ترامب يسوق بلاده الى الهاوية…بقلم: محمد الرصافي المقداد

ترامب يسوق بلاده الى الهاوية…بقلم: محمد الرصافي المقداد

عندما ينتخب الشعب الامريكي أحمقا مثل (ترامب) فذلك لأن الحمق جبلّة فيه، لا فرق بين الرئيس والمرؤوس، جميعهم في شراكة إثم، مفتوحة على اقتراف أكبر قدر من الجرائم تقنينا وتنفيذا.

امريكا ورئيسها ترامب وصلا الى قمة الاستكبار والطغيان، على بقية بلدان العالم، لم يعيرا اهمية لكبيرة ولا صغيرة، والكل في نظرهما يجب ان يكون تحت امرهما منفذ لرغباتهما، جريا على ما كسبته سياسات حكامها، التي لم تخرج عن إطار الهيمنة واستغلال الحكومات والشعوب .

ظاهرة طبعت الادارة الامريكية الحالية تمثلت في سلسلة انسحاباتها من اتفاقات ومعاهدات ابرمتها سابقاتها في اجراءات احادية الجانب برهنت فيها عن عزة بالإثم لا مثيل لها في خروق صارخة للقوانين الدولية  واعتداءات على ما التزمت به من مراعات لحقوق الدول المبرمة

الاصرار الامريكي على المضي قدما في تنفيذ قرارته الاحادية سيفضي في الاخير الى اشعال حرب يتوقع قيامها ولكنه لا يمتلك يقينا بإنهائها ولا ما ستسفر عنه من نتائج قد تكون كارثية على امريكا وحلفها البادي في التعرّب والصّهينة، قد تسقط مكانتها في العالم، وتحولها الى بلد مجرد من الهيمنة، التي رسمت سياستها قبل الحرب، قد عاد اليها رشدها، إن تمكنت من النفاذ بجلدها من هذه الورطة، لأن دول عديدة تنتظر لحظة سقوط كيانها المتعجرف، لتجهز عليها، وتخلص العالم من شرورها.

اما لماذا اقحمت اسم امريكا الى جانب رئيسها، بما تعنيه من حكومة، وعسكر، وامن، واجهزة، وشعب بمكوناته، فلأنّ جميع الأمريكيين – باستثناء القلة القليلة – مشتركون فيما وقع سابقا، من تجاوزات بحق شعوب العالم، يتقاسمون نتائجها واثارها التي ترتبت عليها، وبمعنى آخر، فان أمريكا بما اشتملت عليه من تناقضات، مدانة حقوقيا، بموافقتها على المضي قدما، فيما سطره السابقون واللاحقون من رؤسائها، وآخرهم (ترامب)، من مؤامرات تستهدف زعزعة الامن واللاستقرار، في كل مكان في العالم، خدمة لمخططات السيطرة التي مضت فيها، بنشر مئات القواعد العسكرية، ومحطات التجسس في العالم.

مرض العزة بالإثم، الذي اصاب الساسة الامريكان، واتباعهم من الشعب الذي انتخبهم، وران عليهم كداء لا علاج له، مع استمرار اعراضه الخطيرة، التي ارتفع مؤشرها اليوم، ليدقّ ناقوس الخطر فيما تعلق بتشديد العقوبات على إيران الاسلامية، واستهداف عنصرين حيويين فيها، فقد تفتقت قريحة (ترامب) وجوقته، ليقدموا على وضع الحرس الثوري الإيراني في قائمة الارهاب، والعالم بأسره يعلم أن هذه الجهاز العسكري، يعتبر ضمن تركيبة قوات الدفاع النظامية لإيران، في تعدّ جديد صارخ لحقوق ايران حكومة وشعبا.

الدافع الوحيد الذي جعل الأمريكان يقدمون على هذا الاجراء الاحمق، هو فشلهم في تحقيق اهدافهم في المنطقة، واخفاق أدواتهم في تغيير ملامح خارطة المقاومة، التي اسسها الحرس الثوري الايراني، في مقابل نجاح هذا الأخير، في توسيع دائرة مقاومته لمشاريع الخنوع الاستسلام الأمريكية لكيانه الصهيوني، لتشكل عائقا كبيرا في وجه تمريرها، لتصبح أمرا واقعا تستجيب له الدول المعنية.

