الأردن إلى أين!!؟؟؟…بقلم د. أنور العقرباوي*

الأردن إلى أين!!؟؟؟…بقلم د. أنور العقرباوي*

سؤال طالما راود الكثيرين على مر حقبات من تاريخ الأردن، إلا أنه اليوم يكتسب أهميته الخاصة، على ضوء الأحداث الأخيرة التي تدور فيه، وما قد يترتب على أثرها مستقبلا من مضاعفات، التي سرعان ما شحنت فينا الذاكرة، كي نستعيد الجملة المشهورة التي طالما كان، المرحوم نهاد قلعي (حسني البورظان) يرددها في مسلسل “صح النوم”، والتي تقول “إذا أردت أن تعرف ما يحصل في إيطاليا عليك أن تعرف ماذا يحصل في البرازيل”، وإن كنا ندرك ما كان يجول في عقله ويهدف إليه، إلا أننا اليوم وبفضل ثورة الإتصالات ومحركات البحث، فقد أصبح الوقوف على الحقيقة، ولو أضفنا إلى ذلك ماهو الأهم منها، ونعني به الإحساس العام السليم “Common Sense”، فربما أننا لسنا بحاجة اليوم إلى الغمز واللمز، حتى نتبين عما نحن بصدده وفي أي إتجاه نحن ذاهبون!

وإذا كان من الغني التذكير عن الأغراض الوظيفية، التي أنشأ على أساسها النظام الهاشمي في مرحلة ما، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة إنتهاء صلاحيته، طالما أنه هنالك الكثير من المشاريع التي تنتظر دوره فيها، والتي لا تخفى على الكثيرين، ولكننا لسنا هنا بصددها. إلا أن الذي يثير الحيرة والتساؤل، وفي ظل الإنقسام الحاصل سواء داخل العائلة الحاكمة، والأهم منها ذلك الذي امتد إلى داخل المجتمع العشائري القبلي الأردني، هو عن الكيفية التي سوف تنتهي إليه الأمور وتدار فيها البلاد بعد إنقشاع الضباب المصطنع، وإن كنا ندرك أن الكلمة الأخيرة، سوف تكون من نصيب الوصي على النظام الهاشمي، الذي سوف يراعي مصالحه أولا، قبل مصالح أهل البلاد الشرعيين، ولعلنا في هذا الصدد أنه يكفينا، أن نراجع مضمون مكالمة الرئيس الأمريكي بايدن، التي أعرب من خلالها عن “تضامن الولايات المتحدة الأمريكية التام، بقيادة جلالته، وتأييدها لإجراءات وقرارات المملكة للحفاظ على أمنها واستقرارها”، وما تلاها لاحقا في غضون أقل من أربع وعشرون ساعة، الإتصال الهاتفي لوزير خارجيته، بلينكن الذي حسب المتحدث بإسمه “جدّد الوزير التأكيد على التزام الولايات المتحدة بشراكتها الاستراتيجية مع الأردن، وأثنى على الملك عبد الله الثاني لقيادته الثابتة للأردن في تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتقدير الولايات المتحدة بعمق للتعاون الثنائي القوي والصداقة الطويلة الأمد بين بلدينا”، المحادثتان اللتان لا تحتاجان إلى الكثير من جهد عناء، حتى يدرك المواطن الأردني كيف تتقدم المصالح الإستعمارية على مصالح الشعب والبلاد، عندما لم تتطرق إلى الإعلان عن مبادرة للتبرع بالمطاعيم اللازمة على سبيل المثال، في ظل الجائحة التي تحصد يوميا العشرات من أهلنا الطيبيين في الأردن، أو الإشارة إلى المساعدات الإقتصادية الضرورية العاجلة، في مواجهة البطالة والفقر المدقع اللذان يجتاحان البلاد، التي تسببت إلى جانب غيرها، في تفاقم الوضع الحالي وعدم الإستقرار وتهديد شرعية النظام، بعض أن وقف عاجزا عن مواجهتها، والتي استغلها في إخراج مسلسل، يستحق عليه بكل جدارة جائزة الأوسكار بكل خاطر أمريكي!

