#المشهد السياسي: بين الحوار..والتحوير..!!

#المشهد السياسي: بين الحوار..والتحوير..!!

بقلم: #الناشط_السياسي محمد البراهمي |

إن المتأمل في المشهد السياسي التونسي اليوم، يلاحظ دون أدنى شك وجود حالة من الضبابية والغموض، ولّد خوفا وحيرة مما قد تؤول إليه أوضاع البلاد في المستقبل، وهو ما يكشف عن فشل منظومة الحكم، جعلت الغموض يخيم على الوضع العام وخاصة على الفترة القادمة بسبب التقلبات والتطورات المختلفة التي تعيش على وقعها البلاد، تبدو الفترة القادمة غامضة سياسيا وصعبة اقتصاديا و إجتماعيا ومثيرة للمخاوف بالنسبة للمواطن.. وهو ما يتطلب من مختلف الاطراف اليقظة والحذر واكثر ما يمكن من حلول..

البلاد تعيش على وقع أزمة غير مسبوقة وسط حالة من الإفلاس السياسي والاقتصادي ما يستدعي البحث عن الآليات والأشخاص القادرين على انتشال البلاد وإنقاذها، إضافة إلى حالة الإحباط واليأس التي وصل إليها التونسيون..صار المشهد أقرب إلى التهريج منه إلى مناقشة القضايا العامة؛ إذ بدا لافتا تنامي ظاهرة الشعبوية في الساحة السياسية مؤخرا، كما صار جليا تحول البرلمان إلى مساحة للمزايدات السياسية والخطابات العاطفية البعيدة عن منطق الواقعية السياسية والإمكانيات الحقيقية للدولة..

التحوير الوزاري :

في قراءة للمشهد السياسي الحالي ، مرة أخرى يطفو موضوع التحوير الوزاري على السطح وتتواتر التسريبات والتحليلات التي تتحدث عن قرب تغيير أو تحوير وزاري في حكومة المشيشي و عن حجم ونوعية التحوير المنتظر بين تحوير محدود يستهدف الوزراء غير الاكفاء الى تحوير واسع وعميق قد يطيح برئيس الحكومة نفسه.. ،
التحوير الوزاري الذي قد يحدد مستقبل و مصير حكومة المشيشي و هي التي باتت تستمد بقائها و صمودها من تحالف القصبة و باردو، و اي تحوير ممكن ان يضمن موافقة الأغلبية الداعمة للحكومة و عدم المجازفة بتعيين شخصيات غير مستقلة أو متحزبة، حتى و إن كانت تحظى بموافقة الأغلبية الداعمة لحكومته، حتى لا يتبدل شكل ومضمون التحوير حجما ومضمونا تلبية لرغبات وأمنيات بعض الأطراف السياسية.. ، في الوقت نفسه، ترى كتل برلمانية ضرورة إحداث تعديلات في تركيبة الحكومة وسد الشغورات فيها ولكن دون المس باستقلاليتها باعتبارها شرطا من شروط مساندتهم لها.. التحوير الوزاري المرتقب و سيناريوهاته مرتبطا بكلفته على البلاد والعباد، و كلفته المرحلية، وأيضا كلفته الإقتصادية و الإجتماعية و ما قد يسببه من ارتباك في مؤسسات الدولة وما يتسبب فيه من هدر للوقت والجهد.. البعض يدعو المشيشي لعدم الرضوخ لمحاولات الإبتزاز و لي الذراع و أن يكون التحوير الوزاري بناءا على تقييم لأداء الوزراء وليس تلبية لطلب الأطراف التي تحيط به، و يحول هذه الحكومة إلى سياسية أو حزبية في إطار مصالح سياسية معينة، و البعض الآخر يرى في رفض المشيشي لتوزير شخصية من الأحزاب الحاكمة في التحوير المرتقب قد يأثر على الحزام السياسي الداعم لحكومته، سيناريوهات التحوير الوزاري ستتضح ملامحها في الساعات القادمة.. و يبقى السؤال مطروحا : ماهي السيناريوهات المحتملة في التحوير الوزاري القادم؟

الحوار الوطني :

من المنتظر أن تنظم تونس خلال الأيام القليلة القادمة، “حوارا وطنيا” فرضه وضع اجتماعي متفجر واحتجاجات في عدة جهات بالبلاد تطالب بتوفير فرص عمل وتحسين ظروف المعيشة وتندد بالتهميش، على وقع تحذيرات من انفجار اجتماعي وشيك بات يدق أبواب الدولة التونسية ويقوض مكتسبات ثورتها بسبب الأزمة الاقتصادية وتداعيات فيروس كورونا الكارثية على موازنات البلاد، في الأثناء تأتي مبادرة الحوار الوطني تقدم بها اتحاد الشغل، لتكون الفرصة الأخيرة لاحتواء الاحتقان وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين قبل فوات الأوان، و لاتزال الرؤية غير واضحة إلى حد اليوم و مازال الغموض سيد الموقف ببعض التفاصيل المهمة في محتوى الحوار و كذلك الأطراف التي ستشارك فيه، وخاصة حول طريقة تشريك الأحزاب أو المنظمات أو الكتل البرلمانية و أيضا موضوع تشريك الشباب في هذا الحوار.. تأتي الدعوة لعقد حوار وطني على خلفية وصول البلاد إلى نقطة صفر نجاعة سياسية في ظل استمرار الصراع والتنافر بين الأحزاب الممثلة داخل البرلمان وكذلك إلى الحرب الباردة بين ثالوث الحكم في تونس (رئاسة وحكومة وبرلمان)..

لابد أن تكون مبادرة الحوار الوطني تطرح مقاربة سياسية جديدة و صياغة عملية و إرادة سياسية لتوفير أرضية يمكن البناء عليها للخروج من حالة الانسداد السياسي و الإحتقان الإجتماعي.. و وضع خارطة طريق و إيجاد المخارج الكفيلة بإنقاذ البلاد والعباد، بعيدا عن كل الحسابات الضيقة و الفئوية ، و المتأمل في المشهد السياسي يرى ان الخلافات والصراعات بدأت تخرج من التفاصيل لتبدأ الاشتراطات والمكايدات والتجاذبات بشكل ينذر بنسف هذا الحوار حتى قبل انطلاقه، و في الأخير سيجد الجميع أنفسهم في المربع الأول بعدأن تكون مبادرة الحوار الوطني قد أفرغت من مضامينها وتحولت إلى مجرد ساحة أخرى للتجاذبات ومزاد لتداول الشعارات السياسية..
إذ لا يمكن ان ينجح الحوار دون ان يكون حوار وطني مسؤول، وأن يكون من دون شروط مسبقة وعلى أرضية وقائع حقيقية..،يؤسس لإستقرار سياسي، و يحد من الاستقطاب السياسي والاجتماعي و يؤسس لمسار تنموي و يضع تصور مؤسساتي واضح..،و لابد أن يكون الحوار الوطني حوارا يحمل حلول سياسية واقتصادية واجتماعية للأزمة الحالية في البلاد حتى لا يتحول هذا الحوار إلى حمار وطني يأتي على الأخضر واليابس..

عشر سنوات عبث و مكايدات ولا إنجازات و رغم التحديات و الأزمات فأني على يقين تام بقدرة الشعب التونسي على تجاوز الأزمات، مهما كانت حدتها، وإني كذلك أؤمن يقينا أن الفوضاويين الخونة مهما طال الأمد فمصيرهم إلى الزوال، أما الوطن فهو باق إلى الأبد.. و الثورة مستمرة !!

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023