الهم الاول والاخير للرئيس ترامب هو الصين وليس سلامة المواطن الامريكي الدكتور بهيج سكاكيني

الهم الاول والاخير للرئيس ترامب هو الصين وليس سلامة المواطن الامريكي  الدكتور بهيج سكاكيني

من الواضح ان الهم الاول والاخير للسيد ترامب رئيس أكبر دولة من حيث الامكانيات المادية والاصغر والادنى دولة في العالم من حيث محاربة الكورونا ان هذا الهم الذي تسعى له إدارته ويجند إمكانيات البيت الابيض وراءها هو القاء التهمة على الصين بأنها كانت وراء انتشار هذا الفيروس الى جانب اتهام منظمة الصحة العالمية بالتستر على الفيروس في البداية. وهو لا يفوت اية فرصة للتحدث عن هذا فمنذ البداية اطلق على الفيروس “الفيروس الصيني”. فلماذا هذا الاصرار على تحميل الصين المسؤولية؟ هنالك على الاقل سببين يمكن للانسان العادي ان يستنتجهما وهما:

 أولا : السيد ترامب يريد ان يرفع عن إدارته مسؤولية التراخي والاستخفاف الذي ابدته ادارته منذ البداية في إتخاذ اية إجراءات وقائية لمنع إنتشار الوباء في أمريكا والذي حصد لغاية الان  اكثر من 37000 مواطن أمريكي (هذا العدد الرسمي لا يشمل اولئك الفقراء الذين قضى عليهم الوباء في بيوتهم ولم يدخلوا في الاحصائيات الرسمية ولا علم للسلطات الصحية بحالاتهم واسباب وفاتهم) بسبب الاستهتار الفاضح للبيت الابيض وعدم تحضير المستشفيات وذلك بتزويدها بالاجهزة الطبية والطواقم الطبية الى جانب المستلزمات الاساسية للمواطن الامريكي الذي من الممكن ان تساعده في محاربة هذا الفيروس وذلك من توفير المعقمات وأدوات التنظيف والكمامات وتوفير وتأمين أجهزة التنفس الاصطناعي للمراكز الصحية والمستشفيات والعمل على بناء بنية تحتية ولوجيستية في مقاومة هذا الوباء.

 ترامب يريد أن يستنهض القوى العنصرية وقاعدته الشعبية التي تؤمن بتفوق الجنس الابيض على غيرها من شعوب العالم متماشيا مع فكر النازية وغيرها من الحركات الشوفينية التي تؤمن بتفوق عرق على آخر. ومن الواضح من أعداد الذين حصدهم هذا الوباء في امريكا وبحسب الاحصائيات التي نشرتها ال سي ان ان التلفزيونية ان النسبة الاكبر كانت من الطبقات الفقيرة والمعدمة من ذوي الاصول الافريقية. وهو يريد استنهاض هذه القاعدة الشعبوية الشوفينية للدفاع عنه وعن سياساته الحمقاء في محاولة للنجاح في الانتخابات الرئاسية القادمة من خلال دعواته الصريحة حيث دعاهم الى “تحرير” الولايات التي تقع ضمن دائرة الحزب الديمقراطي. هذه الدعوات لا بد ان تخلق شرخا كبيرا في المجتمع الامريكي وتساهم في خلخلة الامن الاجتماعي والسياسي في البلاد بشكل غير مسبوق وربما نرى تصعيدا في هذا المجال في الحملات الانتخابية الرئاسية وخاصة إذا لم يتم انتخابه الى البيت الابيض مرة أخرى. 

ترامب لا يريد لادارته ان تتحمل اية مسؤولية أخلاقية أو سياسية عن سوء ادارته في محاربة فيروس الكورونا ولا يريد ان تقارن إدارته للازمة بدول صغيرة وذات إمكانيات محدودة للغاية مثل الاردن الذي نجح في إدارة المعركة بشكل مشهود من قبل العالم كما اشارت ايضا سي ان ان وغيرها من المحطات العالمية. 

