تصريحات نجاد بين الإفراط والتّفريط!!؟… بقلم محمد الرصافي المقداد

تصريحات نجاد بين الإفراط والتّفريط!!؟… بقلم محمد الرصافي المقداد

 

يقترب موعد الإنتخابات الرئاسية الايرانية، وسط أجواء خارجية مترقبة للحدث كعادتها، منها من يرى ذلك صفحة جديدة، يفتحها النظام الإسلامي وشعبه، من نجاحاتهم القانونية، في مجال ممارسة الحكم الشوروي، (الديمقراطي بالاصطلاح العام)، ومنها كعادة أولئك الصّائدين في الماء العكر، بعدما طالت أمانيهم، في ترقّب حصول شيء، يخلّصهم من هاجس نظام، استعصى على الإستكبار والصهيونية، المهيمنين على العالم.

مسألة الترشح لرئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية محكومة بقانون صريح، يتمثل في تقديم مطالب الترشِحات إلى مقر وزارة الداخلية بعد انتهاء أجل تقديم الترشحات، لترسله إلى مجلس صيانة الدستور، الذي يقوم بدراسة الملفات خلال خمسة أيام، وإصدار حكمه في قبولها أو رفضها، حسب الدستور الإسلامي الإيراني.

وقد تقدّم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بطلب ترشِح، قوبل من طرف المجلس بالرفض، هو ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، وآخرون لم يحصلوا على تأييد المجلس، المخوّل له النظر في طلبات الترشّح والبتّ فيها، ويبدو أن مجلس صيانة الدستور قد استند في تقييمه ورفضه على أسباب لم يقع التصريح بها، ولكنه نظرا لنزاهة هذا المجلس فإن الطّعن في مصداقيته مكابرة ومساس من مهنيّته في حسن تعاطيه مع الدستور ومصالح البلاد.

وكأنّ أحمدي نجاد لم يستسغ رفض مجلس صيانة الدستور مطلبه في الترشّح فانبرى يصرّح بما لم يكن في الحسبان ذكره من شخص مسؤول مثله، باتهامات لا اعتقد أنه يوجد أخطر منها، مدّعيا اختراقات صهيونية، وعملاء يعملون لحساب العدوّ داخل النظام، وفي مراكز حساسة بداخله، هذا إن كان الموقع الذي نقل عنه هذه التصريحات صادقا، وهو (https://dolatebahar.ir/)، كما قد يتبادر الى ذهن من يتابع هذه التصريحات من موقع(https://iranintl.com/ar/ ) أنه يمثل نبض الدّاخل الإيراني، ولكنه يتبيّن له بعد ذلك، أنه موقع معارض للنظام الاسلامي، شأنه في ذلك شأن مئات المواقع الخبرية والفضائية، التي تديرها المخابرات الغربية، بواسطة عملاء حاقدين على النظام الإسلامي، يعملون على مدار الساعة على تشويهه، ونقلت عن هذه الصفحات وغيرها، وكالات وصفحات معروفة بعدائها الظاهر والباطن لمبادئ الثورة والنظام الاسلامي الايراني، منها العربية والحرة.

اعلان احمدي نجاد أنه لن يشارك في الانتخابات الرئاسية التي هي على الأبواب، ردّ فعل منه على عدم قبول مطلب ترشحه، هل سيكون له تأثير على انخفاض نسبة مشاركة الشعب الإيراني في الإستحقاق الإنتخابي؟ يعتبر بلا أدنى شك، دعوة تحريضية عامة على مقاطعة الإنتخابات الرئاسية، بما يخدم هدف أعداء النظام الإسلامي، في اضعاف شعبيته، وهو ما يعمل عليه الغرب والصهيونية وأذنابهم، منذ أن بدأت ملامح النظام ومشاريعه تظهر للعالم.

