تأثير العقيدة الدينية في السياسة الخارجية الامريكية

تأثير العقيدة الدينية في السياسة الخارجية الامريكية

أضحت سياسة الولايات المتحدة الامريكية الخارجية بعد احداث 11 ايلول 2001، محور للاهتمام منقطع النظير عند العامة والنخبة على حد سواء، وهي تمثل على المستوى الخارجي اهمية كبيرة تحددها تفاعلاتها مع مجمل الاطراف الدولية.

وعند دراسة السياسة الخارجية لدولة ما يتم التركيز على مجموعة العوامل التي تؤثر على هذه السياسة وتجعل منها إطارا يحدد سياقها وتفاعلها مع بقية الفواعل الدولية الاخرى، فواشنطن تمثل قوة عالمية تتحكم في زمام السياسة الدولية وفق ما يخدم مصلحتها وامنها القومي، فقد كان للحرب على العراق انعكاسات وتداعيات لم تشمل المستوى السياسي والأمني في العالمين العربي والإسلامي بل تعدت للجانب الفكري والتحليلي، فقد ظلت نادرة الدراسات التي تسلط الضوء على ” عامل الدين ” في خضم السياسة الخارجية الامريكية حيث شهد تزايد ملموس لدور الدين بعد أحداث 11 ايلول وفي ظل تنامي قوة اليمين المسيحي وظهور هذا الدور في قضايا الصراع العربي الاسرائيلي والارهاب وأمام كل هذه التغيرات: هل يمكن تجاهل عامل الدين الذي طرح نفسه بقوة كإشكالية تستوجب الدراسة: فما حقيقة تأثير العامل الديني في السياسة الخارجية الامريكية في ظل تحالف أطياف اليمين المسيحي والسياسي تحت مظلة واحدة وتأثيراتها على قضايا الشرق الاوسط؟.
ولمحاولة التطرق لتأثير الدين في السياسة الخارجية الامريكية لابد من إيضاح العديد من المفاهيم التي تصلح أن تكون كأرضية تسهل فهم الدور التأثيري للدين والعلاقة الإيديولوجية المحددة للمصالح الإستراتجية والأمنية للبيت الابيض.
1- الاطار المفاهيمي:
في هذا السياق لابد من وضع تعريف لمفهوم السياسة الخارجية والدين باعتبارهما محورا للإشكالية التي طرحت نفسها على الجانب الاكاديمي في ظل تغيرات التفاعلات الدولية بعد 11 سبتمبر 2001 من جهة الديناميكية التعقيدية للسياسة الامريكية وارتباطها بالشرق الاوسط من جهة اخرى.
*مفهوم السياسة الخارجية: يجمع الكثير من الباحثين السياسيين انه لا تعريف متفق عليه لمفهوم السياسة الخارجية وذلك عند علماء السياسة والعلاقات الدولية بصفة خاصة، والحقيقة ان تعدد التعاريف يعكس الطبيعة المعقدة للسياسة الخارجية لذلك نجد:
– كورت يعرفها: ” السياسة الخارجية لدولة من الدول تحدد مسلكها اتجاه الدولة الاخرى.. انها برنامج الغاية منه تحقيق افضل الظروف الممكنة بالطرق السلمية التي لا تصل للحرب ” 1.
-أما ليون نويل يعرفها: ” فن ادارة علاقات دولة مع الدول الاخرى ” 2.
– باتريك مورغان يرى انها: ” التصرفات الرسمية المحددة التي يقوم بها صانعوا القرار السلطويون في الحكومة الوطنية أوممثلوهم بهدف التأثير في سلوك القائمين الدوليين الآخرين “3.
ومنه يظهر التعدد في المفاهيم التي تحدد الإطار العام لسياسة الخارجية وهذا يبقى نسبي في ظل تعدد للفواعل الداخلة في رسمها وتحديدها.
*مفهوم الدين: ” هو نظام متكامل من المعتقدات وأسلوب الحياة وشعائر ومؤسسات يمكن الأفراد من خلالها ان يعطوا او يجدوا معنى لحياتهم بالتوجه إلى – أو الالتزام بما يعدونه مقدسا اوله قيمة نهائية “4.