وعودا على بدء، على ضوء ما أصبح واضحا للعيان، دون أن نذهب إلى البرازيل حتى نعرف ما يحصل في عمان، فلعله من المفيد وبجردة مقتضبة سريعة، التوقف عند بعض المحطات المفصلية، التي واكبت الملك عبدالله الثاني منذ اعتلائه العرش الهاشمي صدفة، حتى ندرك الحاجة الماسة إلى معرفة الأردن إلى أين:

-الملك عبدالله الثاني وعلى خطى والده من قبله، يوالي حسب نزقه إدخال التعديلات على الدستور، التي أفرغته من مضمونه الأصلي الذي أقر عام 1952، في عهد المغفور له بإذنه تعالى، جلالة الملك الراحل طلال، طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه

-الملك عبدالله الثاني ينحي شقيقه الأمير حمزة عن منصبه “الفخري” وليا للعهد، ثم لا يلبث لاحقا في تسمية ولده خلفا له للتربع مستقبلا على العرش

-الملك عبدالله الثاني يثابر على تبديل رؤساء الحكومات والوزراء، ضمن سقف من الميزانية “خرجية” التي يتقاسمونها مع المواطنين، في الوقت الذي يدخل فيه القسم الأكبر من المساعدات والقروض الخارجية، حسابات بنكية تحت أسماء شركات وهمية، في بلاد ما وراء البحار، الذي كشفت عنه وثائق الويكيليكس

-الملك عبدالله الثاني يلفت إنتباه المهتمين، بشغفه وهوسه بالعسكرية، وسرعان ما يوكلون إليه مهمة محاربة “الإرهاب”، في الوقت الذي سمح فيه للكثير من أجهزة المخابرات العالمية، ممارسة نشاطاتها المشبوهة في بلاده

-الملك عبدالله الثاني يلفت أيضا أنظار، الصالونات التي تروج إلى تعزيز “السلام” في الشرق الأوسط، ويحصل على العديد من جوائزها، والتي من ضمنها جائزة “مصباح السلام” الإيطالية، وجائزة “ويستفاليا للسلام” الألمانية، وجائزة “صانع السلام” الأمريكية، وغيرها الكثير التي لا يخفى على الحصيف الغرض منها

-الملك عبدالله الثاني تواجه بلاده الكثير من إنتشار قضايا المحسوبية والنهب والفساد، ورواج الإنحلال الأخلاقي والمخدرات

-الملك عبدالله الثاني تسود في عهده البطالة والعوز والفقر، وحتى البلاء الذي عجز في السيطرة عليه، نتيجة سوء الإدارة وتبخر كل المساعدات

-الملك عبدالله الثاني شخصية فردية بالغة التعقيد والتركيب

-الملك عبدالله الثاني يلجأ إلى إفتعال إنقلاب، متهما الأمير حمزة بالوقوف وراءه، قبل أن يرغمه على توقيعه ورقة، ما لبث بعدها أن اختفت آثاره

-الملك عبدالله الثاني يعول على إقناع شعبه بأنه يحارب الفساد، من خلال ذر الرماد في العيون، من خلال إخضاع حميم روحه، باسم عوضالله للتحقيقات

-الملك عبدالله الثاني أصبح فاقدا للشرعية

الملك عبدالله الثاني في مأزق، لم يشهد العرش الهاشمي في السابق له مثيل، بعد أن تبين للجميع على ضوء الإحساس العام السليم ومصلحة الوطن خاصة، أنه لا مناص أمام الشعب على مختلف منابته ومشاربه، سوى بدء العمل بروح المسؤولية الوطنية القصوى، على إسقاط عبدالله الثاني حتى لو تطلب الأمر العصيان المدني، قبل أن يغرقهم ومعهم البلاد، وإلا فإنه على النقيض منه فسوف يذهب الأردن، إلى أتون فوضى عارمة، التي لا يعلم عواقبها إلا الله لا قدر ولا سمح!

*فلسطيني واشنطن

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023