السيادة للشّعب..لا خط ثالث ولا رابع.. ولا نظام خفي ولا هم يحزنون!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

السيادة للشّعب..لا خط ثالث ولا رابع.. ولا نظام خفي ولا هم يحزنون!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

 

لا يخفى على مُتابع ما يُحاك ضد تونس و إستقرارها من مؤامرات شديدة ومتواصلة، وما يُثار من شبهات من أبواق النفاق تدق طبول الخوف تارةً، وتُحرض عليها في أخرى، وتُثير غبار الشبهات ليلاً ونهارًا.. تستهدف معنويات الشعب وترمي ثقة الناس لينفضوا من حولهم على الدولة.. ما أظنهم تركوا شيطانًا من الإنس أو الجن إلاّ واستخبروه عن وسيلة خبيثةٍ تواجه مشروع بناء دولة كل التونسيين تكون السيادة فيها للشعب دون سواه ، يكذبون ويفترون ويتآمرون ويدبرون ويمكرون.. أين عقول الذين يحرضون ويتآمرون ضد أوطانهم، ويسعون لهدم أمنها واستقرارها، لو كانت لديهم ذرّة شجاعة وعقل ليرجعوا عن غيّهم فيعرفوا قدر نعمة الوطن ويخلعوا نهجهم التحريضي..أم أنهم أضحوا رهائن أحزابهم وتنظيماتهم، فلا يرون إلاّ كما ترى، فلا يعتبرون ولا يتعظون..

ما يبثّه المنافقون من أراجيف وأكاذيب ومقولات و تأويلات وتضليل مريب وإشاعات لتزييف الحقائق والترويج لثقافة الحقد والكراهية وبث روح اليأس وثقافة الهزيمة، وممارسة مختلف أشكال الوقيعة و التشويه ، بهدف ضرب عوامل الثقة والوحدة بين التونسيين وتسميم الأجواء وإثارة النعرات والفتن والصراعات الداخلية، وفي حالات عديدة نجح المزايدون والمنافقون السياسيون في المجتمع التونسي في مسعاهم للإساءة إلى وطنهم وتسببوا بالكثير من المآسي والويلات للشعب وأضروا بإقتصاد الدولة و تحولت تونس إلى دولة الغنيمة..، هؤلاء المستفيدون من العشريّة السّوداء يحاولون ويتلونون بكل الألوان بحثاً عن مصالحهم وتتغير في مواقفهم وقناعاتهم بحسب اتجاه الرياح السياسية للهروب إلى الأمام بحثاً عن دور جديد بثوبهم الجديد بالنفاق والمزايدات وتقلّب المواقف ومحاولات التطّهر من الفشل الذّريع الذي كانوا أبرز صُنّاعه والمشاركين الفعليين والأساسيين في أحداثه.. إلى جانب ما أحدثته الأزمة السياسية التي ساهم المنافقون السياسيون في إضرام نارها في تدمير كل القيم المادية والمعنوية بالإضافة إلى تدمير و إنهيار الدولة وبقائها في مربع الفقر والفوضى ، حتى أصبح إنقاذها و إصلاحها و تتطهيرها لا يتحقق إلاّ بتضحيات كبيرة وجهود مضنية وإمكانات هائلة من الصعب تعويضها إلاّ بعد فترة من الزمن قد تطول إلى عشرات السنين مهما بلغ حجم التفاؤل..

خائن الوطن هو الذي يفر هاربا من وطنه، ويتعاون مع دوائر أجنبية ومنظمات خارجية ، يحرضها ضد دولته، ويمدها بالمعلومات المغلوطة، ويتباهى بتقاريرها المزيفة ، ويؤثر أن يكون خنجرا موجها في ظهر وطنه .. خائن الوطن هو الذي يبيع وطنه ويخون ضميره من أجل تنظيم خاسر وحزب خائب.. خائن الوطن هو الذي يحب الفرقة ، ويكره الاجتماع ، ويحب التباغض والتنافر، ويكره التلاحم والتراحم ، فالنميمة غذاؤه ، والكذب سلاحه ، والغدر والخيانة طريقه .. خائن الوطن لا تجد له ولاء ولا انتماء مهما زعم خلاف ذلك وتغنَّى به ليل نهار ، فالمواقف تكشفه ، والمحن تُظهر خباياه ، والواقع يجلِّي حقيقته الكاذبة ، فالخيانة مرض عضال لا تخفى علاماته وأعراضه مهما تستَّر صاحبه وتخفَّى.. إنّ الدفاع عن الوطن لا يكون بالجعجعات الإعلامية التي يجعجعها البعض ليل نهار على المنابر التلفزيونية و الإعلامية و على مواقع التواصل الاجتماعي وعندما يجلسون بين الناس، فأن توهم الناس بأنك تحبهم وتحب الوطن وتسرقهم في أول فرصة سانحة فهذا من قلة الأخلاق وهو عيب كبير وهو خيانة للوطن والأمة، فالدفاع عن الوطن يكون أولاً بالوعي التام الذي يتوجب أن يتحلى به كل أبناء الوطن، فمصلحة الوطن يتوجب أن تكون أولاً وقبل كل شيء أي قبل أية مصلحة ضيقة كانت ما شاء لها أن تكون، فالمصالح الضيقة كثيرة ومتنوعة فربما تكون مصلحة مادية أو حزبية أو سياسية أو اقتصادية أو أي نوع آخر، فكل هذه المصالح هي أنواع مختلفة لمصالح ذاتية فردية بحته، لا ترتقي لأن تكون مصلحة جماعية لكافة أبناء الوطن..