دعوة الإمام الخامنئي الشعب الإيراني إلى المشاركة بكثافة في هذه الإنتخابات، سيعمل على تلبيتها جميع المؤمنون الخلّص الأوفياء للنظام الإسلامي بكل طواعية، خدمة لمشروع التمهيد لدولة العدل الإلهي، وصاحبها الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف، رصّا للصّف المتماسك بقوة حول هذا النظام الفتيّ، الذي أثبت صلابة وجدارة، مكنته من الإستمرار والنجاح في مسيرته التنمويّة، رغم العقوبات الظالمة والعراقيل، التي وضعتها في طريقه الإدارة الإستكبارية الأمريكية، ولولا هذه العقوبات التي ضيقت على الإقتصاد الإيراني من حيث موارده المالية وإتفاقاته الإستثمارية، ما تسبب في سقوط التومان وعرقلة المشاريع وتدني طاقة تصدير النفط، بما أثّر سلبا على قطاعات حساسة في إيران.

ومع ذلك كانت إرادة أحرار إيران أقوى من كل تلك العقوبات، فأثمرت تطوّرا واكتشافات علمية، في مختلف المجالات التي تحتاجها بلادهم، على الصعيدين المدني والعسكري، وهذه النتائج ننظر اليها نحن أتباع منهج الولاية من خارج إيران بقلوب مطمئنة، بأن غد هذا النظام، سيكون أفضل بكثير مما هو عليه الآن، بتأييد إلهيّ نؤمن به، كما آمنا به منذ بداية الثورة، وقبل انتصارها وبعده، ودعم جماهير الوفاء للثورة الإسلامية، نظامها القائم على الحق والعدل، بكل إيمان وقوة إرادة، خلاف ما هو موجود في بقية العالم، المستأثر كباره بحقوق المستضعفين من شعوبهم.

ولا شك ايضا فإننا نؤمن بأن النظام الإسلامي في ايران بقيادة الإمام الخامنئي، باذل أقصى جهود مؤسساته التي يسهر عليها، من أجل الإصلاح والتجربة الاسلامية حديثة العهد، وتحتاج إلى كل شخص ناصح صادق، في إظهار ما قد يشكل عائقا أو عاملا، من شأنه أن يعرقل أو يسيء لهذا التجربة الحُكْمِيّةِ، عمدا أو عن غير قصد، وذلك يتطلّب أوّلا نزعُ الأنا من ذاته، وصهرها في إطار المصلحة والهدف العامّين، كما قال الامام علي: (…وَوَ اللَّهِ لَأُسْلِمَنَّ مَا سَلِمَتْ أُمُورُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا جَوْرٌ إِلَّا عَلَيَّ خَاصَّةً، الْتِمَاساً لِأَجْرِ ذَلِكَ وَفَضْلِهِ، وَزُهْداً فِيمَا تَنَافَسْتُمُوهُ مِنْ زُخْرُفِهِ وَزِبْرِجِهِ.) (1)

فهل وعى أحمدي نجاد إلى هذه الحكمة العلوية؟ أم أنه استجاب لهوى نفسه، في التطلع للترشح مرة أخرى لرئاسة إيران، والدخول مرة أخرى في تحدّ بالمنظم الأممي، بخطابات لا طائل من ورائها، زادت من حدة العداء للنظام الإسلامي، وهو يعلم يقينا أن هناك كفاءات أخرى في إيران تفوقه سعة معرفة بالسياسة والادارة، بامكانها أن تتقدّم للترشح، لكنها لا تفعل افساحا لمجال الآخرين، توسّما في قدراتهم، والسياسة الحكيمة لا تساق بالبهلوانيات، وهنا يجب علي أن أذكّر بحديث النبي (ص) المتعلق بحسن الخاتمة، والتي بها أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين لا تفتنهم الدّينا وتحسُنُ خاتمتهم.

المصادر

1 – نهج البلاغة الإمام علي بن أبي طالب الخطبة رقم 73 ص102

 

 

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023