#دولة_الهواة.. سيّبُوا الدولة .. وسيّبُونا..!!

#دولة_الهواة.. سيّبُوا الدولة .. وسيّبُونا..!!

بقلم: #الناشط_السياسي محمد البراهمي |

يبدو أنه ليس من السهل على تونس أن تخرج من عنق زجاجة الاختلافات السياسية والحزبية، وستظل الطبقة السياسية على السطح تتناطح وتتصارع حتى يسقط السقف بالجميع.

وعلى هذا تتحمل كل الاطراف السياسية مسؤوليتها أمام الشعب والوطن لأنها لم تستطع التكيف مع الواقع السياسي وظلت حبيسة معارك جانبية مستمرة طيلة الفترة الانتقالية أدخلت تونس في أتون أزمة سياسية عميقة شملت ثالوث الحكم (رئاسة وحكومة وبرلمان)، ما أثار كثيرا من الشكوك عن رغبة النخبة السياسية في البلاد في إيجاد مخرج للأزمات المعقدة، ستدفع بالبلد إلى مالا يحمد عقباه، وإلا أيضا سيقع انفجار اجتماعي يصعب جدا السيطرة عليه هذه المرة..

هذه المحنة التي يواجهها التونسيون جعلتهم يكتشفون مرة أخرى رداءة الطبقة السياسية التي تحكم البلاد منذ 14جانفي بعنوان الغنيمة ولا شيء غير الغنيمة.. وللأسف اليوم تونس أمام مشهد جديد من دولة الهواة فهذه الطبقة السياسية من عديمي الكفاءة مجموعة من الهواة تعبث بالدولة والمصالح العليا للشعب التونسي المغلوب على أمره باسم “ديمقراطية” لم تحقق له إلا مزيدا من التفقير وأنهيار المرفق العمومي والخدمات الصحية..والدولة لم تعد تحتمل لا الفساد السياسي ولا الهواية السياسية ولا المغامرات الشعبوية، وللأسف الشعب أعمى ينتظر من الحكومة إتخاذ سياسات وإجراءات تمس حياته (صحيا ومعيشيا) والحكومة عمياء لا ترى ما يعانيه الشعب، والساسة والحكومة والدولة يتعامون عن مطالبه وعن الوضع الراهن الذي يهدد حياته ومستقبل بلاده …

ياسادة..!! الشعب يريد دولة ديمقراطية تضمن الحرية والكرامة وتحقق الأمن وتنسف الفساد من جذوره وتنهض بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، الشعب يريد دولة في خدمته لا في خدمة مصالح القوى النافذة والمافيات الفاسدة مهما كانت طبيعتها ومهما كان من يقف خلفها من قوى عالمية أو إقليمية، الشعب لا يريد عودة الاستبداد مهما كانت شخصية المستبد ومهما كانت المبررات التي تبرر تلك العودة ومهما تنكرت بقناع إرادة الشعب.. والدولة تقول ما تشاء وتعد بما تشاء وهي تعلم أنها عاجزة. منذ سنين والدولة تكذب على الناس، أي نعم تكذب..!! ماذا عساها تفعل وهذا اضطراب يأكل الأخضر واليابس وسط صراعات عقيمة، وأصبح الشعب التونسي لا يعرف من يحكم ومن يعارض؟ تكذب الدولة لأن أهلها في عجز، لا يعرفون سنن الحكم ولا كيف تسيير دواليب الدولة…

الأحداث الأخيرة في مختلف الجهات والإحتجاجات ومسلسلات الفوضى والصراعات السياسية العقيمة في مشهد سياسي مأزوم ومعقد ومتعفن، يبدو أنها أحداث سيئة متسارعة، وقد يستغلها البعض ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺒﺌﺔ جزء هام ﻣﻦ الشعب ضد الدولة وإستقرارها .. هؤلاء اﻟﻤﺘﺮﺑﺼﻴﻦ يستغلون ﻫﺬا المناخ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ المأزوم ﻣﻦ أجل قضاء ﻣﺂﺭﺑﻬﻢ اﻟﻤﺸﺒﻮﻫﺔ الذين يريدوﻧﻬﺎ ﻓﻮﺿﻰ عارمة في دولة عميقة ﻻ رقيب ﻓﻴﻬﺎ وﻻ ﺣﺴﻴﺐ.. ﻓﻲ ﺣﻴﻦ اﺳﺘﻐﻠﺘﻬﺎ ﺑﻌﺾ القوى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﻔﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ ﺧﺼﻮﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ إﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻮاﺗﻴﺔ ﻟﻺجهاز ﻋﻠﻰ النظام السياسي اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺑﺮﻣﺘﻪ..

في ظل هذه التجاذبات والمكايدات السياسية والأزمات جميع المؤشرات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الأزمة ليست مرشحة للحل قريبا خصوصا مع وجود من يريد أن يعمقها أكثر بمحاولات إثارة الفتنة والتوتر لإدخال البلاد في أتون الفوضى من خلال استغلال الاحتجاجات الليلة وتحويل البلاد الى ساحة لتصفية الحسابات،و جرها إلى الحرب الأهلية، من خلال بث العنف والفوضى في البلاد وتأجيج الوضع واستغلال التحركات والإحتجاجات لتصفية حسابات سياسية ضيقة..

هذا الوضع المشؤوم لم يعد يحتمل وينبغي على الأطراف السياسية المتناحرة الإبتعاد عن التكتيكات السياسية الغير خلاقة، وعن سياسة المكايدات، التي ألحقت أضرارا فادحة بالوطن والشعب.. هذه الحملات التي تستهدف إستقرار البلاد هي الزيت الذي يصب فوق نار هذه الحركات الاجتماعية ليلهبها أكثر ويعيد البلاد إلى المربع الأول من الصراعات والمناكفات السياسوية العقيمة.. يجب أن تنتهي هذه المهزلة فورا والدعوة لحوار وطني شامل يتفق فيه الجميع على تغليب لغة العقل والمنطق وتقديم المصلحة الوطنية، لإخماد نار الفتنة التي يمر بها الوطن اليوم وتجنيب البلاد الإنهيار الخطير فإذا إنهار السقف فسينهار على رؤوسنا جميعا ولن ينجو أحد !!..

أزمة النخبة السياسية الفاشلة تسببت في الوجع للشعب وعليهم أن يتحملوا هم أيضا الوجع، من خلال الخروج إلى الشارع وممارسة حقهم في التظاهر والإحتجاجات المطلبية الاجتماعية القانونية والسلمية والمؤطرة في المطالبة بحقهم في الشغل والتنمية، شرط أن يكون ذلك دون تعطيل مرافق الدولة وسير عمل المؤسسات الاقتصادية منها والاجتماعية وتعطيل الإنتاج أو قطع الطرقات ودون الانزلاق في مربع الفوضى والعنف واليأس والإحباط.. “قبل عشر سنوات” الشعب التونسي أهداكم أمانة بناء الديمقراطية بعدما أسقط بدمائه أعتى دكتارتورية، و”بعد عشر سنوات عجاف” سيشهد لكم شعب تونس أنكم قدمتم كل ما في طاقاتكم لتشليك الدولة وقد تغامرون بهدم وطن من أجل طموحات شخصية.. كونوا في مستوى الأمانة.. وأطلقوا سراح وطني.. فبحيث سيّبوا الدولة.. وسيّبونا..!!

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023