أما السبب الثاني فيعود الى المكانة الاقتصادية المرموقة التي إحتلتها الصين والتقدم التكنولوجيا الهائل الذي احرزته على مدى العقديين أو الثلاثة الماضيين في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تصول وتجول في العالم باستعراض عضلاتها العسكرية لتغزو البلاد وتستعبد العباد وتغير الانظمة التي ترفض ان تدور في فلكها. وكل هذا هدف الى زيادة وتأمين ارباح المجمع الصناعي العسكري الامريكي. وهذا بالطبع ادى الى تراجع واضح في العديد من القطاعات التي تساعد على نهوض البلد ككل وتأمين امنه الغذائي والدوائي والصحي على وجه التحديد. نعم قد تكون الولايات المتحدة الدولة الاكبر في العالم من الناحية العسكرية وتقنياتها مع ان البعض بدأ يشكك في هذا حتى في داخل المؤسسة العسكرية الامريكية وخاصة مع تنامي القدرات العسكرة الروسية وتطوير صناعاتها العسكرية التي اذهلت في تقدمها ودقتها والتكنولوجيا المستخدمة لانتاجها العديد من الخبراء العسكريين في الدول الغربية, ولكنها  بالتاكيد ليست الدولة العظمى كما اثبتت التجربة العملية وكما كشفت عورتها هذا الفيروس من الناحية الصحية هذا إذا لم نقل عن التراجع الكبير في المجالات العلمية والتعليمية كما تثبت العديد من الاحصائيات المقارنة.

الولايات المتحدة ترى في النمو الصيني المتصاعد الاقتصادي والتكنولوجي انه أصبح اكبر خطر يهددها إقتصاديا على الساحة العالمية. وبالنسبة للكثير من المحللين ومراكز الايحاث الاستراتيجية الامريكية ان هذا الخطر إن لم يتم التعامل معه بجدية فإن الصين ستتبوء المركز الاول في الاقتصاد العالمي وهي على قاب قوسين من هذا. ولم يكن مستغربا ان إحدى تجليات هذا الصراع ما بين الولايات المتحدة  والصين هي الحرب الاقتصادية التي شنتها إدارة ترامب على الصين وتهديد ترامب للشركات الامريكية المهاجرة والعاملة في الصين- وهي كثيرة- بفرض عقوبات عليها ورفع الضرائب على منتوجاتها القادمة من الصين الى السوق الامركية بنسبة خيالية قد تصل الى 40% وهو مما سيؤدي الى خسارة فادحة لهذه الشركات التي قامت بنقل تصنيع أجهزتها الى الصين نظرا للظروف والتسهيلات الاقتصادية المواتية لها هذا الى جانب السوق الصينية النامية والعامل الديمغرافي فتعداد سكان الصين يبلغ حوالي 3 مليار نسمة.

الرئيس ترامب يسعى بكل الطرق والوسائل ان يحمل الصين مسؤولية انتشار فيروس الكورونا وما احدثه هذا الفيروس القاتل في العالم قاطبة. وكالعادة توجه هذه الاتهامات دون تقديم اي دليل مادي مقنع ومنطقي فأمريكا كما يذكرنا وزير خارجيتها بومبيو ليست بحاجة الى تقديم دليل وعلى العالم ان يأخذ بالرواية الامريكية دون غيرها فهي الدولة التي تقود هذا العالم “بمشيئة الهية” ولا يحق لاية دولة ان تسائل هذه الدولة الاستثنائية ربما لان هذا يعتبر كفر والحاد.  

الرئيس ترامب يسعى الى تحميل الصين المسؤولية بهذا الخصوص وجر دول الاتحاد الاوروبي معه وربما “الامم المتحدة” حتى يتمكن من فرض العقوبات عليها كما فعل مع إيران وفنزويلا وروسيا وغيرها. عقوبات من النوع الثقيل لانه وبحسب الادارة هذه جريمة بحق الانسانية جمعاء وبالتالي يجب أن تكون العقوبات متناسبة مع هذ ه الجريمة. بمعنى ان ادارة ترامب تسعى الى تدمير الاقتصاد الصيني بالكامل وهذا هو الهدف النهائي الذي لم ولن تصرح به علانية هذه الادارة المارقة. 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023