تسميم الطالبات في إيران جرائم بحجم التحريض على إيران…بقلم محمد الرصافي المقداد

تسميم الطالبات في إيران جرائم بحجم التحريض على إيران…بقلم محمد الرصافي المقداد

باء مخطط إثارة الشعب الإيراني من الداخل، بافتعال حادثة مقتل المواطنة (مهسا أميني) في مركز الشرطة، بعد إصابتها بإغماء حصل لها فجأة، واثبتته كاميرات المركز الذي تعود بالنظر إليه، دون أن يلمسها أحد، وبنى عليها الغرب بزعامة أمريكا بناء أكاذيبهم وبهتانهم، ليصوّروه أمام الرأي العام العالمي عدوانا للنظام، ودوسا على حرية شعبه ، في تشبيه لما وقع في تونس، حيث اتخذ من إقدام (محمد البوعزيزي) وهو بائع متجول على حرق نفسه، فكان ذريعة للتحريض على نظام بن علي، واسقاطه خلال أيام قليلة، وبصمات الغرب وعملائه في دول الخليج واضحة في هذا الترتيب لا يمكن إنكارها.

مظاهر احتجاجية قام بتنفيذها عدد قليل من الإيرانيين بعدة مدن – مقارنة بتعداد سكان المدن – خصوصا في المنطق الكردية، زادها الإعلام العالمي الموجّه أمريكيا وغربيا وصهيونيا تضخيما وتهويلا، بحيث ارتقوا بها بهتانا فأطلقوا عليها اسم ثورة – بعوان تمرّد على حكم إسلامي واضح وهو الحجاب – وكلّ أملهم أن تكبر وتستدرج إلى حبالها التآمرية، من تأثّر بالدعايات الخارجية فصدّقها، خصوصا أولئك الذين حملوا في قلوبهم حقدا على النظام الإسلامي، من أصحاب الثقافات الغربية المعادية للدين، مما قد  يراه صنّاع تلك الإضطرابات والفوضى، من شأنه أن يؤثر على وحدة وتماسك الشعب الإيراني المتعدد الأعراق، ومن ذلك الباب دخلوا ميمّمين وجوههم شطر الفتن العرقية بعد الفتن المذهبية.

ومن قوّة التجييش وكثافة الفضائيات التي اشتغلت على هذا الجانب، صدّق من صدّق بأنّ ما جرى في إيران كان ثورة، وكانوا بالتالي ينتظرون نجاحها، وتفاجؤوا بعد ذلك بانتهائها، دون أن يحقق منها صنّاعها شيئا يذكر، يعود بالضرر على النظام الإسلامي، وهو ما كان يأمله أعداء إيران في الخارج، بعد ان جعلوا من حلفائهم -أعداؤه من الداخل – وقودا لاضطرابات فاشلة وسخيفة، أظهرت أن المستهدف واحد هو الإسلام، بمهاجمة رموزه (الحجاب / صور العلماء/ صور الشهداء/ أماكن الصلاة).

ولم يفت الرئيس الإيراني السيد رئيسي أن يرُدّ على الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما زلّ لسانه وهو واقعا نابع من سياسة إدارته تجاه إيران بقوله: (إننا سنحرر إيران) إن رئيس الولايات المتحدة نطق وقال نبحث عن حرية إيران. السيد الرئيس! تم تحرير إيران قبل 43 عاما – في إشارة إلى الثورة الإسلامية للعام 1979- لقد خرجنا من أسركم، ونحن عازمون على ألا نخضع لكم، ولن نكون أبدا بقرة حلوب لكم، لم نتوقف بعد تهديداتكم وحظركم من العمل في تطوير إيران، إنكم تسعون إلى إبطاء وتيرة التطور في إيران، والولايات المتحدة تعلم أن إيران في حال تقدم، ولهذا تسعى لعزل إيران عن المجتمع الدولي، لكنها فشلت في كل خططهم ضد بلدنا”.(1)

وكان الرئيس الأمريكي حسبما نقل عنه قد تعهد بتحرير ايران مستدركا بأن الإيرانيين أنفسهم هم من سيقومون بتحرير أنفسهم(2)، في دلالة واضحة على تورط الإدراة الأمريكية، فيما جرى ويجري في داخل إيران، لكن المؤامرة الأمريكية الغربية الصهيونية سقطت سقوطا مدوّيا، وخاب أمل المحرّكين الرئيسيين في الاضرار بالنظام الإسلامي، فاتجهوا إلى افتعال أحداث أكثر خبثا من مهاجمة الرموز الإسلامية، فقام مجرموهم بتسميم التلاميذ الإيرانيين في مرحلة أولى ثم انتقلوا بجريمتهم إلى طالبات الجامعات، بأسلوب خفيّ ومعقّد الكشف مما تسبب في ارباك كبير لسير الدروس في المدارس والمعاهد وأحداث انشغال وقلق في أوساط الشعب الإيراني، وتحركت القوى الأمنية بكل أجهزتها وبقوة، لكشف ملابسات الجريمة نظرا لخطورتها.