الإجراء الامريكي يحمل في مضمونه دلالة وحيدة، تؤشر لتوجّه نحو استباحة نقاط تمركز قوات الحرس الثوري، ومهاجمتها على ذلك الأساس، أملا في انهاء دورها الكبير، في حماية المؤسسات السياسية والاقتصادية في ايران، ودورها الثاني الذي برز في المنطقة، داعما لحركات وعناصر المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق، وصفقة القرن التي اعدّها الأمريكان لن تمرّ، طالما أنّ أجهزة الحرس الثوري الاسلامي موجودة بفعاليتها على الارض.

التصميم الامريكي على الخيار المر الذي قرر الدخول فيه، مستعينا بعملائه في المنطقة، بدأ بإعلان سحب تراخيص توريد النفط الإيراني من الدول الثمانية التي استثناها في بداية الحضر الأول، وقد قوبل هذا القرار التعسفي بتململ البعض ورفضهم له، وتبدو تركيا على سلم الدول الرافضة، ولا أعتقد ان الصين ستمتثل له، وهي أكبر الدول المورّدة نصيبا من النفط الإيراني، مما سيحدث ثغرات في الحضر الظالم.

قرار مجلس الشورى الاسلامي، في اعتبار القواعد الامريكية، المتواجدة في الجانب الغربي من الخليج الفارسي، وقريبا من الأراضي الإيرانية قواعد ارهابية، بما فيها من قوات أمريكية، تسمح للقوات الايرانية التعامل معها على ذلك الاساس، يعتبر اجراء في المعاملة بالمثل، ينظر إليه المؤمنون بعين الرضا والاعتزاز، ويعتبرونه مجسّدا لطموحات ايران الاسلامية في حرية خياراتها، وصواب تصرفاتها في سياساتها الخارجية، التي تأخذ بعين الإعتبار أولوية حلول القضايا السيادية، من حرّية وعزّة للشعوب الاسلامية، وفي طليعتها القضية الفلسطينية أصل العقدة بين ايران وامريكا، وهي سبب بلية قوم سلمان، والمساعي الامريكية المبذولة لحد الان من عقوبات ومؤامرات عديدة تهدف الى تحييد ايران عن فلسطين التي جعلها النظام الاسلامي قبلة أولوياته، مساع أمريكية لم تنجح في زحزحته قيد أنملة، من موقفه الداعم للمقاومة الفلسطينية، ولبقية حركات مقاومة العدو الصهيوني في المنطقة.

إيران الاسلامية هي العقبة الوحيدة، التي تقف الى اليوم في وجه سياسة الاستكبار الامريكية، بخصوص القضية الفلسطينية، وتحول دون تصفيتها بصفقة القرن، التي هي نتاج تنازلات وتخاذل المواقف الرسمية العربية، وانجرار حكامها وراء وعود أمريكية مغشوشة، سالبة لحق الشعب الفلسطيني في استعادة ارضه، والذي يدعو الى الأسى، وقوف انظمة خليجية وعربية، الى جانب أمريكا والكيان الصهيوني، في اعتبار ايران عنصر تهديد للسلم والامن في المنطقة، بدعوى دعمها للإرهاب، المصطلح الذي تعوّدت امريكا على اطلاقه على حركات المقاومة ( حزب الله /الجهاد / حماس).

محاولة أمريكا تجفيف موارد ايران الاقتصادية، واستهدافها للنفط، باعتباره يمثل أكبر عائد على اقتصادها من المبيعات، لن ينجح مهما كانت القوة الامريكية المسخرة لأجل تطبيق ذلك الاجراء المتعدّي على حق ايران القانوني، وسيجابه بقوة مماثلة أو أشدّ منها، ومن الحمق أن تتخذ امريكا قرارا تعسفي وعدواني، سيواجه بنقيض منه وأشدّ، طالما أن مضيق هرمز بيد الايرانيين، والكيان الصهيوني والقواعد الامريكية على مرمى حجر من قدرات الحرس والجيش الايرانيين.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023