تدبّر في سورة الماعون: لا وُجود للدين خارج النضال الاجتماعي والسِّيادِيّ

تدبّر في سورة الماعون:  لا وُجود للدين خارج النضال الاجتماعي والسِّيادِيّ

بقلم: د. نعمان المغربي (مختص في علوم الأديان المقارنة_تونس)

 

  1. أهمية السورة القصيرة:

السور القصيرة هي «مُحْكَمُ» القرآن الكريم. فالسور الطويلة ليست في متناول فهم غير المختصين، في أكثر الحالات، فهي محتوية بالضرورة على «المتشابه».

فليس من السهل اكتشاف مقولات سُوَر طويلة (البقرة، آل عمران، النساء، التوبة…). ولذلك كان الكثير من الإسقاطات والتشويهات بـ«تعضِية» آيات ومَقاطع منها(سورة الحجر، 91). ولكنَّ المُسَوَّر القصير يُيسِّرهُ الله تعالى حتى للمبتدئين وغير المختَصين. فله الحمد سبحانه على هذه المِنة العظيمة: السور القصيرة!

.2   قلب السورة المفترض:

أ_﴿أَرَأَيْتَ!﴾:لابد من البصيرة الاجتماعية_العرفانية لتحقيق انتصار ثورة المستضعفين!

ب_﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)﴾:لا قيمة للتدين دون الدفاع عن المَهَدَّدين اجتماعيا وعن المستضعفين وسيادة«الشعب»و«الأمة»!

 

 

  1. 3. الموضوع:القرآن الكريم يُقدم تعريفا «جديدا» للدين:

ليس «الدينُ»[1] حَسب القرآن الكريم لاهوتًا وعقائد غيبية بحتة. وهو ليس شعائر بحتة. وهو ليس أخلاقا بحتة.

«الدين»حسب تحديد سورة الماعون هو «تكريمُ»، المهدّدين اجتماعيًّا (ك«اليتامى»)، والمنقطعين عن الدورة الاجتماعية-المَعاشية «الآمنة» من «الجوع» (ك«المساكين»).

و«الصلاة» حقًّا- حسب سورة الماعون-، وهي «عمود الدين»، هي استمرارها في كل أفعال الفرد وأفعال الجماعة، بـ«الصّدق» و«الدفاع عن الماعون»، أي المَنافع الطبيعية التي يجب أن تكون مشتركة.

 

4.المقولات الرئيسة للسورة:

أ_«الكُفر» أو«التكذيب بالدين»: هو عدم «الحضِّ» على «طعام» المنقطعين عن الدورة الاجتماعية- المَعاشية  الآمنة.

ب_«الدين»: هو «الحضِّ» على «طعام» المنقطعين عن الدورة الاجتماعية- المَعاشية  الآمنة. هو «المُدَافَعة»عن﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ﴾.

ت_«الماعون»: هو مَصَادِر «الكسب» الكبرى، التي يجب أن تكون مِلك «الشعب»، ومِلْك «الأمّة».

ث_«مَنْع الماعون»: هو مراكمة طاقات «الدَّفْع» الاستكباري بابتزاز إمكانيات «تمكَّن»«الناس». هو «حظوظ»«البخس» و«الكنز».

 

  1. 5. ماهو «الكُفر» (҂«الدين») حسب سورة الماعون:

«الكُفر» في رؤية هذا المُسَوَّر «المُحكَم» هو طردُ المَهَدَّدين (كاليتامى خاصة) من «المُؤَامَنة» من الجوع والخوف (=«الدَّعّ»). و«الكُفر»أو«التكذيب بالدين» هو عدم «الحضِّ» على «طعام»المنقطعين عن الدورة الاجتماعية- المَعاشية  الآمنة من الجوع المادي والمعرفي والعاطفي والخوف من المستقبل.

أما «السَّهو»«عن» الصلاة، هو ما سها عنه جلّ «الفقهاء» (الذين ليسوا بفقهاء)، إذ يركزون على «السهو»في الصلاة حتى أطنبوا في التعسير على طالب إصلاح شعيرة الصلاة، حتى إن كان «خطؤه» بسيطا. إن السهو «عن» الصلاة، حسب سورة الماعون، هو عدم ضخّ «مَعِين» الصلاة في «الحُظُوظ»[2] الاجتماعية جميعًا.

فالسهو «عن» الصلاة –حسب سورة الماعون، أي حسب القرآن الكريم، هو المراءاة في «الحُظوظ» الاجتماعية.