من الوقاحة أن نجد من يُهلّل لمطالب الإستقواء بالخارج و يتآمرون وينفقون الأموال ضد إرادة الشعب… يستقصون أي حوار أو تصريح من شخوص نافذة في العالم، فيهلّلون ويطبلون ويستبشرون بكل قول وموقف يمس من تونس وسيادتها ويهدد أمنها واستقرارها واقتصادها… ويحزنون ويموتون غيظا من أي تصريح أو موقف فيه اعتراف بتونس ودعم ومساندة، وآخر ذلك، كان بيان الخارجية الامريكية الداعم والمساند للقرارات الأخيرة التي وضع بها الرئيس قيس سعيّد رئيس الجمهورية المنتخب، خارطة طريق بجدول إصلاح دستوري وقانوني لما أفسده حكام العشرية السوداء.. هل تصدّق أنّ دُعاة الديمقراطيّة المُزيّفة و المتباكون عليها و المتلّونون و “قلاّبي الفيستة” من أهل الديمقراطية والمنظّرين لها وحاملين لواءها وأعلامها وشعاراتها بل ومستعدّين للشهادة من أجلها ودفاعا عنها.. ؟ إنّ دُعاة الدفاع عن الديمقراطية المُزيفة لا يمكنهم الاستماتة في الدفاع، لأن الأوراق انكشفت و أنفضح “الملعوب” ، إنّ ما يسمى بـ “الديمقراطية” في الشكل، و “ ديمقراطية الغنيمة ” في الجوهر، لا يطيقها التونسيون ولا يريدونها، هذه الديمقراطية المزيفة الستار للسيطرة على البلاد ومقدراتها من قبل القلّة المؤدلجة و من لفّ لفّهم ، ولقد رأى الشعب التونسي ديمقراطية الإخوان وحلفائهم طيلة السنوات الماضية، وأكتووا بنارهم وقاسوا ظلمهم وتفريطهم، وكيف أنهم قدموا مصالحهم ومصالح حلفائهم وتنظيمهم على مصالح الشعب.. المصيبة أن هناك اليوم ممن يصنّفون أنفسهم بالديمقراطيين أحزابا وشخصيات ، من يدافعون عن شرعية برلمان مهزلة حوّله رئيسه الإخواني إلى ما يشبه المزرعة الشخصية له وللمؤلّفة قلوبهم حوله من رموز الفساد والإفساد والتطرف والإرهاب، حجّتهم في ذلك أن الرئيس قيس سعيّد قام بتحريض الشعب عليه تمهيداً لما أسموه بالانقلاب على الشرعية الدستورية ، إنّه التضليل واللعب على وتر قلب الحقائق وتزييف الواقع ، فإذا كان هناك انقلاب فإنه انقلاب الشعب على الإخوان بعد أن افتضحت حقيقتهم وحقيقة ما يرغبون في القيام به من خلال السلطة..

إن هذا التدني السياسي و الأخلاق يؤكد أن الوجوه السياسية ليسوا معارضين لقرارات رئيس الجمهورية كما يزعمون وإنما هم حفنة باعت نفسها وباعت وطنها لمن يدفع أكثر حيث لا مبدأ يجمعهم ولا عقيدة توحدهم وإنّما يوحدهم ويجمعهم مرض الحقد والكراهية ضد تونس.. نحن أمام أُناس لا ولاء لهم إلاّ لعواصف الفوضى و الغنيمة التى شاركوا فى هبوبها على تونس قبل الـــــ 25 جويلية ومازالوا يحلمون بعودة هذه الرياح العاصفة لكي ينساقوا في ركابها مجددا مع أن كل الشواهد تؤكد لكل ذي عينين استحالة أن يحل الظلام بدلاً من النور أو أن ينتصر الشر على الخير مرة أخري!! وفي اعتقادى أن الأسابيع المقبلة سوف تشهد تصعيدا في الصراخ الهستيرى المسرحي ضد القرارات الجديدة التي إتّخذها رئيس الجمهورية قيس سعيّد ، سيتباكون على الديمقراطية المزعومة التي يجددون الرهان على إعادتها و العودة إلى الوراء ، مع أن كل مؤشرات ونبوءات و قراءات التطورات السياسية تؤكد أن عهد الغنيمة و العبث قد سقط ولن تقوم له قائمة مرة أخرى بعد أن استوعب التونسيون كل دروس الفوضى والخراب والانهيار التي واكبت فترة العشريّة السّوداء، بل إنني أعتقد أنهم سوف يعاودون فتح أسواق جديدة لبيع الأوهام وعرض بضاعة جديدة بتجار جدد تحت وهم الاعتقاد بأنهم ربما يتمكنون من اختراق جدار الوعى للتونسيين ومن ثم يحلمون بأن تمكنهم رياح الفتنة والتحريض من إطفاء شموع الأمل المضاءة على طول وعرض البلاد بعد تحرير تونس من مختطفيها ، أعتقد أن مخزون قوة الوعى عند التونسيين هو الضامن الأكبر لبناء قدرة الإجهاض ضدّ هذه المحاولات الصبيانية المتكررة مهما تتعدد المناورات وتتجدد الرهانات عند الذين يحركون هذه الدمى ويحرضونهم على الدولة و شعبها..

