الرئيس الامريكي ترامب في آخر حماقاته…بقلم: محمد الرصافي المقداد

الرئيس الامريكي ترامب في آخر حماقاته…بقلم: محمد الرصافي المقداد

” بينما تقف ايران وحدها في مواجهة المتآمرين على فلسطين متمسكة بخيار مقاومة الاستكبار والصهيونية، تتكالب دول محسوبة على العرب والمسلمين برفع وتيرة معاداتها ارضاء لأمريكا والصهاينة.”

لا يمكن لأي عاقل، ان يتحدث عن طغيان دولة في عصرنا الحديث، دون ان يتصدر حديثه اسم امريكا، ما يستلزم ذلك، من شراكة في كل ما جرى من تجاوزات، منذ أن تبنّت المشروع البريطاني، في اقامة الكيان الصهيوني على ارض فلسطين، وحمايته بكل الطرق.

امريكا اليوم في عهد رئيسها ترامب، بلغت من الغطرسة والاستكبار ما لم تبلغه في زمن سابق، وقد اعطت في سياساتها الخارجية، الاولوية المطلقة لأمن الكيان الغاصب وبسط هيمنته ليس على فلسطين فقط، وإنما على منطقة ما بين النيل والفرات، بدليل التصريح الاخير لزعيم الدبلوماسية الامريكية، بان الجولان ارض تابعة للكيان الصهيوني.

سابقة خطيرة خرق بها الرئيس الامريكي كل القوانين والاعراف الدولية، واعلانه الذي عبر عنه على صفحته الرسمية بتويتر (بعد 52 عاما، حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي لها أهمية استراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي) لن يقف عند زيادة عبث واستهتار الكيان الصهيوني بالمواثيق والقرارت الدولية، الصادرة عن المنتظم الاممي، بل سيتجاوز ذلك بصورة عكسية لرغبة امريكا والكيان الصهيوني، الى توسّع دائرة جبهة المقاومة، واسقاط المشروع الامريكي الذي بدأ ترامب في طرحه بالتدريج، وقد اسقطت كلماته الخطيرة كل مشاريع التسوية الغربية والعربية دفعة واحدة، عرّى بها تماما المقاصد الأمريكية حيال المنطقة ككل، ولم يعد هناك مجال للعرب والمسلمين شعوبا وحكومات، بعد هذا لقبول مقررات أمريكا، باستثناء العملاء ذلك انهم باعوا شرفهم لمن اشترى.

تصريح احمق، كشف عما تتضمنه صفقة القرن، التي يعمل البيت الابيض حاليا على فرضها، و جعلها امرا واقعا لا مفر منه، بالنسبة للدول والشعوب المعنية بشكل مباشر او غير مباشر بالقضية الفلسطينية، قابله رئيس حكومة الكيان الصهيوني بفرح كبير، عبر عنه بدوره على صفحته بتويتر (في وقت تسعى فيه إيران لاستخدام سوريا منصة لتدمير إسرائيل، يقدم الرئيس ترامب بشجاعة على الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان. شكرا الرئيس ترامب).

وتاتي زيارة وزير خارجيته بامبيو، الى منطقة الشرق الأوسط والخليج في ذلك الاطار تمهيدا، لبدء العمل بمراحل الصفقة، واولها تجفيف منابع المقاومة، وانهاء وجودها – وياتي على راس القائمة حزب الله اللبناني – ثم فرض امر واقع، بدأت انظمة عربية الدخول تحت مظلته، اختيارا وتطوعا واملاء، بحسب موقعية كل بلد، الجغرافية والسياسية من فلسطين.

الكلمات التحريضية التي نطق بها بامبيو خلال المؤتمر الصحفي، الذي جمعه بوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، تكفي للدلالة على الهدف الذي تريد أمريكا، ومن ورائها الكيان الصهيوني الوصول اليه، فقد جاء يسعى لإشعال فتنة داخلية، لو يجد لها أنصارا، كلمات تتناقض مع الواقع اللبناني تماما، فحواها دعوة للوقوف داخليا في وجه حزب الله ومواجهته (إن لبنان يحتاج الى شجاعة لمواجهة ارهاب وتهديد وجرم حزب الله.. ان حزب الله يتحدى الحكومة اللبنانية ويعرض أمن الشعب اللبناني للخطر) وهي دعوة لن تجد آذانا صاغية، كانها صرخة مستغيث في بحر متلاطم من المقاومة، وقد ردّ عليها الوزير جبران باسيل، بما تستحق من تكذيب بقوله: (إنّ لبنان لا يعترف بتصنيف امريكا حزب الله منظمة ارهابية، فهو حزب لناني وغير ارهابي)

