حوار مع السيد حساينية فوزي رئيس جمعية النداء المغاربي للتعاون الثقافي والحوار المتوسطي لولاية قالمة الجزائرية

حوار مع السيد حساينية فوزي رئيس جمعية النداء المغاربي للتعاون الثقافي والحوار المتوسطي لولاية قالمة الجزائرية

         المحور العربي: 

جمعية النداء المغاربي  للتعاون الثقافي والحوار المتوسطي، كيف ؟ ولماذا ؟

+ كيف ؟

الحقيقة أن فكرة إنشاء جمعية تنطلقُ من البعد المغاربي وتتبناه بشكل كلي تعود إلى عدة سنوات خلت، وكان من المقرر أن نعلن عن التأسيس الرسمي للجمعية سنة 2006 لكن وبسبب عدم توفر العدد الكافي من الأشخاص الذين يحملون نفس التوجه الثقافي المغاربي، كان من الضروري أن نتريث ، وعندما توفر العدد الكافي من الشابات والشباب الذين يحملون نفس التوجه الثقافي والفكري المغاربي قمنا بصياغة وثيقة أسميناها الميثاق البيداغوجي للجمعية ثم أعددنا ملفا إداريا وفقا لقانون الجمعيات وتقدمنا به إلى المصالح المختصة بولاية قالمة وتحصلنا على الاعتماد يوم 10مارس 2010 .

لماذا ؟

للوقوف على الأسباب التي دفعتنا لتأسيس جمعية النداء المغاربي، سأتوقف عند بعض الفقرات التي وردت في الميثاق البيداغوجي للجمعية لأن ذلك من شأنه أن يوضح الأسس الفلسفية التي اعتمدناها كأرضيةِ انطلاقٍ في عملية التأسيس .

جاء في الميثاق: 

  • ” … إن الهوية الوطنية في الجزائر محصلة قرون طوية من المعاناة والآلام والإبداع ، وعلى غرار هُويات أخرى فقد تطورت هويتنا عبر العصور كما أنها قد لا تكون بمنأى عن تطورات أخرى مستقبلا، ولكي نضمن أن تصب هذه التطورات في صالح المجموع الوطني فإن ثمة أمرا واحدا حاسما لا مفر منه وهو الاضطلاع الكامل بالتاريخ، وأول خطوة في هذا الاضطلاع هي أن نتعلم عدم الخوف من هويتنا ولا المبالغة في الخوف عليها فلسنا مجتمعا مصطنعا يخشى على نفسه التفكك ولا شعبا طارئا على مسرح الأحداث تنقصه حكمة التاريخ ،فقد بدأنا مع الانطلاقة الأولى للحضارة الإنسانية وساهمنا باقتدار في شذب ورصف حجارتها الأولى .
  •  ومهما اختلفت آراؤنا كجزائريين فإن هناك حقيقة لا يمكن أن نختلف فيها أبدا وهي أننا مغاربيون قبل كل شيئ ومغاربيتنا تلخيص للأمور برمتها ، وفي مغاربيتنا تكمن عظمة وروعة المستقبل الذي نتطلع إليه، فتراث أجدادنا النوميديين والفاطميين والموحدين وتراث الحركة الوطنية العتيد كل ذلك يمنحنا قوة الأمل ووضوح الرؤيا في قراءتنا لأبعاد هويتنا وتفاعلاتها عبر العصور.
  • ويجب أن لا ننسى أن الهوية الوطنية في الجزائر قد استمدت كثيرا من عناصر قوتها واستمراريتها من تعلقنا وكفاحنا من أجل الحرية ، فلقد رفضنا العدوان وتصدينا لأكبر الإمبراطوريات قديما وحديثا فمن الصحراء الغربية إلى جنوب إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية وأقاصي أسيا كنا حضورا وشهودا على رفض العدوان ودعم قضايا التحرر.
  •  وإذا كانت جمعية النداء المغاربي للتعاون الثقافي والحوار المتوسطي ستعير اهتماما خاصا لمسألة الهوية الوطنية والوحدة المغاربية فلأننا مطالبون بأن نكون واعين بالتطورات الحاصلة على حدودنا الجنوبية وفي الضفة الأخرى من المتوسط أين تعيش الأمم الأوربية أزمات هوية طاحنة، وتشهد تصدعات رهيبة في بنائها القومي وهي التطورات التي من شأنها أن تجعلنا أكثر إدراكا لأهمية ودور الركائز الأساسية لهويتنا الوطنية وأكثر إيمانا وتشبثا بالفضاء المغاربي الذي لابديل عنه كإطار تاريخي ومستقبلي لهويتنا في مواجهة كل التحديات …. « 
  • وفضلا عن هذه القناعات الفكرية الراسخة، فإننا خلصنا من تجاربنا الواقعية إلى أن تأسيس إطار قانوني يجمع ويؤطر كل الطاقات ذات التوجه الثقافي المغاربي أصبح أمرا ضروريا لإعطاء الفاعلية الميدانية لجهود الشباب التي كانت مشتتة وغير منظمة.

