حقوق المرأة ذريعة أمريكا والغرب في إيران…بقلم محمد الرصافي المقداد

حقوق المرأة ذريعة أمريكا والغرب في إيران…بقلم محمد الرصافي المقداد

ما أكثر دعاوى قوى الغرب في ما قرّروه من قوانين، وظهروا بها للعالم بمظاهر إنسانية مزيفة، على أنهم يحملون للبشرية بلسم العيش الأمثل، في ظل نظامهم الرأسمالي الديمقراطي، المتظاهر بحماية حقوق الإنسان ادّعاء كاذبا، استحدثوه ودعوا إليه أغلب دّول العالم، فلم تكن نتائجه كما روّج له منظروه وحكامه، في بياناتهم نظام حكم ناجح في قيادة شعوب العالم، فقد ظهر من خلال تطبيقاتهم خلاف ذلك، ولم يكن أسلوبا أمثل لقيادة الشعوب، نحو تحقيق طموحاتها في العدل والمساواة والأمن، ومثّل خيبة أمل وفشل كبيرين في مجال الحكم، ومع ذلك يصرّ الغربيون بالأصالة والتغريبيون بالتبعية على اعتباره الأمثل.

وقد أظهر معايبه من خلال تطبيقات دولنا، بعدما أخذتهم إلى مجاميع التغريب وتقليد نُظُمِه، واتباع سبل دوله المتنصّلة من الأديان وقيمها الأخلاقية، فذهبوا معه إلى التحرّر من كل قيمة دينية، والتملّص من أحكامها العادلة، إلى حدّ إلغاء أحكام الإعدام بحق الجرمين، المستحقين للإعدام، جزاء عادلا لما ارتكبوه من جرائم قتل واغتصاب بحق الأبرياء، وبما أن نصف المجتمعات تشكّلها المرأة، فإنّ دعاة تحرّرها عملوا على مغازلتها، بفسح المجال لها في حرّية خالية من كل قيد أسريّ، ومنحها المساواة مع الرجل في الميراث، معارضة لأحكام الله، جرّا للدّول الإسلامية خصوصا على التنكّر للقيم الدينية، التي من دونها لا يمكن لمجتمع أن يسلك طريق هدايته.

لم تنجح الدول التي ألغت عقوبة الإعدام، في الحدّ من جرائم القتل؟ بل لقد زادت نسبة جرائمها فيها، ولم تنجح الدول التي أعطت المرأة أكثر ما تستحق من حريّة شخصية، في الحفاظ على تماسك أُسَرِها، فإذا بها منتهكة الجانب – وفي اعتقادها أنها كسبت معركتها- سلعة لمن يغتنمها، باسم تحرّرها من قيود الأسرة والمجتمع، مما تسبّب في تفكك عرى الأسر الغربية، وفقدان العلاقات الطبيعية بين أفرادها، بما اتاح لنشئها مجال الإستقلال عن أسرهم ذكورا وإناثا، بمجرّد بلوغ 18 من العمر، وهذا خطر كبير أصبح يُهدّد مجتمعاتنا، بمحاكاة الغرب في سن قوانينه خبيثة، في التشجيع على التحرر من سلطة الأب والأسرة.

لا اعتقد أنّ عاقلا بإمكانه أن يصدّق ما تروجه المنظومة الإعلامية الأمريكية الغربية، ومن ورائها عملاؤهم من العرب، من كون النساء في إيران تمرّدن على الحجاب واللباس الشرعي، المسموح به في الأماكن العامة من مدن إيران، وأعلنّ ثورة على القوانين الملزمة بشأنه، بخروج من خرجن إلى الشوارع سافرات عاريات، تحدّيا للضوابط القانونية الإسلامية المعمول بها بعد قيام النظام الإسلامي الذي أصبح هدفا مشروعا لدول الغرب، باعتباره معاديا لنظمه ومدنيّته المادّيّة الزائفة، وأيّ مؤشّر يظهر معبّرا عن نجاحه، سيفتح الباب أمام الشعوب الإسلامية الأخرى، للنسج على منواله الثوري، وهذا ما لا يريد الغرب أبدا، ويسعى بكل الطرق والأساليب المختلفة لكبح جماحه، دعائيا واعلاميا واقتصاديا وسياسيا وحتى عسكريا.