السهو عن الصلاة حسب سورة الماعونهو مَنْع «الشعب»[3](و«الأمة») عن سيادته على المنافع الكبرى كالمياه الجارية (النهر، البحر..) والنفط و«الغاز»[4] الطبيعي والملح والغابات والمَعادن (=«مَنْع الماعون»).

  1. 6. ماهو «الماعون»؟ وماهو «منع الماعون»؟

«الماعون» هو «المَنْفَعة»[5]الكبرى التي يجب أن تكون مشتركة. هو «ما انْتُفِع بِه مما يأتي عَفْوًا»[6]. وهذه «العَفْويّة» هي التي جعلته واجِب المُشْتركية، فلم يبذل أي فرد وأي جماعة جُهْدًا في إيجادها، فهو متوفر بسهولةبِمَنّ من الله، فمِنْ حق الجميع أن يكونوا «شركاء» فيه. فلفظة «الماعون» أصْلها: «مَعُنَ» أي سَهُلَ و- ذَلّ-، و«المَعْنُ» هو «السهل» الهيّن «اليسير»[7].

قالت عالِمة الدين «عائشة بنت عبد الله بن أبي قحافة» إنه «الماء والنار والملح»[8]. فقد وَعتْ قول معلِّمها رسول الله (ص): «الناس مشتركون في ثلاث: الماء والكلأ والنار»[9]. وهْيَ «بيان موارد»[10] من «الماعون» وليست حصرًا لها .

فـ«الماعون» هو المَصَادِر الكبرى، التي يجب أن تكون مِلك الشعب، ومِلْك الأمّة.

و«مَنْع الماعون» هو مراكمةطاقات «الدَّفْع» الاستكباري بابتزاز إمكانيات «تمكَّن»«الناس» (شعبًا وأمة وعالَمِين، انتحاليّا ومِلّيًّا ومَعاشيّا وصحيا وبيئيا وسياسيّا ونقابيًّا، حتى يبقى «المستضعفون»«تَبعًا» دون مستقبل «تكريمي»«معيدٍ» لخلق الإنسان:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾(الإسراء، 70).

إنه مضادة السيادة الوطنية وسيادة الأمة على «وسائل الكسب» العامة، وعلى الحرمين الشريفين وفلسطين، وغيرها، وسيادة الشعوب المستضعفة على مقَدَّراتها وأحْمِيتها ومُنْتحَلاتِها، أو احتكارها لفائدة طغمة من الشعب أو الأمة : ﴿ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾(الحشر، .(7

فالذي يُصلّي، أو الذي يلبس اللباس المتدين، وينسب نفسه إلى «الإسلامية»، وهو في الآن نفسه «يمنع الماعون»، أي ضدّ السيادة الوطنية على المَصَادر العامة (كالنفط و«الغاز» الطبيعي والمَعادن والأنهار والبِحار والسّباخ…)، أو يصْمت كـ«شيطان أخرس» عن مُصادرة سيادة «الشعب» و«الأمة» مطلقا، والمُحافظة (أو «الولاية»في المصطلحية الإدارية ببلاد المغرب) نِسْبيًّا، عليها، هو سَاهٍ عن الصلاة،بل مكذب بالدين، وأقرب إلى «الكفر»أي الجحود ب« الْمُحْكَم»القرآني. فصلاته شعيرة غير مقبولة، ويجب أن يُعيدها، أوأن يُكفّر عن الإجرام في حقها بالتوبة عن «منع الماعون».

«فالذين يصلّون ولا يقيمون الصلاة، لمّا كان مَنْظَر رؤيتهم لا يتعدى مَنافِعَهم وشهواتهم وأمنياتهم المحدودة، اتخذوا الله والدين والصلاة والأحكام المتعلقة بها (…) وسيلةً للسيطرة على وسائل الحياة ومَصَادرها (…). وهؤلاء يستحقون الويل. ذلك الويل الذي هو جزاء الذين «يسرقون»[11] أموال الناس»[12]، أي «الماعون»، «بالجبر والعتوّ، و(…) بالميزان والبيع والشراء، وآخرون بصورة الدين والصلاة»[13].

