بداية تبلور رأي عام في امريكا ضد ترامب…بقلم محمد عبد الله

بداية تبلور رأي عام في امريكا ضد ترامب…بقلم محمد عبد الله

في جنازة كبيرة تم تشييع ضحية العنصرية والتمييز العرقى فى امريكا جورج فلويد ، الذى قضى خنقا على يد الشرطة الأمريكية فى مدينة مينابوليس فى واحدة من جرائم هذه الشرطة التى درجت على استهداف السود والاعتداء عليهم وصولا الى قتلهم بدم بارد وقد أمن منسوبو الشرطة العقاب فاساءوا الفعل اذ لم يكن لهم رادع من قانون ولا أخلاق ولا حتى استنكار شعبى لافعالهم القبيحة حتى جاءت هذه الجريمة المقيتة واحدثت تحولا وخرج على اثرها المحتجون داخل وخارج امريكا ينادون بضرورة انهاء هذا الوضع السيء.
واليوم واهله واحبابه وعدد كبير من المتعاطفين معه يودعونه فإن امريكا قد  استفاقت وفى لحظة تاريخية فارقة ووجدت نفسها مشغولة بالاحتجاجات ضد عنصرية الشرطة وسوء الادارة فى البيت الأبيض التى لم تحسن التعامل مع الازمة ، وهاهى امريكا الان تخرج محتجة على  العنصرية  وبات المجتمع الامريكى ينشد التغيير وانهاء هذا الوضع الحرج ، وهاهو الجمهور داخل وخارج امريكا يرى فى ترامب السبب الأكبر فى تاجيج العنصرية وقد جاءت هذه الحادثة وترامب مشغول بالاعداد لمعركة  الانتخابات الرئاسية وحرصه على الفوز بدورة رئاسية ثانية مما يعطى هذه القضية بعدا فى الانتخابات ويجعل لمعالجة العنصرية وسوء الشرطة وضرورة اصلاحها حظا فى برامج المرشحين وامكانية تأثير الناخبين السود والمتعاطفين معهم فى نتائج الانتخابات وذلك بضغطهم فى إتجاه احداث الاصلاح القانونى والسياسى المنشود وتغيير واقع مرير يعيشه الأمريكان من أصل افريقى ومعاناتهم مع التمييز السلبى والعنصرية المقيتة منذ مئات السنين .
ومن المعروف ان غالب الأمريكان يتحدثون عن رفضهم لهذه السياسة التى تنتهجها الشرطة ويترتب عليها مواجهة ذوى البشرة السمراء بما أنهم سمر ، وقد بدا الامريكيون التظاهر يوم ارتكاب الشرطة لجريمتها هذه بدم بارد وبدات الاحتجاجات تتزايد فعمت غالب المدن الامريكية ولم تقتصر  على الأمريكان الافارقة فقط وانما شارك فيها البيض الذين التحقوا باحتجاجات  السود وشكل انضمامهم  دعما للمطالب العادلة  بضرورة اصلاح الاوضاع القانونية والسياسية فى البلد ، وايضا كانت لمشاركة عدد  من العواصم العالمية فى الاحتجاحات كانت لها زخم خاص اذ ان التضامن الكبير مع  القتيل يجعل العالم أجمع ينظر الى امريكا بانها ليست الانموذج الافضل الذى يجب ان يحتذى.
وشكلت جنازة جورج فلويد الذى دفن الى جوار والدته فى تكساس شكلت تنبيها لبقية الامريكيين الذين لم يشاركوا فى الاحتجاجات ان الوضع فى بلدهم لايمكن ان يبقى بهذا الحال ويلزم ان يتم تغييره طال الزمن ام قصر ، وهاهى الانتخابات الرئاسية قادمة وقد تبلور موقف عند الكثيرين – حتى من الامريكيين البيض – ان الرئيس بتعامله مع هذا الموضوع بهذه الكيفية – انما يثبت للعالم أجمع  انه  شخص لايستحق البقاء فى منصبه لانه وإن كان ليس أول من ابتدر العنصرية لكنه كرس لها ووقف بقوة ضد مناهضيها ، وقد بدا رأى عام فى التبلور ضد ترامب   فهاهى نخبة فى المجتمع الامريكى ترفع صوتها بالقول ان امريكا دولة القانون والمؤسسات لكن ترامب هو من يدمر هذه الديموقراطية الراسخة لو أعيد انتخابه مرة اخرى ، ويسعى الحزب الديموقراطى الى الاستفادة من هذه الازمات وتوظيفها فى المعركة الانتخابية الرئاسية القريبة ويصور للناس ان ترامب شخص غير مناسب لقيادة امريكا كدولة عظيمة ومتقدمة فى العالم لكن وإن كان ترامب بهذا السوء وقد تسبب بانحدار  الاوضاع الى هذا الدرك السحيق بسوء ادارته لكن يجب ان لاننسى ان الخلل فى كل النظام السياسى الامريكى بحزبيه الجمهورى والديموقراطى ولن يكون الحل فى إسقاط ترامب بالاتتخابات ومنعه من الفوز بالدورة الثانية وإن كان هذا مهما فى جانب آخر لكسر غطرسة وغرور هذا الرئيس المتعجرف سيئ الخلق لكن العنصرية فى المجتمع الامريكى تحتاج الى جهد كبير ومن الجميع لاحداث تغيير كبير ، وتمثل جنازة جورج فلويد الكبيرة التى شهدها الالاف بتكساس بالتزامن مع تشييع رمزى فى عدة عواصم عربية شهدها آلاف الناس وكانوا جميعهم يرفعون شعارا واحدا تشكل بداية التحول نحو الاصلاح المنشود وإن طالت مدة النضال.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023