الغرب وترامب وأكذب الحديث… بقلم: محمد الرصافي المقداد

الغرب وترامب وأكذب الحديث… بقلم: محمد الرصافي المقداد

ما كنت احسب ان الغرب يكذب، حتى وقفت عند أبواب دعايته، عندما كبرت ووعيت، وفهمت ان منطقه لا يتعدى الكذب إلى صدق ابدا، وان صادف صدق، فإن صدقه منمّق بكذب لا شك فيه، يريد أن يصرف به وجوهنا عن حقيقة تضره.
سياسته خداع ودهاء، واعلامه تخصص في تهويل حال أصحابه، واستنقاص ما سواهم، علاقاته مع الدول التي استعمرها من قبل، ولا زال مهيمنا عليها سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا، علاقة استكبار واستعلاء – فوقية مستكبرة – وكل من خضع له من تلك الدول، فقدت القدرة على الاستجابة لمصالح ومطالب شعبه، وذهبت جهوده في خدمة مصالح الغرب إلى أبعد مدى.
ما لم يفهمه أغلب حكام العرب، وشريحة متعفنة بالتبعية ملتصقة به، غرقت في مستنقع ثقافته المعادية للإسلام المحمدي الاصيل واتباعه، ان الغرب ايّا كانت أعلامه، اناني حاقد، وعدو بلباس صديق مخادع، لا يملك من صداقته غير التظاهر الذي لا يعكس حقيقة نواياه الشيطانية.
ومع ذلك تستمر هرولة الانظمة العربية اليه، بعدما دقت على اعناقها ربقة التبعية والعمالة له، بسياساتهم العمياء التي لا تبصر حقا لشعوبها، في الخلاص من مسار أعوج، لم تجني منه سوى تفاقم الازمات والمشاكل.
فنون الكذب لم نكن نتبينها بالدليل من قبل – فما كان يأتي من الغرب من أقوال لا تجد من يصدّها بالدليل – إلى أن جاءت الثورة الإسلامية في إيران، بعناوينها ومشاريعها وفكرها المحمدي الاصيل، فكشفت لنا مدى زيف الغرب بمسمياته وشعاراته، بحيث عرّى الإمام الخميني سوأة هذا الدّعيّ، كاشفا إياه على حقيقته.
من بين دعايات الغرب وتصريحات ساسته الكاذبة، كل الحملات التي شنها على ايران الإسلامية، من أجل اقصائها من مناخها الإسلامي، وعزلها عنه بفعل ما روّجه – هذا العدوّ الخبيث بالمنطق القرآني – حتى لا تنتشر ثقافتها الثورية، المستمدة من عمق الفكر الإسلامي، الذي يرفض اي شكل من أشكال الولاء والتبعية للغرب، فلا ولاء الا لله واهل ولايته الحقيقية.
لقد كذب الغرب علينا، وما زال مسترسلا في سلسلة بهتانه، وجاءنا طوال هيمنته على بلداننا بافك مبين صدقناه، حتى كاد يستقر في العقول أمرا واقعا لا مفر منه، لكنه بالموقف الإيراني، ظهر سرابا لا حقيقة وراءه، ويزداد تعرية وافتضاحا يوما بعد يوم.
الرئيس الأمريكي ترامب وفي معرض حديثه عن خبر إسقاط الطائرة المسيرة الإيرانية قال:” هذه أحدث حلقة من مسلسل طويل، من الأعمال الاستفزازية والعدائية، التي تقوم بها إيران ضد السفن العاملة في المياه الدولية. معللا بالقول: ان الطائرة الإيرانية المسيرة اقتربت من السفينة “يو إس إس بوكسر” Uss boxer أقل من ألف ياردة، مما دفع بالسفينة الحربية إلى القيام بعمل دفاعي، أسفر عن تدمير الطائرة المسيرة.

https://www.facebook.com/alme7war.net/videos/349057589346310/?app=fbl

الى هنا يبدو اعلام ترامب – اذا تجاهلنا حملته المسعورة ضد ايران – رد فعل على إسقاط طائرته يعتبر استعادة لبعض ماء وجهه الذي فقده، لو كان خبره صحيحا، لكنه لم يكن كذلك، حيث تبين ان سياسته تجاه ايران، مبنية على هذا الأساس من الكذب وتزييف الحقاىق وتهويل الأمور، لتصب في صالح الاستراتيجية الأمريكية والغربية، في اخافة الشعوب وحكوماتها، من أن هذا الغرب بزعيمته، عالية همّتهم، بحيث لا تعلو عليها همّة احد، ومن يجرؤ على ذلك، فإن مصيره الزوال والفناء والدمار، كما صرح ترامب بشأن ايران، ونقض تصريحاته بسلسلة تراجعات، فرضها عليه واقع وحقيقة ايران، التي لم يعلم منها إلى حد الآن سوى القليل .

المؤسف هنا تصديق العالم لترامب وخبره، وتناقله السريع من طرف أسرى الدعاية الغربية، واخطبوطها الاعلامي الذي لا يرى ولا يسمع بغير دعاية الغرب وعملائه.
ولم يتأخر الرد الإيراني على مزاعم الأمريكي رئيسا وجيشا، بأن أعلنوا كذبها، ونشروا مقابلها فيديو مصور من نفس الطائرة، يدحض مزاعم إسقاطها، قبل اعلان ترامب وبعده، لتنخرس ألسنة الدعاية الكاذبة، ويظهر الغرب بزعيمته في موقف صعب لا يحسدون عليه.
اخيرا اقول لعل الرئيس الأمريكي قد استفاق من نومه، على حلم إسقاط الطاىرة الإيرانية، رد فعل وهمي على إسقاط طائرته، فأعتقده حقيقة، وهذا ألطف التماس عذر له ولطاقمه، وخلاف ذلك، فليس ترامب سوى كاذب، لا يتورع عن الكذب وتزوير الحقاىق، كلما اصطدم بواقع لا يستطيع تغييره، والواقع الإيراني اليوم تحول إلى كابوس حقيقي، يطارد جميع اعداء ايران، وفي مقدمتهم ترامب.
بريطانيا التي احتجزت في مضيق جبل طارق ناقلة نفط إيرانية، متجهة إلى سوريا، أنكرت جنسية ناقلتها، التي احتجزتها قوة من الحرس الثوري، تنفيذا لسياسة المعاملة بالمثل، التي اعتمدتها ايران للوقوف في وجه أعدائها، قطعا لطريق الغيّ الذي انتهجوه ضدها، وفي اعتقادهم انه سيجدي لهم نفعا.
الغرب بترساناته العسكرية، التي يدّعي أنها ضمانة للأمن في المنطقة والعالم، ينشر بها الخوف في البلدان التي لا تملك حكوماتها شعبية تذكر، يعتبرونها ضمانة حكمهم واستدامة سلطانهم، وفي اعتقادهم ان مظلة ارهابهم ستغطي ايران أيضا، لكن هيهات ان يكون الخوف والجبن ايرانيا بعد الثورة الإسلامية، قد يستفيق الغرب إلى أنّ فخاخه لن توقع ايران في شيء مما أمّله، ويستحيل عليه تغيير نظامها الإسلامي، حتى على المدى البعيد، وعليه ان يراجع مواقفه قبل فوات الأوان.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023