بين تونس وسوريا تاريخ لا تسقطه نزوة الإخوان…بقلم محمد الرصافي المقداد

بين تونس وسوريا تاريخ لا تسقطه نزوة الإخوان…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم تكن الجزائر منذ استقلالها إلى اليوم، سوى بلدٍ عرف أهله برجولتهم ومقاومتهم، من أجل أن يتحرّروا من استعمار فرنسي غاشم، ليعيشوا في كنف حرّيتهم ومبادئهم، وقد أثبتت منذ 5 جويلية 1962 إلى اليوم، أنّها البلد الأوفى والأكثر التزاما، ماضية على عهدها الذي التزمت به، لم يرهقها شيء من تنمّر أعدائها ومؤامراتهم، مبرّأة من داء التطبيع مع العدو الصهيوني، وفيّة لقضيّة أمّتها المركزية، قضية فلسطين، معروفة بمواقفها الإصلاحية فيما يستجدّ على الساحة العربية والإسلامية، لذلك لم يكن مفاجئا أن تكون أرض المليون ونصف شهيد، أرض المبادرات وموطن الإصلاحات بين أشقائها.

لقد كان منتظرا أن تكون زيارة الرئيس قيس سعيد إلى الجزائر، فرصة لفتح باب حوار دبلوماسي طالما انتظرناه، بين تونس والشقيقة سوريا، وأن تضرب زيارته هدفين بحجر واحد، الهدف الأول في تقديم التهنئة الأخوية للرئيس عبد المجيد تبون وحكومته والشعب الجزائري الشقيق – بمناسبة ذكرى استقلال الجزائر من الإستعمار الفرنسي – وما يعنيه من مزيد ربط أواصر العلاقات وتمتينها بين البلدين على مختلف الأصعدة، في هذه الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم، والهدف الثاني اغتنام فرصة تواجد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للقائه، والتباحث معه بشأن الوضع في سوريا، والوضع في تونس والمستجدات على الساحة العربية.

وقد أيّدت الأخبار المتناقلة بين وكالاتها، لقاء (رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، على هامش احتفالات ذكرى استقلال الجزائر، التي حضرها رئيس الدولة، بدعوة من نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية.

وحسب المصدر ذاته ” فقد طلب رئيس الدولة من وزير الخارجية، نقل تحياته إلى الرئيس السوري بشار الأسد ”.وجاء في برقية وكالة الأنباء السورية، أنّ قيس سعيد ” أشاد بالإنجازات التي حققتها سورية، وكذلك الخطوات التي حققها الشعب التونسي ضد قوى الظلام والتخلف، تتكامل مع بعضها، لتحقيق الأهداف المشتركة للشعبين الشقيقين في سوريا وتونس”.)(1)

جدير بالذكر أن العلاقات بين تونس وسوريا قد قُطِعتها حكومة الترويكا، التي كانت تسيطر عليها حركة النهضة (2) وقد أتخذ القرار – كما نعلمه جيّدا – استجابة لرغبتها أوّلا، وهي التي ترى النظام السوري تمشّيا مع موقف الإخوان عدوّا، ونزولا عند التحريض والتجييش الدّولي، الذي كان بدافع وتخطيط أمريكي غربيّ، وتنفيذا ورعاية من دول الخليج، بهدف اسقاط النظام السوري، تمهيدا لإدخال سوريا عن طريق الإخوان، إلى نادي التطبيع مع الكيان الصهيوني، وختم حالة المواجهة القائمة في الجبهة الشمالية لفلسطين، باتفاق ينهي العداء القائم بين سوريا والكيان الصهيوني، ويفسح المجال لتصفية المقاومة وعلى رأسها حزب الله في لبنان.

انخراط تونس في تيار المتآمرين على سوريا، دفع بحكومتها إلى احتضان مؤتمر أصدقاء سوريا، وكان حريّا بأن يُطلق عليه مؤتمر أعداء سوريا، ومنه بدأ تجمّع العدوان يعمل، من أجل تحقيق هدف الغرب والصهيونية، في طيّ ملفّ القضيّة الفلسطينية، بواسطة أنظمة عربية كانت معدودة في صف مناصرتها، وتحوّلت خلال سنوات الربيع العربي العجاف إلى خذلانها.

مصداقية الرئيس قيس سعيد لا يشكك فيها سوى متآمر على الشعب التونسي الذي تخلّص من حقبة من الدكتاتورية ليمارس قناعاته ويحقق طموحاته، في الحرّية والوفاء لقضاياه المصيرية، وأوّلها قضية شقيقه الشعب الفلسطيني، وباعتبار أن سوريا هي بوابة فلسطين وحاضنة مقاومتها، وما قدّمته من تضحيات جسام في سبيلها، فإنّه من العار أن يبقى الخطأ الفادح الذي ارتكبته حكومة الاخوان في قطع العلاقات معها قائمة إلى اليوم، وعار على تونس استمرار هذا القرار الظالم، وعليه فإنّه من المتوقع أن يصدر قرار إعادة العلاقات مع سوريا، واستئناف التعاون الأخوي بين الحكومتين على جميع الأصعدة، بما فيها إعادة تشغيل خط الطيران بين تونس ودمشق، المعطل منذ أكثر من عشر سنوات، ليبقى العار لاحقا من اقترف هذه الجناية بحق الشعبين الشقيقين.

عودة العلاقات بين سوريا وتونس تقظّ مضاجع من أجرموا بحق الشعبين، وملفّ تسفير الارهابيين من تونس إلى تركيا وليبيا لنقلهم بعد ذلك ليعيثوا فسادا في سوريا سيكون أكبر قضية يجب أن ينظر فيها القضاء التونسي بعد تطهيره من الفاسدين، والغاز هذا الملف وتفاصيله بيد الأمن السوري، ومن أعتقل من الإرهابيين خلال السنوات الخوالي، ومن بقي منهم داخل السجون بسوريا، سيكونون أدلّة مادّية على مأساة عاشتها عائلات تونسية زجّ بأنائها في عدوان بغيض خداعا باسم الاسلام، لذلك ندعو الرئيس قيس سعيد إلى الإسراع في إصلاح الوضع الطبيعي بين البلدين، وإعادة العلاقات لطيّ صفحة ما كان لها أن تكون لولا سياسة الإنحراف والتطرّف الديني.

المصادر

1 – وزير الخارجية السوري ينقل تحيّات قيس سعيّد لبشار الأسد

https://www.mosaiquefm.net/ar/1065690

2 – قطع العلاقات بين سوريا وتونس: بين سلبيات القرار وضرورة العدول عنه

https://www.almayadeen.net/articles/blog/839461/

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023