الباحثون عن الكنوز والدفائن: شهادات خطيرة من الواقع

الباحثون عن الكنوز والدفائن: شهادات خطيرة من الواقع

شكّلت الكنوز والدّفائن منذ القديم هدفا للباحثين عن الثراء السّريع والسّهل وكنت أسمع قصصا عن الكنوز والباحثين عنها منذ الصغر حتى أنها أصبحت حكايات ترويها الجدات للأحفاد بان في المنطقة الفلانية او الجبل الفلاني كان هناك كنز في تلك المغارة أو ذلك (الداموس) أو نجح فلان من الجهة الفلانية في استخراجه، وأحيانا أخرى يصورون ويتصورون أنه محروس من الجن والعفاريت وتسبب في قتل أو جنون من حاول استخراجه.

كانت دائما موجودة في مخيلتنا كقصص الجدة وأساطير تحكى من جيل الى جيل ليتبين لنا فيما بعد أنها ظاهرة حقيقية ومنتشرة في جميع أنحاء العالم بشكل كبير تقوم بها بعثات او مجموعات تبحث برا وبحرا عن الحلم المنشود وهو الثراء والغنى الذي أصبح هاجسا يتملّكهم أو حتى هوسا مرضيا يفنون من أجله الأعمار والأموال.

تشمل سرايا الباحثين عن الذهب فئات اجتماعية عديدة، فمنهم مدرسون وموظفون وطلبة جامعات ومحامون وأطباء، وغالبيتهم يستخدمون اجهزة وخرائط وسيارات مخصصة للتغلب على وعورة التضاريس.

ورغم أن البعض يؤكد عدم وجود هذه الكنوز وأنها محض خيال فإن الباحثين عنها يستشهدون بحالات عديدة لأناس يعرفونهم، عثروا على صناديق وجرار فخارية تحتوي على الذهب، وقطع أثرية في أماكن مختلفة من البلاد، فتحولوا الى أغنياء من بعد فقر.

ولقد تزايدت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة مع حالة الفوضى والأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم ومنها العالم العربي تعززها وتدعمها وتحركها مافيا المعادن والآثار ولقد تم القبض على عديد العصابات التي وُجد بحوزتها أنواع  مختلفة من الكنوز والدفائن في الأردن والجزائر وسوريا واليمن وكذلك تونس حيث تم في مدة وجيزة اكتشاف عدة عمليّات تهريب للآثار في باجة ونابل ومدنين وبنزرت وقفصة…..

حتى أن الكثير من التونسيين يعتقدون ان هناك كنزا في أرضهم أو منزلهم ومنهم هذا الرجل (م، ت) الذي روى لي قصته مع كنزه. قال لي بدأت القصة عندما ذهبت إحدى قريباتي إلى أحد العرافين بسبب مرض ألمّ بها اعتقدت أنه روحاني وبسبب سحر أو جن، وبعد الفحص وإعطائها الدواء أخبرها أن بأرضهم كنزا ودفائن وطلب منها ان تحضر له قليلا من تراب تلك الأرض.

من هناك بدأت المأساة حسب وصفه وتعرض للابتزاز والتّحيّل. سألته “وما الذي أجبرك على ذلك” أجابني “الطمع والجشع والفقر والخصاصة، ظننت أن جميع مشاكلي سوف تنتهي، من السهل ان تلومني لأنك لم تعش ما عشته لقد ترددت بادئ الأمر وكلما عزمت على تركه جاء ما يحثني على الاستمرار فيه.” وعندما سألته كيف خُدعت وانطلت عليك الحيلة” قال لي “أخبرك أمرا، أنا متأكد من أن في أرضنا كنزا والمسألة مسألة ( تابعة ) وموانع، ولقد بنيت إيماني لعدة أسباب فهناك رمز لقدم  لكن تغير مكانه  بسبب العوامل الطبيعية كما أني اختبرت كلام العرافين أكثر من مرة كتغيير التراب الذي يقدم (للشوّاف) وما شاكل ذلك وكذلك من خلال الأحلام التي رآها عدة أفراد من العائلة…..

