دراسة حول الانتخابات العراقية ،من برأيكم يستحق أن ينتخبه أبناء العراق؟…بقلم دكتور عامر الربيعي

دراسة حول الانتخابات العراقية ،من برأيكم يستحق أن ينتخبه أبناء العراق؟…بقلم دكتور عامر الربيعي

سنحاول من خلال هذه الدراسة ان نتتبع المحاور الدولية التي أوجدت الساحة العراقية الفيدرالية ، وأولهم أمريكا. وبما أن الساحة العراقية تستقطب دوما العديد من المتغيرات السريعة التي تتقاطع مع أجندات الحلف الصهيوامبريالي .

وان اخذنا مثال على ذلك مؤتمر التطبيع مع الكيان الصهيوني المنعقد في الجمعة الماضية 24/09/2021 ، في اربيل ، حيث تم وضع الخطوط العريضة لخارطة طريق لما ينتظر العراق من هذه المحاور ، ولا نبالغ ان كل ما يرتبط بها يؤدي إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، كانت رمزيته رخيصة معنويا حيث ولد منبوذا بعيدا في إقليم يبحث من الأساس عن الانفصال، محاولة فاشلة قادها عديمي الإرادة للجهات المختلفة المشاركة بهذا المؤتمر .
فالنخرج من قوقعة أرادت القوى الإمبريالية قيادة العراق إليها، الا وهو الاستسلام والرضوخ لامر واقع لا محاله من وجه نظر الصهيو امبريالي والقائلة ” ارضك يا صهيون من النيل إلى الفرات” .
أنه عراق الحسين ، توأم الروح والجسد ، لا يعرف العراق لغة الا لغة الحسين . يلملم جراحه لأجل الانسانية.

احبتي ، فالننتخب الأقوى والاقدر على صيانة الارض والعرض ، جباه سمراء صديقة الشمس، هناك حيث الغروب خطوا في وادي نينوى اسطورة البطولة فخبروا طريق الموصل لساحات الوغى ، وارهبوا العدى ، فهابوا أرض الرافدين،
حملت هذه الارض المعطاء اسطورة البطولة بدماء أبناءها وبخيوط الشمس حاكت حاضرا و مستقبلا يتعالى على كل ما الحق بهم من ألم، نعم انه العراق ، سيذيب أعدائه بخطوات حشدنا وجيشنا وبدماء شهدائنا، وسيرد العراق الصاع صاعين لكن طاغي جرح هذه التربة الأبية التي احتضنت الحسين.

الانتخابات التشريعية

تلقى اليوم على عاتق أبناء الشعب العراقي مسؤولية كبرى ، لا تختلف عن سابقاتها من حيث الأهمية، ومن حيث العبور بالعراق إلى بر الأمان من كل الأخطار التي تحيط به ، وخاصة الكيان الصهيوني.

ونستطيع أن نصل إلى ذلك بالتكاتف والتلاحم لأجل الوصول إلى هدف استقلال العراق .
ونسأل أنفسنا من من المنظومة الحكومية في ظل النيوليبرالية بما فيها من أحزاب وكتل وتحالفات فيما بينها ، من هم استطاعت أن تبني ظاهرة متميزة في العراق ؟ وتركت آثارها راسخة في وجدان الشعب؟

مع الاحتلال الأمريكي في 2003, إلى القاعدة ، إلى القتل على الهوية ، إلى داعش وإعلان الخلافة التي تحمل الفكر الوهابي ، ماذا قدمت أمريكا للعراق غير ذلك؟

ملأت أمريكا أرض العراق بمنظمات للسلام، ومنهم على سبيل المثال منظمة سند لبناء السلام ، تحالف الأقليات العراقية ، وغيرها العديد ذات الاتصال مع الكيان، وجندت بعض ضعاف النفوس من متسكعين على أبواب الثقافة، ليكونوا لها رموزا لثقافة السلام الأمريكية، فهل كان هذا تمهيدا لعقد اتفاقيات السلام مع الكيان الصهيوني؟

يعتبر العراق ساحة حرب مفتوحة مع الكيان الصهيوني، واشترك في كل الحروب العربية ضد هذا الكيان منذ احتلال فلسطين عام 1948, 1967, 1973, وإلى يومنا هذا ، ما عدى الإرث الحضاري و التاريخي الذي تحملة أرض الرافدين ومملكة بابل من جهة ، ويرفع الكيان الصهيوني ارضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات ، فعن اي سلام يتحدثون ؟

وبالتالي في خضم الإشكاليات الانفة الذكر، من هم القادرون على إخراج الأمريكي ومن خلفه الصهيوني؟
ومن المؤكد اذا ما تم إخراج الأمريكي ستخرج كل الكتل والأحزاب المرهون وجودها معه في الساحة العراقية.