من الحالة الطارئة في ايران بعد الاعداد الكبير الذي قام به تحالف الغرب بشأنها يقدّم لنا أعداء الانسان الخالي من عقده العرقية وحريته الحقيقية مثالا عن أقليات غزاها التشويش الغربي، بدت معادية لأحكام لباس التقوى للمرأة بقطع النظر عن معتقدها تحت ظل قوانين الإسلام، عساها تقنع من لم يعرف حقيقة الدستور الإيراني وأحكامه العامة،

فقد جاء في صحيفة صنداي تلغراف تقرير عن محامية إيرانية من قدماء النشطاء في مجال حقوق الإنسان للدفاع عن حقها في خلع الحجاب، اعتقلت في عام 2010 بتهمة نشر الدعاية المضادة للدولة وتعريض الأمن القومي للخطر، وكان الحراس يأتون إليها لحثها على ارتداء الحجاب الخاص بالسجن، مرة بالتهديد وأخرى بالرجاء، وكانت ترفض، حتى عندما مددوا فترة اعتقالها بسبب “سوء السلوك”.(3)

ولو أننا نظرنا إلى معاناة نساء كردستان العراق على سبيل المثال فسننسى حكاية (مهسا أميني) التي ماتت حتف نفسها ولم تتعرض لأي اعتداء كما تدّعي أبواق الاعلام والسياسة الغربية، فهناك بحقّ تكمن معضلة الكرديات، حيث تواجه النساء في العراق مستويات متزايدة من العنف الأسري. شهدت حالات العنف زيادة بنسبة 125٪ بين عامي 2020 و2021، وفقا للأمم المتحدة.

وفي إقليم كردستان، قد ترى النساء اللواتي يعانين من عنف أسري أن الانتحار هو السبيل الوحيد للخروج من تلك الأزمة. حاولت حكومة إقليم كردستان مكافحة العنف ضد المرأة، لكن لا يزال العديد منهن في خطر.(1)

وفي هذا الصدد (قالت (روناك فرج) التي تدير مجلة (ريوان) النسائية إن 100 إلى 120 إمرأة يحرقن أنفسهن بالنار كل سنة في منطقة (السليمانية) وفرج هي عالمة اجتماع، تدير مركز السليمانية للتربية وتوعية النساء، أن هذه الظاهرة تعكس معاناة المرأة الكردية، في مواجهة التقاليد القبلية القديمة، في مجتمع يشهد تحولا، وأضافت هذه الظاهرة لم تتوقف بعد الإنتفاضة في المناطق الكردية عام 1991، ولا بعد رفع الحصار عنها بعد 2003.) (2) من هنا نفهم أن حرية وكرامة المرأة في كردستان وفي غيرها من المناطق الإسلامية لن تتحقق من دون القوانين الإسلامية، وأنّ الدعاية الغربية في شأن حرية المرأة، سراب كاذب يستدرجها نحو الشيطان.

وإقليم كردستان العراق وأكراده نالوا الحكم الذاتي بفضل أمريكا أصبح مرتعا خصبا للقوى المعادية لوحدة العراق وخطرا يتهدد الجارة ايران، حتى أن الكيان الصهيوني وجد تموقعا هناك يقتنص بواسطته الفرص والعملاء، بعدما وفّروا لهم معسكرات، من أجل العمل على الإضرار بإيران عسكريا بالتغلغل داخل أراضيها، وشن هجمات مستهدفة أمنه واستقراره، هؤلاء الذين طال بهم أمد حلم إقامة دولة كردية مستقلة، فذهبوا للتآمر على الدّول التي يعيشون فيها مع الصهيونية وقوى الغرب الاستعمارية، على أمل أن يتحقّق لهم في ما أمّلوه من غاية لا تُدركُ، مستعد قادتها للتحالف حتى مع الشيطان، من أجل رؤية كيانهم في دولة تضمّ شتاتهم، والمتطرفون منهم يسعون جاهدين لتحقيق ذلك، ولو بخيانة أوطانهم.

هكذا يستدرج دول الغرب بزعامة أمريكا عملاءها وبشتى الطرق والأساليب، ثم تفرض عليهم نهجا واحدا في خدمتها والعمل بمقتضى أوامرها ونهيها، لنكتشف في كل نهاية مؤامرة مدى خبث وعداء هذه المنظومة الاستعمارية لقيمنا العالية تتمنى لإماتتها في مجتمعاتنا، وإنهاء العمل بها، على أساس أنها غير صالحة، وتتعارض وحرية الإنسان، وحقوقه في العيش كما يحلو له دون ضوابط.

المراجع

1 – لماذا تحرق النساء في كردستان العراق أنفسهن؟

https://www.bbc.com/arabic/media-63962497

2 – عشرات النساء يحرقن أنفسهن كل سنة في كردستان العراق

https://alrai.com/article/148433

3 – في صنداي تلغراف: المعركة من أجل خلع الحجاب في إيران

https://www.bbc.com/arabic/inthepress-42934825

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023