التغيير في الجزائر لا يأتي طفرة واحدة.. بقلم: سمية علوي

التغيير في الجزائر لا يأتي طفرة واحدة.. بقلم: سمية علوي

تسارعت الأحداث بالنسبة لزمن الرئاسيات في الجزائر، وتعاقبت المسيرات السلمية من جمعة أولى إلى سابعة ميّزتها مطالب سياسية قابلتها سلطات البلاد بالاستجابة في معظم الأحيان .. اليوم وبعد الإعلان النهائي لشغور منصب رئيس الجمهورية من قبل البرلمان بغرفتيه، أصبح عبد القادر بن صالح -الرجل الثاني في الدولة – بقوة الدستور رئيسا للدولة لمدة أقصاها 90 يوما ..
ولأنّ الطبيعة لا تحب الفراغ، المستعجل والملح والضروري كان تطبيق المادة 102 من الدستور وتنصيب رئيس الدولة بعيدا عن الحلول السياسية التي يمكن أن تدخلنا في تجاذبات ولربما في مطالب فئوية نعرف بدايتها ولا ندرك نهايتها ..
إنّ تغيير النظام لا يأتي طفرة واحدة وإنما يكون بصفة تدريجية !!! ولا يخفى عليكم أنّ المجتمع الدولي لن يقبل بدولة لا تحتكم لأية مرجعية … لذلك أجد أنّ هاشتاغ ” #يتنحاو_ڨاع ” خطير وخطير جدا، صدر عفويا من شاب جزائري لا أشك في نيته الصادقة، لكنه اختـُطف من أولائك الذين يرغبون في إطالة عمر الأزمة السياسية ومنه لا قدر الله إضعاف الجيش الوطني الشعبي الذي ساند الحراك الشعبي وأقر أنّ الشعب هو المصدر الوحيد والأوحد للسلطة، ولكنه في الوقت ذاته لا يمكنه أن يخرج عن مهامه الدستورية وهي حماية الحدود من كل الآفات المحدقة والمتجددة بما فيها الإرهاب والجريمة المنظمة بكافة أشكالها، لذلك لا يجوز أن نحمله عبء إخفاقات السياسيين خاصة وأنه وجّه بوصلة الحل وأبان للجميع أنّ مصلحة الدولة تعلو فوق الجميع، وأننا دولة متحضرة لها قوانينها التي تنظم المرحلة الانتقالية .. فليس من الحكمة هدم البيت وبناء بيت آخر، لأنّ من يرفض بن صالح بدعوى أنه من رموز السلطة السابقة، من الواضح أنه يريد أن يدخلنا في فراغ دستوري ويقودنا إلى حلول سياسية طويلة الأمد بل وطويلة جدا .. ولا أفهم سبب هذا التخوف ما دام الجيش ضمن مرافقة العملية الانتقالية ولكن في إطار الدستور، وهو مخرج بأقل تكلفة وفي مدة زمنية معلومة، لأن الخروج عن الدستور هو خطر على الجزائر ككل وخطر على الحريات وعلى الحقوق وخطر على تمدن الحياة اليومية كذلك، ناهيك عن الضربات الموجعة التي يتلقاها الاقتصاد وهو الموجوع والهش في الأساس، إذ لم يُخفِ المختصون في الاقتصاد حجم التأثر بالسياسة .. فكلما طال أمد الأزمة كلما أصبحت مناصب الشغل والقدرة الشرائية في انخفاض، بالنظر إلى التخوّف الذي ينتاب جميع المستثمرين، وجميعنا يعلم أن ” المال جبان ” ولا يقبل العمل سوى في مناخ هادئ ومستقر ..
أما ما استقرت عليه المسيرات السلمية، فهو تقديم تلك الشجاعة والجرأة من أجل الحديث من عل ٍ وبصوت فيه الكثير من الحكمة .. والحكمة تقول : إننا دولة تحتكم للدستور ولسنا بمأوى لمن يناصب الجزائر العداء، وما أكثرهم في الجوار وفي الإقليم.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023