خطة “إسرائيل” لتقسيم الدول العربية وبلقنتها وتغيير الأنظمة الحاكمة.. بقلم: شهاب المكاحله

خطة “إسرائيل” لتقسيم الدول العربية وبلقنتها وتغيير الأنظمة الحاكمة.. بقلم: شهاب المكاحله

في لقاء جمعني في العاصمة الأميركية مع عدد من خبراء السياسة الخارجية الأميركية وعدد من المشرعين وصناع القرار من مؤيدي الدولة الصهيونية، دار الحديث التالي الذي لمستً من خلاله أن هناك ما يُحاك لدول المنطقة، ولكن هذه المرة ليس بتكتيك أميركي بل بإدارة دولة أوروبية ودعم لوجستي إسرائيلي. نعم، ما قيل يشيب له شعر الرأس. فلا ممالك عربية بعد أن يتم تفعيل كافة بنود صفقة القرن وفق أحد هؤلاء الخبراء المحنكين ما يعني أن هناك ربيعاً عربياً بنكهة جديدة سيطلق حالما تتمكن الإدارة الإسرائيلية بقيادة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو من العمل عن كثب على تطبيق محاور الدولة اليهودية التي وضع أركانها ثيدور هيرتزل والتي تشمل ما اصطلح عليه بـ “إسرائيل الكبرى”.
قبل سنة وخمسة أشهر تقريباً، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه لبناء مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية، واعترف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. ومنذ عدة أسابيع وفي تطور لافت، اعترفت إدارة ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
هنا تحدث أحد كبار السياسيين الأميركيين وأسرني بعبارة عن المشروع الصهيوني والمدعوم من المحافظين الجدد لبلقنة الشرق الأوسط وتفتيته إلى دويلات وإقامة دول على أنقاض دول أخرى وتحويل الممالك إلى جمهوريات لأن إسرائيل نفسها جمهورية فكيف يكون ما حولها أكبر من ذلك. لذلك ما زالت إدارة دولة أوروبية تسعى لتحقيق حلم الدول اليهودية الكبرى من نهر النيل إلى الفرات لتشمل أجزاء من سوريا ولبنان. لقد بدأ الخطة الحديثة لإسرائيل في العام 2003، بالتحريض على غزو العراق، ثم بحرب العام 2006 ضد لبنان، والربيع العربي الذي دمَر سوريا وليبيا واليمن.
وفي السياق ذاته، تلعب تلك الدولة الأوروبية دور الراعي لكل الأطراف بصفتها الوصية على تلك الدول بحكم أنها من ساهم في وضع الأنظمة الحاكمة فيها. ولذلك كان مشروع دولة إسرائيل الكبرى لغزاً لمدة قرن تقريباً واليوم بات الحلم الإسرائيلي قاب قوسين أو أدنى لتملك فلسطين التاريخية، وضم جنوب لبنان حتى صيدا والليطاني، وضم مرتفعات الجولان السورية المحتلة وسهول حوران ودرعا والسويداء والقنيطرة والتحكم بالأردن ومصر.
أما المناطق التي تقع غرب نهر الفرات فتسعى إسرائيل لإقامة دولة كردية في تلك الزاوية لتنضم فيما بعد إلى شمال العراق الكردي تحت مسمى “الدولة الكردية” حيث يُسمح للأكراد من كافة أصقاع العالم ومن إيران وتركيا بالسفر إليها وأخذ هويتها وجنسيتها مع إسقاط الجنسية العراقية والإيرانية والتركية والسورية عنهم.
ويصار في الوقت نفسه إعلان ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية إلى إسرائيل واستبعاد الفلسطينيين من بلادهم وإعطائهم جنسيات الدول العربية التي يقيمون فيها: سوريا ومصر والأردن ولبنان والعراق وغيرها.
وأضاف عدد من الخبراء القول إن إسرائيل تسعى بالتخطيط مع عدد من الحلفاء الغربيين إلى اقامة دول جديدة على أراض أردنية وسورية ومصرية وعراقية وسعودية فيما بعد لضمان التفوق الإسرائيلي الإقليمي الدائم، ما يعني إعادة تكوين البيئة الجيوسياسية عبر أفغنة ثم بلقنة الدول العربية المحيطة بها إلى دول أصغر وأضعف يسهل التعامل معها وهذا يعني تغيير الأنظمة الحاكمة.
في العام 1980، كانت نظرة الاستراتيجيين الإسرائيليين إلى العراق على أنه عدو لدود لا بد من إضعافه وتفتيت جيشه والتخلص من قيادته وتقسيم الجغرافيا العراقية إلى أقسام ثلاثة: قسم كردي، وآخر سنى وثالث شيعي ليصبح فيما بعد كل قسم دولة بحد ذاتها ويكون ذلك بمباركة دولية وعربية. فكان التخطيط أولاً للحرب العراقية الإيرانية والتي استنزفت قدرات كل من بغداد وطهران ثم الزج بالجيش العراقي لدخول الكويت. ووفقاً للمخطط، فقد تم تقسيم السودان ومن ثم سيتم تقسيم لبنان ومصر وسوريا وليبيا كمرحلة ثانية، ثم تقسيم شمال أفريقيا كمرحلة ثالثة، ثم اليمن وغيرها من الدول العربية الآسيوية بما فيها العراق كمرحلة رابعة، يعقبها تقسيم إيران وتركيا والصومال ثم ما تبقى من الدول العربية.
باختصار نحن أمام إعطاء إسرائيل دوراً أكبر في المنطقة من الناحية الإقليمية بحيث تصبح عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي وفق مخطط لتفتيت الدول العربية الحالية إلى دويلات أصغر مع تغيير الأنظمة على أساس عرقي وطائفي لتصبح جميعها بمثابة ولايات تابعة لإسرائيل أو بحكم من يدور في فلك الدولة العبرية.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023