يجب أن يستفيد الجميع من الماعون بالوضع الطبيعي، ومَنْ يُصادرون حق الشعب والأمة و«المحافظة» (=«الولاية» في المصطلحية الإدارية ببلاد المغرب)، أو ينحازون إلى المُصَادِرين من أهل الوطن ومن الشركات المتعددة الجنسيات والدول الإمبريالية، هو «مانعون للماعون» فلكي تعود إلى الوضع الطبيعي- الأصلي الذي هو تعميم مَصَادر الثروة، يجب إزالة هذه «المَوانع»»، مِن أحزاب ورأسُمالين كُمْبَرادُورِيّين (=«وَتَديِّين» بلغة سورة الفجر)، و«قَطع أيديهم» السياسية والنُّفوذية- البَنكية والمِلكية والإعلامية والفنية والثقافية[14] والبيئية.

إن ترك «ماعوننا» الوطني نَهْبًا- مُبَاحًا- للشركات الإمبريالية يجعلها تُغْرق السوق العالمية من «ماعوننا» مستنزِفةً مخزونَنَا المستقبلي (حتى بالأبحاث العشوائية التي تمزق جسد أرضنا)، وذلك دون أي محاسبة من سنة إلى أخرى، ولا مراقبة لـ«الكَسب» (للإنتاج) والمردودية، سَيْمنع الأجيال القادمة من عديد موارد «الكرامة».كذلك الضغوط المتفاقمة على الفضاء السكني بالفضلات، وإتلاف أجزاء من الغطاء الغابيّ وتدهور نوعية التربة بسبب الانحراف والتصحر :﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ[بالكسب الشيطاني]أَيْدِي النَّاسِ﴾(الروم، 40). تلك «الأيدي» التي يجب أن تُقطع واستنزاف الموارد المائية وسوء التصرف في «الماعون» الباطني، سيفاقم العجز الغذائي والصحي والعَيْشي والتشغيلي[15].﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا[يضاد السيادة الحموية والماعونية]﴾(النساء،141).

و«دفع»«منع الماعون» ليس بمجرد «عزيمة» (= قرار) قانونية، بــــل يتطلــــب «رؤية»[﴿أَرَأَيتَ﴾] في «الاقتصاد البيئي»[16] (= «رحلة الشتاء والصيف» بِلُغة سورة قريش) و في «المُدَافَعة»« الْمُجَاهِدَة».

  1. 7. «الحضُّ على الطعام» التكريمي هو نقيض «الإطعام » البخسي:

مقولة «التكريم» القرآنية ضرورية ومركزية في «البُنْيَان» الاجتماعي الإسلامي: ﴿ وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ﴾(الإسراء، 70). و«الحَمْل» في البرّ والبحر هو «إبَاحَة الماعون» للشعب والأمة ولكل الشعوب«متكافئةً»، غير «متفاوِتَة».

«إطعام المسكين» إهانة له. وهي عادة جاهلية تقوم على «منع التمكين»[17] (وهو أخطر وأعظم من «منع الماعون») و«مَنْع تكريم الإنسان»، (وهو أخطر من «منع التمكين»، بل أصله).

«إطعام المسكين» هو«منعُ» صاحب «حقّ»«التمكين» وفي الآن نفسه تقديم «المَيْسَر»«المسْكِين» (أي «المحروم»[18] من «التمكين» أي الحقوق الأساسية للإنسان «مُكرَّمًا»)، حتى لا يموت، فيبقى دائمًا «تَبَعًا» لقوة «البَخْس» (=فائض القيمة).

أمّا «الحضّ على طعام المسكين» فهو «المُدَافَعة»[19](أو المناضَلة باللغة المعاصرة) عن «إطْعام الطعام»، أي «طعام» الظروف المناسبة للطعام المادي والتعليمي والصحي والبيئي.

فلابد مِنْ «المُدَافَعة» عن «إطعام الطعام»، لا الانحياز لـ«المَيْسَر» الذي لا يمكن أنْ يَرْبُوَ دون «إطعام المسكين» حتى يبقى «مِسْكِينًا» أي محروما من «التمْكين». وبذلك تكوين «المدَافَعة»مجاهَدةً دائمة، عن الذين استضعفوا مِن «الشعب» و«الأمة» و« الْعَالَمِين».

  1. 8. مِن مَعَالم السّهو في الصلاة: المراءاة:

قال الصادق المصدَّق في القول والفعل (ع): «من عمل لله كان ثوابه على الله، ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس إن كل رياء شرك».

الرياء هو إظهار أعمال صالحة أو صفات حميدة أو عقائد حقّة للناس «لأجل الحصول على مَنزلة في قلوبهم والاشتهار بينهم بالصلاح والاستقامة والأمانة والتدين، دون أن تكون هناك نيّة إلاهية صحيحة»[20].

