الحلفاء والخصوم.. في ضوء إسقاط المشروع الأمريكي المناهض للمقاومة الفلسطينية…بقلم: السيد شبل

نهاية الأسبوع الماضي تقدمت واشنطن في الأمم المتحدة بمشروع قرار لإدانة المقاومة الفلسطينية وصواريخها الموجهة ضد الكيان الصهيوني، وقد تم إسقاط المشروع لتكتل العرب ومعظم دول العالم الإسلامي ضده، وحتى الأنظمة العربية الخليجية الغارقة في وحل التطبيع والتآمر لم تجد مفراً أمامها سوى رفض المشروع الأمريكي.
لكن ما يجب الانتباه إليه أن ثمّة دولاً أخرى- ليست عربية وليست إسلامية- وقفت معنا، وتآزرت بشكل أو بآخر مع المقاومة الفلسطينية، وحالت دون إدانتها، وصوتت ضد كل من واشنطن و«تل أبيب»، هذه الدول مثل: الصين، كوبا، بوليفيا، فنزويلا، روسيا، نيكاراغوا.. إلخ، أي بصيغة أخرى، هي جميع الدول التي لم تؤيّد العدوان الغربي على ليبيا في 2011، والتي تساند سورية الآن في وجه المؤامرة الخارجية التي تتعرض لها، وكذلك هناك دول من قارتنا الأفريقية وقفت ضد المشروع الأمريكي، وكانت خير سند في تلك المعركة، وإن كان حضور القضية الفلسطينية يتضاءل، ومع الأسف، في أفريقيا بتراجع حضور وتأثير النظم الثورية العربية في القارة.. وحسب موقع أخبار الأمم المتحدة، هناك 58 دولة رفضت المشروع الأمريكي و32 دولة امتنعت عن التصويت (من بينها الإكوادور مثلاً، التي يحكمها اليساري لينين مورينو). والامتناع هنا، في هذه الحالة بالتحديد، كان يعني تعطيلاً للمشروع الأمريكي أو رفضاً خجولاً له، لأن الكويت كانت قد تقدمت باقتراح مسبق يشترط حصول المشروع الأمريكي على أغلبية الثلثين لكي يمر، وبالموافقة على هذا المقترح (وهي جولة أولى خاضها العرب وحلفاؤهم) لم يمر المشروع الأمريكي، رغم أن 87 دولة أيدته في التصويت النهائي، وهذا الرقم الكبير أيضاً يجب أخذه في الحسبان للدلالة على قوة النفوذ والتأثير الأمريكي وتالياً الصهيوني.
بالعودة للدول التي اصطفت مع المقاومة بهذه المعركة وأيّدت المقترح الكويتي أولاً، ثم صوتت ضد المشروع الأمريكي ثانياً، فإن هذا الأمر المحمود جداً لا يعني وبالضرورة أن جميع تلك الدول وفي العلن، وكما يوضح د.إبراهيم علوش في تحليله، ستكون بصف سلاح المقاومة والتحرير الكامل، كما أن بعضها ينطلق من خصومة بلاده المركزية مع الهيمنة الأمريكية، ويحاول غرس نفسه كقطب جديد.. لكن يبقى أن هذا الاصطفاف في النهاية يضع القضية الفلسطينية في سياق الصراع الواسع مع الإمبريالية الأمريكية، ومن المفترض أن يجعلنا، كعرب، نفهم من هم بالضبط الحلفاء في معركتنا من أجل تحرير أرضنا- طبعاً من دون أن نلتزم بسقف هؤلاء الحلفاء، ومن هم الخصوم (للعلم، دول أوروبا الشرقية والغربية صوتت لمصلحة المشروع الأمريكي).. فإذا عرفنا من هم الحلفاء، صرنا على وعي بأن الشخص الذي يسير خلف واشنطن في المؤامرة على حكم نيكولاس مادورو رئيس فنزويلا أو يسخر من الثورة الكوبية أو يعلن تأييده للمتمردين المموّلين والرجعيين في نيكاراغوا ضد حكم دانييل أورتيغا، أو يسخّف ويهمّش من تجربة إيفو موراليس في بوليفيا، أو يحرّض على الصين ويحلم بـ«الجهاد» هناك، أو يمجّد في حكومة كوريا الجنوبية التي أيّدت المشروع الأمريكي على حساب نظام كوريا الديمقراطية الشمالية الذي يؤازر العرب على الدوام، هو خصم لفلسطين، حتى لو كان يُكثر من رفع علمها أو يجعل لها نصيباً ما من دعائه، على موقع زوكربرغ أو فوق منبر المسجد!.
وهذا لأن تحرير أرضنا مسألة لا يمكن لها أن تنفصل عن النضال ضد منظومة النهب والهيمنة الأمريكية، ولا يمكن في أي حال أن نسير في هذا الطريق وحدنا، بل يجب أن نتحالف مع الدول الطموحة لإزاحة واشنطن من على العرش، أو مع الدول التي تعاني ظروفاً مشابهة لظروفنا، فإذا أفسدت جماعة ما هذه التحالفات، فهي تطعن جهود التحرير في الصميم.

*كاتب من مصر

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023