ماذا تبقى من دور لجامعة الدول العربية بعد التطبيع؟…بقلم  عمران الخطيب

ماذا تبقى من دور لجامعة الدول العربية بعد التطبيع؟…بقلم  عمران الخطيب

الأسباب المعلنة في إعلان تشكيل جامعة الدول العربية كانت، حين ألقى أنتوني إيدن وزير خارجية بريطانيا خاطباً ذكر فيه “أن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الثانية وفي 24 فبراير 1943صرح إيدن في مجلس العموم البريطاني بأن

الحكومة البريطانية تنظر بعين “العطف”إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية.

بعد عام من خطاب أيدن، دعا رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس، كلا من رئيس الوزراء السوري جميل مردم بك ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخوري للتباحث معهما في القاهرة حول فكرة “إقامة جامعة عربية لتوثيق التعاون بين البلدان العربية المنضمة لها “.
في نهاية المطاف تم تأسيس جامعة الدول العربية بتاريخ 22مارس 1945م أي قبل منظمة الأمم المتحدة بشهور،
وقد استبشر خيراً المواطن العربي في تشكيل مؤسسات الجامعة العربية
وخاصة ما تم الإتفاق على هذا المشروع العربي الجامع. والتي تتلخص بمايلي. الحفاظ على إستقلال الدول الأعضاء. التعاون في الشؤون الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والصحية، وغيرها. النظر في شئون البلاد العربية ومصالحها. وتحرير البلاد العربية غير المستقلة. التعاون مع الهيئات الدولية لكافة الأمن والسلام وتنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية. وكانت أول وثيقة تخص الجامعة العربية كانت بروتوكول الإسكندرية،والذي نص على المبادئ الآتية. قيام جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة التي نقبل الانضمام إليها،ويكون لها مجلس تمثل فيه الدول المشتركة على قدم المساواة مهمة مجلس الجامعة هي: مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول الأعضاء فيما بينها من اتفاقيات وعقد إجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها والتنسيق بين خططها السياسية تحقيقاً للتعاون فيما بينها والحافظ على استقلالها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل السياسية الممكنة والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية.
قرارات المجلس ملزمة لمن يقبلها فيما عدا الأحوال التي يقع فيها خلاف بين دولتين من أعضاء الجامعة ويلجأ الطرفان إلى المجلس لفض النزاع بينهما. ففي هذه الأحوال تكون قرارات المجلس ملزمة ونافذة. لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة كما لا يجوز إتباع سياسة خارحية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أي دولة من دولها. يجوز لكل دولة من دول الأعضاء بالجامعة أن تعقد مع دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها اتفاقات خاصة لا تتعارض مع نصوص هذه الأحكام وروحها..الإعتراف بسيادة وأستقلال الدول المنظمة إلى الجامعة بحدودها القائمة فعلاً . وقد أقر ميثاق الجامعة العربية بقصر الزعفران بالقاهرة في 19مارس 1945 وتأليف الجامعة من ديباجة وعشرون مادة وثلاث ملاحق خاصة الملحق الأول خاص بفلسطين،والملحق الثاني خاص بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة وبالتالي غير المشتركة في مجلس الجامعة. اما الثالث فهو خاص يتعين السيد “عبد الرحمن عزام ” الوزير المفوض بوزارة الخارجية المصرية كأول أمين عام للجامعة العربية للمدة عامين وفي 22مارس 1945تم التوقيع على ميثاق الجامعة من قبل مندوبي الدول العربية عدا السعوديه،واليمن اللتين وقعتا على الميثاق في وقت لاحق. أهداف الجامعة في تعميق التعاون العربي في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبشرية والسياسية والأمنية. وغير ذلك من المجالات المتنوعة، وبالفعل تم عقد إتفاقيات لتعميق وترسيخ التعاون العربي المشترك.

