التعامل الامني للسلطة الفلسطينية مع الحراك الشعبي في الضفة الغربية المحتلة…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

التعامل الامني للسلطة الفلسطينية مع الحراك الشعبي في الضفة الغربية المحتلة…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

 

من الواضح ان السلطة عازمة على استخدام التوحش والهمجية كاسلوب للتعامل مع كل صوت معارض لها في محاولة بائسة لتطويع شعبنا الفلسطيني المنتفض.

والقضية ليست فقط الاغتيال الاجرامي المتعمد وعن سبق اصرار للشهيد نزار بنات فالقضية اكبر من ذلك وما قضية الشهيد نزار الا القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقول المثل. عقود من الزمن تراكم فيها الفساد الاداري والمالي والسياسي والاخلاقي ومحاول بيع شعبنا الاوهام ومنها الوصول الى حل الدولتين والتحرر وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة عبر مفاوضات عبثية استمرت اكثر من ربع قرن ومن خلاللها تم تهويد الجزء الاكبر من فلسطين التاريخية.

الاصرار الشعبي على المضي في الاحتجاجات والتظاهرات الذي جاء على خلفية الاحداث الاخيرة من صفقة اللقاحات الفاسدة والمنتهية صلاحيتها او على وشك ذلك والتي اربكت زبانية السلطة واصبح كل طرف يلقي المسؤولية على الطرف الاخر, الى وقوف السلطة موقف العاجز واحيانا اللامبالي وعدم التحرك الجدي والفاعل في أحداث المسجد الاقصى والشيخ جراح وسلوان وغيرها من المناطق وكذلك أمام العدوان الصهيوني على غزة مما ادى الى إخراج السلطة عن دائرة الفعل وأصبحت معزولة ومنبوذة من فبل شعبنا وفشلت المحاولات الاقليمية والدولية لنفخ الروح بها. أضف الى ذلك فشل السلطة و “وأجهزة أمنها” المتعددة في حماية قرانا ومدننا من هجمات المستوطنين كما هو الحال في بيتا ونعلين وغيرها مما استدعى شعبنا في تلك المناطق إعلان النفير والتصدي لقطعان المستوطنين معتمدا على قواه الذاتية.

 وبسبب كل هذه الاحداث والتي جاءت في سياق تاريخي تراكمي ممتد عبر سنوات خرجت جموع شعبنا الفلسطيني وعلى امتداد الجغرافية الفلسطينية لتعبر عن غضبها وإستنكارها وإدانتها للسطة الفلسطينية لما وصلت اليه الاحوال وارتفع منسوب الشعارات المطروحة في الحركات الاحتجاجية مطالبة السلطة بالرحيل مرددة فيما رددت من الشعارات الشعار الذي كان متداولا ايام الربيع العربي ” الشعب يريد اسقاط النظام” و “يا عباس اسمعها منا خد رجالك وارحل عنا” و “وين القوى الثورية من اعدام الفدائية” و “ارحل ارحل يا عباس هذا صوت كل الناس والشعب هو الاساس” وغيرها من الشعارات التي باتت تسمع وبصوت عالي وجهوري من قبل الاف المتظاهرين.

كل هذه الاحداث المتتالية وضعت السلطة وزبانيتها في مأزق ووضع لا تحسد عليه وكان من الطبيعي بسلطة ديكتاتور الفرد والمحاط بطبقة فاسدة حتى النخاع واصبح البعض منهم من اصحاب الملايين بعد ان كانوا من المعدمين واصبحوا هم وعائلاتهم من اصحاب المراكز والاحتكارات سواء عند التحدث عن النشاطات الاقتصادية أو السياسية كان الرد الطبيعي للدفاع عن مصالحهم هو إطلاق يد الاجهزة الامنية الدانتونية لحملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية ليس هذا وحسب بل ذهبت الى ابعد من ذلك مبدية استعدادها للقيام بتصفيات جسدية للمعارضين كما حدث مع الشهيد نزار بنات.

ومخطئ من يظن ان حملات الاعتقالات والتعذيب الوحشي في سجون السلطة سيتوقف ولو الى حين نتيجة إنفضاح أمر الاغتيال المتعمد للشهيد نزار والطريقة الهمجية التي تمت بها الى جانب الضغوط الدولية التي انهالت على السلطة من ممثل الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان الدولية والدول الاوروبية الممول الرئيسي للسلطة ومن الادارة الامريكية وغيرها للتحقيق في عملية الاغتيال هذا بالرغم من معرفتنا ان هذه الدول لا تنادي بحقوق الانسان وحرية التعبير لانها مؤمنة بذلك فهي لا تمارس هذا حتى في بلدانها.

نقول هذا لان بعض الرؤوس الحامية من اصحاب التنسيق الامني بدأت تطلق التهديد والوعيد على مواقع التواصل الاجتماعي لكل من يتعدى على السلطة وهذا يعني ببساطة أن السلطة ماضية في استخدام أجهزة امنها في محاولة لقمع اي تحرك واسكات الاصوات المعارضة مما يستدعي اكبر تحرك جماهيري منظم ضد هذا النهج الامني المتسلط والمستبد الذي من احد اهدافه او نتائجه هو مزيد من الانقسامات العمودية والافقية في النسيج الاجتماعي والسياسي الفلسطيني وحرف الانظار عما تقوم به قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين من قضم مزيد من الاراضي وعمليات التهويد المستمرة في القدس وغيرها من المناطق. يجب قطع الطريق عن هذه الزمرة الفاسدة والتي اعلنت رسميا من خلال إجرامها المستمر بحق شعبنا ومقاومته اصطفافها مع الاحتلال الصهيوني بدون خجل أو وجل.

كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023