تناقضات الفكر التسووي: د.صائب عريقات نموذجاً… بقلم محمد النوباني 

تناقضات الفكر التسووي: د.صائب عريقات نموذجاً… بقلم محمد النوباني 

نقلت وسائل إعلام فلسطينية أمس ألجمعة تصريحين لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات ،الاول ادلى قبل الإعلان عن التوصل إلى إتفاق تطبيع العلاقات بين مملكة البحرين واسرائيل بعدة ساعات، والثاني بعد الإعلان عن التوصل إلى ذلك الاتفاق الذي سيجري التوقيع عليه في واشنطن في الخامس عشر من الشهر الجاري.

في التصريح الأول أكد د. عريقات وخلافاً لما حصل على أرض الواقع بأن الجامعة العربية تبنت في إجتماعها الاخير جميع بنود المشروع الفلسطيني، وفي التصريح الثاني إعتبر د. عريقات بان موافقة الامارات والبحرين على تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو موافقة على صفقة القرن وإنهاء لمنظومة العمل العربي بشكله السابق. 

غني عن القول بأن هذين التصريحين اللذين لم يفصل بينهما سوى عدة ساعات يتناقضان مع بعضهما، ففي التصريح الاول هناك محاولة الإيحاء بأن ما جرى في إجتماع للجامعة العربية من تأييد للإتفاق الإماراتي-الاسرائيلي ورفض لمسعى السلطة الفلسطينية لربط التطبيع مع اسرائيل بموافقتها على مبادرة السلام العربية لن يؤدي إلى حدوث تغيير في الموقف الرسمي العربي التقليدي من موضوعة التسوية ببنما في التصريح الثاني هناك إعتراف واضح لإن ما جرى هو عبارة تبني من قبل النظام الرسمي العربي لمشروع تصفية القضية الفلسطينية المسمى بصفقة القرن من جهة ومقدمة لتحالف عربي مع إسرائيل ضد القضية الفلسطينية.

وهذا ما قصده وعبر عنه مستشار الرئيس الامريكي ومبعوثه لشؤون جاريد كوشنير عندما إعتبر بأن رفض الجامعة العربية إدانة التطبيع الاماراتي-الإسرائيلي يدل على اهمية التغيير الذي حصل في المنطقة.

فتبني الجامعة العربية لموقف الإمارات يعني النظام الرسمي العربي بات في حلف اقتصادي وسياسي وعسكري مع إسرائيل، وهذا المتغير الهام سيؤدي ليس فقط إلى وقف اية مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية بل وايضاً إلى التخلي عن اية التزام سياسي سابق بدعم القضية الفلسطينية في المحافل الإقليمية والدولية حتى لو كانت تلك المساندة لفظية.

ولا يحتاج المرء في هذا السياق لان يكون دارساً  او متخصصاً في علم المستقبل لكي يرى سلفاً بأن ما جرى بين اسرائيل والإمارات والبحرين وما سيجري قريباً بين اسرائيل و دول عربية اخرى هو عبارة عن تحالف اقتصادي وسياسي وعسكري مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.

وهذا التحاف سيؤدي اولا الى اشتراك الدول العربية مع إسرائيل في نهب وسرقة ثروات الشعب الفلسطيني وإقامة مشاريع إقتصادية مقامة او ستقام في أراض فلسطينية محتلة وثانياً إلى تأييد اسرائيل في صراعها مع الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية وثالثاً إلى إقامة تحالف عسكري حيث سيقاتل الجندي العربي إلى جانب الجندي الاسرائيلي ضد المقاومات العربية وبلدان محور المقاومة. 

وليس بدون دلالة في هذا السياق ان رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد إشتية اكد في تصريحات صحفية مؤخرا أن الدول العربية لم تقدم سنتاً واحداً الخزينة الفلسطينية منذ مطلع العام 2020.

وليس من باب الرغبة في جلد احد وإنما من باب وضع النقاط على الحروف فإن ما يجري اليوم يتطلب منا تصويب الوضع الفلسطيني برمته حتى لا ننتهي ونندثر، فنحن الذين رفعنا الحصار الدبلوماسي العربي والدولي عن اسرائيل عندما وقعنا إتفاق آوسلو، ونحن الذين جعلناه أرخص إحتلال في التاريخ عندما قبلنا بسلطة بلا سلطة وبإحتلال بلا تكلفة. ونحن الذين ساعدنا الدول العربية التي لها علاقات سرية مع إسرائيل منذ عشرات السنين على نقل تلك العلاقة من السر إلى العلن بذريعة انه لا يمكن لنا أن نكون فلسطينيين اكثر من الفليطينيبن انفسهم.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023