المحور العربي: ماهي الأهداف التي ترمي الجمعيى إلى تحقيقها من خلال مختلف برامج النشاط ؟

+ أهداف الجمعية منصوص عليها في المادة الثالثة من قانونها الأساسي ويمكن تلخيصها في    الآتي :   

  • نشر الوعي بأهمية د ور الجزائر ثقافيا وفكريا في بناء المغرب العربي الموحد .
  • إبراز وتثمين البعد الإفريقي و المتوسطي للثقافة المغاربية .
  • العمل على ترقية الجوانب المتوسطية للثقافة الجزائرية من منطلق مغاربي، وتوسيع مساحة التفاهم والتواصل بين الشعوب المتوسطية، خاصة الفئات الشابة .
  • تحسيس المجتمع بأهمية النشاط الفكري والتعاون الثقافي والفني في خدمة المستقبل المغاربي المشترك .
  • تنظيم ندوات وملتقيات للتعريف بالأبعاد المختلفة لمشروع الاتحاد المغاربي .
  • خلق تيار فكري جديد يتبنى مسألة الوحدة المغاربية بصورة كلية وبوعي فلسفي متجذر والتزام ديناميكي لا يعترف بالتردد أو أنصاف الحلول . 

المحور العربي : كيف تُقيِّمون جهود الجمعية خاصة وأنها ذات صبغة مغاربية ؟

+ في تقييمنا لجهود الجمعية نحرص دائما على الواقعية والموضوعية، ويُعد ذلك بمثابة التزامٍ أخلاقي ثابت ، ومن هذا المنطلق أقول:هناك أشياء استطعنا تحقيقها وأشياء لم نستطع بعدُ  إنجازها، ومن بين الأمور التي قمنا بها وأصبحت جزءً حيوياً من النشاط السنوي للجمعية:

  • تكريس الاحتفال بذكرى تأسيس الاتحاد المغاربي 17فيفري1989 كتقليد سنوي على مستوى ولاية قالمة، وهو احتفال نعمل على توسيعه سنة بعد أخرى .
  • إحياء ذكرى مؤتمر طنجة التاريخي المغاربي الذي نُظِّم أيام 27-28-29 أفريل1958والسعي لاستلهام مبادئه  وقراراته فيما يتعلق بوحدة المغرب العربي.
  • تنظيم ملتقى ” التجارب الوحدوية في المنطقة المغاربية ، بين حقائق التاريخ وتحديات المستقبل ” وذلك بالتزامن مع ذكرى عيد النصر الموافقة لـ19مارس من كل سنة، مع التذكير الدائم بأن الثورة الجزائرية لم تحقق  كل أهدافها بعد ، فالوحدة المغاربية المعلنة في بيان أول نوفمبر وفي أرضية مؤتمر الصومام وغيرهما من وثائق الثورة لم تتجسد بعد، وعليه فالنصر الكامل يتوقف على مدى قدرتنا على بناء وحدة مغربنا الكبير وتكريس الحلم  المغاربي لشهداء نوفمبر، وشهداء الكفاح المسلح في كامل المنطقة المغاربية، وكذا الوفاء لنضال الحركات الوطنية في مختلف دول مغربنا العربي الكبير في رحلتها الطويلة والشاقة للتحرر من قبضة الهيمنة والجبروت والإذلال الأوربي.
  • تخليد مظاهرات 11 ديسمبر1960 بتظاهرة فكرية تاريخية تجري فعالياتها تحت شعار    “لابديل عن حق الشعوب في تقرير مصيرها ” مع وقفة تضامنية من أجل حق الشعب  الصحراوي في تقرير مصيره .
  • تنظيم ندوة سنوية خاصة بموضوع البيئة والسياحة والتنمية المستديمة في المنطقة المغاربية وذلك في الأسبوع الأول من شهر أفري
  • تكريس الاحتفال برأس السنة الأمازيغية المصادف ل 12جانفي من كل سنة وذلك  من  خلال احتفالية ثقافية فنية تحت شعار” يناير عيد لكل المغاربيين “مع بحث لمسألة الهوية في المنطقة المغاربية.

