المرأة الفلسطينية بين عنف المحتل وسطوة المجتمع الذكوري…بقلم إيمان عنان*

المرأة الفلسطينية بين عنف المحتل وسطوة المجتمع الذكوري…بقلم إيمان عنان*

يعتبر العنف ضد المرأة أحد الانتهاكات الأكثر انتشاراً لحقوق الإنسان، ويحدث بشكل يومي في جميع أنحاء العالم، فعلى الصعيد العالمي، تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي، ويُعرف بأنه العنف الموجه ضد المرأة بجميع أشكاله، الجسدي، النفسي، الجنسي، اللفظي، والحرمان الاجتماعي والاقتصادي والتهديد، والإكراه.

تأثير الاحتلال على المرأة الفلسطينية

تتعرض المرأة في فلسطين إلى أنواع متعددة من العنف على الصعيد الدولي والمتمثل في الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعمل على زيادة العنف لجميع أفراد المجتمع وليس النساء فقط، ولكن النساء تتعرض إلى عنف مضاعف بسبب العنف الاجتماعي والتهميش الذي تتعرض له على المستوى الداخلي، حيث يمارس الاحتلال أشكال مختلفة من العنف ضد المرأة مثل الضرب والشتم والتحرش الجنسي والولادة على الحواجز وهدم المنازل والتفتيش على الحواجز وصعوبة الوصول إلى المراكز الصحية والعمل والمدرسة، كما أثر الاحتلال على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لدولة فلسطين، ولا سيما المرأة، حيث تعرضت المرأة لانعدام الأمن الاجتماعي والاقتصادي والعنف بكافة أشكاله.

العنف ضد الأسيرات في فلسطين

يقوم الاحتلال باعتقال عدد كبير من الأسيرات ويحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية وهو الحق في الحياة، والذي أسفر حتى الآن عن استشهاد العديد من الأسرى والأسيرات، فلا تزال سلطات الاحتلال تعتقل المرأة والقاصر في السجن الذي يطلق عليه اسم سجن “الدامون” بالقرب من حيفا، وتحتجز الأسيرات الفلسطينيات، على الرغم من أن ذلك يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولبة التي حددتها الأمم المتحدة للتعامل مع الأشخاص المحتجزين أثناء الحرب، كما تتعرض الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال لعملية ممنهجة من التعذيب والانتهاكات اليومية لحقوقهن التي أقرتها المعايير الدولية تبدأ من لحظة الاعتقال وتستمر أثناء التحقيق والاحتجاز.

استهداف الاحتلال للصحفية شيرين أبو عاقلة

ومن ضمن جرائم الاحتلال الهادفة إلى إسكات الصوت الفلسطيني الذي يفضح جرائم الاحتلال، هو قتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، وهي ترتدي شعار الصحافة أثناء تأديتها لواجبها المهني في جنين، مما يُعتبر انتهاكاً لكافة المواثيق والأعراف الدولية، وخاصة تلك التي تنظم عمل الصحافيين والصحافيات أثناء النزاعات والاستعمار.

العنف المجتمعي ضد المرأة الفلسطينية

ويتمثل الصعيد الثاني في العنف الداخلي من خلال الأسرة والمؤسسات المجتمعية، والمعايير الأبوية السائدة التي تُفاقم من هذه الأوضاع، والتمييز العنصري في التوزيع غير المتكافئ للسلطة والموارد. حيث تواجه نساء فلسطين العنف المبني على النوع الاجتماعي والمرتبط بالرؤى والمفاهيم والسلوكيات والسياسات والتشريعات الأبوية، مما يجعل المرأة تتحمل مسئوليات ومهام وأعباء العمل المنزلي والرعاية النفسية والاقتصادية والاجتماعية للعائلة ككل، دون منح هذا الدور قيمة اقتصادية وحماية اجتماعية، مما يعزز من استغلال المرأة، ويحد من مشاركتها في سوق العمل.