لقد عملت السياسة الامريكية، منذ نشوء حركات مقاومة الكيان الصهيوني، على اخماد انفاسها، بكل الوسائل المتاحة، ومنها التدخل العسكري بلبنان، والذي انتهى سريعا بعملية استشهادية، استهدفت السفارة الأمريكية ببيروت في 23 /10/ 1983وبها عدد كبير من لقوات المارينز، وخلفت 241 قتيلا، ومن القوات الفرنسية 58 عسكريا، وغادر جميعهم لبنان مذهولين، واعينهم تفيض بدموع الانكسار.

تجربة امريكا مع المقاومة اللبنانية مرة وأليمة، ويعرف سياسيوها وعسكريوها جيدا، ان حزب الله راس حربتها، اصبح اليوم قوة يحسب لها الف حساب، بإمكانها أن تحقق التفوق والنصر، حتى لو اجتمع الصهاينة والامريكيين والبريطانيين معا، لأن الحزب رغم قوّته الحالية، ليس بمفرده في مشروع التحرير المرتقب، وإنما هناك نظام اسلامي عتيد ينافس القوى الكبرى، هو نظام الجمهورية الاسلامية الإيرانية، يرعاه بمعيّة بقية حركات المقاومة، سوف يسخّر قواته وقد خصص منها فيلق القدس للحرس الثوري،  من أجل الحسم في أي حرب قادمة.

حزب الله ينشط وسط حاضنة شعبية كبيرة ومتنوعة، من مختلف اطياف الشعب اللبناني، شيعة وسنة ودروز وعلويين وحتى المسيحيين، كسب باسلوب مقاومته للمحتل الصهيوني وتعاطيه المدني والسياسي ثقة وتأييد اللبنانيين من قاعدتهم الجماهيرية الى حكومتهم اللبنانية، والحزب شريك أساسي في العملية السياسية بلبنان، يعتبر وجوده داخل البلاد وخارجها مهم وضروري، ومكمل اساسي للفسيفساء السياسية والعسكرية الخاصة بلبنان، باعتباره بلد مقاومة، محتلة ارضه ومستهدف وجوده، ومهدد امنه من طرف الكيان الصهيوني، الذي تعوّد على العربدة والنزهة في الاراضي اللبنانية قبل نشاة الحزب، لكن تلك الفسحة انتهت، منذ ان اذاق الحزب الكيان الصهيوني مرارة الهزيمة في 2000 و2006 ، وهذا العدوّ اصبح مكبّلا، لا يجرؤ على القيام بما كان متعوّدا عليه، قبل تأسيس الحزب، رغم الدعم الأمريكي اللامحدود.

وليسمح لي بعض من لا اطلاع له بالقول، انه لولا الثورة الإسلامية الإيرانية وقائدها الامام الخميني، لما بقي لفلسطين ناصر حقيقي، يبذل قصارى جهده من اجل تحقيق امل الفلسطينيين في تحرير ارضهم، وتخليصهم من ابشع احتلال عرفته البشرية.

لذلك نقول اننا اليوم نشهد سباقين، الأول يجمع ايران الاسلامية وحلفه المقاومة، الذي كبر واعتدّ بما يمكنه من خوض معركة العزة والكرامة، وتخليص الامة الاسلامية من غدة الصهيونية السرطانية من ارضها المقدسة، بما اشعر الاعداء بأن كل شيء تقريبا أصبح جاهزا للملحمة التاريخية، والثاني جمع أمريكا وحلفها الاستكباري الصهيوني، بمن رضي أن يكون معهم من العملاء، وفي مقدمتهم عربان الخليج، سباق حق وسباق باطل، نعيش فيه مرحلة الامساك الفعلي بقضية تحرير فلسطين، من طرف الشرفاء الذين لم يقيموا يوما وزنا للمواقف الامريكية، وامنوا بان حقوقهم المشروعة لا تؤخذ بالمفاوضات، بل بالمقاومة ولا شيء غيرها، وان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وقد نذروا انفسهم لأجل ذلك الهدف النبيل وهو تحرير فلسطين، وأعتقد أن العدّ التنازلي لمعركة المصير والحسم قد بدأ عدّدها في الاشتغال.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023