فالدين اهم الدعامات والركائز الأساسية في بناء ونشأة واستمرار الحضارة الإنسانية وتقدمها في ظل ما يقوم به من دور ما يقوم به من دور رئيسي في صياغة حياة الإنسان وسلوكياته ومعاملاته، وتترسخ أهمية الدين في ظل حقيقة أن المجتمع الإنساني تتحقق وحدته من خلال اقتناء أعضاءه لبعض القيم المطلقة والغايات العامة المؤثرة في السلوك ويساعد تكاملها على استمرار المجتمع كنسق متكامل.
2- حدود العلاقة بين الدين والسياسة في امريكا
إن المحدد الديني في السياسة الامريكية قد تم تدعيمه بقوة من خلال الديمقراطية والحرية اللتين هما قيمتان مستمدتان من الدين، فمن غير الصحيح القول أن العلمانية في الولايات المتحدة الأمريكية تعني: تهميش الدين أو تنفي وجوده مثل المفهوم الشيوعي، بل على العكس تماما فقد هدفت وثيقة الحقوق الصادرة عام 1791م لحماية الدين وليس إقصائه من الحياة العامة.
فإن العلاقة بين الطرفين متشابكة، فبالرغم من أنهما يفترقان في ساحة العمل فإن الأهداف واحدة وأهمها الدعم اللامحدود لإسرائيل، باعتبارها الارض التي سيتحقق عليها القدوم الثاني للمسيح ” 5 مما يضفي أهمية على منطقة الشرق الأوسط، وعمل التيارات من خلال جماعات الضغط والرأي المرتبطة بها للتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية وتفاعلاتها سواء على المستوى الإقليمي او الدولي وخاصة إزاء منطقة الشرق الاوسط في ظل تحالف الصهيونية والمسيحية على اساس فكرة ارض الميعاد وظهور بما سماه ” جيمس مان ” فريق الفولكان 6 (كوكبة المحافظين الجدد).
وتتجلى سمات الدور الديني في السياسة الامريكية من خلال نقطتين محوريتين مثلت والى حد بعيد السياق العملياتي للسياسة الخارجية في فترات تاريخية محددة، ومنه لا بد من التطرق لها وان كانت تسبق السياق التاريخي (اللمحة) لارتباط الدين بالسياسة الخارجية، غير أن هذا الاهتمام والتركيز على هاتين النقطتين يسطر بعدا نظريا لواقع السياسة الامريكية وحقيقة ارتباطها بالتطورات التاريخية التي سبقتها في فترة معينة وحقيقة الدين تركزت في اروقة البيت الابيض والبنتاغون من خلال:
*الحرب على الارهاب هناك العديد من القضايا التي توضح تأثير الدين في السياسة الامريكية خاصة اتجاه منطقة الشرق الاوسط، وأولى تلك القضايا التي الت اليها العديد من الدراسات هي ” مكافحة الارهاب ” ورغم اهتمام الادارات الامريكية المتعاقبة بالشرق الاوسط إلا انها اكتسبت اهمية بالغة خلال عهد بوش الابن حيث ذكر ” الان ليتشمان” المؤرخ في الجامعة الامريكية بواشنطن: ” ان ما قام به بوش الابن من خلط بين السياسة والدين هو امر لا سابقة له بالنسبة لرئيس تسلم الحكم منذ اسبوعين “7، وفي نفس السياق كتب محمد السماك في كتابه ” المسيحية الصهيونية في امريكا “: ” ان المفتاح لسياسة امريكية متوازية في الشرق الاوسط ليس سياسيا وهو ليس المصالح الامريكية في المنطقة المفتاح هوان العقيدة الدينية التي تتحكم في صياغة القرارات الامريكية في المنطقة “8. ويرجع تأثر بوش الابن بالدين لعنصرين:
الاول: اعتناقه لأفكار اليمين المسيحي حول المنطقة التي يعتبر الاسلام فيها مصدرا روحيا للإرهاب العالمي ويظهر ذلك جليا من خلال تحليل الخطابات الدينية وأدبيات الجمعيات الانجيلية حيث تحدث بوش خلال حملته الرئاسية للعهدة الثانية وهو يصرح بكل قناعة ايمانية ” لا يمكن ان اتصور انني رئيسا ليس لي علاقة مع الرب ” 9.