إحصائيات تشير إلى العنف ضد المرأة الفلسطينية

أشارت دراسة للأمم المتحدة للمرأة عام 2009 شملت 1100 امرأة إلى أن نسبة العنف ضد النساء زادت بعد الحرب على غزة عام 2008

وأظهر مسح للعنف الاسري في فلسطين أن حوالي 37%من النساء اللواتي سبق لهن الزواج تعرضن لأحد اشكال العنف من قبل أزواجهن 29.9% في الضفة الغربية مقابل 51.1% في قطاع غزة.

  وبلغت نسبة اللواتي تعرضن لعنف نفسي لمرة واحدة على الأقل من هؤلاء السيدات 58.6%، 55.1% تعرضن لعنف اقتصادي، 54.8% لعنف اجتماعي، 23.5% لعنف جسدي، 11.8% لعنف جنسي (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2012)

وفي عام 2015 تم رصد وتوثيق 15 حادثة قتل لنساء وفتيات فلسطينيات، في حين تم رصد 18 حالة قتل اخرى خلال عام 2016، وفي عام 2017 سجل مركز المراة 30 حالة قتل.

  وخلال عام 2016 استقبل المركز424 امرأة وفتاة لتقديم الخدمات المختلفة لهن، فيما واصلت القانونيات والاجصائيات متابعة 184 قضية من الاعوام السابقة، وتم تحويل 25 امرأة وفتاة للإقامة في “البيت الامن”.

 أما عدد الحالات التي استقبلتها مرشدات المرأة في مديريات الشؤون الاجتماعية فقد وصل إلى307 حالة خلال عام 2015،  واقتضت الضرورة إدخال 61 امرأة وفتاة  إلى البيت الآمن.

 وفي عام 2016 استقبلت 874 امرأة وفتاة اخرى، واقتضت الضرورة تحويل 40 الى مركز حماية وتمكين المرأة والاسرة.

وفي عام 2018، تم تسجيل 24 حالة قتل بواسطة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، ويقوم المركز بإعداد تقرير تحليلي حول حالات القتل كل عامين، لاستعراض السياق الاجتماعي والقانوني والثقافي للحالات التي تم توثيقها، من أجل تقديم التوصيات والمطالب للضغط على صناع القرار بتوفير سياسات حمائية ورادعة للحد من جرائم القتل. بينما توجهت الى المركز 560 امرأة وفتاة خلال العام 2015 للحصول على الدعم والإرشاد القانوني والاجتماعي بخصوص إنتهاكات لحقوقهن المختلفة.

وتم خلال العام تأمين الحماية ل 60 امرأة كانت حياتهن مهددة بالخطر، عبر تحويلهن للإقامة في “البيت الآمن” التابع للمركز”.

 حالة قتل سجلها مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، ويقوم المركز بإعداد تقرير تحليلي حول حالات القتل كل عامين، لاستعراض السياق الاجتماعي والقانوني والثقافي للحالات التي تم توثيقها، من أجل تقديم التوصيات والمطالب للضغط على صناع القرار بتوفير سياسات حمائية ورادعة للحد من جرائم القتل. بينما توجهت الى المركز 560 امرأة وفتاة خلال العام 2015 للحصول على الدعم والإرشاد القانوني والاجتماعي بخصوص إنتهاكات لحقوقهن المختلفة. وتم خلال العام تأمين الحماية ل 60 امرأة كانت حياتهن مهددة بالخطر، عبر تحويلهن للإقامة في “البيت الآمن” التابع للمركز”.

وأجرى الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في عام 2019 مسحاً بين أن حوالي 59.3٪ من النساء / الفتيات الفلسطينيات المتزوجات أو اللواتي سبق لهن الزواج من الفئة العمرية (15-64 عام) تعرضن للعنف من قبل أزواجهن، مشيراً إلى أن أعلى معدلات العنف 66.9%  ضد النساء المتزوجات أو اللواتي سبق لهن الزواج من قبل أزواجهن كانت بين الفئة العمرية 20 -24.

