الشيخ راشد بين نصيحة المكي ودعوة الشويهدي… بقلم محمد الرصافي المقداد

الشيخ راشد بين نصيحة المكي ودعوة الشويهدي… بقلم محمد الرصافي المقداد

عندما يكتب مدير مكتب رئيس حركة النهضة استقالته، وينشرها في تدوينة على صفحته في الفايسبوك، بلسان رجل واع بما يفعل، مؤمن بان قراره الذي اتخذه – فيما يبدو بروية ودون عجلة – يعبر في مضمونه، عن مسيرة من المعاناة والمكابدة، والصراع الشخصي الداخلي، الذي عاشه مع كل التجاوزات التي تراكمت في محصلة فكره، الى اليوم الذي فاض رصيدها، ولم يعد لديه طاقة للتحمل، حتى كادت يقتل فيه كل رغبة في العمل السياسي، لولا تعبيره الذي أشار فيه، بالبقاء ضمن قواعد الحركة، وان كان ذلك فيما يبدو، من باب سد ذرائع من سيتدخل لثنيه عن قراره، واقناعه بالعودة الى العمل السياسي، ضمن خطة اخرى، في صلب قيادة الحركة، ولا أعتقد أن رئيس الحركة في مستوى المسامحة على هذا القرار ونشره، بل لعله لا زال من برجه العاجي يعتقد أنه صاحب الحركة الأوحد وله حق القرار الأول والأخير.

رسالة من رجل مناضل حر، وهب نفسه لله قبل أن يهبه للحركة او رئيسها، وموقعه في صلب الحركة، يشهد له بانه على قدر كبير من الثقة به كشخص، وموقعه الذي تبوأه كمدير مكتب زعيم الحركة، ولم ينله اعتباطا ولا مجاملة، حقيق به وبرسالته، ان يمثلا وقفة تأمل لهياكل الحركة، من مكتب سياسي، ومجلس شورى، وقيادات جهوية، وتقييم مسؤول لما قدموه من اجل مصداقية الحركة، من اجل استعادة الثقة قد تردت الى الحضيض، حيث بدت النهضة اليوم في أسوأ حالاتها، قد ازدادت بعدا عن طموحات وتطلعات الشعب، ولم تحقق من أهداف الثورة شيئا تقريبا.

ولئن كان اوان المراجعة، وتفادي النقائص، وتصحيح الاخطاء قد آن، بعد الرسالة التي وجهها القيادي عبد اللطيف المكي، الى رئيس الحركة الشيخ راشد والمعبرة عن تململ ابداه رجل من الصف الأول لقيادة الحركة، له ميزانه واعتباره، لكنها بقيت رسالة وموقفا يتيمين، وأن خفي عنا ما أمكن اخفاؤه، وطبيعة السياسيين – الا ما رحم ربي – عدم الوضوح والصراحة في المكاشفة، الى ان حلت مصيبة الحركة في الانتخابات الرئاسية الحالية، وفشل الشيخ مورو في الترشح الى الدور الثاني، فشلا يعزى الى سوء تقدير النتائج وعدم ضمان ارتقاء المرشح الى الدور الثاني على الاقل، مما يؤكد تآكل شعبية الحركة الى حد قواعدها فقط، بل أعتقد أن حتى تلك القواعد، فيها من عبر عن عدم رضاه بالسياسة المتبعة من طرف رئيسها، مما أسهم في استقلال قسم منها بالرأي، في اختيار مرشح آخر، راوه أجدر من الشيخ مورو.

واختيار الشيخ مورو مرشحا للرئاسية عن الحركة، فرضه رئيس الحركة، مقابل الدعوات الملحة، والتي أعتقد أن زبير الشهودي كان من ضمن أصواتها، التي ارتفعت منادية بتزكية مترشح من خارج الحركة.

ويمكن أن يكون قرار الشيخ راشد الذي اتخذه وقام بتنفيذه، من تغيير لرؤساء قوائم الحركة في الانتخابات التشريعية، المطلة على الابواب، إضافة إلى تسريبات لم متاكد من مدى صحتها، تقول ان مفاوضات جرت بين من يمثل نبيل القروي والحركة، بشأن دعمه في الدور الثاني، وهذا ان صح يعتبر قاصم الظهر لسياسة حركة، بدأت مشوارها النضالي ضد دكتاتوريين بورقيبة وبن علي بتضحيات جسام، لقي فيها أبناؤها شتى انواع الاضطهاد والتنكيل، قدموا فيها ما قدموا من ضحايا، تسببت عن تشتت عائلات، وانتهاك حرمات، لا يمكن ان تذهب سدى، في مقابل شراكة في سلطة، لم تقدم شيئا لتونس وشعبها، بل كانت مسهمة في تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية فضلا عن التسبب في الأضرار بسوريا من خلال تشجيع رموز الحركة الشباب على القتال في سوريا.

أخطاء تنظيمية، أهلها من داخلها ادرى بها، وأخطاء استراتيجية، متعلقة بالسياسة الداخلية والخارجية، لخصها استبداد بالرأي، دفع بقيادات من الحركة، على إبداء موقف منها، لعله يسهم في تعديل كفة المسار العقيم، الذي دفع إليه الرئيس المؤسس للحركة.

فهل يستجيب الشيخ الى أصوات صادقة من داخل حركته، فينزل عند مقترحاتها الصائبة، وهي التخلي عن القيادة الفعلية الى رئاسة شرفية، تحفظ له ما تبقى من تاريخ نضاله؟ أم يتمادى في تنفيذ آرائه، مستبدا بها على الاخرين؟

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023