الصراع العسكري في غرب ليبيا… بقلم: د.اسامه اسماعيل  

 الصراع العسكري في غرب ليبيا… بقلم: د.اسامه اسماعيل  

يهدف الجيش الوطني الليبي من حسم معركة طرابلس إلى الرغبة في تغيير الأوضاع على الأرض، وحرمان حكومة الوفاق الوطني من السيطرة على النفط الذي يُعد مصدرًا أساسيًا لتمويل الميليشيات التي تدين لحكومة الوفاق الوطني. بالإضافة إلى ذلك، يسعى الجيش الليبي لتأمين إمدادات النفط في مناطق الغرب(1). وتتخوف الأوساط الليبية في الداخل من تحول حالة الانقسام الحالية بين طرابلس وبني غازي إلى حربٍ أهلية طويلة خاصة في ضوء انتشار السلاح بين القبائل. ويكمن مفتاح انتصار الجيش الوطني الليبي في مهمة تحرير طرابلس في شبكة التحالفات التي يستطيع أن يعقدها مع القبائل والقوات المحلية التي ستؤمن ظهر قواته المتقدمة إلى طرابلس. ويُمكننا الإشارة في هذا السياق إلى أن عملية الوصول إلى طرابلس والسيطرة على الجنوب والغرب الليبي تتطلب مرور القوات على مدن سرت والوسلة التي تُعد معقل قبيلة “بني وليد” أكبر قبائل ليبيا. وقد أشار اللواء “أحمد المسماري”، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي في أحد المؤتمرات الصحفية إلى تجنب قوات الجيش الوطني الليبي استخدام السلاح الثقيل خوفًا على المدنيين ومؤسسات الدولة والبعثات الخارجية في طرابلس. إضافة إلى ذلك، أشار “المسماري” إلى أن عملية طرابلس لا تتعدى مكافحة الإرهاب التي بدأت بعملية الكرامة التي أطلقها الجيش الوطني في مناطق الشرق الليبي عام 2014(2).

وتستند حكومة الوفاق الوطني بقيادة “فايز السراج” على دعم الميليشيات التي شاركت في إسقاط القذافي، وسيطرت على مستودعات الأسلحة في ظل حالة الفوضى التي شهدتها ليبيا بعد 2011. وتتسم حالة هذه الميليشيات بغياب الترابط والتنظيم فيما بينها، ولكن تمكنت حكومة “السرَّاج” مؤخرًا من تشكيل غرفة قيادة مشتركة للربط والتنسيق بين عشرات الميليشيات التي تشكلت لأهداف بعضها يحمل طوابع إما ميليشياتية، أو مناطقية، أو حتى قبلية.

خريطة القوى المسلحة في معركة تحرير طرابلس

تُشير تقارير الأمم المتحدة عن انتشار ما يقرب من 29 مليون قطعة سلاح في ليبيا، وقدَّر رئيس الوزراء الليبي الأسبق “محمود جبريل” عدد الميليشيات المسلحة بأكثر من 1600 ميليشيا(3). في هذا السياق، سنحاول فيما يلي الإشارة إلى خريطة القوى المسلحة في ليبيا، والمؤثرة على سير معركة تحرير طرابلس:

  1. قوة حماية طرابلس: عبارة عن مجموعة من الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق، ومن أبرزها “كتيبة ثوار طرابلس” التي تنتشر في شرق العاصمة طرابلس، و”قوة الردع” التي تتمركز في شرق العاصمة، وتقوم بدور ومهام الشرطة. وتعتنق قوات الردع الفكر السلفي الذي يغلب عليه التشدد، و”كتيبة النواسي” التي تسيطر على القاعدة البحرية بطرابلس.
  2. قوات الجيش الوطني الليبي: تُسيطر قوات الجيش الوطني على معظم مناطق الشرق الليبي، وما يُسمى بالهلال النفطي على ساحل المتوسط، وتعمل حاليًا على مد سلطتها في طرابلس لتحريرها من الميليشيات وفق للأهداف المحددة التي أعلنها المتحدث العسكري لقوات الجيش الوطني. ويُعول العالم على قوات الجيش الوطني بقيادة المشير “حفتر” لحسم حالة عدم الاستقرار التي تجاوزت تأثيراتها الحدود الليبية. وتتكون قوات الجيش الوطني من أبناء القبائل، وضباط سابقون في الجيش الليبي، ويبلغ قوامها بين 30، و45 ألف مقاتل.
  3. فصائل الزنتان العسكرية: تغلب الأهداف القبلية والمناطقية على تحركات فصائل الزنتان؛ إذ تسيطر هذه الفصائل على مدينة الزنتان، وتسيطر على حقول النفط في مناطق الغرب، ورغم معارضة هذه الفصائل للتيارات الإسلامية المتشددة المنتشرة في العاصمة إلا أنها ترتبط بعلاقات قوية بحكومة الوفاق الوطني.
  4. كتائب مصراتة: تُمثل مدينة مصراتة مفتاح السيطرة على طرابلس، وذلك لوقوعها في منتصف الطريق بين سرت وطرابلس، وينشط بها عدد من التنظيمات المسلحة المشكلة أساسًا من القبائل الليبية. وتعادي هذه القوات تقدم الجيش الوطني ناحية العاصمة، وتتحالف مع فصائل إسلامية موالية للمفتي “صادق الغرياني”، وتمكنت من الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية عام 2016، وتسيطر حاليًا على مدينة سرت.
  5. قوات فجر ليبيا: تضم قوات فجر ليبيا عددٍ من الميليشيات التابعة للحركات الراديكالية، ويرتبط بعضها بحزب العدالة والبناء (الذراع السياسي لجماعة الإخوان)، وتضم قوات فجر ليبيا ميليشيات درع ليبيا الوسطى، وغرفة ثوار ليبيا وعددٍ من الكتائب التابعة للقبائل. تجدر الإشارة إلى أن قوات فجر ليبيا دخلت في صراعٍ محتدم مع قوات الجيش الوطني عام 2014.

ختامًا؛ يُمكن أن تؤثر تحركات الجيش الوطني الليبي لاستعادة طرابلس على مستقبل عملية التسوية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة. وفي هذا السياق، يُمكن الإشارة إلى سيناريو نجاح الحملة العسكرية للجيش الوطني في تحرير طرابلس خاصة بعد سيطرته على عددٍ مهم من المدن الليبية مثل غريان وصرمان مستندًا في ذلك على الدعم الدولي والإقليمي الذي يسعى إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا، ومن ثم بدء العملية السياسية وفق ما سيعكسه توازن القوى على الأرض. ويتمثل السيناريو الثاني في تمكن الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق من الصمود أمام زحف الجيش الوطني، ومن ثم تحول الموقف الدولي والبدء في إطلاق عملية سياسية شاملة بين الأطراف الليبية المتصارعة، وهو ما سيقوي من موقف حكومة الوفاق التفاوضي.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023