وستحل مشكلة الكهرباء التي يرفض الأمريكي إلى اليوم إصلاح الكهرباء ، وهو نفسه رفض الشركات الالمانية، بخروج الأمريكي سيتم القضاء على كل الجماعات الإرهابية داعش التي تفجر خطوط الكهرباء. وسيتم ضبط كل القيادات والبؤر السياسية التي تدافع عن أهداف مركزية لعصابات داعش الارهابية جاعلة منها بروجا محصنة متماشية مع الرؤى الأمريكية

ان الساحة العراقية مع وجود الأحزاب والكتل المهادنة والمحمية بالوجود الأمريكي تمارس فيما بينها عملية تبادل الخدمات وظيفتها توفير الغطاء والحماية واختراق الساحة العراقية، وهذا ما نتج عنه ( القاعدة وداعش و حراك تشرين و مؤتمر اربيل للتطبيع) جهة واحدة تتحرك على واجهات عديدة فالأول كان الاستقطاب الفكري أراد مسيرة القاعدة في أرض الرافدين ، والثانية العمل على تفعيل أجندات الجيوبوليتك ومحي الذاكرة الحضارية ، والثالثة انقلاب على عملية سياسية منذ 2005 وإلى 2020 ليكون الكاظمي الواجهة الإمبريالية الهزيلة في العراق، ورابعها تخرج من جحر البرزاني طعنة في ظهر العراق شعارها التطبيع مؤكدا أن كل مامر على ارض الرافدين منذ 2003 الى اليوم، كانت حراب لقتل العراق .

وما ملف الكهرباء والصحة والبنية التحتية ومشاريع التنمية والتبرع بنفط وأموال العراقيين لدول العالم المختلفة الا أحد تلك المعاول الهدامة للبلد .

ومع انغماس القيادات الحاكمة لمصالحها الشخصية لم تكن على مستوى التحديات التي تنتظر العراق ، فأصبحت بمرور الوقت جزء من معاول الهدم .

لنقف قليلا عند مؤتمر اربيل للتطبيع هذا المؤتمر تكون من ثلاثي :-

1- البرزاني

المولود في مهاباد ، ولا يحمل الجنسية العراقية ، ويقولها دوما ان يرى دولة كردستان حلم الأجداد والاحفاد ، إذن البرزاني مبدئيا لا يعترف بالعراق كسلطة مركزية تشمل كل العراق، وإنما هناك حدود تصطدم بها مركزية بغداد ، الا وهو إقليم كردستان.

ولنعد أيضا بالذاكرة قليلا ورغبته في إعلان الاستقلال ، وإجراء عملية الاستفتاء على الانفصال ،ومشاركة كل النواب الاكراد بما فيهم النواب العراقي واعترف بنتائج الاستفتاء الكيان الصهيوني فقط.

إذن من الغباء انتظار من منظومة البرزاني اي عمل فيه صالح العراق ، ولا حتى من وزرائه اللذين أخذوا مناصب في الحكومة المركزية تراوحت بين وزارة الخارجية ووزارة المالية ، ووزارة النفط …وغيرها .

2- وقادة إرهاب القاعدة ما يطلق عليهم بالصحوات.

ولعل ذاكرة العراق لا تستطيع أن تنسى الإرهاب التكفيري في تلك الحقبة ، من القتل على الهوية والمذهب.

3- قيادات من حراك تشرين

ولنعد بذاكرتنا إلى ساحة التحرير ، وساحة الحبوبي ومن علق على اعمدتها الأجساد البريئة، انها لغة داعش لا غيرها ، هذا ما ينتظر العراقيين معهم ، ومن رفض فض التظاهرات التي أصبحت بؤرة تفقس الديدان الخطرة على مستقبل العراق، الم يكن الحلبوسي اول من زارهم، وحمل على الأكتاف ، الم يكن مناصريهم من أمثال أياد علاوي وحيدر الملا وغيرهم .. ممن كانوا وما زالوا يدعون إلى إفشال كل العملية السياسية وإلى حل الحشد الشعبي ومواقفهم المؤيدة لعودة حزب البعث، ورفض إخراج الأمريكي.