وتأخذ الجمعية في تحركاتها بمبدأ الفعل الشامل سواء من حيث  توسيع وتنويع مضامين النشاطات المبرمجة ،أو من ناحية التنسيق مع أكبر عدد ممكن من المساهمين في النشاط أو لجهة المُستهدفين بالخطاب الثقافي والمبادرة الجمعوية ، فحماية البيئة وترقية السياحة مسالة تهم الجميع  ولا تتعلق بالمختصين فقط ، وقضايا الوحدة المغاربية تخص كل المغاربيين ولا يمكن حصرها في بعض المؤسسات أو الأشخاص كما يتصور البعض .

وفي مقابل هذه النشاطات التي أمكن إنجازها لم تتمكن الجمعية من تنظيم العديد من التظاهرات مثل: مهرجان الثقافة المغاربية، أو ندوة المقاومة المغاربية في ذاكرة المقاومين وذلك لأسباب كثيرة ومتشعبة .

لكن مع بداية السنة القادمة، ستنظم الجمعية  عبر موقعها الإلكتروني ندوة شهرية تخصص لإحياء ذكرى شخصية من الشخصيات المغاربية في الميادين المختلفة ، عمر المختار ، عبد الكريم الخطابي ، فرحات حشاد، عبد المؤمن بن علي، ابن خلدون، ابن رشيق…إلخ 

 المحور العربي: هل يوجد تنسيق بينكم  وبين جمعيات أخرى على مستوى المغرب العربي؟

+ نعم ، يعتبر التنسيق الثقافي والفكري مع مختلف الفعاليات المهتمة بثقافة ووحدة المغرب العربي من بين الأهداف المنصوص عليها في القانون الأساسي للجمعية ، إذ لا يمكن أن نعمل على خدمة الثقافة المغاربية دون تنسيق وتعاون مع جمعيات وهيئات أخرى لها نفس الغايات والتوجهات المغاربية الوحدوية ، وسيكون البرنامج الثقافي والفكري المسطر لهذه السنة 2021 فرصة سانحة للتبادل ونسج الروابط مع أبرز الفاعلين في هذا الميدان .

كما أن افتتاح  الموقع الرسمي للجمعية على مستوى الشبكة العنكبوتية قريبا سيعزز من قدرة الجمعية على التواصل والانفتاح على فضاءات أرحب وأوسع خاصة على المستويين المغاربي والمتوسطي بشكل عام . 

المحور العربي: حدثنا عن البرنامج الذي ستتبناه الجمعية في الأيام القادمة؟

+     بداية وكما يعرف الجميع فإن جائحة كورونا قد كان لها دور حاسم في وقف مختلف برامج العمل والنشاط الثقافي بوجه عام أما فيما يخص السنة القادمة فقد وضعت الجمعية برنامجا ثقافيا وفكريا متعدد الجوانب، ويمكن أن نذكر في هذا الصدد النشاطات التالية :

