تكرار تفوّهات الوزير المجدلاني المسيئة..هل هي زلة لسان أم تعبير عن نهج متأصل؟!…بقلم محمد النوباني

تكرار تفوّهات الوزير المجدلاني المسيئة..هل هي زلة لسان أم تعبير عن نهج متأصل؟!…بقلم محمد النوباني

يصر بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية على الإدلاء بتصريحات او تأييد الإنضمام إلى إتفاقات تتعارض مع قوانينا المحلية ولا تحظى بإجماع شعبي متجاهلين لحقيقة مهمة وهي ان القبول بها او محاولة فرضها بالقوة لإرضاء جهات خارجية او مانحة او ما شاكل، يمكن ان يشكل تهديداً للسلم الأهلي في بلادنا الذي هو ضمانة وجود وشرط حياة طالما اننا نرزح تحت الاحتلال..
ومن هذه الإتفاقات التي يؤكد وزير التنمية الاجتماعية في السلطة الفلسطينية احمد المجدلاني على انه لا يجوز لنا على إعتبارنا دولة أن نرفضها، والعهدة عليه، إتفاقية، القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979 رغم ان عدداً من دول العالم ومن ضمنها الولايات المتحدة الامريكية وإيران والصومال الفاتيكان وتونغا لم توقع على تلك الإتفاقية في حين ان عدداً من الدول العربية التي وقعت علبها سجلت تحفظات علبها لانها تتعارض مع دساتيرها وقوانينها المحلية.
وقد وصل الأمر بالمجدلاني الذي سبق له ان إستخدم الفاظاً نابية على الهواء مباشرة قبل عامين ضد العمال الفلسطينيين ان إستخدم امس الفاظاً غير لائقة ضد فتاة فلسطينية خلال ندوة عقدت في مدينة رام الله المحتلة لأنها إختلفت معه في الراي حول الموقف من إتفاقية “سيداو” مما أثار غضب نشطاء فلسطينيين على وسائل التواصل الإجتماعي ودعوات إلى إقالته من منصبه.
ومما زاد الطين بلة أن المجدلاني ادلى بالتزامن مع ذلك بتصريحات إذاعية قال فيها انه ليس من حق موظفي السلطة الفلسطينية الحصول على بدل مواصلات وعلاوات إشرافية لانهم جالسون في منازلهم منذ 13 عاماً الامر الذي دفع بتوفيق الطيراوي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الى توجيه انتقادات حادة له مؤكداً بأن هذه القضية ليست من إختصاصه.
ولكي نضع النقاط على الحروف حول هذه المسألة فإن الوزير المجدلاني برر تحمسه ل”سيداو” من زاوية حرصه على حقوق المرأة الفلسطينية التي نصّب نفسه مدافعاً ثلباً عن حقوقها.
ومن حيث المبدا فلا اعتقد ان هنالك فلسطينيا واحداً محترماً يعارض اعطاء المراة حقوقها كاملة غير منقوصة فهي نصف المجتمع وام الشهيد واخت الاسير وشريكة الرجل في النضال والشهادة والسجن ومعارك الكفاح ولذلك فإن تحريرها من كل ما يسيء إلى كرامتها وإنسانيتها واجب مقدس.
ولكن المطالبة بتحريرها بناء على الوصفات الغربية المشبوهة اي من خلال إستنساخ تجارب الغرب ميكانيكيا ونقلها الى مجتمعاتنا دون مراعاة لخصوصية تلك المجتمعات، هو استكمال لعملية التدمير الممنهج الذي تقوم بها اسرائيل وحماتها وداعميها لمحتمعنا لإبعاد قضية تحرير المراة عن قضية تحرير المحتمع وبالتالي إفساد المراة الفلسطينية وإفساد المجتمع معاً
وإذا كانت المطالبة بتحرير المراة من الظلم و العادات والتقاليد البالية وكذلك من الاستغلال الطبقي والإضطهاد الجنسي ومن عسف منظومة الفساد هي حاجة للمرأة فإنها ايضاً حاجة للرجل لأنه بدون تحريرها معاً وسوباً يستحيل تحرير المجتمع من الاحتلال.فإن هذه العملية لا يجب أن تتم بناء على إشتراطات تشعها الدول المانحة لجهات الدعم الخارجي علينا وإنما بناء على ما يخدم مصالحها العليا.
واذا كان من الصحيح القول على المستوى الفلسطيني ان هنالك قوى رجعية تعادي تحرر المراة باسم الدين والدين منها براء فان هنالك اتجاهات تطرح هذه المسالة باسم الحداثة والتنوير والتقدمية تاثرا بالغرب والجمعيات التبشيرية وجهات التمويل الخارجية لصرف اهتمام الناس عن الشان الوطني والقومي خدمة للاحتلال الاسرائيلي وذلك عبر الايحاء لهم باننا في مرحلة بناء دولة وبالتالي فلا صوت يجب ان يعلوا على صوت تحرير المراة مع احترامي الشديد لكل النساء.
وعلى هامش النقاش الدائر في الاراضي الفلسطينية حول اتفاقية “سيداو “ فان الامر الذي لا شك فيه ان تلك الاتفاقية تحتوي على عناصر ايجابية مثل رفع الاضطهاد الواقع على المراة في مختلف المجالات ومنع استغلالها اقتصاديا وجنسيا ولكنها في نفس الوقت تحتوي على عناصر اخرى لا تصلح لمجتمعاتنا مثل شرعنة الانجاب من دون زواج واباحة المثلية الجنسية وغير ذلك من القضايا التي من شان تطبيقها عندنا ان يؤدي الى تفكيك مجتمعنا وتحويله الى نسخة على النمط الغربي بكل ما يعنيه ذلك من تفسخ وانحطاط قيمي واخلاقي ونضالي.
ان ما يجب اخذه من الغرب هو انجازاته العلمية والاقتصادية الهائلة والنجاحاته الباهرة في مجال العلوم والتكنولوجيا وغزو الفضاء ونبذ كل ما لا يصلح لمجتماعتنا ويتعارض مع قيمنا الدينية والأخلاقية.
عود على بدء فان الكارثة الكبرى التي اوقعتنا بها اتفاقية اوسلو انها ادخلت لوعي بعضنا وهما مفاده اننا في مرحلة بناء دولة فيما نحن على ارض الواقع لا زلنا تحت الاحتلال ولم نحقق شيئا من اهداف مرحلة التحرر الوطني.
وبالتالي فان المطلوب هو تصحيح ذلك الخطأ الذي ما انفك يلاحقنا وهو الاستهتار بالناس والضرب بآرائهم عرض الحائط لأن عواقب ذلك ستكون وخيمة في حال راهن البعض على فرض “سيداو”بألقوة.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023