هذا الثلاثي الذي قدمناه بطريقة مبسطة ، لم يكن يتحرك في الساحة العراقية من دون بعد إقليمي ودولي،البرزاني وتطلعاته بالانفصال متبناة من قبل الكيان الصهيوني ، ناهيك عن اعتباره ورقة بيد الحلف الصهيوامبريالي تستخدم في الضغط على العراق والإقليم لصالح الجيوبوليتك الدولي .

اما موضوع الصحوات ، فكانت إرادة أمريكية لإدماج ارهابي القاعدة في المجتمع والتحرك بحرية ، واللذين أعلنوا فيما بعد الموصل عاصمة الخلافة للعراق والشام. اما حراك تشرين هذا المكان الذي كانت تزوره المنظمات الدولية وخاصة ممثلة الامم المتحدة بلاسخارت ، ناهيك عن تواجد معظم الكتل والأحزاب العراقية المؤيدة لهذا الحراك ضد الحكومة ، وكأن هذه الأحزاب والكتل ليست من ضمن الحكومة. لعل أبرزها سائرون الذي انضوى تحت لوائه منظمات المجتمع المدني والشيوعيين و… العديد من التيارات المشبوهة بالإضافة إلى الحكمة وتيار عمار الحكيم الذي شهد هو الآخر صراع داخلي، افقد به عمار الحكيم الثقل الذي كان يمثله المجلس الأعلى، وافرط عقد المجلس الأعلى الذي ولد بعد عمل لعقود وجهود مضنية ضحى بها عمار الحكيم ، وقيادات المجلس من أمثال شيخ همام حمودي السيد باقر جبر صولاغ وعادل عبد المهدي وغيرهم ..

كان عمار عندما يعلن عن قائمة جديدة ، كان دوما يمارس عملية ترشيق لكتلته ويرفدها بدماء جديدة ليضمحل لدى العديد من قياداتها الهدف الأساس الذي انشيء لأجله المجلس الإسلامي الاعلى

وأصبح تابعا ومنضويا للرؤى الديمقراطية يبحث له عن أصوات حاله حال السيد مقتدى الصدر ، بعد أن كانوا مرشحين للشعب من دون منازع !

الم يسأل مقتدى الصدر ، وعمار الحكيم ، عن السبب الذي جعل من تياراتهم ترهق كاهل الشعب ؟ أين أخطأوا؟ لماذا دخلوا في تحالفات مع أدوات الحلف الصهيوامبريالي، والسعودية والإمارات، لماذا يغضون الطرف عن مشاريع التطبيع التي حملها بعض نظرائهم في الكتل الأخرى تحت مسمى المحافظة على اللحمة الوطنية.

الكتل والأحزاب وموضوع الاستثمار والتنمية

تعتبر الأحزاب والكتل العراقية بتحالفاتها عاجزة عن اخذ زمام المبادرة والقيام بعملية إصلاحية كبرى .

بل نستطيع أن نجزم ان معظم الأحزاب والكتل العراقية استخدمت مشروع التنمية استغلالا يكرس من منظومة الفساد في مفاصل الدولة العراقية والأسس التي تقف عليها وفروعها بما يخدم عملية الهدم للدولة العراقية ، نتيجة الرؤيا الضيقة التي تحملها هذه الأحزاب والكتل وتبعية ارادتها وقرارها والولاء لتبادل الخدمة.

إذن هل ننتظر من حراك تشرين و كتلة سائرون و الحلبوسي زعيم تقدم الذي رفع على أكتاف تشرين التي قدمت الكاظمي الذي جعل من ميزانية العراق وثروات العراق عامل ضغط على الشعب العراقي ، ويوزعها إلى دول الجوار وخاصة مصر والأردن وإقليم كردستان ، لتشهد كل تلك الدول بما فيهم شمال العراق تنمية متصاعدة على حساب العراق ، سارقين ثروات أجيال العراق القادمة ، ويسلموهم إلى ما عانى منه الآباء والاجداد. افرازات اتحاد حراك تشرين المدفوع من السفارة الأمريكية والبريطانية، مع الكاظمي مرشح الخلف الصهيوامبريالي، مع برهم صالح و الحلبوسي ومن خلفة الحلف العربي المطبع مع الكيان الصهيوني ، أفرز هذا الاتحاد مجموعة من الضربات للجبهة العراقية:

1-قتل القادة الشهداء، القائد الشهيد قاسم سليماني ، والقائد الشهيد ابو مهدي المهندس.