وقد (وصف المرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، حالات تسميم تلميذات خلال الأشهر الماضية بأنها “جريمة لا تغتفر”. وحذر قائلا: “إذا كان هناك أي أشخاص تورطوا في الأمر، وهو ما حدث بدون شك… فلا بد أن يُعاقب الجناة بأشد العقوبات”.)(3) وقال ماجد مير أحمدي نائب وزير الداخلية للتلفزيون الرسمي “أوقف العديد من الأشخاص في خمس محافظات بناءً على التحقيقات التي تجريها أجهزة الاستخبارات”. ولم يذكر تفاصيل عن هويتهم ولا عن ظروف توقيفهم أو مدى تورطهم في هذه القضية. وفي وقت لاحق، أفاد بيان لوزارته بأن أجهزة الأمن والمخابرات تمكّنت من “تحديد متورطين في هذه الحوادث في 6 محافظات، وهي خوزستان وأذربيجان الغربية وفارس وكرمانشاه وخراسان والبرز، واعتقال عدد من الأشخاص”.

وأوضح البيان، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (ارنا)، أن “ثلاثة منهم لديهم سجل قضائي سيئ، بما في ذلك التورط في أعمال الشغب الأخيرة”، وهو مصطلح تطلقه السلطات لوصف الإحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية (مهسا أميني) بعد أيام على اعتقالها. وقام أحدهم “قام بنقل المواد المهيجة إلى المدرسة بواسطة ابنته، حيث تم نشرها بين الطلاب” ثم قام بتصويرهم عبر الفيديو، وارسال المقاطع إلى “وسائل الاعلام المعادية، من أجل استغلالها في سيناريو التهويل واثارة القلق في البلاد، ولدى الوسط التعليمي، بما يؤدي اإلى إغلاق المدارس”، على ما نقلت الوكالة عن الوزارة.(4)

إذا الهدف الغير معلن الذي يُراد بلوغه من المتآمرين ضدّ إيران، إيجاد بديل آخر أكثر إثارة من (مهسا أميني) لتهييج الشعب على نظامه، وتوجيه أصابع الإتهام بكونه متورطا في ظاهرة التسميم الغريبة، بعدما فشلوا في اقناع الإيرانيين بأن (مهسا أميني) قُتلت في مخفر الشرطة، فإذا نجحوا هذه المرة، سيكون الوضع مختلفا وأكثر إثارة للشعب، ونجاحا لدفعه إلى تصديق جبهة أعدائه، ومع أنّ حظوظ هذا التغيير في موقف الشعب ضعيفة جدّا باعتبار سرعة اماطة اللثام على لغز التسميم ومن يقف وراءه، وبالتالي وضع حدّ لتواصله بحيث يبلغ غايته من التحريض والاثارة، فإن البناء الذي بناه أعداء إيران وأمّلوا زيادته، ليكون عائقا أمنيا في خاصرة النظام الإسلامي، من شأنه إذا استمرّ، أن يكون له أثر سيء، سيكون مفتاح تفكيك المكونات العرقية للشعب الإيراني.

ومع تتالي المؤامرات والعقوبات المسلطة على إيران، ومقابلتها من جهة النظام الإيراني بالحكمة، وحسن إدارة الأزمات، ومن الشعب الإيراني بمزيد من التبصّر والعقل الواعي بما يحاك ضدّ بلاده، يُمكن القول بأنّ 43 سنة من الحصار والعقوبات والمؤامرات والدعايات، مرّت دون أن تؤثر بشكل خطير على نموّ إيران، وفي المقابل حققت إيران نجاحات مذهلة في شتى الميادين، نافست فيها دولا كبرى، أنّه بات بالإمكان القول بأنه لا خوف على إيران من مستقبلها، وسيكون لها في المستقبل دور عالمي في المساهمة الفاعلة، بتحقيق الأمن العالمي ومساندة الشعوب المظلومة.

المراجع

1 – رئيسي يرد على كلام بايدن عن “تحرير إيران”

https://arabic.rt.com/world/1404815-

2 – بايدن يتعهد “بتحرير” إيران ورئيسي يؤكد أن الثورة الإسلامية حررت البلاد منذ 43 عاما

https://arabic.euronews.com/2022/11/04/biden-vows-to-liberate-iran-in-west-coast-campaign-speech

3 – تسمم طالبات في إيران: خامنئي يصف حوادث تسميم الطالبات في بلاده بـأنها “جريمة لا تغتفر”

https://www.bbc.com/arabic/world-64864465

4 – توقيفات في إيران على خلفية عمليات تسميم في المدارس

https://www.france24.com/ar/

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023