ركب الخيانة لا ينطبق على الشعوب العربية…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

ركب الخيانة لا ينطبق على الشعوب العربية…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين الكيان الصهيوني والنظام المغربي لم تكن مفاجئة ضمن السياق العام لمسار الهرولة على الكيان الصهيوني من قبل النظام العربي الرسمي الذي لم يعد يبدي أي حرج من الإعلان الرسمي بمسار الخيانة الرسمية ولم تعد هذه الأنظمة حتى للقيام بتبرير هذا المسار. ولكل مسار في الخيانة هنالك ثمن يتم قبضه من قبل السلطات الحاكمة ورجال الاعمال والاثرياء والسماسرة والطاغوت المالي او العسكري ضمن طبقة تعبر عن مصالحهم وفيها يتم تقسيم ما تجلبه كعكة الخيانة بينهم بحسب المركز والموقع.

وبالنسبة الى المغرب المعروف تاريخيا بعلاقاته مع الكيان الصهيوني منذ عقود قبض ثمن خيانته العلنية من قبل الولايات المتحدة في عهد ترامب بإعلان البيت الأبيض آنذاك ان الصحراء المغربية هي جزء من أراضي المغرب ولا احقية للشعب الصحراوي او جبهة البوليساريو للمطالبة بالاستقلال والحرية وعدم خضوع الصحراء لدولة المغرب.

واليوم نرى ان الزيارة التي قام بها وزير دفاع الكيان الصهيوني غانتس الى المغرب قد افضت الى توقيع اتفاقية دفاعية او عسكرية مع المغرب وتبادل معلومات امنية الى جانب توقيع اتفاقيات اقتصادية. وفي ظل قضية التوقيع على معاهدة عسكرية او امنية او دفاعية مع المغرب نتساءل هذه الاتفاقية التي لم يعلن عن بنودها هل هي للدفاع عن المغرب فيما تعرض الى هجو مثلا؟ لأنه فقط الغبي يمكن ان يتصور ان المغرب ستقوم بالدفاع عن الكيان الصهيوني في حال تعرضه لهجوم. هذه الاتفاقية هي اتفاقية على مثيلاتها بين دول الخليج والولايات المتحدة من اتفاقيات الدفاع المشترك فهؤلاء ودون استثناء كما قال ترامب لا تستطيع انظمتهم البقاء لمدة أسبوعين على الأكثر دون الحماية والمظلة الامريكية. والسؤال أيضا هنا هل هذا تحول من الحماية الامريكية الى الحماية من قبل الكيان الصهيوني وتعزيز دوره هذا الكيان الذي بينت الاحداث سواء على جبهة غزة او الجبهة اللبنانية انه غي قادر على حماية نفسه؟

من الواضح ان الكيان الصهيوني يريد من خلال عقد هذه الاتفاقيات سواء الأمنية منها او العسكرية ان يسعى او يحاول كي الوجدان الشعبي العربي ان الكيان الصهيوني أصبح له قدم في معظم الدول العربية ومن الاجدر اذا القبول به على المستوى الشعبي وعلى امتداد الوطن العربي. وللأسف فإن بعض وسائل الاعلام سواء عن وعي او عن دون وعي أصبحت تروج لهذه المقولة. والذي تتبع الاعلام الصهيوني منذ بدء الهرولة المتسارعة للكعبة السياسية للنظام العربي الرسمي وخاصة الخليجي منه وكيفية تقديم اخبار “التطبيع” والاحتفاء بالزيارات للكعبة الجديدة يرى بوضوح ما وراء هذا التبهير السياسي والمبالغة بالحدث وكأن كل شعب هذه الدولة أصبح وبصورة ميكانيكية محب للكيان الصهيوني. ولا شك ان هذا الاعلام المضلل استفاد من البعض الذي ذهب الى ابعد الحدود في الخيانة من كتاب مأجورين خليجيين على وجه التحديد بوصف اليهود احبائنا وأن القضية الفلسطينية ليس قضيتهم …الخ وأصبحنا نجد هذا في وسائل التواصل الاجتماعي أيضا والكثير من التعليقات “لا حول ولا قوة الا بالله” بمعنى نشر سياسة الاستسلام والخنوع وتمرير عدوة فايروس الخيانة وكأنه أصبح الواقع على الأرض.

الكيان الصهيوني بالطبع له مصلحة في التواجد في منطقة المغرب العربي وذلك لمحاصرة الجزائر وهي احدى الدول العربية التي رفضت كل الضغوط للسير في ركب التطبيع والتخلي عن القضية الفلسطينية والتخلي عن النفس القومي العربي. ومنطقة المغرب العربي مهمة للكيان الصهيوني أيضا لأنه جزء من القارة الافريقية التي تتعرض ومنذ فترة طويلة الى تغلغل صهيوني واضح من خلال إقامة العلاقات الدبلوماسية وعقود تجارية وساحة للبضائع الإسرائيلية وبيع الأسلحة أيضا هذا الى جانب السكوت عن جرائم هذا الكيان في المحافل الدولية. ومن الجدير التذكير بان الجزائر وجنوب افريقيا قامتا وما زالا يسعيان الى فرض التراجع عن القرار الذي اتخذته مفوضية منظمة الدول الافريقية في قبول الكيان الصهيوني عضوا مراقبا في هذه المنظمة. ولا ننسى ان الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبعض الدوا العربية وعلى راسها مصر والامارات تدعمان ترشح حفتر للرئاسة في ليبيا أيضا وذلك لأنه أعرب ومن طريق ابنه القاطن في الامارات والذي قام بزيارة سرية الى الكيان الصهيوني ليقدم أوراق اعتماد ابيه الى الكيان الصهيوني في حالة انتخابه رئيسا لليبيا. ومؤخرا يبدو ان هنالك محاولات إزاحة منافسه القوي سيف الإسلام مع الترشح ليس لان سيف الإسلام رافض لمبدأ التطبيع والخيانة الوطنية، بل لضمان وصول رجلهم القوي الى السلطة في ليبيا.

نعم النظام الرسمي العربي متخاذل ومتآمر على الهوية والقومية العربية وعلى الشعوب العربية ومهرول نحو الخيانة لكل المبادئ الإنسانية والأخلاقية بالدرجة الأولى قبل الخيانة على المستوى السياسي لشعوب المنطقة برمتها ولكن هذا لا يعني ولن يعني قبول الشعوب العربية بهذا الكيان السرطاني الذي زرع في منطقتنا باعتباره ثكنة عسكرية متقدمة لحماية مصالح الامبريالية العالمية وعلى رأسها الامبريالية الامريكية.

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023