“الجزاء من جنس العمل”: بريطانيا تتجزأ…بقلم عارف العلي

“الجزاء من جنس العمل”: بريطانيا تتجزأ…بقلم عارف العلي

وصل اليمين القومي العنصري الشعبوي إلى مبتغاه بعد أن حقق حزب (المحافظين) نصراً حاسماً في الانتخابات البريطانية المبكرة الثالثة، وحصد /364/ مقعداً من أصل /650/ بفارق /161/ عن حزب العمال، وهذه بلاشك نتيجة لافتة، وهي بمنزلة تفويض لتنفيذ سياسات هجرة أكثر صرامة وعنصرية وقومية وشعبوية من جهة، وتطبيق «بريكست» من جهة أخرى، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أنه استفتاء برغبة البريطانيين بالانشقاق عن عقد أوروبا بعد أن «عشّمهم» بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا بعد «بريكست» بتطبيق الأنموذج الأسترالي، أي استقدام الكفاءات والعقول والمهن والحرف النادرة، وإغلاق باب الهجرة في وجه بقية الفئات مهما كانت الظروف والأسباب.
لاشكّ في أن النتيجة تشير إلى أن الشارع البريطاني ينحاز ويرغب، بل يشجّع على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويتحلل من كل التزاماته التجارية والمالية، وحتى العسكرية وكذلك الهجرة، ووجد ضالته بشخصية جونسون، و(أستاذه دونالد ترامب) المتقلّبة التي تثير الضجيج وتختلق الصخب وتنقب عن الفضائح وتفتعل الأزمات والحروب والكوارث وتوقظ الفتن وتنبش العنصرية النائمة وتغذي العقوبات لنهب أموال وثروات الأمم والشعوب لمصلحة رفاهية بريطانيا، وهذا ليس بجديد، فهذا ديدن بريطانيا الاستعمارية لم يسلم منها أي بلد في العالم -وهي التي كانت تفاخر بأنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس- إلا وعاثت به عنصرية وطائفية وعشائرية وقبلية وإثنية، ووضعت دولاً وعروشاً بحجم رأس دبوس ومشيخات وممالك، ووهبت أوطاناً وتبرعت بدول «وعد بلفور» وقسّمت المقسَّم وجزّأت المجزّأ، ورسمت حدوداً وخرائط بالقلم والمسطرة في مخابر استخباراتها لتخلق المزيد من البؤر بين حدود الأشقاء والجيران.
لاشكّ في أن جونسون وأفراد حزبه فرحون بتحقيق نصر كهذا، لم يحققه الحزب منذ العام 1979 على يد مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا الأسبق على حزب العمال، ولكن نشوة الانتصارات ذابت في اليوم التالي لفرز الأصوات، فها هي اسكتلندا تطالب بالانفصال، وكذلك شقيقتها إيرلندا، بل وصل الأمر إلى ويلز، وبذلك شربت بريطانيا من الكأس نفسها وسوف تتحول في قادم الأيام إلى مملكة تضمّ إنكلترا فقط.. وهذه نتيجة، فالجزاء من جنس العمل.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023