إن الرياء في أصول العقائد والمعارف الإلهية، إيمان خيالي يؤدي إلى اضمحلال نور الإيمان في القلب وتسرب ظلمة الجحود الكُفري. «وهذه المَلَكة الخبيثة تؤدي بالإنسان في النهاية، إلى أن تُصبح دار قلبه مختصة بغير الله تعالى. وتؤدي ظلمة هذه الرذيلة بالإنسان تدريجيا إلى الخروج من هذه الدنيا دون إيمان»[21]، فيصبح المرء من جملة «المنافقين» ليعيش «الويل» في الحياة الدنيا.

«وإذا رأيتم رياء في قلوبكم، فاعلموا أن قلوبكم لم تُسَلِّمْ للعقل (…)، وأنكم تعدّون شخصا آخر إلاهًا ومؤثرا في هذا العالم، لا الحق تعالى»[22]، وهنالك تَحِلّ النار،﴿نَارُ اللَّـهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾(الهمزة، 6 و7) في القلوب فتحرقها، وهي مازالت في الحياة الدنيا: «ثلاث علامات للمرائي: يَنْشُطُ إذا رأى الناس، ويَكْسلُ إذا كان وحده، ويحب أن يُحْمَد في جميع أموره».

إنّ أهْل «العُتّوّ» لا يراكمون «حظوظ» تمكِّنهم البَخْسيّ إلا بوسائل رئيسة، من أهمها الرياء والتظاهر بالتدين. فيا أيها العزيز: «كُن دقيقا في أعمالك، وحاسب نفسك في كل عمل، واستنطقها عن الدافع في الأعمال الخيّرة، والأمور الشريفة» (..)، ولْتكُن «حذرًا في المناظرة والجدال مع النفس» فهي تُظْهر لك أن العمل الرّيائي عَمَل مقدَّس»[23].

وإذا أردْت أن تختبر نفسك، هل أنتَ مراءِ أمْ لا باطنا، فعليك (في اختبار سورة الماعون) أن تنظر لنفسك: هل أنتَ عمليًّا في صف جبهة الاستضعاف أم في صف جبهة الاستكبار؟

هل أنت مع «تمكين» اليتيم أم مع «دَعِّهِ»؟! هل أنت مع «تمكين» المسكين حتى لا يكون مسكينا أم مع مُرَاكمة «المَيْسَر» المتزيّن بالإسلام والديمقراطية؟

هل أنت مع «تمكين»«الشعب»(و«المحافظة» أو «الولاية») من «الماعون» أم مَعَ «تمكين»الطبقة الكُمْبْرادورية (=«الوتَدية» بلغة سورة الفجر) و«تمكين» الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة؟!

«إذا لم تكن شاهدًا على عصرك، فكُنْ ما تشاء: ناسكا مترهبا في محراب أو معربدًا في حانة. فكلا الأمرين سيصبحان سوَاءًا». «إنّ الذين مضوْا كان عملهم حسينيّا.. والذين هم أحياء ينبغي أن يكون عملهم زينبيّا.. وإلا فَهُم يَزِيديون»[24].

وكما قال المرحومان الشيخ إمام عيسى وأحمد فؤاد نجم:

«وفي آخر الكلام:

                                       يزيد وِلاّ الحسين؟!»

عليك أن تختار!!

 

استنتاج

تلخص سورة الماعون معنى «الدين» ومعنى «التكذيب بالدين»، في «الرؤية» النبوية: ﴿أَرَأَيْتَ؟[25].

«الدين»، في القرآن الكريم وتطبيقه المحمدي، هو «الحضّ» الاجتماعي- الإصلاحي، أي «المدافعة»:﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ[قتالاً مدنيّا وعسكريّا]فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ﴾ (النساء،75)﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾ (البقرة، 251). و«المُدَافَعة» هي باصطلاحاتنا المعاصرة: «النضال» و«المقاومة» و«الثورة»، فلا قيمة للتدين، حسب سورة الماعون العظيمة، خارج «الحضّ».

لا معنى للدين، حسب سورة الماعون «المُحْكَمة» (لا «المتشابهة») خارج مضمونه الاجتماعي- الثوري.

لا معنى للدين، حسب سورة الماعون، خارج إقرار «البنيان» الاجتماعي العَدَالي، لفائدة المهدَّدين («اليتامى» مثلاً أبرزَ) ولفائدة الفقراء والمستضعفين («المساكين» مثلاً أبرز).

