رواندا بين امس مظلم وغد مشرق…بقلم: محمد عبد الله

رواندا بين امس مظلم وغد مشرق…بقلم: محمد عبد الله

احيت رواندا الاحد ذكرى الإبادة الجماعية والمذابح التي راح ضحيتها أكثر من ثمانمائة ألف نسمة وأضعاف أضعافهم من الجرحي والمعاقين في صراع بشع شهدته هذه الدولة الأفريقية وكان بين قوميتي الهوتو والتوتسي .
تقول الرواية التاريخية ان الصراع تفجر اثر مصرع رئيس رواندا ورئيس وزراء بوروندي وذلك بإسقاط طائرتهما في أطراف العاصمة الرواندية كاغالي والقتيلين من قومية واحدة وقد اتهمت منافستها بارتكاب الجريمة وبدأت الحرب التي لا تعرف المعتدي من البريء وانما كان القتل والحرق والسحل يتم على الهوية، فسيقتلك الهوتو لمجرد انك من التوتسي والعكس صحيح ولا فرق في ذلك بين كبير وصغير، امرأة ورجل، شيخ وطفل فالكل يقتلون، وقد اشترك الطرفان في جرائم ابادة جماعية يندى لها جبين الإنسانية .
هول المذابح ألجم العالم وجعل الناس في حيرة من أمرهم وهم يتساءلون كيف يتجرد هذا الجمع الكبير من الناس من انسانيتهم واخلاقهم ويصبحوا كالبهائم بل أشد فظاظة وقبحا فالبهائم لا تقتل من أجل القتل وحتي ان فعلت فهي لا تحرق ولا تسحل ولا تعرف الانتقام، ومن الظلم لهذه المخلوقات أن نصفها بهذا النوع من البشر المتجردين من بشريتهم المتوحشين الذين يبرأ كل حر شريف من فعلهم .
وقف العالم يومها عاجزا عن وضع حد لهذا القتل الهمجي العبثي وتفرح بشيء من الحسرة والألم والدهشة على ما يجرى لكن الاسوأ من كل ذلك كان موقف بعض الحكومات والمنظمات في لامبالاة مما فاقم الأزمة وزاد من عدد الضحايا الأبرياء في الطرفين .
اما رواندا وهي تحيي هذه الذكرى الأليمة فإنها تؤكد كما ذكر رئيسها في كلمته بالمناسبة أن كل الشعب أصبح يكره العنف ويرفض بشكل قاطع انتهاج سبيله ويدعو صباح مساء الى نسيان الماضي واتخاذه عبرة حتي لا تتكرر مطلقا ليس في رواندا فحسب بل في أي بقعة في العالم، داعيا جميع الشعوب الأفريقية الى اخذ العظة من التجربة المرة التي شهدتها بلاده، وقال الرئيس إن رواندا كلها اليوم – حكومة وشعبا – بمختلف قومياتها واعراقها واثنياتها وبمختلف اديانها وعاداتها واعرافها جميعهم بلا استثناء يتبنون ثقافة التسامح والتعايش والصفح وانهم لما سلكوا هذا الطريق تعافوا جميعهم وعملوا على تنمية بلدهم وتقدمها وقد قطعوا اليوم شوطا كبيرا وتفوقوا على الكثيرين ممن كانوا يوما ما أكثر منهم تقدما، وها هي رواندا اليوم بشهادة المختصين تحلق بعيدا في سلم النهضة والنمو فهنيئا لهم وقد تجاوزوا ازمتهم وحولوا التهديد الذي كان محدقا بهم واقتربت بسببه دولتهم من الانهيار والتفكك حولوه بالعزيمة والمثابرة وصدق الموقف حولوه الى فرصة للارتقاء ببلادهم ووضعها في مصاف الكبار .

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023