وفي قطاع غزة ، كانت النساء والفتيات أكثر تعرضاً للعنف من قبل أزواجهن بنسبة 70.4 في المائة مقارنة بنسبة 52.3 في المائة في الضفة الغربية.

وأظهر المسح ارتفاع العنف النفسي، بنسبة 57% من النساء، بينما طال العنف الاقتصادي 36% ووصلت نسبة من طالهن العنف الاجتماعي إلى 27.6%، بينما تعرضت 18% من النساء للعنف الجسدي، وما نسبته 9% من النساء تعرضن للعنف الجنسي.

 وسجلت المؤسسات النسوية الحقوقية ووزارة التنمية الاجتماعية ارتفاعا كبيرا في معدلات العنف ضد المرأة في فترة جائحة كوفيد، والتي أظهرت هشاشة نظم الحماية للنساء والفتيات.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن الجيش الإسرائيلي قتل حوالي 48 سيدة فلسطينية، واعتقل 184 أخرى خلال عام 2021.

الأمم المتحدة.. مبادرة مناهضة العنف ضد المرأة

جاء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة مع حملة  “اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة” بتاريخ 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر، تحتفل الأمم المتحدة بحملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي وتُختتم في اليوم الذي تُحيا فيه مناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان  10 ديسمبر، في إطار الموضوع العالمي الذي حددته حملة الأمين العام للأمم المتحدة “لوّن العالم برتقاليًا: فلننهِ العنف ضد المرأة الآن!”

وتهدف هذه الحملة، التي يقودها الأمين العام للأمم المتحدة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة منذ عام 2008، إلى منع العنف ضد النساء والفتيات والقضاء عليه في جميع أنحاء العالم، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات عالمية لإذكاء الوعي ولتعزيز الدعوة إلى ذلك الهدف ولإتاحة فرص لمناقشة التحديات والحلول للقضاء على العنف ضد المرأة بكافة أشكاله

الجهود الفلسطينية للتصدي للعنف ضد المرأة

اتخذت دولة فلسطين مجموعة من الإجراءات للتصدي للعنف ضد المرأة، حيث اهتمت بتطوير قوانين مناهضة العنف ضد المرأة وتطبيقها وتطوير خطط عمل وطنية وتحديثها وتوسيعها لإنهاء العنف ضد المرأة، مثل انشاء المحاكم المتخصصة والتدريب على القضاء والشرطة وأوامر الحماية والإنصاف والتعويضات، بما في ذلك قضايا قتل النساء، وتطوير الخدمات المقدمة للناجيات من العنف مثل بيوت الآمان وخطوط المساعدة والخدمات الصحية والقانونية وخدمات العدالة والمشورة، وجمع البيانات كمسح العنف الأسري وانشاء المرصد الوطني للعنف ضد المرأة

حملة مناهضة العنف ضد المرأة في فلسطين

قام الشركاء المحليون والدوليون في الضفة الغربية والقدس وغزة باطلاق حملة 16 يوم لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات في فلسطين تحت شعار: “الحماية…مسار مش شعار”، داعية إلى اتخاذ إجراءات محلية وعالمية للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، وزيادة الوعي حوله، وتحفيز جهود الدعوة لإنهائه من خلال تبادل المعرفة والابتكار.

وتسعى الحملة التي تستخدم اللون البرتقالي لوناً رسمياً لها، إلى دعم وصول الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى الخدمات من خلال رسائل تمكينية، وإشراك الرجال والفتيان وعامة الجمهور في مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات لكسر حاجز الصمت.

وتهدف الحملة من خلال مجموعة من الرسائل الرئيسية التي تبنتها إلى  توفير الحماية للنساء والفتيات في فلسطين من جميع أشكال العنف، وإقرار قانون حماية الأسرة من العنف، وتوفير العناية الواجبة لجميع أفراد المجتمع، والمدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيات الفلسطينيات.