2- تفتيت مشروع تنمية العراق ، وجعل الإمارات تستثمر ميناء الفاو بدل الصين .

وهنا يترتب عليه منع العراق من الالتحاق بطريق الحرير الصيني ، ومنع العراق من الالتحاق بطريق سكك الحديد البرية مع إيران، وتعويض الإمارات بميناء الفاو كجبر خاطرها عن مشروع السعودية في بناء مدينة نيوم السعودية الذي سيضر بمكانة دبي الاقتصادية في المستقبل القريب.

3-طمأنة الحلبوسي للكويت بدفعه نحو سحب البساط من العراق وميناء الفاو ،لصالح الكويت وميناء مبارك، من جهة ، ومن جهة ثانية طمأنة مصطفى الكاظمي ومن خلال قمة بغداد لدول الخليج وإعادتها للعراق وكان شيئا لم يكن، وزع عليهم اتفاقيات الاستثمار واصلح ذات البين فيما بينهم ، ليتم بعدها نشر صور محمد بن سلمان و تميم بن حمد مع احد أمراء الإمارات، اللذين كانوا منذ ايام اعداء.

4-تم على يد الكاظمي ، وزيارة بابا الفاتيكان للعراق، إعلان من اور ديانة جديدة ، ومفهوم جديد في ابتكار عقيدة الديانة الإبراهيمية، والسلام الإبراهيمي، وغيرها من الخزعبلات التي تفتقت عنها دراسات ومراكز أبحاث الحلف الصهيوامبريالي، في بقعة جغرافية ذات عقيدة اسلامية، يعتبر ابراهيم عليه السلام الجد الأول للنبي محمد ، فإبراهيم من البدايات التي مهدت مسيرة الإسلام المحمدي الأصيل الخاتم.

هذا المسار الذي تم حرف العراق إليه، في ظل ثلاثي برهم صالح ومن خلفه الانفصاليين ، الكاظمي ومن خلفه السفارات الصهيوامبريالي ، الحلبوسي ومن خلفه دول التطبيع ، انهم فئة ضالة ، لا تحمل في جعبتها اي برنامج للعراق ، هي تحمل أوامر لتنفيذها، هولاء ذو وفق ضيق ، واحلامهم للعراق لا يتجاوزون بها قدر حصولهم على ما يرغبون ، مثل أولئك لا يستحقون قيادة عراق الحسين.

تحالف قوى الدولة الوطنية.

ينظم تحت هذا العنوان ، حيدر العبادي ، و عمار الحكيم ، ونستطيع أن نعتبر أن الاثنين انشقوا عن كتلتهم الأساسية التي صعدوا على اكتافها .

حيدر العبادي جاء بتزكية من ابراهيم الجعفري وعلي العلاق، وعند انتصار العراق وجيش وحشد العراق ، اختزل العبادي هذا الانتصار العالمي والمهم في البعد الاستراتيجي والجيوبوليتكي العراقي مع مختلف المحاور الدولية ، اختزله العبادي بكتلة النصر، وبدل من ينازع العالم للحصول على حقوق العراق المهدورة، وجه نزاعه للداخل العراقي وزاده تشظيا ، وزاد من تواجد القوات الامريكية ، وحاول الاعتماد على السعودية لضرب بعض الصراعات التي شنها في الداخل العراقي ، على أمل أن يبقى في منصبه كرئيس للوزراء. اما عمار الحكيم ، الذي يخسر كل دورة انتخابية ، أكثر من الدورة التي قبلها ، فهو في تراجع دائم، ضبابيته، في أنه مع الجميع وضد الجميع ، فهو مع تشرين ، ومع البرزاني ومع السعودية ومع الاخوة النجيفي ، و… الخ أصبح اليوم أكثر من السابق أداة تطبق المنهج البراغماتي لا أكثر.

حيدر العبادي وعمار الحكيم ، بكل كوادرها النيابية لا تملك اي برنامج تفصيلي وواضح لقيادة الدولة العراقية في المرحلة القادمة.

* رئيس مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية العربية الاوربية في باريس

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023