيرة لا علاقة لها بأخلاقيات المهنة ولا حتى بالأخلاق الكونية.

وتساءل العذاري إن كانت مدارك هذا الطبيب المسن الذي لم يقم بتجديد انخراطه في عمادة الأطباء منذ 11 سنة تسمح له بممارسة هذه المهنة الحساسة التي تتطلب إمكانيات ذهنية وعقلية عالية، علما وأنه لا يلتحق بعيادته الخاصة إلا مرات معدودات في الشهر الواحد ، حسب المعطيات التي تحصلت عليها عمادة الأطباء.

واستنكر العذاري بشدة إقدام هذا الطبيب الموقوف حاليا، على القيام بعمليات إجهاض داخل عيادته الخاصة حسب، ما يتم ترجيحه إلى حد الآن، خاصة وأن مثل هذه العمليات لا تقل خطورة عن بقية العمليات الجراحية وأن نسبة فشلها وتعرض صاحباتها لتعكرات صحية خطيرة أثناء القيام بالعملية تصل حد امكانية الوفاة.

ولفت العذاري الى أن العمادة على علم بأن هذا الطبيب اشتغل سابقا خلال سنوات السبعينات أو الثمانينات في التنظيم العائلي بعد أن تلقى تكوينا في الغرض مدته 6 أشهر ، لكن ليس لديها معلومات دقيقة عن تاريخ ممارسته لهذا الاختصاص وعن سنوات خبرته فيه .

و أوضح العذاري أنه خلال سنوات السبعينات والثمانينات وجراء تسجيل نقص في عدد الأطباء المختصين كان يسمح للطبيب العام بممارسة بعض الاختصاصات بما فيها طب النساء و أمراض التوليد بعد اجراء تكوين تطبيقي يمتد على ما يقارب 6 أشهر في هذا الاختصاص مما يمكنهم من مباشرة هذا الاختصاص ولكن بمساعدة 3 من زملائه من الأطباء العامين الذين تلقووا نفس التكوين وتحت اشراف طبيب مختص في التوليد.

وشدد العذاري على أن تمكن هذا الطبيب من هذا الاختصاص لا يشفع له مطلقا ما يكون قد ارتكبه في عيادته الخاصة باعتبار أن عمليات الاجهاض يجب أن تقام حصريا بالمستشفيات و تحت اشراف طاقم من الأطباء المختصين وعلى رأسهم طبيب القلب و التبنيج.

وبين أنه بعد صدور قانون تنظيم المهنة سنة 1993 وقع الاستغناء عن خدمات الأطباء العامين في معاضدة مجهودات الأطباء المختصين في عدد من المجالات بما فيها طب النساء و التوليد.

وأضاف العذاري أن هذا الطبيب قام بتحنيط الأجنة المذكورة في قوارير للاحتفاظ بها لغايات لم يتم الكشف عنها إلى حد الآن ، مستبعدا بشدة أن تكون غاية الطبيب من وراء ذلك التخلص من هذه الأجنة ومداراة سوءته لأنه كان بإمكانه التخلص منها بطرق أبسط وأنجع مثل حرقها أو دفنها.

وبين أن تحنيط هذه الأجنة يفتح الباب لعدة فرضيات “جميعها يمكن أن تكون واردة”، مؤكدا أن الأبحاث و التحقيقات الجارية حاليا قد تكشف عن تفاصيل و تطورات في هذه القضية يمكن أن لا تخطر في بال أحد .

ولفت إلى أنه من المرجح جدا أن يكون عمر هذه الأجنة قد تجاوز 12 أسبوعا، حسب بعض الصور التي وقع تداولها ، وفي انتظار أن يثبت الطب الشرعي ذلك فانه من الجدير التذكير بأن القانون التونسي لا يسمح باجهاض الأجنة التي فاق عمرها 3 أشهر الا في بعض الاستثناءات .

وقال العذاري إن عديد الأسئلة المحيرة في هذه الحادثة بقيت الى حد الان دون إجابة ، فهل هذه الأجنة حديثة الاجهاض أم أنها تعود الى سنوات السبعينات و الثمانينات ؟ هل أن عيادة الطبيب هي مسرح الجريمة ؟ أم أن هذه العمليات أجريت في مكان آخر؟ هل أن هذا الطبيب هو من قام بإجهاض وتحنيط هذه الأجنة أم هناك متورطون آخرون ؟

وأفاد العذاري أن الطبيب المتورط في هذه القضية صاحب سوابق عدلية اذ وقع الزج به سابقا في السجن في قضية تتمثل في وصف نوع من الدواء للمرضى دون احترام المعايير و الضوابط اللازمة في استعماله.