وتنفذ الحملة في فلسطين بمشاركة ما يزيد عن 90 شريك ممن قرروا إظهار التضامن تجاه هذه الحركة العالمية والتصدي لجميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات، من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، والمؤسسات الثقافية الفلسطينية، والشركاء الدوليين، والمؤسسات غير الحكومية الدولية، وهيئات الأمم المتحدة، والقطاع الخاص، والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والشركاء الإعلاميين.

وتتضمن الحملة مجموعة من الأنشطة التي تم تنسيقها بصورة مشتركة بين كافة الشركاء وتضم مواد خاصة بمنصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى مجموعة من الفعاليات اليومية مثل ورشات العمل، والندوات، والجلسات التدريبية، والعروض المسرحية والفنية، والحلقات الإذاعية والتلفزيونية، وغيرها من الأنشطة.

وزارة شؤون المرأة في قطاع غزة

دشنت وزارة شؤون المرأة في قطاع غزة، حملة إعلامية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وفي مؤتمر صحفي، عقدته الوزارة والحملة العالمية لمناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة (16 يوما).

وأعلنت وفاء أبو ميري، مدير دائرة الرقابة الداخلية والشكاوى عن إطلاق الحملة تحت شعار “لنحميها”، مؤكدة على أن هذه الحملة التي خصصت عالميا للدفاع عن المرأة ومناهضة العنف ضدها، تأتي هذا العام ولا زالت المرأة الفلسطينية تتعرض لشتى أنواع العنف والعدوان على يد الاحتلال، والتي كان آخرها العدوان على غزة في الخامس من أغسطس الذي تسبب في استشهاد 48 فلسطينيا بينهم 4 سيدات و16 طفلا، وإصابة 360 آخرين حسب إحصائية وزارة الصحة”.

وأشارت إلى أن الحملة تأتي في ظل تصعيد الاحتلال الإسرائيلي  وسياساته العنصرية بهدف السيطرة على الأرض عبر التوسع الاستيطاني المستمر وتهويد القدس وهدم البيوت وتشريد أهالينا واستمرار الحصار الذي خلف الفقر بنسبة 59%، والبطالة بنسبة 44%.

جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية

ارتكزت حملة جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية هذا العام على نهج شمولي يربط بين مكونات حرية النساء في كافة الفضاءات.

تكثف الجمعية جهودها مع المؤسسات والائتلافات الحقوقية والنسوية، ضمن حملة ال 16 يوم بالضغط والمناصرة وخاصة في موضوع الحماية الاجتماعية والقانونية للنساء والفتيات من أجل صون حقوق المواطنة في الحيز العام وفي الحيز الخاص.

 وتعتبر الحملة استمراراً لحملة صدى التي انطلقت خلال الأعوام الماضية ومطلبها الأساسي: إقرار قانون حماية الأسرة من العنف، الدفاع عن الحريات، والدفاع حق الأسيرات الفلسطينيات، في سجون الاحتلال، وخاصة حقهن في الحرية.

وتنظم  جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية  مع شركائها في مؤسسة وي ايفكت السويدية والاتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومؤسسة المرأة للمرأة السويدية ووزارة الخارجية الهولندية  خلال هذه الحملة العديد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية من بينها نشر أفلام قصيرة وأغاني ومنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تتضمن رسائل توعية ومناصرة لشريحة واسعة من الجمهور والمناصرين.

وتتضمن الحملة أيضًا جلسات نقاش وحوارات إذاعية وتلفزيونية ومؤتمرات ولقاءات وندوات وطنية وإقليمية ووقفات بمشاركة العديد من الناشطات والناشطين والمؤثرات والمؤثرين عبر الفضائيات المحلية والإقليمية، وكذلك زيارات ميدانية ولوحات إعلانية في الشوارع ورسم جداريات تحت شعار: ” لا تسامح مع العنف ضد الفتيات والنساء الفلسطينيات”.

* باحثة سياسية

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023