أروي لك احدى قصصي مع هؤلاء المتحيّلين، من خلال بحثي عن (عزّام) ليرشدني لمكان “الدفينة” بدقة ويفكّ طلاسمها، تعرّفت على شخص يملك آلة لكشف المعادن وزعم أنه شيخ ولديه علم بالعزائم والطلاسم فاتفقنا وزار المكان وكنت معه وكان يمشي ويتمتم بكلمات غير مفهومة وهو في حالة تخمر الى ان توقف وأشار الى قطعة من الأرض واسعة وقال هنا كنزكم.

ثم تعددت زياراته وكان يقيم عندنا بالأسابيع والأشهر يقرأ القرآن والعزائم وفي كل زيارة يطلب المزيد من أجل البخور والحشائش ومن أجل إصلاح الآلة أو تغيير قطع غيار بها وأنفقنا من المال الكثير حتى كدنا نبيع قطعة من الأرض دون جدوى وفي النهاية تركنا بعدما أحسّ بأنّ حيلته انكشفت لكن بعد الخسائر والمعاناة.”

ومن النّماذج الأخرى التي تعرفت عليها رجل أعمال وصديقه عالم الآثار (عالم آثار معروف) ولقد فسّر العالم بدقة أسرار الرموز لكل حضارة منها السلحفاة  (الفكرون) والعقرب والطائر والجمل… وكيف تتعرف على الاتجاه والمسافة من خلال الرموز، يبقى رأس الثور والضفدع الأكثر امتلاء والأقل انتشارا والاصعب من حيث الاستخراج لكثرة الفخاخ فيه وصعوبة فك أسرار خارطته.

ثم أراني صُورا حية لرموز في تونس احدها في مطماطة (مجموعة سيوف) وأخرى في مكثر (هلال وعقرب) وثالثة على أطراف بنزرت (سلحفاة) حسب زعمه.

يقولون أنّ لهم خبرة وباعا في هذا المجال ولقد استطاعوا إخراج إحدى الدفائن وأن الصّور التي رأيتُها لكنوز سيقع دراستها وتحديد مكانها والتثبت فيها بالآلة وأن اخراج الدفائن ليس سهلا، فقد تخسر الأشهر والأعوام في مكان واحد ثم تكتشف أن هناك من سبقك إليه وتجده فارغا أو يكون المكان مأهولا وفيه حركة كبيرة فتجد صعوبة في إخراج الكنز…

وحول كيفية عملهم أخبرني العالم بأن له معرفة كبيرة بخريطة الآثار في تونس وأنه يملك آلة جاء بها من أوروبا (ذكر لي البلد لكن أصرّ على أن لا أذكره) وكذلك لهم أصدقاء يأتونهم بصور لمواقع مفترضة للتنقيب.

وقال لي أن هناك موانع سببها طريقة دفن الكنوز فبعضها تكون فيه فخاخ والبعض الآخر يضعون فيه جثة فتتحلل داخل السرداب أو الداموس مما يتسبب في انبعاث غازات سامة وقد تكون قاتلة خاصة مع طول المدة واحكام اغلاق المكان.

وبعد اخراج الكنز والآثار يضعون كل نوع على حدة فالمعادن لوحدها والنقود لوحدها والفخار يوضع لوحده والتماثيل المعدنية كذلك توضع لوحدها وهكذا دواليك…

وبعد ذلك يباع كل نوعٍ لمشتريه وهم من يوصلون للحريف البضاعة لضمان سعر أفضل سواء كان في تونس أو خارجها.

وعندما سألتهم عن كيفية إيصالها امتنعوا عن الإجابة (لكني استنتجت أن رجل الأعمال يُخرجها مع بضاعته في الحاويات) وسألتهم إن كانت لديهم معلومات حول شائعات تقول بأن التجّار اليهود يشترونها امتنعوا عن الاجابة أيضا.