هذه هي الأسباب في إنشاء جامعة الدول العربية واهدافها والسؤال المطروح لم يسجل بتاريخ الجامعة العربية إن كانت جزء من حل الخلافات العربية العربية. خلال العدوان الثلاثي على مصر عام1956 الذي شاركت بريطانية وفرنسا واسرائيل ولم تشارك أي من الدول العربية إلى جانب مصر ، بل كان موقف الاتحاد السوفياتي الدور الفاعل في وقف العدوان على مصر. في قضية النزاع في اليمن لم يكن أي دور للجامعة العربية. بل تم استنزاف دولتين أعضاء ، مصر وسعودية في صراع حول اليمن. تجربة الوحدة بين مصر وسوريا لم تستمر غير ثلاثة سنوات. في فترة رئاسة كميل شمعون عام 1958تداخل أمريكي مباشر ولم يكن دور للجامعة العربية. إضافة الى الأحداث المؤسف في لبنان لم يكن هناك دور فاعل للجامعة . وهناك قضية السودان حيث تم التداخل بما في ذلك “اسرائيل”مما أدى إلى إنفصال جنوب السودان.

إحتلال عاصمة عربية حيث وصل جيش الإحتلال الإسرائيلي إلى العاصمة اللبنانية بيروت بغيب دور الجامعة العربية وهناك العديد من القضايا العربية.

الحرب العراقية الإيرانية ومنها الخلاف بين العراق والكويت والذي أدى إلى إحتلال العراق دولة الكويت وفشل الجامعة القيام بدورها في الوصول إلى حل الخلافات بين البلدين الشقيقين..بل تم الاستعانة بتدخل التحالف الدولي الذي تسبب فى إحتلال وتدمير العراق ومؤسسات الدولة والجيش العراقي من قبل التحالف الدولي .إضافة إلى استنزاف الدول الخليجية من قبل التحالف الدولي وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية. وأعتقد أن استهداف العراق المحطة الأولى في عملية الاستهداف المباشر لدول العربية تحت بند الحرية والديمقراطية ولكن الأهداف الإستراتيجية هو إعادة تقسيم الأقطار العربية وتحويل كل دولة عربية إلى دويلات طائفية ومذهبية تبقى في حاله من الصراعات الداخلية ،وهذا ما حدث في سوريا حيث تتواصل العمليات الإرهابية منذ عشرات سنوات،وقد تداخل العديد من الدول الكبرى والإقليمية بشكل مباشر في استنزاف سوريا كما حدث في العراق إضافة إلى 350ألف إرهابي جاءوا إلى سوريا.
والخطوة الوحيدة التي نفذتها الجامعة العربية تجميد عضوية سوريا من الجامعة العربية ،رغم أن سوريا من الدول الأساسية في تشكيل الجامعة العربية.
واليوم وفي هذه المرحلة الخطيرة التي يتم استهداف القضية الفلسطينية ويتم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ، ويقف أبناء شعبنا في الدفاع عن القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين ،وبدلاً من أن يتم تقديم الدعم والأسناد المادي والمعنوي وبشكل خاص الموقف السياسي في الحد الأدنى الذي يتمثل بمبادرة السلام العربية.

يتم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي من قبل دولة عربية عضواً في جامعة الدول العربية.

وبدل إن يتم الدعوة إلى عقد إجتماع عاجل للجامعة العربية يرحب الأمين العام على أن ذلك يدعم السلام..لقد وصل الأمر إلى هذا المستوى المتدني في التعامل مع القضية الفلسطينية ويتم القول أن الجامعة العربية سوف تعقد اجتماعها برئاسة دولة فلسطين خلال التاسع من شهر ايلول القادم.
علمنا أن مبادرة السلام العربية مسؤولية الجامعة العربية وفي نفس الوقت فإن مسؤولية الجامعة العربية ممثلة فى الأمين العام تتحمل المسؤولية في مواجهة التطبيع مع “إسرائيل”
ولكن يبدو أن الجامعة العربية فقدت مصداقيتها ومبرر وجودها حيث لم تحقق أهدافها المرجوة.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023