  1. الطبعة السابعة لملتقى ” الإبادة الاستعمارية في إفريقيا والمنطقة المغاربية، ودور الثورة الجزائرية في التحرر العالمي ” وذلك بالتزامن مع إحياء ذكرى مجازر الثامن ماي 1945 .
  2.  ” المنتدى المغاربي للشباب” وذلك احتفاء باليوم المغاربي للشباب 10جوان 2021،وسيشهد مشاركة واسعة للشباب من مختلف بلدان المغرب العربي الكبير، ويتضمن هذا الملتقى جلسات علمية وفكرية، وورشات تطبيقية، وخرجات ميدانية على مدار خمسة أيام.
  3.  ملتقى حول : ” الأدب المغاربي ، جدل الهوية وتجليات الإبداع ” احتفالا بالذكرى المزدوجة لعيدي الاستقلال والشباب05 جويلية 2013، وسيبحث هذا الملتقى في خصوصيات الأدب المغاربي، ومستقبله الإبداعي ، وذلك بمشاركة أساتذة من جميع الدول المغاربية، وأساتذة وباحثين من إسبانيا وفرنسا وألمانيا وعدد من الدول المشرقية.
  4.  في إطار مساعيها الرامية إلى المساهمة في إحياء التراث الثقافي وبمناسبة الموسم الصيفي تعتزم الجمعية تنظيم ” المهرجان المحلي للألعاب الشعبية ” ( طبعة تمهيدية ) على أن يتم تنظيم طبعة ثانية في صورة مهرجان كبير يتسع لإحياء وتثمين الألعاب الشعبية في كامل أرجاء مغربنا الكبير.
  5.  أما في شهر سبتمبر القادم فقد تم برمجة نشاطين هامين :
  • الأول يتمثل في ندوة حول ” التراث الأثري في المنطقة المغاربية بين حوافز التاريخ وأعباء الأيديولوجيا ” والغرض الأساسي من هذه الندوة  محاولة الإجابة على سؤال أساسي وهو: إلى أي مدى يكشف التراث الأثري عن وحدة المنطقة المغاربية، فضلا عن إبراز مساهمة المغرب الكبير في الحضارة الإنسانية  منذ البدايات الأولى للتاريخ، ووضع حد للأسطورة القائلة أن كل شيئ مهم وحضاري في المغرب الكبير قد بدأ مع وصول الفنيقيين، لأن المكتشفات والدراسات العلمية الحديثة تدحض تماما هذه الأوهام، فقبل وصول الفنيقيين بقرون عديدة كان المغرب الكبير فاعلا ومنتجا للحضارة ومشيدا للدول.
  • النشاط الثاني وسيتناول بالدراسة والتحليل الهُوية الوطنية الجزائرية عبر العصور من خلال التفاعل بين ثلاث عناصر جوهرية وهي ، وقائع التاريخ ، تطلعات الأجيال ، المقولات الأيديولوجية ، وستُنظم الجمعية هذا النشاط بالتنسيق مع جامعة 08 ماي 1945.
  1.  وستكون الجمعية في النصف الأول من شهر نوفمبر على موعد مع يومين دراسيين يخصصان للبحث في موضوع :” المنطقة المغاربية من خلال آدابها الشعبية ” ويندرج هذا النشاط في إطار رزنامة الجمعية الموجهة للاهتمام بالثقافة الشعبية وتعزيز الإيمان بدورها الاجتماعي والحضاري وطنيا و مغاربيا ،مع إيلاء أهمية خاصة لدراسة التجربة الألمانية في الاهتمام بالثقافة الشعبية نظرا لتميُّزها وأسبقيتها التاريخية وارتباطها الوثيق بجهود الألمان وكفاحهم الطويل في سبيل الوحدة الألمانية، وهو ما يشبه وضعنا اليوم على الصعيد المغاربي .
  2.  أما في  النصف الثاني من شهر نوفمبر  فإننا سنقوم بتنظيم احتفالية فكرية تاريخية حول ” فكرة المغرب العربي الموحد لدى رجال الفكر والإصلاح في المنطقة المغاربية “. 

المحور العربي : ما الجديد الذي أضافته الجمعية لولاية قالمة ؟ وكيف ترون طبيعة العلاقات بين الجزائريين  ونظرائهم في الصحراء الغربية؟ 

