الأمن القومي الخفي والديبلوماسية السرية وقيادة الدولة من الخارج… بقلم صلاح الداودي 

الأمن القومي الخفي والديبلوماسية السرية وقيادة الدولة من الخارج… بقلم صلاح الداودي 

يوجد سؤال موجه إلى كل من لديه رؤية لتونس الاستراتيجية وتموقعها الاستراتيجي الحر والحتمي والمأمول أو انتقالها الاستراتيجي المستحق، خاصة إذا كانت رؤية ملتزمة بالدولة الوطنية أو بالسياسات الوطنية السيادية هو التالي:

هل يمكن لمن لا يعمل على تجريم التطبيع مع كيان العدو الصهيوني ادعاء انه في خدمة الوطن والشعب وأمين على الدولة والمجتمع؟

 

وبمعنى آخر، هل يمكن حقيقة تعميق صياغة عقيدة وطنية استراتيجية أمنية وعسكرية وديبلوماسية مع دول الجوار وخاصة ليبيا والجزائر ومع دول الإقليم وخاصة سوريا والعراق ومع دول الاقطاب الصاعدة وخاصة روسيا والصين عدا عن علاقاتهما وعلاقتنا بايران وببعض الدول الافريقية وعلى رأسها جنوب أفريقيا ونيجيريا ومالي… وغيرهم والاسيوية والأمريكية الجنوبية وعلى رأسها فنزويلا وكوبا ونيكارغوا والبرازيل وغيرهم… دون تحديد سياسة سيادة أو ديبلوماسية مستقبل لا تقوم على خطة دقيقة وتفصيلية للتعامل مع تعقيدات العلاقات الخارجية الدولية في كل ترتيباتها ومقتضياتها تحت سؤال كيفية التعامل مع كيان العدو في كل هذه التشابكات والمعادلات والاشتباكات؟ وهل يمكن حقيقة ومنطقا لتونس ان تتغير وتتقدم دون سيادة تساعدها على التطور والنماء والصعود؟

ان نفس الأمور تطرح وستطرح علينا في أطر الجامعة العربية وفي سائر أطر المنظمات الدولية الأممية وخاصة مجلس الأمن وأهم من ذلك على مستوى مؤسسات الأمم المتحدة وبقية المنظمات الإقليمية والدولية التي تشارك فيها تونس وتلتزم بها، هذا عدا عن المنظمات الدولية التي تعني بشتى انواع الحقوق وبشتى انواع القانون الدولي الانساني والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة. ما يعني ضرورة خططا متينة جدا تحقق السيادة وتحفظ الدستور وتحتاط من المخاطر وتتفوق على التبعية الاستعمارية وتمنع التهديدات. هذا فضلا عن وجوب المصادقة على الانضمام إلى أطر أخرى خاصة بالامم المتحدة في موضوع التهديدات وصياغة اتفاقات دولية أخرى تحمي السيادة والحق في اختيار السياسات الخارجية، بما في ذلك اتفاقيات الأمنية جديدة علاوة على الاقتصادية المتعلقة بالشراكات الاستراتيجية الجديدة والسيادية المستوجبة.

في ملف التطبيع مع العدو الصهيوني بالذات تتحول كل السياسات إلى صلاحيات الخارجية والأمن القومي، بمعنى كون الملف برمته يصبح ملف أمن قومي وتنتظم تحته كل مستويات الأمن والاقتصاد والسياسة. وتتحول وزارات الثقافة والرياضة والشؤون الدينية والاكاديمية والتجارة والفلاحة والسياحة والمالية… إلى وزارات خارجية وداخلية ودفاع وإلى سياسات خارجية وديبلوماسية وعلاقات دولية وشؤون استراتيجية إقليمية ودولية.

في هذا المستوى يصبح الأمن أمنا خفيا وتصبح الديبلوماسية ديبلوماسية سرية وتصبح العلاقات الخارجية بكل انواعها علاقات تطبيعية تمس التجسس والاختراق والالحاق والتركيع والهيمنة الاستخبارية التي تغطي كل صنوف الهيمنة الاقتصادية والمجتمعية وتتطال أمن الاجيال القادمة والمجتمع وأمن الدولة وأمن حياة المواطنين والأمن الاجتماعي الشامل.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023