ترامب ذلك “القرصان الأحمق”!؟…بقلم محمد الرصافي المقداد

ترامب ذلك “القرصان الأحمق”!؟…بقلم محمد الرصافي المقداد

لا أعتقد أنه توجد صفة مناسبة للرئيس الأمريكي ترامب، غير أنه قرصان أحمق، ولو أنه بقي راعي بقر على سليقة أجداده، ولم يقحم نفسه في أعمال ابتزاز وسمسرة رخيصين، لكان أفضل له وللشعب الأمريكي، الذي انتخبه قسم منه على وجه خطأ الديمقراطيات المزعومة، وقبل به عموم الأمريكيين رئيسا أحمق لبلادهم.

سمسرة ترامب بدأت من الدّول العميلة له، والتي أوهمتها إدارات بلاده السابقة، أنها حامية لها، وأنّ قواته المنتصبة هناك على قواعدها، جاءت من أجل أداء ذلك الدّور، ومع انتخابه رئيسا لأمريكا، استحضر مهنة أجداده بعدما رأى محميّاته الخليجية أبقارا حلوبة، وأن بلاده يجب أن تأخذ حقوقها من هؤلاء الذين اعتبرهم أثرياء ويمتلكون مالا كثيرا، لذلك قال إنه يجب عليها أن تدفع مقابل حمايتها، ووقاحته بلغت به حدّ وصف السعودية، ودول الخليج بالبقرة الحلوب، متى ما جف ضرعها سيذبحها، تصريحات تكررت منه في حملته الانتخابية2015 واعادها منذ ثلاث سنوات، بعد أن باشر حلب الأموال السعودية، إهانة تكررت منه، دون أي ردّ فعل من الطّرف المتضرر، وما حيلة هؤلاء وقد سلّموا رقابهم لمن فقد ضميره وظهر في ثوب قرصان عنيد أحمق.

ولقائل أن يقول: ما الذي يخيف السعودية والدّول الخليجية، حتى تسمح بانتصاب قواعد عسكرية أمريكية على وجه الخصوص، دون أن ننسى الفرنسية والبريطانية صاحبة التأسيس، وكل هذه الجحافل من الجيوش، والآليات، والطائرات، والاساطيل البحرية، والأعتدة، والصواريخ المتنوعة، موجّهة ضد من؟ لا أعتقد أن الكيان الصهيوني يشكل خطرا على تلك الدّول – وهو صنيعة ومحميّة بريطانية أمريكية – وهي التي كانت تخفي علاقاتها معه، واليوم أصبحت تتباهى بالتطبيع معه على جميع المستويات، وتعطيه الحق الكامل في البقاء على ارض فلسطين وملكيته لها دون الشعب الفلسطيني، يبقى لنا إذًا ما ركّبته أمريكا بسياساتها، وهما في عقول هؤلاء الحكام، وبما توهّموه بدورهم، وأعانوا أنفسهم عليه، أن إيران تشكل خطرا على أمنهم خاصة، وعلى استقرار منطقة الخليج عامّة، ولا ذنب لإيران واقعا، سوى تبنّيها لمحور مقاومة الكيان الصهيوني، وعملها الثابت في تنميته، ودعمه بكل الوسائل، من اجل قلع “جرثومة الفساد” من أرض فلسطين، كما عبّر عن ذلك، مؤسس هذا المحور المبارك، وصانع معادلة العزة في الأمّة الإسلامية، الإمام الخميني.

لكن الذي يجب أن لا يخفى، أن التواجد العسكري الأمريكي في دول الخليج، يعتبر بكل المعايير  احتلالا، وسيطرة على أهمّ منابع النفط العالمي، ووضع اليد عليها إذا ما دعت الحاجة الى ذلك، فلا إيران التي اتخذها الطرفان الامريكي والخليجي، ذريعة لنشر القوات العسكرية الأمريكية هناك، ولا تهديدها المزعوم للأمن في الخليج، وهي التي ما فتئت تدعوا تلك الدول، الى اخراج القوات الاجنبية من المنطقة، لأنها هي التي تشكل بوجودها تهديدا حقيقيا للأمن والاستقرار فيها، وتهدد بنشوب حرب عند أي حادث أو احتكاك قد يحصل ويُتّخذ ذريعة، وايران هي المتضررة فعلا من مؤامرات تلك الدول، ومحاولاتها المتكررة ايذاءها بسياساتها العدوانية.