إنّ مصير الوطن في كل مكان يقرّره أبناؤه الصادقون وحدهم، و المتآمرون من داخل الوطن و الفاعلون من خارجه لا يصنعون سوى التمدّد في الفراغ و الدفع بالبلاد إلى الفوضى و الإنهيار ، فهم باعوا ضمائرهم وأصبحوا يواجهون الشعب بالإستنجاد بالدوائر الخارجية و يدفعون نحو العودة إلى الفشل الذّريع و إلى ديمقراطية فاسدة و مزيفة و لو حتى على حساب بيع البلاد..و بالتالي جوهر هذه الأزمة السياسية هو النظام السياسي الهجين و النظام البرلماني العاجز والمنتج لطبقة حاكمة فاشلة وانتهازيّة وهي ليست خيار شعب؛ بل هي نتاج واضح للوبيات المال والفساد التي تتحكم في المشهد السياسي التونسي منذ العام 2011، و أعتقد أن كلفة تغيير الدستور أقل بكثير من كلفة بقائه و هو الشرط الأوّل والأساسي لأي تغيير جذري في المجالات الأخرى، و من الضروري أن تتجدد الشرعية السياسيّة على أساس المشروعيّة الشعبيّة و يجب أن تعود للتونسيين المشروعيّة وسلطة الإختيار لإستفتائهم الحرّ والمباشر على النظام الانتخابي الذي يناسبهم ونظام الحكم الملائم والقيام بالإصلاحات المأمولة بما يُلبي طموحاتهم نحو قيام دولة عادلة تقطع مع الفشل و الفساد و تكريس دولة القانون و المؤسسات و محاسبة الفاسدين.. لم يعدّ هناك خيار سوى الإصطفاف خلف الدولة و لا خط ثالث و لا خط رابع.. و لا نظام خفي و لا إنحرف بمسار الـــــ 25 جويلية و لا هم يحزنون، الشّعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات و هو من يمنح الشرعيّة برضاه وهو الذي يسحبها منهم.. اليوم أمام الوطنيين الصادقين خيارين لا ثالث لهما؛ إمّا أن يتّحدوا معاً ويدعموا المسار التصحيحي التاريخي للخروج من عنق الزجاجة المتعفنة و إمّا أنّ يرتكبوا خطأ تاريخي.. و بالتالي في المرحلة المقبلة، علينا توعية أبناء وطننا بضرورة أن يأخذوا الأمور الجارية بالجدية اللازمة، وينتبهوا إلى ما يحيط بنا من تآمر وتكالب لقوى الشر من الداخل والخارج ، التي وإن اختلفت هوياتها فهي تتفق على هدف النيل من بلادنا ومن مصالحنا الوطنية المشروعة..

الشّعب التونسي أصبح يتابع ما يدور في البلاد و لن تنطلي عليه سياسة التكمبين و الترهدين وبات على دراية كافية بما يجول ببال المتلّونين و المتآمرين من سيناريوهات محبوكة في حدود مصالحها الضيقة، دون مراعاة حقيقية لمصالح البلاد وما تحتاجه كل مرحلة من خطط وتدابير تتماشى مع متطلبات المرحلة الإستثنائية.. إذ لابدّ على التونسيين الأحرار أن يدركوا حجم أخطبوط الفساد الجاثم على الدولة و أنّ الرئيس قيس سعيّد هو الفرصة الوحيدة لإنقاذ البلاد من الخطر الجاثم على الدولة و الكاتم لأنفاسها، و لن يتحقق ذلك، إلاّ بتطهير البلاد من القيود السّامة لهذا الاخطبوط و لن يكون ذلك، إلاّ بتطهير القضاء و محاسبة السرّاق و طيّ الصفحة التعيسة من تاريخ تونس..

عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023