+ نعتقد بحق أن أهم إضافة قدمتها الجمعية إلى الساحة الثقافية والفكرية بولاية قالمة هي لفت النظر إلى ضرورة الخروج من دائرة النشاطات النمطية المحلية الضيقة، وتكريس الاهتمام بالبعد المغاربي كبعد جوهري وحتمي باعتبار أن الشعار الأساسي والدائم للجمعية هو: ” لابديل عن الوحدة المغاربية ” فعبر مختلف النشاطات والتظاهرات الثقافية والفكرية التي نظمتها الجمعية على مستوى جامعة 08 ماي 1945 أو عبر الإقامات الجامعية ، ومراكز التكوين المهني ، والمراكز الثقافية البلدية تمكنا من تشكيل تيار ثقافي فكري جديد ساهم في تمزيق الروتين والجمود المعرفي الذي كان يطبع الساحة المحلية ،كما أننا نحاول من خلال مختلف النشاطات نشر وتعميق الوعي إلى أقصى الحدود الممكنة بالأبعاد الإنسانية والدولية والإقليمية لقضية الشعب الصحراوي الصامد والمناضل من أجل حقه العادل والطبيعي في استعادة حريته وسيادته على أرضه ، و نعمل أيضا على توعية شبابنا بحقيقة الموقف الجزائري من هذه القضية وهو الموقف الذي تحاول أطراف وجهات متعددة تشويهه أو التشكيك في منطلقاته وأسسه المبدئية ، لذلك فإن الجمعية ترى أن وجود عدد من أبناء الجمهورية العربية الصحراوية ممن يتابعون دراساتهم على مستوى ولاية قالمة فرصة حقيقية للتعريف بنضال ومعاناة وثقافة الشعب الصحراوي، الأمر الذي يجعلنا نأخذ بعين الاعتبار إشراك عدد من هؤلاء الطلبة في مختلف نشاطات الجمعية للتعريف بقضيتهم .

 أما عن رؤية الجمعية للعلاقات بين الجزائر والجمهورية العربية الصحراوية فالواضح أنها علاقات مبنية غلى التكافؤ والاحترام المتبادل والإدراك العميق للمصير المشترك لكل المغاربيين  وضرورة ممارسة  الصحراويين لحقهم في تقرير مصيرهم باعتبار أن قضية الشعب الصحراوي في جوهرها قضية تصفية استعمار وفقا لقرارات ولوائح الشرعية الدولية، لكن هذا لا يمنع من القول أن على المثقفين وفعاليات المجتمع المدني في كل من الجزائر والجمهورية العربية الصحراوية أن يقوموا بجهود أكبر في تعزيز العلاقات الثقافية و الشبابية بين الشعبين،وكذا ضرورة التحرك النوعي من أجل مزيد من التعريف بنضال الشعب الصحراوي خاصة على مستوى الشعوب والدول العربية التي يُعّد موقفها متخلفا للغاية بالنظر لمواقف الشعوب والدول الافريقية أو مواقف بعض الدول والشعوب في أوربا و أمريكا،;وهنا من حق المرء أن يتساءل لماذا تتجاهل كل من الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي بشكل مطلق قضية الشعب الصحراوي حتى على الصعيد الإنساني المحض؟ فرغم معاناة الطفل والمرأة والأسرة والمجتمع في الصحراء الغربية ، ورغم معاناة الأرض التي يُراد لها هُوية غير هويتها لم تتحرك أية هيئة من الهيئات السابقة، فما الذي ينقمونه من شعب الصحراء الغربية ؟  فإن أرادوه عربيا فمن يستطيع أن ينكر عروبة هذا الشعب ؟ وإن أرادوه أمازيغيا  فالصحراويون أمازيغ أقحاح ، أليسوا هم أحفاد المرابطين الآماجد ؟ وإذا تحدثنا عن الدين فالشعب الصحراوي شعب مسلم سني لا يعرف التطرف ولا التمذهب ولا الممارسات أو المفاهيم الطائفية، ولسنا بحاجة إلى التذكير أن الصحراء الغربية بلد إفريقي مغاربي صميم ، ولم يحدث إطلاقا أن قام الصحراويون قيادة أو أفرادا بأي عمل يتعارض مع القانون الدولي أو يلحق الضرر بأمن واستقرار أي شعب آخر، فمتى يستيقظ الضمير العربي، وتتخلى الدول العربية عن السلبية تجاه حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، والانضمام بشكل طبيعي إلى مختلف الهيئات الإقليمية والدولية ؟

المحور العربي:  ما أهم ماحققته الجمعية ، و ما وسائل الجمعية في تحقيق أهدافها ؟

+ منذ التأسيس الرسمي للجمعية في مارس 2010 شرعنا في العمل على إرساء تقاليد نوعية في العمل الفكري والتعاون الثقافي مع مختلف الهيئات والأوساط المحلية والوطنية ، وذلك من خلال طرح مشروع فكري ثقافي متكامل، وإقناع النُخب الجامعية بعدم جدوى الاكتفاء بالعمل الأكاديمي المحض وضرورة الانخراط في العمل والتوعية الجماهيرية ، وذلك ليس لتثقيف المواطنين فقط بل لأن المفكر أو المثقف يستفيد هو الآخر ويعيد اكتشاف ذاته وأفكاره من خلال تواصله مع شرائح المجتمع الواسعة، وبدون هذا التواصل تحدث القطيعة التي يعرف  الجميع  خطورتها على مستقبل المجتمع وأمنه الثقافي والفكري، ومن أجل ذلك تعتمد الجمعية أسلوب العمل التفاعلي بين المثقفين والجمهور بحيث  يشارك الجميع ويساهمون بكيفية تبادلية في مختلف التظاهرات والنشاطات بعيدا عن الاستعلاء النخبوي والغرور المعرفي.