لا معنى للدين إذا لم يكن «دفاعا» عن السيادة الوطنية والشعبية على «الحِمَى» و«الماعون».

لا معنى للدين إذا لم يكن «مدافعة» و«إطعامًا للطعام» و«مَنْعًا» لـ«منع الماعون»، ومقاومة للبنيان الطاغوتي- الرأسمالي ولمراكمة «الحظوظ» الإمبريالية.

لا معنى للدين خارج «الحضّ» على العدَالة الاجتماعية والمعاشية والبيئية، حتى تمتلئ الأرض عدلا وقسطا.

خارج ذلك، يصبح «الدين» الظاهري «تكذيبًا»له وتفنيدًا، و«كُفْرًا»، وشِرْكًا و«رياءًا».

فضياع «رسالة الحقوق» السّيادية/السجادية هو «كُفْرٌ». وضياع «رسالة مالك الأشتر» تكذيب للدين الإسلامي ولرب العالمين.

وضياع حقوق اليتيم والفقير والمُفْقَر (فردًا وجهةً وطبقاتٍ وأجيالاً ومستقبلا) «كُفر»:«كاد الفقر يكون كفرًا!»، كما قال رسول الله والمستضعفين(ص)، أبو«القاسم».

وضياع «الماعون» بما هُوَ ثروة للشعب والأمة، «كُفْر» ينبغي تَتْبِيرُه «تَتْبيرًا»، دون تأجيل.

وإلا فنحن «مُراؤوْن»، «مكذِّبون» لله العَدْل المقسط، قتلةٌ للحسين!!

 

 

[1] كل المقولات القرآنية (وحتى المحمدية) جعلناها بخط غليظ بين ظفرين.

[2]«الحظ»الاجتماعي، مقولة قرآنية. هو الوظيفة في سيرورة التسخير الاجتماعي. والوظيفة هي مجمل الأطوار العملية الممتدة في الزمان والمكان. من المدوّنة القرآنية لهذه المقولة: ﴿إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾، ﴿ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾…

[3]«الشعب» مقولة قرآنية ﴿ وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾(الحجرات، 13)

[4] اكتشف الكيمياوي الهولندييان بابتست فان هيلمونت في القرن 17م مادة «الغاز» مسميا اياها بلغته :«خاس»، بتقريب للغة الاغريقية :« خَووس»،وهي كلمة من أصل عربي_سوري :«خواء» (بإمالة الواو) أي الفراغ. ولكن «أميتنا» الحضارية جعلتنا ننقل بحمارية عن الفرنسيين :«غاز»!!!

[5]ابن منظور، لسان العرب، مادة: م ع ن.

[6] م. س.

[7] م. س.

[8] الزمخشري، تفسير الكشاف، دار المصحف، القاهرة، ج5، ص 258.

[9] رواه ابن حنبل.

[10] الطالقاني (محمود)، إشراقُ من القرآن الكريم، مؤسسة الهدى، طهران، 2006، ج4، ص290.

[11] راجع: المقولة القرآنية «السرقة» في تدبرنا في سورة الأعراف وسورة يوسف وسورة الفجر.

[12] الطالقاني (محمود)، م. م، ص290.

[13] م. س.

[14]راجع: المقولة القرآنية «قطع الأيدي» في تدبرنا في سورة الأعراف وسورة يوسف و الفجر .

[15]البِدْوي (عبد الجليل)، الوثيقة التوجيهية للمخطط الخماسي وما تلاها في فن كلام التجديد بدون جديد، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تونس، 2016، ص68 و69.

[16] بسباس (سمير)، مدخل إلى الاقتصاد البيئي، دار سَحر، تونس، 2016.

[17] راجع تدبرنا في سورة البقرة والأعراف والفجر.

[18]﴿حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾(المعارج، 24، 25).

[19]«الدَّفع»أو «المدَافَعة»هو نَسق المتناقضات الممركز للقوة. هو نسق صراع المركز الاستكباري والتخوم المُسْتَضْعَفية.

[20]  الموسوي (روح الله)، الأربعون حديثًا، دار التعارف، بيروت، 2003، ص 59.

[21] م. س، ص 61.

[22]م. س، ص 63.

[23] م. س، ص 78.

[24] شريعتي (علي)، الشهادة، مكتبة الجديد، تونس، ص 75.

[25]من الضروري الانتباه إلى البناء الفني_البلاغي في هذه السورة، القائم على التقابل الاستلفاظي: بين«الرؤية»و«الرياء»، و«الماعون» و«المنع»…

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023