الثاني: هو ما وفرته احداث 11 ايلول من فرص سانحة لتصبح منطقة الشرق الاوسط الحيز الجغرافي الذي يحقق فيه بوش الابن التفوق والزعامة، هذا من جهة اما النقطة المحورية الثانية فتمثلت في:
*الدعم الامريكي لاسرائيل ان قضية الصراع العربي الاسرائيلي لعب الدين فيها دورا مهما في ادارة الصراع منذ بدايته تجسد في عدة مفاهيم: الوعد الالهي كأساس لشرعية العودة 10، الارض المقدسة…الخ، فقد بدى تأثير البروتستانتية جليا ممثلة في حركة الاصلاح الديني التي قادها ” مارتن لوثر وكالفن ” واخذت بنظرية العصمة للكتاب المقدس وترى ان مملكة الرب في الارض ووعد الله المقدس لليهود وأنهم شعب الله المختار والسعي لتطبيق الحق الالهي بعودة يهود الشتات الى فلسطين وتدعيمه ماديا ومعنويا من اجل تحقيق النبوءات التوراتية تحت مسمى المسيحية الصهيونية التي تعتبر حاملة لرسالة ” المصير المحتوم “، حيث ذكر مايك ايقنز وهو يهودي متنصر: ” ان الله يريد من الأمريكيين نقل سفارتهم من تل ابيب الى القدس لان القدس عاصمة داوود ويحاول الشيطان ان يمنع اليهود من ان يكون لهم حق اختيار عاصمتهم اذا لم تعترفوا بالقدس ملكية يهودية فأننا سندفع ثمن ذلك من حياة ابنائنا وآبائنا وان الله سيبارك الذين يباركون اسرائيل ويلعن لاعنيها “11. ومنه تظهر فاعلية الدين في تحديد الدعم الامريكي لإسرائيل وحتمية الخيار الامريكي في المفاضلة بين مصالحه في الشرق الاوسط وعلاقته بالدول العربية دون نسيان المحدد الايديولوجي الديني للاستراتيجية كسياق تتحرك فيه.
3- جذور الدين في امريكا (امريكا البروتستانية الجديدة ميلاد الدين والمجتمع)
ولدت القارة الامريكية تحمل الدين والمجتمع معا، اي دون فاصل زمني بينهما، كما تأسست على أرضية مصالحة بين الدين والمجتمع فقد حمل المهاجرين الجدد او ما أصطلح عليهم ” بالبيورتياريين ” سنة 1260 العقيدة البروتستانتية الكالفينية 12، بعدما حاولوا تطبيقها في انجلترا التي كانت تحت حكم ” ال ستيوارت “، وبعدما طردوا وبدأوا يأملون للعيش وفقا لمبادئ الاصلاح الكالفيني على الأرض الجديدة (امريكا) والانتقال بهذه الرؤية الجديدة الى العالم الجديد شيء يتطلب قدرا من المواءمة الى ان ولد المجتمع والدين في ان واحد حسب تعبير ” جان بيار فيقو” 13، وكان هؤلاء البروتستانت متأثرين جدا باليهود ومازال عليه لحد الان، ومنه بدأت هذه العقيدة بالانتشار خاصة مع توسع الدولة الامريكية اتجاه المحيط الهادي والأطلسي بضم: هاواي – بيرل هاربر – جزر سامووباجو– الاسكا….الخ، ولقد اتاح هذا القوة الذاتية لأمريكا كما اتاح لها التوسع الخارجي لحماية مصلحتها القومية العليا وتكونت من 3 عناصر: الدين – الثروة – القوة،وفي خضم ذلك قال جون ادامز ” اننا إمبراطورية عظيمة ممكن الأن ان تمتد لتشمل حتى غير المؤمنين “14.
