المشهد الحزبي في تونس … وتداعياته على المسار الإنتقالي… والأزمة الإقتصادية

المشهد الحزبي في تونس … وتداعياته على المسار الإنتقالي… والأزمة الإقتصادية

بقلم: محمد إبراهمي |
بسبب الفوضى السياسية والحزبية الشعب لا يعرف من يحكم ومن يعارض ومتغيرات المشهد السياسي وتداعياته على المسار الإنتقالي وسلبياته على العزوف الإنتخابي ..
ضبابية المشهد السياسي والتجاذبات السياسية والمصالح الضيقة تدفع الأطياف السياسية للتناحر والتكالب على السلطة وﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ ﺍﻟﻬﺎﻭﻳﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺃﻣﺎﻡ الشعب ﻏﻴﺮ ﺇﻧﻘﺎﺫ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ويبدأ ﺑﻤﻌﺎﻗﺒﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺻﻨﺎﺩﻳﻖ ﺍﻻﻗﺘﺮﺍﻉ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﺳﻠﻌﺔ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ، فالصندوق هو الفيصل لإعادة إستقرار المشهد السياسي..
فعن أي ديمقراطية تتحدثون في ظل أننا في بلد يحاكم فيه الميت ويتغول فيه الفاسد الحي ..! بعضهم يتجاهلون القضية الأساسية ويسعوا للفرقعة الإعلامية وجمع تعاطف البائسين وبعضهم يحن لعودة السيستام الدكتاتوري .. “واهم ” من ﻳﺴﺘﺒﻠﻪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺑﺨﺪعة ﺍﻧﻪ ﻣﻊ “ﺍﻟﺰﻭﺍﻟﻲ ” ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺘﺨﺒﻄﻮﻥ ﻓﻲ ﻏﺒﺎﺀ ﻭﻋﻘﻢ ﺳﻴﺎﺳﻲ جراء مراهقة سياسية فجة وإنتهازية مقيتة وهذه مجرد طرق بدائية مكشوفة ولا جدوى منها ..
ﻓﻲ ظل متغيرﺍﺕ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﺘﻘﻠﺐ، ﺗﺒﺪﻭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺠﺪات ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ ، ﻣﻤﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮﺍﻋﻴﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ ﻭﺍﻟﻔﺮﺿﻴﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﺃﻥ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ من صعود أحزاب وتأرجح أخرى وإنقسامات داخلية وحملات تشويه وصراعات على الزعامة وهكذا مشاهد تظل ﻣﺆﺷﺮﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ، ﻭﺗﺆثر ﺳﻠﺒﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ وخطورة العزوف الإنتخابي ..
فالعزوف نتيجة طبيعية لوضع تكون فيه آلام الشعب وانتظاراته في جهة، وحسابات السياسين وتجاذباتهم في جهة آخرى..
أرى أن المشهد السياسي يأخذ منحى ضبابيا ومعقدا في حين ان البلاد على ابواب مرحلة مهمة وهي الإنتقال الديمقراطي وخلفيات العزوف الإنتخابي.. الشعب أصبح فريسة الإنتهازية والمتاجرة السياسية “لصائدي الجوائز” أصحاب المصالح الشخصية الضيقة ..
فأي مسار إنتقالي شفاف ﻳﺘﻢ فيه ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ألام الفقراء ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺰﺑﻴﺔ والمتاجرة الرخيصة الإنتخابية لجمع أصوات المهمشين تحت شعار الوعود الشفاهية ، ناسين او متناسين كرامة الشعب الذي يكابد من أجل العيش الكريم بعد ان قام بثورة مجيدة زلزلت العالم تحت إسم الربيع العربي ..
ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻠﻰ إخراج ﺍﻟﺸﻌﺐ من عزوفه السياسي ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﺭ ﻣﻜﺮﻫﺎ ﻋﺒﺪﺍ ﻣﺄﻣﻮﺭﺍ ﻟﺴﻔﻬﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﻋﺎﺟﺰﺍ ﻛﻠﻴﺎ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻭ ﻗﺮﺍﺭ ﻓﺮﺩﻱ ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺘﺼﺎﺭﻉ فيها الساسة على المناصب والإمتيازات الشخصية وعاجزين على ﺍﺗﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺎﺳﻤﺔ وإيجاد حلول جذرية للأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد.. بعض الأطياف السياسية الإنتهازيين طغت عليهم التجاذبات والتنافس على السلطة بدون برامج جدية إقتصادية وإجتماعية لإخراج البلاد من عنق الزجاجة المتعفنة ..
أرى أن في الوقت الراهن توجد ملفات حساسة ومهمة لمستقبل البلاد والشعب في حد ذاته ، كإتفاقية “أليكا” للتبادل الحر الشامل وتساؤلات ومخاوف مختلف الأطياف السياسية ومنظمات مدنية عن سلبياتها وإيجابياتها، سؤال أرى من الضروري طرحه ، هل نملك مفاوضين اكفاء قادرين على التفاوض مع الاتحاد الاوروبي في خصوص الإتفاقية ونتائجها السلبية والإيجابية على القطاع الفلاحي وهناك ﻣﺨﺎﻭﻑ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺑﺸﺄﻥ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻲ ﺿﻤﻦ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﺘﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﺤﺮ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ” ﺃﻟﻴﻜﺎ ” ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻔﺎﻭﺽ ﺑﺸﺄﻧﻪ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻊ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻲ قد يؤدي لتفاقم عجز الميزان التجاري..
في هاته المرحلة وبسبب حساسية الوضع الإقتصادي أرى أن ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﻻﺗﻔﺎﻕ ﻗﺪ ﻳﺠﺮ قطاع الفلاحة والخدمات ﺇﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻡ ﻗﺪﺭﺗﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻧﻈﺎﺋﺮﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻲ ، أولا لابد من تأطير مفاوضين أكفاء للتدقيق وتغيير مسار الإتفاقية من سلبية إلى مسار إيجابي يشمل مختلف القطاعات للتقدم والإزدهار للبلاد وتطوير الخدمات وإكتساح الأسواق الأوروبية وتحسين مواطن الشغل في تونس للحد من أزمة البطالة ..
و من الأولويات الملحة تحسين الإقتصاد وتوفير الإستقرار الذي بدوره تدور دواليب العجلة الإقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة، فإتفاقية ‏ “ﺍﻷﻟﻴﻜﺎ” ‏مهمة لكنها ستؤثر ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ الحيوية .. والتفاوض السليم سيرﺳﻢ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ وتخرج البلاد لبر الأمان ..

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023