     وغني عن الذكر أن جميع نشاطات الجمعية تتمحور حول البعد المغاربي وما يرتبط بذلك من قضايا ومسائل، فلسنا جمعية ثقافية وكفى، ولكننا جمعية ثقافية ذات طابع مغاربي وأهداف مغاربية بكل ما يعنيه ذلك من عمق تاريخي ، وقوة حضارية وتطلعات مستقبلية ، وفي إنجازها لمختلف البرامج الثقافية والفنية والفكرية تعتمد الجمعية كل الأساليب والوسائل المشروعة قانونا والمتاحة ميدانيا.

المحور العربي: معظم الجمعيات في قالمة  تنشط بقلب المدينة  لكنها بالكاد تنشط بباقي بلديات و دوائر الولاية ؟ ما السبب في ذلك ؟ و لماذا  لا تستفيد باقي البلديات من نشاطات جمعيتكم ؟ 

+ هناك أسباب كثيرة تفسر هذا الوضع إذ توجد بالفعل جمعيات لا تهتم بمدّ نشاطها إلى خارج نطاق بلدية مقر الولاية رغم أنها جمعيات ولائية، وتكتفي بدل ذلك بأسهل وأقرب الأمور، وبالمقابل معظم رؤساء الدوائر والبلديات لا يهتمون بالنشاط الثقافي إطلاقا إلا إذا كان رسميا وسيحضره والي الولاية أو وزيرا من الوزراء، لكن المسؤولية الأكبر في ضعف أو غياب النشاط الثقافي ببعض البلديات تقع على عاتق المنتخبين فهم المسؤولون المباشرون في هذا الصدد، ويؤسفني أن أذكر أن ثمة بلديات نُرسل لها مشاريع ثقافية ممولة بالكامل ومع ذلك لا نجد منها أدنى تجاوب أو استعداد.

 وعندما يكون رئيس البلدية مهتما فعلا بالثقافة في بلديته فإنه من اليسير أن يجد شريكا من الحركة الجمعوية للتنسيق معه ، كما أن تمويل النشاط الثقافي لن يكون مشكلة لأن هناك جهات متعددة يمكنها أن تتدخل في هذا الشأن مثل رجال الأعمال ،المؤسسات العمومية الإدارية والاقتصادية وغيرها، لكن ما يثير الحيرة حقا أن تتوفر بلدية ما في رصيدها المخصص للثقافة على ما يفوق أربع مليارات سنتيم، ومع ذلك يرفض رئيسها القيام بأدنى نشاط مع الحركة الجمعوية بحجة أنه لا يملك طريقة قانونية لصرف الأموال ؟ ولكِ أن تتصوري مصير الثقافة في بلدية رئيسها لا يعرف كيف يُنفق الأموال المرصودة لشؤون الثقافة في بلديته !؟ وينبغي التذكير هنا أن العمل الجمعوي يتطلبُ الكثير من التضحيات والصبر في مواجهة التحديات ، وكلما تعلّق الأمر بجمعية تمتلك مشروعا حقيقيا كلّما توجب على أعضائها توقع الكثير من العقبات على الصعيد الاجتماعي أو المهني أو  الجمعوي المحض، و بغض النظر عن بعض التفاصيل فإننا في جمعية النداء المغاربي لانعرف إشكالية من جهة الأمكنة التي ننشط فيها لأن طبيعة برنامج الجمعية يتطلب منا التحرك على كل المستويات وفي جميع الاتجاهات.