صورة الدين الأمريكي (الديموغرافيات الدينية)
ما هو التكوين الديني للشعب الأمريكي؟ لو استطعنا أن نأخذ صورة جماعية لكامل السكان البالغ عددهم 300 مليون نسمة، فماذا سنرى بالنسبة للدين؟
بيّن استطلاع للرأي أجرته  مجلة نيوزويك بتاريخ (5 سبتمبر 2005م) ما يلي:
88% يصفون أنفسهم بالروحانيين أو المتدينين.
58 % مسيحيون بروتستانت (33% إنجيليون، 25 % غير إنجيليين).
22% مسيحيون روم كاثوليك.
5% مسيحيون آخرون.
1% مسلمون.
1% يهود.
3 % غير مسيحيين آخرين.
6% وثنيين/لا أدريين/بلا دين.
4% بدون دين محدد.
وبالخلاصة فهذا يعني أن 85 % مسيحيين.
10 % بلا دين.
1% مسلمين.
1% يهود.
3% أديان أخرى – هندوسي، بوذي، الأهليين الأمريكيين، السيخ،…. إلخ15.
الدين في السياسة الامريكية (لمحة تاريخية):
يجمع المؤرخون أن ميلاد السياسة الامريكية جاء في عهد ” ويليام تاييلي ” نهاية القرن 19م، ثم طورها ” ثيودور روزفلت ” وتبلورت في عهد الرئيس ” ويلسون” مطلع القرن 20م بصفة خاصة الذي كتب قائلا بعد المصادقة على وعد بلفور: ” كربي بيت قس ينبغي ان يكون قادرا على المساعدة على إعادة الارض المقدسة لأهلها “16. وفي نفس السياق جسد الرئيس ” جيمي كارتر ” التقارب الديني في السياسة الامريكية عندما كان اول رئيس يزور اسرائيل منذ قيامها سنة 1948، حيث اعلن في خطاب امام الكنيست الاسرائيلي في مارس 1979: ” تأسيس الامة الاسرائيلية يرجع الى تحقيق النبوة الانجيلية ” 17، وعلى نفس المنوال خطى نظيره ” رونالد ريغان” سابقيه بقوله: ” ولأول مرة يبدو كل شيء في مكانه في انتظار هرمجدون والمجيء الثاني للمسيح ” 18.
غير ان التاريخ السياسي الامريكي عرف نفوذا كبيرا للعامل الديني خلال ادارة بوش الابن الذي بدى واضحا للعيان استفحال الطابع الديني على الخطابات الرسمية، ” كثيرون هم الرؤساء الذين اكدوا تعلقهم بجذورهم الدينية فاستشهدوا باقتباسات من الكتاب المقدس إلا ان الدين لم يفرض يوما وجوده في الحياة السياسية الامريكية قبل أن يطأ بوش الابن البيت الابيض ” 19، وقد مثلت 11 ايلول فرصة تاريخية لحرب صليبية لقوى الخير ضد الشر وهي مصطلحات دينية ترددها تجاه العالم الاسلامي، وأصبح مصطلح ” محور الشر” يعبر عن الدول التي تقدم الدعم لأسامة بن لادن والحركات ذات التوجه الاسلام الراديكالي المعادية لأمريكا وإسرائيل على حد تعبير ” ديفيد فروم ” 20، واستخدم المصطلح للتعبير عن الدلالة الايمانية الانجيلية التي تقسم العالم الى محورين: الخير والشر حيث تعتبر امريكا حاملة رسالة الخير الى العالم وفق منطق ” المصير المحتوم”، فبالإضافة الى قوة التنظيم الذي تلعبه الجماعات الدينية في ارض روما الجديدة على حد تعبير روجيه غارودي، فان الاستعداد الفطري للمجتمع الامريكي نحو التدين ساهم بشكل كبير في لعب ورقة الدين في السياسة الامريكية ووفقا لتقرير قامت مؤسسة ipses فان نتائجه تؤكد على التوجه الديني القوي لدى المجتمع الأمريكي فان اعتماد الخطاب السياسي الامريكي على القيم الدينية هو مرآة عاكسة لهذا التوجه العام الامريكي نحو التدين.