وأثناء بحثي عن “عزام” لأجري معه لقاء حول الموضوع أحالني بعض من سألتهم الى شيخ في احدى مدن الجنوب،  هاتفته فاستجاب لطلبي، وكان اللقاء.

قال لي انه مَرَّ على تونس عديد الحضارات الغنية قديما من البونية الى الرومانية الى البيزنطية وغيرها من الإمبراطوريات العظيمة المتعاقبة ولما لم يكن في تلك العصور مكان عام يضعون فيه أموالهم، وأعني هنا اما دولة أو أفراد، لم يكن أأمن من بطن الأرض للحفاظ على الثروات هذا أولا، وثانيا لم تكد تخلو دار قديما من سرداب وذلك لادخار المؤن والاسلحة والمال.

كانت بداية اكتشاف الكنوز عن طريق الصدفة أو عفوية، ولما تكررت العملية في أكثر من جهة علموا بأن الأرض تحتوي على كنوز ودفائن فعملوا على البحث عنها وأثناء ذلك ومع تعدد المحاولات وبالتجربة اكتشفوا أن لهاته الدفائن موانع وأنها مرصودة، ويعني ذلك أنها محمية بالعزائم أو السحر ولقد تأذى العديد بسببها.

فظهر لهذه الأسباب (العزامة) أو الحكماء الذين يزيلون العقبات الروحية ان صح التعبير وتأثير السحر والعوارض، فكان تكوين أغلبهم عصاميا عن طريق قرائة الكتب القديمة التي تهتم بالعلوم الغريبة مثل ابن الحاج والديربي وشمس المعارف وغيرها من الكتب، ويبقى من أهم الحكماء الذين تعلموا عن طريق الشيوخ وأبرزهم المغاربة وبعض المشارقة، لكن ظهر في المهنة دخلاء ومشعوذون يسحرون عيون الناس ويتحايلون عليهم من أجل سرقتهم ونهب أموالهم وهم الأكثر انتشارا وقد تضرر الكثير بسببهم.

وبالنسبة لي أملك خرائط لكنوز (أراني خريطة لكنز مقسم على 3 غرف كل غرفة تحتوي على 1.5 طن من الذهب بالإضافة الى مقتنيات أخرى، وخريطة لكنز يحتوي على 50 طنا من الذهب بالإضافة الى معادن وثروات أخرى)  توضح بشكل مفصل كيفية الاستخراج وتجنب الفخاخ وكذلك الموانع لكن يبق المجهود الفردي عاجزا عن اخراجها أولا لوجودها داخل مناطق سكنية أو لأنها تحتاج لآلات وتقنيات خاصة، ما نحتاجه هو العمل في النور تحت اشراف الدولة لكنها وبدل أن تسن قوانين تنظم هذه المهنة، مثل الغرب، تضمن حقوق المنقبين والباحثين عن الكنوز فيكسبون وتكسب هي من ورائهم وضعت عوائق وحواجز بينها وبينهم من انعدام الثقة، لا أخفي عنك أن في تونس ألاف الأطنان من المعادن والنفائس لو تضافرت جهود الدولة مع جهود الباحثين لأصبحت تونس من أغنى الدول لكن كما ترى سوء الادارة وعدم اعطاء الموضوع أهميته حرم أبناء هاته البلاد من هذه الثروة الكبيرة وبدل ذلك نضطر للتعامل مع الأغراب من أجل تصريفها وذلك بسبب خوفنا من أن تهضم الدولة حقنا بل وتسجننا ان أخبرناها بالكنوز.

 وأقترح أن تُكوّن الدولة لجنة من أجل هذا الموضوع وأن تقوم بضمانات قانونية من أجل الترخيص في التنقيب وتحديد نسبة معتبرة لأصحاب الأرض والمنقبين.