قرصنة ترامب في استثمار بلاهة حكام الخليج، وابتزازهم كل مرّة، دفعت طِفْرته هذه المرة الى الصين، ليدّعي عليها أنها السبب الرئيسي لانتشار فايروس كورونا في بلاده، مشيرا الى ضرورة أن تدفع تعويضات عما لحق ببلاده ودول العالم، كأني به محرضا الدول الاوروبية على ذلك، ناصبا لها فخّا لتصطف الى جانبه في الدّعوى التي قد تصل الى اشعال حرب كونية ثالثة، ففي خلال مؤتمره الصحفي اليومي للوباء، قال ان بلاده مستاءة من الصين، بسبب تقصيرها في التعامل مع الفايروس، ولولا ذلك لما أمكن له أن يتفشى في العالم بأسره. وردا على سؤال صحفية المانية في مجلة بيلد ان المانيا طلبت 165 مليار دولار كتعويض، فماذا عن أمريكا؟ أجاب ترامب: “نتحدث عن مبلغ أكبر بكثير .. لم نحدد بعد المبلغ النهائي، لكنه سيكون كبيراً”. مشدّدا على أنّ الضرر لم يلحق فقط بالولايات المتحدة بل بالعالم أجمع”.

غير أن الصين لم تستسغ اتهام ترامب وإدارته لها، بتسبب انتشار الفايروس، فجاء تكذيبه في أول تصريح رسمي  صدر منها، واعتبرته نفوّها بأكاذيب مكشوفة، فقد جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (غينغ شوانغ) ردّا على الأمريكيين، بشأن تفشي فايروس كورونا المستجد “لديهم هدف واحد التهرّب من مسؤوليتهم عن إجراءات الوقاية والسيطرة الرديئة للوباء التي اتخذوها وصرف أنظار العامة”

لعبة البقرات الحلوبات التي بدأها الرئيس الأمريكي بكل وقاحة، وقبلها النظام السعودي وبقية أنظمة الخليج بكل ذلة، بدت له موردا خصبا لاقتصاد بلاده، قرصنة (كاو بوي) بناها على تاريخ بلد غير مشرّف، ويريد اليوم اخضاع الصين الى إرادته، بعدما وضع نفسه موضع الحاكم الأوحد  لهذا العالم، وطبيعي أن تكون أخلاق من يملك نواد عالمية للقمار والمجون، أن يصبح عنده كسب المال الحرام عادة متأصّلة فيه، وبينما عسرت واستعصت عليه إيران، رغم ضخامة حجم العقوبات، جاء الآن يسعى ليبتزّ الصين بجرم لم تقترفه عمدا- وهو لحد الآن لغز يرجح أن تكون مخابراته CIA هي من قامت بذلك – بمبلغ خيالي قد تصل به أطماعه الى ما قيل، أنه يعادل ميزانية الصين مدة 20 عاما، يُتوقّع أن يسارع الى إعلانه قريبا، وكأني بإجراءات وقاية شعبه للحدّ من انتشار الوباء ليست جدّية، والمراد منها حصد أرواح قليلي المناعة وكبار السن للتخلّص منهم، وتخفيف مؤونتهم على الخزانة الأمريكية وصناديقها الإجتماعية، فيقلّ بذلك عجز الدفوعات الذي يتهدّدها من ناحية، ولتثقيل حصيلة الخسائر البشرية مع توقف عجلة الاقتصاد الأمريكي من ناحية أخرى، فيكبر معها التعويض الذي يحلم به القرصان الأمريكي، وهو حلم لن يتحقق مهما فعل وأوحى اليه به شيطانه.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023