الكورونا والمساجد: لا تتزاحموا واتركوا فرجات للملائكة!…بقلم أ. كريم حمدة  

الكورونا والمساجد: لا تتزاحموا واتركوا فرجات للملائكة!…بقلم أ. كريم حمدة   

استبشرنا سنة 2011، وظننا تحرر المساجد: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّـهِ﴾ فحسب، ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّـهِ أَحَدًا﴾. فما راعنا إلا خروجها مِن أسر الدكتاتورية إلى الأسر الإخواني والأسر السلفي- الجهادي،  وأصبح من حقهما طرد مَنْ تشاء من المصلين، بتعلة أنه غير حنبلي أو غير سلفي، أو لا يريد إسقاط الدولة السورية، وأصبح هناك تجسس على كيفية الوضوء والصلاة بالميضأة والمسجد.

فبناءً على «أخطاء» في الوضوء، وقع طرد أعضاء بجمعيات مدنية حتى البيئية منها. وأصبح الشعار هو: «تزاحموا وتراحموا، ولا تتركوا فرجات للشياطين» (وهو حديث لا أصل له كما يعترف ابن باز والألباني)، إلى حدّ دوس الأقدام وضرب المناكب والتوسيع المفرط بين القدمين، وشمّ رائحة الجوارب أثناء السجود. والأسوأ، ظهور رفع الأصوات داخل المساجد. فأمام نظري وقع طرد عمتي من إمام جديد جاءت لتصلي الظهر عند الحائط المقابل للقبلة بتعلة أنها لم تصعد إلى سِدة النساء، وهي عجوز لا تقدر على ذلك. بينما منعت زوجة الإمام السلفي (مدرسة التربية الإسلامية) خالتي المسنة من استعمال كرسيها في ليلة رمضانية لأنه «حرام». وأمام نظري كان نَهْر مصلِّ ذي إعاقة للمؤذن لأنه لم يقم الصلاة منذ ربع ساعة، فردّ عليه بنهر مماثل: «أنا أنفذ كلام الإمام!»، فهرول الإمام الذي كان منشغلا بالنوافل والدعاء مشيرا له بالبدء في الصلاة، وكانت كل ركعة تدوم حوالي 5 دقائق. وهذا تكرر بحضوري عديد المرات. وكثيرا ما كان اللغط حول خلاف في طريقة الصلاة (مالكية او حنبلية، وضع اليدين على الصدر أو على البطن…)، بل في وجهة القبلة حتى في مساجد تاريخية عتيقة، وفي صفات الله( تيموية او أشعرية)…

بالكورونا، ساد شيء من السلام بالمساجد. أصبحت هناك فُرجاتٌ للملائكة، ولم يَعد هناك تزاحم، بل هناك رحمة للمناكب والأنوف والأقدام، وظهرت السجادات الفردية بدلاً من الصلاة فوق الزرابي المليئة غبارًا ورطوبة وعرقا، ولعلنا أخطأنا بالتخلي عن حُصُر صحية من سعف، توضع أمام الشمس فيرتفع عنها كل غبار وكل رطوبة. ونقص رفع الأصوات، ولكنه مازال موجودا…

بعض المساجد مازال أئمتها من الذين نادوا بالحرب الأهلية في سوريا معبئين عديد الشبان في سبيل ذلك، وبعضهم موجود في البرلمان. وبعض تلك المساجد مازال المشرفون عليها مصرّين على أن القران الذي يرفع يوم الجمعة يكون بصوت السديس، الذي يشرعن قتل غير الوهابي، ويشرعن العمالة السعودية لترامب، معتبرا إياه مخلصا للمسلمين وللعالم، ويشرعن التطبيع …

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023