ومن جهتها اعتبرت مجموعة توحيدة بن الشيخ على لسان رئيستها هادية بلحاج أن هذا الحادث غير مقبول ويكشف عن عدد النساء في تونس اللواتي لا يعرفن كيفية التعامل مع الحمل غير المرغوب فيه على النحو السليم مما يجعلهن عرضة للمخاطر ، سواء كن متزوجات او عازبات.

واعتبرت أن هذه الوضعية ترجع إلى نقص الوعي والحواجز التي تحول دون الحصول على خدمات منع الحمل والاجهاض ورفض بعض المرافق الصحية العامة تقديم خدمات الاجهاض التي يسمح بها القانون في تونس.

ولفتت الى أن النساء غير المتزوجات يواجهن أكبر عدد من العوائق التي تحول دون الوصول إلى هذه الخدمات، حيث تظهر البيانات العالمية أنه مع تزايد الحواجز أمام الوصول إلى خدمات الاجهاض تلجأ النساء إلى إجراءات تهدد حياتهن.

وشددت على أن مجموعة توحيدة بن شيخ حذرت مرارا وتكرارا، من خلال الدراسات والبيانات الصحفية والمنشورات، من خطر الحواجز التي تحول دون الوصول إلى وسائل منع الحمل والاجهاض الامن في مؤسسات الصحة العمومية.

ونصحت النساء والفتيات الراغبات في التخلص من الحمل غير المرغوب فيه بطريقة طبية آمنة عبر التوجه الى مراكز ديوان الأسرة والعمران البشري الذي سيمدهم بأدوية في شكل أقراص مخصصة لإيقاف الحمل في غضون بضع ساعات، مشيرة الى أن هذه الطريقة ناجعة و آمنة بالنسبة للحمل الذي لم يتجاوز 8 أسابيع، أو حتى أكثر، حسب آخر الدراسات العلمية التي تم انجازها .

ودعت إلى ضرورة تعزيز دور ديوان الأسرة و العمران البشري من أجل الالغاء النهائي لهذه الحواجز التي تحول دون الحصول عل وسائل منع الحمل والاجهاض الآمن والسماح لجميع النساء المتزوجات أو غير المتزوجات والشباب بالحصول على هذه الخدمات .

وطالبت المؤسسات غير الحكومية والجمعيات والشركاء في قطاع التعليم إلى تعزيز نشر المعلومات عن الصحة الجنسية والانجابية، بما في ذلك الاجهاض.

ومن جهتها أكدت أستاذة القانون العام حفيظة شقير فظاعة التهم المنسوبة للمتهم ، مشددة في الوقت ذاته على أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته.

ولفتت شقير الى أن الاجهاض في تونس مسموح به قانونيا ولكن بشروط معينة يحددها الفصل 214 من المجلة الجزائية .

وينص هذا الفصل على أنه “يرخص في إبطال الحمل خلال الثلاثة أشهر الأولى منه من طرف طبيب مباشر لمهنته بصفة قانونية في مؤسسة استشفائية أو صحية أو في مصحة مرخص فيه، كما يرخص فيه بعد ثلاثة أشهر ان خشي من أن مواصلة الحمل يتسبب في انهيار صحة الأم أو توازنها العصبي أو كان يتوقع أن يصاب الوليد بمرض أو آفة خطيرة”، وفي هذه الحالة يجب أن يتم ذلك في مؤسسة صحية مرخص لها.

وينص القانون على أن “كل من تولى أو حاول أن يتولى إسقاط حمل ظاهر أو محتمل بواسطة أطعمة او مشروبات أو بأية وسيلة أخرى سواء أكان ذلك برضاء الحامل او دونه يعاقب بخمسة أعوام سجنا و بخطية قدرها 10 ألاف دينار أو باحدى العقوبتين.”

ووضع الفصل 214 من المجلة الجزائية عقوبات للأم التي تعمد إلى إسقاط حملها ولكل من يساعدها على ذلك ويقع التشديد في العقوبة في شأن الغير إلى عشرة أعوام إذا كان طبيبا أو جراحا.
وجدير بالذكر الى أن مسألة الاجهاض وان كانت محل خلاف بين أهل علماء الدين قديما وحديثا، فمنهم من حرمه في المطلق و منه من أجازه بضوابط تتعلق بعمر الجنين ومنه من أجازه عندما تكون الغاية منه حماية الأم أو الوليد من ضرر يعرض صحتهما للخطر.

وقد نص قرار هيئة كبار علماء الدين رقم (140) الصادر في الدورة التاسعة والعشرين على أنه لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً.
ونص القرار على أنه إذا كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر متوقع جاز إسقاطه، أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز.

The post “اكتشاف أجنة مدفونة داخل أصيص فوق سطح عيادة طبية: “حادثة فظيعة مقترفها طبيب غريب الاطوار” first appeared on المصدر تونس.

 

  

​  

​  

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023