الخطر الأعظم الآتي من بلاد الرافدين: الصين والحشد وإيران وإلا… أميركا في العراق… أنا أو لا أحد

لا يمكن لأي دولة أن تواجه التحدّي في الإنقسام الداخلي السياسي كما هو الحال في العراق. ولا تحتاج أميركا لجهد كبير لبث التفرقة بين الأحزاب لأنهم غير متفقين أساساً. ولا علاقة لغياب اللواء قاسم سليماني بذلك – الذي كان يعمل على جمْع الأحزاب على كلمة واحدة إذا أمكن – لأنه لم يستطِع طوال شهرين قبل اغتياله إقناع الأحزاب بالإتفاق على مرشح واحد يختارونه هم بعد استقالة عادل عبد المهدي. بل لأن العراقيين يقدّمون خلافاتهم فوق كل إعتبار لإبقاء سلطتهم على مَفاصل الدولة.

لم يكن مخطئاً عبد المهدي حين قال لي يوماً: “نحن لا نعرف كيف نحكم ولكن نُتْقِن معارضة الحاكم”. ولن يستطيع أي حاكم في العراق إخراج البلاد من المأزق المالي والسياسي والصحي لأنه يفتقر للمال – على الرغم من ضغط الشارع المُطالِب بوضع معيشي أفضل – بسبب إنخفاض أسعار النفط وعجْز ميزانية الدولة وديونها الخارجية وإحتياجها للبنك الدولي، المرتبط بأميركا، لطلب المزيد من المال. ولن تقدّم أميركا المساعدة ما دامت طلباتها لم تتحقق وما دام البرلمان يرفع البطاقة الحمراء في وجهها وما دامت إيران لها نفوذها في العراق. ولا تريد أميركا القبول بمعادلة أن العلاقة العراقية معها مهمة وكذلك العلاقة مع إيران الجارة. فواشنطن تريد العراق لنفسها و”إلا من بعدي الفيضان”، وهي كلمة قالها ملك فرنسا لويس الخامس عشر.

وهي اليوم تدعم كردستان وتوسّع قاعدتها العسكرية وتنشىء أخرى وهي رسالة لبغداد بأنها باقية هناك حتى ولو إشتدت الأمور على قواتها في مناطق سيطرة الدولة. كما أنها تدعم الباشمركة الكردية وتسلّحهم عن طريق حلفائها الذين يرسلون من دول الشرق الأوسط طائرات محمّلة بالسلاح للوقوف معهم. ومن المتوقع أن تساعد أميركا هذه المرّة إقليم كرستان على الإنفصال لتقتطع جزءاً من العراق كما تفعل اليوم في شمال – شرق سورية تحت عنوان السيطرة على النفط الذي بلغ سعره أدنى الأسعار ولم يعد يكفي لدفع مصاريف القوات الأميركية التي تحميه وتسرقه من دون رغبة حكومة دمشق. وبالتالي فغن الجوكر الأميركي بيد كردستان اليوم الذي رفض مسؤولوه الأكراد قرار البرلمان العراقي – في تمرّد واضح على سلطة بغداد – بالإنسحاب الأميركي من العراق.

وفي رأي دوائر عراقية أن أميركا لا ترضى بصداقاتٍ عراقية متوازنة لا تصبّ في مصلحتها. ولا يتصرف الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلا وفق مصلحة بلاده. فهو يشْكر عادل عبد المهدي على حمايته السفارة التي تعرّضت للإعتداء في بغداد، ويوجّه رسالة إيجابية لإيران عن طريق عبد المهدي ويقتل جنرالها سليماني. وتعمل الإدارة أميركية وفق المصلحة الإسرائيلية – وليس وفق مصلحة أميركا التي تنصّ على بناء عراق قوي صديق لواشنطن. ولم يستمع ترامب لعبد المهدي عندما إتصل به شخصياً وقال له إن تصرفات أميركا تُغْضِب العراقيين وأن أي تصرف منفرد سيعود بتبعات كارثية على الجميع. بل إستمع إلى معاونيه الذين أخطأوا في النظر إلى الشرق الأوسط كأتباع وليس كحلفاء.

وهذا ما يصبّ في مصلحة إيران التي تستفيد من الأخطاء الأميركية. مما لا شك فيه أن العراق يعيش مخاضاً عسيراً وسط إنقسامات داخلية حادة ووضعٍ إقتصادي وصحي صعب على جميع الدول. والأخطر من ذلك أنه في عين العاصفة تتجاذبه رياح ترامب الذي يريد إخضاع الدول بالقوة وسيحصد العاصفة بدلاً من حلفاء اقوياء.

بقلم – ايليا ج. مغناير: الراي الكويتية

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023