ومن خلال استعراض الحقيقة القومية للفرد الامريكي كما بينها ” اناتول ليفن ” يبقى البعد الديني حقيقة لإدراك البعد المقدس للحياة القومية في الولايات المتحدة الامريكية بدلالة وجودة عبارة ” نحن نثق في الرب” على عملة الدولار الامريكي هذا الشيء الذي انعكس على التوجهات العامة في امريكا خاصة في ظل بروز لليمين المسيحي والذي شكل صلب ادارة بوش الابن والحزب الجمهوري في ظل تحالف للمحافظين الجدد والأصوليين بعد احداث 11 ايلول، حيث اعزى العديد من الباحثين والمحللين الحرب على العراق الى افكار انجيلية وليس لمصالح اقتصادية اوجيو– بوليتيكية.
امريكا وشراكة اليمين الديني واليمين السياسي
لقد كان لأحداث انعكاسات قوية ومحورية في التاريخ السياسي الامريكي على نفس سابقتها احداث بيرل هاربر 1942، فإذا كانت الاخيرة جعلت امريكا تدخل اللعبة العالمية وتخرج من عزلتها فان 11 ايلول جعلت امريكا تمهد لتجسيد مشروع ” الامبراطورية الامريكية ” بنكهة دينية خالصة، فلقد ساهم وبشكل مؤثر جدا في تحالف بين المحافظين الجدد والمسيحية الصهيونية الثقل الديني البارز في ارض العم سام.
ففي 12-13 اكتوبر 2003 بفندق ” الملك داوود” بالقدس اجتمع الاطراف تحت شعار اقامة ” مملكة الرب في القدس ” 20، وخرجوا ببيان مشترك كان مما جاء فيه:
“Israël est l’alternative morale au totalitarisme oriental et au relativisme moral occidental. Israël est le “Ground Zero” de la bataille centrale de notre civilisation pour sa survie. Israël peut être sauvé, et le reste de l’Occident avec lui. Il est temps de nous unir à Jérusalem21″.
وذلك كله من اجل تحطيم الاسلام، ونتيجة هذا التحالف الذي شكل حدثا مهما في تاريخ السياسة الامريكية لا بد من تسليط الضوء في لمحة عن قطبي التحالف:
1- المحافظون الجدد:
في 3 حزيران 1998م اعلن المحافظون الجدد قيام تيارهم السياسي عبر ورقة اعلان مبادئ سميت: من اجل قرن امريكي جديد، ويقوم هذا التيار السياسي الجديد المعارض لسياسة كلينتون انذاك على فلسفة ” شتراوس ” 22، التي مزج بين المحافظة القديمة الالية من فلسفة ” ادموند ديريك ” المعارض لأفكار الثورة الفرنسية وبين ليبرالية ” جون ستيوارت ميل “، وينطلقون في تصورهم بأن الديمقراطية يجب ان تكون قوية بصورة كافية حتى تستطيع ان تقف في وجه الطغيان الذي يشكل الخطر الاعظم على البشرية.
وتعود اصولها الفكرية والاجتماعية الى ” شبكة الشبكات ” التي ينتمي اليها دونالد رامسفيلد وديك تشيني….الخ المدافعين عن الاحادية الامريكية والتفوق العسكري فهم يشكلون شبكة معقدة من العلاقات العائلية وروابط الصداقة والعمل والرعاية، ويعد:
* بول ولفويتز من ابرز اليهود في الادارة الامريكية والمؤيدين الفاعلين لإسرائيل لارتباطاته الدينية والعائلية بها واحد كبار المنظرين لهذه الجماعة.
*ريتشارد بيرل: من عصبة المحافظين الجدد لدولة اسرائيل وعضو المعهد اليهودي لشؤون الامن القومي له علاقة ب رامسفيلد وتشيني وكذلك بنخبة الليكود الاسرائيلي، كان رئيس مجلس سياسة الدفاع بوزارة الدفاع الامريكية في عهد بوش الابن.