سألته عن الزئبق الاحمر وما يشاع عنه فكانت هذه اجابته:

بالنسبة للزئبق الأحمر موجود وهو أثمن المعادن على الاطلاق وهو معدن سائل مشع وله تسمية علمية وهو الكبريت الأحمر يتكون خاصة في الأماكن التي تكثر فيها الصواعق ويعتقد البعض أنه يستعمل للجلب وهذا صحيح وهناك من يعتقد انه يدخل في بعض الصناعات المتطورة وهذا صحيح أيضا، لكن هناك استعمال أهم وهو السبب الرئيسي لغلاء ثمنه، وهو أنه يدخل في تركيبة كيمائية لتحويل بعض المعادن الى ذهب وأملك هاته التركيبة مع الطريقة  والكيفية أذكر لك بعض المواد وهي الزيزفور والزرنيخ والكبريت الأحمر….

ألم تلاحظ اهتمام اليهود بالنحاس والرصاص أكثر من اهتمامهم بالذهب ولا تكاد منطقة تخلو من يهودي لديه نقطة جمع لهذه المعادن، أخبرك بشيء آخر، آلاف الأطنان من الذهب المدفونة في شمال افريقيا وخاصة تونس ومصر وهما أغنى بلدان العالم لو علموا بما يملكون من ثروات في باطن الأرض، من أين جاءت وهم لا يملكون ولو منجما واحدا، قد يقول البعض انها جاءت بالتجارة أقول نعم جاء بعضها بالتجارة لكن الكم الهائل الموجود يدل على مورد لا يستنزف ودائم لخلق مثل هذه الثروات من الذهب والفضة وهو الكيمياء السحرية التي أخبرتك عنها ولها وجود في كتب القدماء.(انتهى كلام العزام)

وبدأ البحث عن الكنوز كظاهرة في تونس مع رموز النظام السابق ولقد كلف البلاد خسارة مخزون أثري لا يقدر بثمن ووجد في قصورهم وأماكن إقامتهم عديد الآثار وتبدأ قائمة الفساد من الرئيس وخصوصا زوجته مرورا بالولاة وبعض القادة الأمنيين الذي كانوا يشرفون على تأمين الحماية و” إبعاد العيون ” عن مسارح التنقيب والحفر، وصولا إلى بعض المختصين في الآثار ودلائل الإشارات ممن وفروا المهارات المعرفية لفرق الحفر التي نشطت في العلن إلى درجة التباهي والتفاخر،

وللدلالة على هول التلاعب بالآثار تكفي الإشارة إلى مخزن المتحف الوطني الذي تعرض للنهب ومتحف رقادة الإسلامي بالقيروان الذي فقد الكثير من مقتنياته من نفائس المخطوطات وحتى المجوهرات الأميرية .

هناك أخبار تُروى عن كنوز ترقد ربما إلى الآن في أحد قصور بعض قريبات الرئيس المخلوع التي تعرضت للنهب وسلم الكنز في قبوه بعد تعطل الفتح الكهربائي .

من اهم المناطق المعلومة التي نهبوا كنوزها نذكر

1/ هنشير الفوار بباجة وهو الموقع الروماني /الدواميس/المقبرة البونية

2/هنشير سيدي خليفة بقرمبالية بنابل وهو داموس عثر عليه فلاح/مواقع اثرية رومانية

3/المقابر البونية بهضبة بيرصة /المعبد الروماني والدواميس

4/الموقع الاثري بالنفيضة

5/الموقع الاثري بعين تونقة

6/الموقع الاثري ببولاريجيا بجندوبة

7/موقع معركة زامة بسليانة

8/موقع مرقب ذياب بظاهر دوز

9/دواميس العروسة

10/هنشير سيدي عبد الباسط قرب ماطر

11/هنشير الانصارين قرب ماطر

/12موقع كنيسة بيزنطية بعقارب

/13موقع بطينة صفاقس

/14دواميس العروسة بباجة

/15هنشير سيدي مدين قرب قبلاط

/16هنشير بوعرادة

/17الموقع الاثري تبربو ماجيس بالفحص………

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023