المحور العربي: لاحظنا أنكم تولون اهتماما خاصا لإحياء رأس السنة الأمازيغية ” ينّاير” ، لماذا التركيز على هذه المناسبة؟

+ كل حدث أو مناسبة لديها علاقة بالثقافة المغاربية أو الوحدة المغاربية تدخل ضمن اهتمامات الجمعية ، وفيما يتعلق بيناير فهو لحظة عظيمة في التاريخ تحمل في طياتها الكثير من الزخم العاطفي والتاريخي وترمز بقوة إلى عمق ووحدة المجتمع المغاربي وعلاقاته الحضارية مع أشقائنا وإخواننا الأفارقة، وفي بحثنا عن جذور وتقاليد الاحتفال بيناير وحضوره في المجتمعات المغاربية توصلنا إلى أن رأس السنة الامازيغية يُحتفل به في كامل أرجاء المنطقة المغاربية بما فيها جزر الكناري وبعض المناطق من مصر وعدد من الدول الإفريقية مثل تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو، وقادنا البحث أيضا إلى أن يناير يستطيع أن يُشكل إلى جانب مناسبات أخرى فرصة حقيقية لبعث وترسيخ الإيمان بحيوية وقوة ووحدة الثقافة المغاربية وقدرتها على إعادة اللحمة الحضارية والمعنوية لمجتمعاتنا المغاربية ، فضلا عما يعكسه يناير من عادات وتقاليد راسخة تشكل جزء من موروثنا الشعبي  وخصوصيتنا الحضارية، وأداة خلاّقة لمد جسور التفاعل والتواصل بين الأجيال، بمعنى أن يناير كعيد هو في جوهره دعوة للتمسك بالأرض وخدمتها وتجديد صادق للعهد مع الحياة ، وترسيخ لقيم التضامن والوحدة والثقة بالذات الحضارية المتميزة .

ولذلك فإننا نحتفل دائما برأس السنة الأمازيغية تحت شعار” يناير عيد لكل المغاربيين ” وقد لاحظنا عند إحيائنا لرأس السنة الأمازيغية اهتماما شعبيا رائعا يتضح من خلال كثرة ونوع الأسئلة المطروحة في الندوات المُنظمة  أو في الاقبال على المعارض التي تُقام بالمناسبة.

 وفي أجندتنا فيما يتعلق بيناير لهذه السنة( 2021) برنامجا احتفاليا خاصا ننوي إنجازه تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون في صورة احتفالية كبرى تُشارك فيها فرق فنية وباحثين وشخصيات فكرية وأدبية يمثلون مختلف الدول المغاربية وبعض الدول الإفريقية لنجسد بذلك الأبعاد الكاملة لهذا العيد الثقافي المغاربي الكبير. 

المحور العربي: ماذا تقولون في الوضع الثقافي على مستوى المنطقة المغاربية ؟

+ المؤكد هو أن العديد من المدن في مختلف الدول المغاربية تستطيع أن تكون بمثابة عواصم ثقافية في المغرب العربي الكبير، ومحطة هامة للثقافة الإفريقية والمتوسطية إذا توفرت أربعة شروط :

  • تسيير ناجح للقطاع الثقافي في مختلف دولنا المغاربية، ولما لا تعاون مثمر بين وزارات الثقافة المغاربية في مجالات الآثار، المسرح ، السينما ، التاريخ الثقافي المشترك.. 
  • تخلّي المنتخبين  المحليين في مختلف المدن المغاربية عن لامبالاتهم بالشأن الثقافي.
  • ترك الحركة الجمعوية وفعاليات المجتمع المدني لثقافة الظّل ، وتخلُّصِها من مقولة ” لا جديد يُذكر أو قديم يُعاد ” فهناك دائما جديد أو قديم يستحق أن يُعاد.
  • أن نعي وأن نؤمن أن المغرب العربي ليس كبيرا فقط بجغرافيته وبموارده المادية والبشرية ولا بتاريخه وحضارته فقط بل هو كبير كذلك بطموحه إلى مستقبل أفضل وأعظم، ولن يكون هناك مستقبل عظيم وكبير مالم نؤمن بأهمية ودور الفعل الثقافي. 

المحور العربي : كلمة أخيرة 

+ الأخيرة كلمة كبيرة جدا ولا أعتقد أن أحدا يملك القدرة أو الحق في الانفراد بقول الكلمة الأخيرة .

المحور العربي : بماذا تُريد أن نختم هذا الحوار:

+  لابديل عن الوحدة المغاربية ، ثم أقول : المجد لكل الذين عملوا ويعملون من أجل وحدة مغربنا العربي الكبير..

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023