تبقى سوريا هي حجر الاساس والرئة والمتنفس للبنان…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

تبقى سوريا هي حجر الاساس والرئة والمتنفس للبنان…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

زيارة الوفد الوزاري اللبناني الى سوريا مصحوبا مع اللواء عباس ابراهيم الى سوريا للتنسيق مع السلطات السورية لجلب الكهرباء من الاردن والغاز من مصر تثبت نقطتين اساسييتين في المنطقة التي يحاول البعض تجاوزها أو القفز عنها او المكابرة.

أولا أن لا حياة إقتصادية للبنان دون سوريا فكل البضائع اللبنانية التي تورد الى الدول العربية تخرج برا ولا مفر من الدخول الى الاراضي السورية وحدودها. والبضائع اللبنانية تمر بعدها الى الاراضي الاردنية والاردن يستفيد ايضا إقتصاديا من هذه الحركة ويجب ان نذكر بان ملك الاردن قد طلب شخصيا تخفيف القيود الامريكية (رفع الفيتو) على حركة البضائع عبر سوريا لان هذا قد ادى الى التراجع الاقتصادي والمداخيل الاردنية. وفور عودة الملك الى الاردن اعلن عن فتح معبر جابر الحدودي في كلا الاتجاهين قبل ان تقوم المجموعات الارهابية بتهديد امنه مما استدعى غلقه مرة اخرى. وما يجب ان يفهمه البعض ايضا ان تصدير البضائع اللبنانية بحرا الى الدول الخليجية على سبيل المثال يزيد كلفة الشحن أضعافا مضاعفة وكذلك الشحن الجوي وبالتالي لا تستطيع البضائع اللبنانية المنافسة في هذه الاسواق.

وثانيا أن ما يدور حول تمرير الغاز والكهرباء يندرج في النقطة الاولى ويؤكد على الدور المحوري والاستراتيجي للدولة السورية في إنعاش الحياة الاقتصادية والتخفيف من الازمة الخانقة التي يعيشها الشعب اللبناني الذي وبحسب آخر دراسة للامم المتحدة ان 74% منه يعيش تحت خط الفقر أو اصبح فقيرا لا يستطيع أن يوفر لقمة عيشه نتيجة الغلاء الفاحش وتدهور صرف سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار الامريكي الذي استعبد كل الاقتصاد العالمي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ولكن ربما الاهم من ذلك ان الولايات المتحدة قد اضطرت الى تقديم “التنازلات” والسماح للبنان بجلب الكهرباء والغاز بعد إعلان السيد حسن نصر الله متحديا الادارة الامريكية والكيان الصهيوني ان سفينة محملة بالنفط الايراني ستنطلق في غضون ساعات من إيران متوجهة الى لبنان وأنها متى ستبحر ستكون ارض لبنانية. وهذا ما أجبر الولايات المتحدة على التراجع وليس اي شيء آخر كما تحاول بعض الادوات والمنبطحين والمشاركين في الازمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان ترويجه.

ولهذا مدلولات سياسية ودرس للبنان وغيرها من الدول الا وهو ان سياسة الاستجداء والركوع والقبول بالعبودية والقيود لم تثمر ولن تثمر وأنه فقط سياسة التحدي والشعور بالكرامة والتصدي وممارسة السيادة على الارض وبغض النظر عن التضحيات هي وحدها من يؤدي الى تراجع العدو والمتغطرس وخاصة عندما ندرك اننا على حق وندرك ايضا من هو الصديق ومن هو العدو. سياسة التصدي للباغي وهيمنته وممارسة السيادة من أجل نزع الحقوق المشروعة هو من اتى او سياتي بإنفراج الوضع في لبنان لصالح فقراء الوطن والمحرومين وكل من يقول غير هذا الكلام هو في صف العدو للشعب والوطن والمقاومة ونقطة على السطر.

هذا نصر لسوريا ولإيران ولحزب الله وللمعذبين والمحرومين والفقراء من الشعب اللبناني ولشعوب المنطقة وهزيمة أخرى وتراجع يسجل للولايات المتحدة ودرس على الجميع استيعابه وفهمه..

كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023