العداء للإسلام هل هو طبع “ثعلب الإليزيه” أم استعطاف اليمين المتطرف؟…بقلم مريم المقداد

العداء للإسلام هل هو طبع “ثعلب الإليزيه” أم استعطاف اليمين المتطرف؟…بقلم مريم المقداد

تصريحات ماكرون المعادية للإسلام المحمدي جاءت بعد إطلالة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله. وبيان الأوضاع في لبنان والعالم، متوجها بجزء من خطابه للرئيس الفرنسي، إثر تدخله السافر في الشأن اللبناني، طمعا في أن تكون له الحصة الهامة، في مشروع الشرق الأوسط الجديد، ودورا رياديا لمضاعفة ما تبقى من رصيد شعبيته المصفّرة قبيل الانتخابات .

وحتى يتحاشى الانتقادات لفشل سياسته الداخلية، بعد عجزه عن حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، التي أثارها أصحاب السترات الصفراء، والعاصفة بمستقبله السياسي، ولكي يواري خيباته في إدارة الأزمة اللبنانية، وقبلها السقطة المدوية في مالي، وبداية النهاية آماله الاستعمارية، وتضاؤل حظوظه في ليبيا، وتصاعد وتيرة فشله وخيبته هنا وهناك، أطلع الثعلب الفرنسي رأسه من مغرزه معلنا بعنصرية فاضحة، ونزعة لائكية اقصائية، أن الإسلام يعيش أزمة في جميع أنحاء العالم.

فأي الإسلام يقصده ماكرون في أزمة ؟ هل الإسلام السياسي رجالاته صنيعة مخططات محوره الاستكبارية، قد تسلطوا على رقاب الناس، بتواطؤ منهم وخدمة لمصالحهم، وتنفيذا لأجنداتهم هيمنة ونفوذا ونهبا للثروات والخيرات؟ أم إسلام الإرهابيين المجندين في أوكار سفارات الجوسسة، أو كما نعته بالإرهاب الإسلامي، الذي هو وليد تلاقح جينات الكراهية الغربية، والأحقاد الوهابية المستنسخة في مختبرات الغرب الاستعماري، ثم نفثوا تلك السموم الفيروسية في البلدان العربية والإسلامية، قتلا وذبحا وتدميرا وتفكيكا فتنويا طائفيا ؟

هل قرأ ماكرون عن دجل رجال الدين في القرون الوسطى، الذين صوّروا الإسلام بصورة عدوانية للإنسانية، حتى راق له أن يحذو حذوهم كذبا وتعصبا وحقدا؟ وهل قرأ عن نبوءة الكاتب الايرلندي برنارد شو، بانتشار الإسلام في ربوع أروبا قائلا ( لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولا لدى أوروبا غدا، وقد بدأ يكون مقبولا لديها اليوم). فارتاع طافقا يحرّض على سنّ قوانين، هي بمثابة وصمة العار على ما يسمى بلاد التنوير، وعلى مبادئ الثورة الفرنسية ؟

لقد نسي ماكرون، أو الأحرى تناسى أن للإسلام ربّا حافظه من التحريف ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (الحجر الآية 9)، ولن يطاله ما طال الشرائع السابقة كاليهودية والمسيحية من التحريف والتزييف، فأفرغت من مضمونها القدسي، وزال عنها مدد السماء الذي يبقى من خواص الإسلام المحمدي، حيث تنزل الملائكة والروح فيها بأمر الله، على من اصطفاهم لرسالته مصداقا لقوله تعالى: ( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ) القدر الآية 4.

كما نسي ماكرون أن الإسلام المحمدي، الدين الإلهي الخاتم، الذي ارتضاه الله عز وجل للثقلين الإنس والجن، هو الذي يسود العالم محبة وعدلا وسلما، وأن المسيح المرفوع سينزل الى الأرض، ويصلي خلف المنقذ المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله، الذي سيظهر ويطهر الأرض من رجس الاستعباد ودنس الاستبداد.

وما مزاعمه من أزمة الإسلام المزعومة، إلا مخاوف أثارها اشعاع الإسلام المحمدي في العالم عامة، والقارة العجوز خاصة، الذي كان للجمهورية الإسلامية الإيرانية دور الريادة، في انتشار الدين كما جاء به النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وتعهد بحفظه من التزييف والشوائب الجاهلية، عترته الطاهرة عليهم السلام، فهوت أفئدة المستضعفين الفطرية إلى الإسلام، لسماحته وقيمه الروحية، ومبادئه العليا التي لمسها العالم، في سلوك وأخلاق أحفاد سلمان المحمدي، الأتباع الصادقين لنهج أهل البيت عليهم السلام.

كان الأولى والأحرى، إذا كانت نواياه صادقة في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، أن يتحدث عن الأصولية الصهيونية، تلك الغدة السرطانية التي زرعها الغرب في قلب الأمة الإسلامية وعربدتها في المنطقة، اغتصابا وقمعا وقتلا وتشريدا لأصحاب الأرض الحقيقيين الشعب الفلسطيني، لا أن ينحاز إليها مساندا، ومتعاميا على جرائمها في حق الإنسانية.

ولكن الطبع يغلب التطبع، والفكر يعري التصنع، والثعلب الفرنسي طبعه المداهنة والمراوغة، استعطافا لليمين المتطرف، في كسب دورة رئاسية ثانية برصيد مريح من بوابة الإسلام، ومزاعم الأزمة الموهومة حالما باقتلاعه من أوروبا ، وهيهات له ذلك، فالله متم نوره (بآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) (الجمعة الآية 3) قوم سلمان المحمدي، شعب إيران الإسلام الذي آمن بعاشوراء الحسين عليه السلام، عنوان ثورته مسيرة ومنهجا، فتصدر المراتب الأولى، اقتصاديا وعسكريا وثقافيا، رغم الحصار الجائر الذي تخطى العام الحادي والأربعين، وذلك من بركات الإسلام المحمدي الأصيل، الداعي إلى التعايش السلمي والوحدة ونبذ الفرقة والشقاق.

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023