*دوغلاس فيث: ابن اليهودي ” والت فيث” احد انصار البولندي ” جابوتسكي “، عمل مساعد وزير الدفاع للسياسة في ادارة بوش الابن، وهو عضو المعهد اليهودي لشؤون الامن القومي.
ووجدت هذه الجماعة الفرصة التاريخية في ادارة بوش الابن لقيادة السياسة الخارجية الامريكية في الشرق الاوسط نحو تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في امن اسرائيل.
2- المسيحية الصهيونية
نعني بها: ” كل التيارات التي تعتقد ان اقامة دولة اسرائيل شرط ضروري لعودة المسيح من اجل خلاص البشرية للعيش في الالفية السعيدة،ويستخدم العديد من المسميات للتعبير عن هذه الجماعة مثل: الانجيليين الجدد الاصولية البروتستانتية الاصولية المسيحية اليمين المسيحي.
كما نقصد بها الجماعات،التي تستعمل الدين للتأثير على الحياة السياسية الامريكية من أجل تحقيق الاركان الرئيسية للنبوءات الايمانية ” اسرائيل الكبرى معركة ” هرمجدون ” – عودة المسيح للخلاص – الالفية السعيدة الخ وهي مراحل اساسية في العقيدة البروتستانتية التي تستمد وجودها العقائدي من فكرة اساسية: اقامة مملكة الرب في ارض الميعاد المقدس، وإن المسيحية الصهيونية لا يجب ان نبعدها من التغلغل اليهودي للديانة المسيحية قديما وحديثا من اجل خدمة اغراض الصهيونية وهي المحاولات ذاتها التي تخطط لها اليهودية من اجل التغلغل في الدين الاسلامي من خلال دمج بعض التفاسير للقران الكريم،من خلال ما يعرف بالإسرائيليات: أي الإعتماد على التراث اليهودي القديم لفهم حركية التاريخ البشري ومساره،وخصوصا فيما يتعلق بقصص الانبياء لجعل العالم كله يؤمن بمركزية اليهود وتفوقهم على الشعوب والأمم الاخرى. 23
ويمثل الاسلام مركز اهتمام لهم وهوما جعلهم يصنفونه ضمن محور الشر في العالم كما تعمل الادارة الامريكية خاصة في عهد بوش الابن لتضييق الخناق على الجماعات الاسلامية، وتؤكد الكثير من التصريحات لزعماء المسيحية الصهيونية العداء ضد الاسلام والمسلمين حيث وصف جيري فويل الرسول ص بعد احداث 9/11 وبالإرهابي كما وصف “بات روبرتسون ” الاسلام: بأنه عدو المسيح.
المنظمات المسيحية الصهيونية:
* منظمة السفارة المسيحية الدولية في القدس. Ambassade chrétienne internationale (ACI)
*منظمة التحالف الوحدوي القومي من أجل إسرائيل Coalition unitaire nationale pour Israël:
* منظمة الأغلبية الأخلاقية Moral Majority
*التحالف المسيحي الأمريكي.
*الجمعية الدولية للدفاع عن إسرائيل.
التأثير على صناعة القرار:
لما للحركة من نشاط في الحياة السياسية الامريكية،حيث كان ينظر اليها انها حركة مسيحية مادية قد تصاعد نشاطها في اطار الحزب الجمهوري،ولم تكن تمثل إلا اقلية مقارنة بالمحافظين الجدد المهيمنين على التوجه السياسي داخل الحزب،وبدأ التغيير داخل الحزب الجمهوري في عقد الثمانينات تحت ادارة رونالد ريغان،الذي اقترب اكثر من اسرائيل مقارنة بسابقيه وهومن أشد المؤمنين بالمعركة الفاصلة بين الخير والشر وعلاقتهما بإسرائيل 25، وعرف نشاطها فتورا في عهد بوش الأب بسبب قضية القروض تعمق الارتباط بين المسيحية الصهيونية والحزب الجمهوري في فترة الرئيس ج.و.بوش الابن الذي أصبح أقرب إلى الرئيس رونالد ريغان في دعمه لإسرائيل من أبيه، وقد يفسر ذلك بالاستعدادات الدينية للرئيس ج.و.بوش وطاقم المستشارين المحيطين به، التي تثير اهتماما بالغا في الدراسات المهتمة بالبعد الديني لإدارة ج.و.بوش وتأثيره على السياسة الخارجية.
