السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني والولايات المتحدة أبعد من التنسيق الأمني…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني والولايات المتحدة أبعد من التنسيق الأمني…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

ما يحدث في الضفة الغربية من منع إقامة التجمعات السلمية والاعتداء على المتظاهرين والمحتجين بالضرب المبرح وإعتقال العديد من الاسرى المحررين واستخدام القوة المفرطة خلافا للقانون وصون الحريات وغياب المسألة والمحاسبة والتعدي وبشكل صارخ على حقوق الانسان التي كفله ما يسمى “بالقانون الفلسطيني” هذه الحالة التي استشرست فيها القوى الامنية الفلسطينية واجهزتها وخاصة في الفترة الاخيرة تأتي على خلفية التنسيق الامني ليس فقط مع قوات الاحتلال بل وبعد دخول الاستخبارات الامريكية المركزية على الخط مباشرة بعد زيارة الوفد الامني الامريكي الى الاراضي المحتلة والاجتماعات التي تمت بين الاطراف الثلاثة الامريكي والاسرائيلي والسلطة الفلسطينية. ما نراه اليوم هو نتاج هذه الاجتماعات ومخرجاتها..

وقراءة في المشهد على الارض نرى أن الهدف الرئيسي لهذه الاجتماعات يكمن في بذل الجهود للالتفاف على ما أنجزته المقاومة في غزة من إنتصارات وعلى وجه التحديد في تنامي قوة الردع التي إمتلكتها وراكمتها المقاومة في غزة والرعب الذي ينتاب الاحتلال ان تنتقل المقاومة المسلحة الى الضفة الغربية. وربما الاهم من ذلك في تقديري المتواضع هو المكسب الغير مسبوق للقضية الفلسطينية من حيث التأييد العالمي وتعرية الكيان الصهيوني ككيان متوحش وعنصري بإمتياز مما حدى بالكثير من المنظمات الدولية وسياسيين وأكاديميين وفنانين وحتى من داخل الكيان أن يطلقوا وبكل جرأة وشجاعة على انه نظام أبرتهايد شبيه بالنظام الذي كان قائما في جنوب أفريقيا..

الى جانب ذلك تقديم كل الدعم اللازم للسلطة الفلسطينية وعلى جميع الاصعدة الامنية والسياسية وضمان بقائها بحكم انها كانت وما زالت السلطة التي تتماهى مع السياسة الامريكية وإجراءات الاحتلال وكذلك لارتباطاتها مع محور الرجعيات العربية في العديد من قضايا المنطقة سواء في سوريا او اليمن او العداء لايران على سبيل المثال لا الحصر وكذلك المساهمة في محاصرة قطاع غزة. فمن مخرجات الاجتماعات على ما يبدو من قراءة تصريحات رجال السلطة أن اية اموال لاعادة إعمار غزة يجب ان تمر عن طريق السلطة في رام لله وذلك لاعطاء الفرصة لنهبها من قبل الفاسدين المدعومين من الاحتلال والادارة الامريكية. هذا الى جانب إعطاء الغطاء السياسي والدبلوماسي لما تقوم به أجهزة السلطة من قمع وإعتقالات وتعذيب المعتقلين والتي قد يصل الى حد القتل في بعض الاحيان. وما يجب ان نذكر به ان قتل نزار بنات لم يكن أول قتل بدم بارد على أيدي رجال الامن الفلسطيني ويبدو انه لن يكون الاخير. فقد تم التهديد بالقتل وبصوت مرتفع لبعض المحتجين على دوار المنارة في رام الله بعد إعتقالهم.

والامر الواضح للعيان ولكل من يتابع الاحداث عن كثب يستخلص ان السلطة الفلسطينية لم تخطو اية خطوة في عملية الاستثمار السياسي أو الاعلامي لما حققته عملية سيف القدس من إنجازات على الساحة الدولية وكذلك لم تتحرك بالشكل المطلوب (هذا على إفتراض انها تحركت بالفعل) لا في قضية الشيخ جراح ولا في احياء سلون أو في بيتا. وأكبر دليل ربما ما حدث في بيتا حيث وصل وفد سياسيين ودبلوماسيين من الاتحاد الاوروبي الى قرية بيتا للاطلاع عن كثب عما يحدث هناك ولم يكن “لوزارة الخارجية” للدولة الوهمية على علم بذلك لولا إتصال أحد المقاومين بالسفارة بعد وصول الوفد الاوروبي والاجتماع مع الاهالي. ولم نعد نسمع بمتابعة قضايا الاجرام الصهيوني في المحكمة الجنائية الدولية!!!!!.

وهدف آخر يسعى اليه هذا الثلاثي في المرحلة الحالية هو القضاء نهائيا على اي بارقة أمل في إعادة اللحمة الى البيت الفلسطيني وتأبيد حالة الانقسامات والتشرذم على الساحة الفلسطينية لا بل والابعد من ذلك فإن الاحداث الاخيرة تنم على تصميم هذه الاطراف على الدفع بالامور الى الاقتتال الداخلي وعندها سيكون الكيان الصهيوني في حل من أية ضغوط دولية لتقديم اي تنازل على الارض حتى بإقامة بلديات فلسطينية وربما يلجأ الى إحياء روابط القرى. انا لا اقول انه سينجح في ذلك ولكن الحدة والوحشية في التعامل مع اية حركة إحتجاجية من قبل أجهزة الامن الفلسطيني لا تنبأ الا بكارثة آتية على الطريق, وقد رأينا بعض بوادرها في الاشهر القليلة الماضية..

والامر لا يقتصر على تحركات السلطة في الضفة الغربية فعمليا دخل النظام المصري على الخط خط الضغط وإعادة الحصار على قطاع غزة وسكانه. فقد قامت السلطات المصرية بإغلاق معبر رفح بعد فتحه لفترة ليست بالقليلة بعد عملية التهدئة على جبهة غزة وإعطاء الانطباع ان مصر ستساعد على إعادة الاعمار وتنشيط الحركة والتنقل لأهالي القطاع. وتاتي هذه الخطوة متناغمة مع الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على قطاع غزة هذه الايام في ظل تصعيد واضح..

هذا طبعا عدا عن حملات الاعتقالات التي شنتها قوات الاحتلال الاسرائيلي على مدى الايام الفائتة والمستمرة في أرجاء الضفة الغربية المحتلة.

كل هذه الامور يجب ان تؤخذ من خلال إرتباطها مع بعضها البعض فهذه الاحداث والاجراءات ليست إعتباطية أو مجرد صدفة بل هي مترابطة إرتباطا عضويا ومتناغمة فيما بينها من حيث الاهداف.

* كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023