وتظهر ملامح الثقل السياسي للمسيحية الصهيونية في إدارة ج.و.بوش مع تولي بعض للمناصب الحساسة في الإدارة الأمريكية مثل: كارل روف مستشار الرئيس ج.و.بوش، وجون أشكروفت وزير العدل، الذي أعطى الأوامر لوضع قائمة إسمية لجميع المسلمين النشيطين في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل دمجهم ضمن القائمة الاسمية للإرهابيين الذين يشكلون خطرا على الأمن الأمريكي، كما أمر ببناء المعتقلات من أجل الزج ﺑﻬم في السجون، كما تولى غال نورثن منصب وزير الداخلية، وأصبح نشاط المسيحية الصهيونية حاضرا في البيت الأبيض، وكثيرا ما تتم الاجتماعات الدورية بين الموظفين السامين، خصوصا مع إليوت أبرامز، مدير قضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجلس الأمن القومي وممثلين عن المسيحية الصهيونية من أجل دعم إسرائيل، ودراسات المخاطر الأمنية التي تحيط ﺑﻬا خصوصا من قبل الحركات الإسلامية المقاومة في فلسطين ولبنان.
وما نخلص إليه أن بروز البعد الديني في عهد الرئيس السابق بوش الابن بشكل صارخ كان نتيجة لتكامل أربعة عوامل رئيسية هي: بروز اليمين الديني كقوة ظاهرة في انتخابات الرئاسية عام 2000، ووجود المحافظين الجدد ذوي الميول اليمينية المتشددة، وحرص “بوش ” على استمالة اليمين الديني إليه، ووقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كل هذه العوامل تضافرت على أن تعطي دفعة قوية للمعتقدات الدينية لأن تملي أفكارها على السياسة الأمريكية في الداخل والخارج.
هناك توتر وحوار تاريخي ومستمر وسيبقى دائما موجودا في مجتمع ديمقراطي ولن يتم حله أو إنهاؤه. تلقى حرية ممارسة الدين تقديرا عاليا في المجتمع الأمريكي، بالقدر نفسه أيضا حرية التعبير. وعندما تضيف هؤلاء إلى الحقوق مثل تلك التي يتمتع بها الأمريكيون، فإن المحصلة النهائية ستكون حتما وجهات نظر منتقدة، فاعلة ومعبِّرة عن حقيقة الترابط بين الدين والسياسة في الولايات المتحدة، وعليه تبقى حقيقة الخضوع السياسي للتأثيرات الدينية مجالا مفتوحا في ظل تنامي دور الهيئات والمراكز والحركات الدينية في واشنطن وتزايد ارتباطها بالنخب السياسية التي تظل دائما تعبر عن اصوليتها الدينية في العديد من الخطابات والمواقف السياسية، مواقف اتخذها البنتاغون ولا يزال خاصة ازاء قضايا منطقة الشرق الاوسط وارتباطها بحقيقة الصراع الابدي بين الخير والشر صراع الاديان تقف بين اطرافه المسيحية والصهيونية تحت صف واحد بمسمى ” المسيحية الصهيونية ” وتدعمها العديد من الحركات والنخب التي تدعي العلمانية وهي صفة حقيقة تبقى غائبة عن المجتمع الامريكي في مواجهة العدو التقليدي ” الاسلام “، ومنه ما يمكن اجماله هوان الدين لا يزال من بين الفواعل الاساسية في تحديد السياسة الخارجية الامريكية من خلال وضع اطر وسياق لتفاعلاتها الدولية والإقليمية واطار لحركيتها الدائمة والمعقدة.
…………………………..
الحــــــــــــــــــــواشــــــــي:
1 فرس المهتدي، البعد الديني في السياسة الخارجية ” امريكا نموذجا “، دراسة لنيل دبلوم في الشؤون الدولية والدبلوماسية، المعهد العربي للشؤون الدولية والدبلوماسية، تموز 2009، ص 10.
2 فرس المهتدي، البعد الديني في السياسة الخارجية ” امريكا نموذجا “، دراسة لنيل دبلوم في الشؤون الدولية والدبلوماسية، المعهد العربي للشؤون الدولية والدبلوماسية، تموز 2009، ص 10.
3 محمد سيد سليم، تحليل السياسة الخارجية، الطبعة الثانية، القاهرة، مكتبة الهضبة المصرية، 1998، ص9.
4 محمد بوبوش، البعد الديني في السياسة الخارجية الامريكية، بحث نشر في 15/02/2006 على: www.asharqalarabi.org.uk.
5 نزيهة احمد تركي، البعد الديني في السياسة الخارجية الامريكية اتجاه الشرق الاوسط، بحث نشر على الرابط: www.siyassa.org.eg/news0/2566.aspx
6 الفولكان: هو اله النار وصناعة الادوات المعدنية عند الرومان.
7 مصطفى صايج ,السياسة الامريكية اتجاه الحركات الاسلامية “التركيز على ادارة بوش 2000 – 2008 “،اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة الجزائر كلية العلوم السياسية والإعلام سنة 2006-2007، ص 35.
8 محمد السماك، المسيحية الصهيونية في امريكا، المجلة الشهرية وجهات نظرية، العدد 41، جوان 2002، ص 31.
9 مصطفى صايج ,السياسة الامريكية اتجاه الحركات الاسلامية “التركيز على ادارة بوش 2000 – 2008 “،اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة الجزائر كلية العلوم السياسية والإعلام سنة 2006-2007، ص 278.
10 نزيهة احمد تركي، البعد الديني في السياسة الخارجية الامريكية اتجاه الشرق الاوسط، بحث نشر على الرابط: www.siyassa.org.eg/news0/2566.aspx
11 مصطفى صايج ,السياسة الامريكية اتجاه الحركات الاسلامية “التركيز على ادارة بوش 2000 – 2008 “،اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة الجزائر كلية العلوم السياسية والإعلام سنة 2006-2007، ص 276.
12 الكالفينية: نسبة الى ” كالفن ” قاد ثورة تصحيحة مع مارتن لوثر كينغ العقيدة البروتستانتية.
13 فراس المهتدي، البعد الديني في السياسة الخارجية ” امريكا نموذجا “، دراسة لنيل دبلوم في الشؤون الدولية والدبلوماسية، المعهد العربي للشؤون الدولية والدبلوماسية، تموز 2009، ص 14.
14 فراس المهتدي، مرجع سابق، ص 15
15 تيموثي. جيه. ديمي، دور الدين في الولايات المتحدة على الساحة العامة، دراسة نشرت على: http://www.altasamoh.net/Article.asp?Id=446
16 مصطفى صايج ,السياسة الامريكية اتجاه الحركات الاسلامية “التركيز على ادارة بوش 2000 – 2008 “،اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة الجزائر كلية العلوم السياسية والإعلام سنة 2006-2007، ص 27.
17 مصطفى صايج، مرجع سابق، ص 28.
18 رضا هلال، المسيح اليهودي ونهاية العالم، المسيحية السياسية والاصولية في امريكا، الطبعة الثانية، مكتبة الشروق للنشر، القاهرة، سنة 2001، ص 132.
19 مصطفى صايج، مرجع سابق، ص 34.
20 ديفيد فروم:يهودي من اصل كندي وه من بين الاعضاء المكلفين بتحرير الخطب الرئاسية ل جورج بوش الابن.
21 فراس المهتدي، مرجع سابق، ص 24.
22 ليو شتروس 1893-1973 فيلسوف ومفكر يهودي.
23 مصطفى صايج، مرجع سابق، ص 273.

بورعة علي جهاد

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023